إن لم يكن ما نحن فيه «فتنة» كبرى فماذا تكون الفتنة إذن؟ لم يمر على مصر في تاريخها كله حالة انقسام واستقطاب، كالتي تمر بها الآن،.. لم يكن المصريون «فسطاطين» ابدا كما هم الآن، تتنازعهم المشاعر المتضاربة، وتتقاذفهم الأمواج المتلاطمة، وتمزق الاسرة الواحدة الانحيازات المتضادة، والقناعات المتصادمة، ولسان حال الجميع يصرخ: «يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف». مَنْ لم يفطر قلبه مشهد الدماء المسفوكة امام دار الحرس الجمهوري، لا يمكن ان يكون انسانا. وايضا مَنْ لم ينكسر فؤاده وهو يرى الاطفال والشباب يُقذف بهم من أعلى البنايات في القاهرة والاسكندرية على ايدي مؤيدي الرئيس المعزول، لا يمكن ان يعتبروا أنفسهم بشرا يشعرون. مَنْ يرى أبناءنا واخوتنا من جنود وضباط الشرطة يقتلون غدرا وغيلة يوميا، على ايدي قتلة فجرة، يستخدمون الآر بي جي والمورتر لقصف كمائن الشرطة في سيناء، ولا يشتعل جوفه غضبا وغيظا.. ليس مصريا على الاطلاق. ومن يفرح بمقتل «مصري» - أيا كان انتماؤه السياسي – برصاص جنود بلده، لا يمكن أن يكون ذا دين سليم أو عقيدة صحيحة. أما من يشجعون على «كسر» جيش مصر، ويطلقون الرصاص على صدور أبنائه، وللأسف بعض هؤلاء «مصريون» بشهادة الميلاد، فأقول لهم إن جيش مصر «خط أحمر قانٍ»، فلا يوجد وطني يقبل المساس بالجيش ولم يعترض العالم على رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون ابان احداث شغب لندن عندما قال: «إذا تعلق الأمر بالأمن الوطني البريطاني فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان».. ومن يطلق رصاصة على صدر جندي مصري يستحق القتل.. وأدعو الله تعالى ألا يصل بنا الحال في مصر أن يوجه فصيل من «المصريين» الرصاص الى صدور جنود وضباط الجيش،.. أما «غير المصريين» ممن يتم ضبطهم، فأعتقد ان الجيش واجهزة الامن تعلم جيداً كيف «تبيدهم» وتعاقب من وراءهم. .. يا رب احم مصر من بعض ابنائها، ومن كل اعدائها من يظهر منهم العداء ومن يبطن، وقها شر «الاشقاء»، الخونة، والاصدقاء، الغدارين. وعلى ذكر «الأصدقاء» ألا تجدون معي أن موقف الصديقة الكبرى أمريكا مثير للحيرة؟.. وأن هناك شيئاً غامضاً غير واضح يحتاج لتفسير؟.. تحركات السفيرة الأمريكية وتدخلاتها المريبة في الشأن المصري، ولقاءاتها و«توجيهاتها» بتحركات أكثر ريبة، والموقف «المتذبذب» للإدارة الأمريكية تجاه «30 يونيو»، وترددها وعدم حسمها، وتأرجحها بين عدم الاعتراف بما حدث، والمطالبة ب «الشرعية» لمرسي، ثم الاعتراف بأن «مرسي لم يعد رئيسا، وفترة حكمه لم تكن ديموقراطية»، ثم الضغط للإفراج عنه وعدم محاكمته؟! هل حقا ضاعت البوصلة الأمريكية تجاه مصر؟.. أم أن «30 يونيو» كان مفاجأة أفقدت الإدارة الأمريكية اتزانها؟.. أم ان كل ذلك مرتب بالفعل ونحن «نساق» بعصا واشنطن الى مصير محتوم، تم كتابة «السيناريو» الخاص به في «المكتب البيضاوي» وما على الممثلين سوى لعب الدور المرسوم لكل منهم، بغض النظر عن الدماء المصرية التي ستسيل؟ بصراحة أحاول إقناع نفسي ب«غباء» الإدارة الأمريكية، فأجدني اندفع اندفاعا نحو تصديق نظرية «المؤامرة» التي طالما كرهتها وانكرت وجودها، خاصة مع انتشار معلومة ال8 مليارات ثمناً ل%40 من أرض سيناء!!. لك الله يا مصر.. ووقاك شر ما يحاك ضدك وينفذه «بعض» من ابنائك سواء بعلم او دون علم. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66