إنهم فقط من يدفعون الثمن.. إنهم الشباب الذين قادوا الثورة وتمسكوا بمبادئها ودافعوا عنها وصمموا أن تنفذ مطالبها.. حرية .. كرامة.. عدالة اجتماعية.. هم فقط من يدفعون ثمن الحرية.. بأرواحهم.. وأعضائهم ومستقبلهم .. إنهم فقط من رأوا ما عجزنا نحن الكهول عن رؤيته.. أن من يحمي الثورة هم من قاموا بها.. أما الآخرون فلهم مصالحهم.. وائتلافاتهم وصفقاتهم السرية لذلك سوف تنجح الثورة.. بمن دفع.. ثمن الحرية. كان السؤال الذي يقابلني به كل من ألقاه بحكم تصورهم أن من يعمل بالإعلام.. لديه كل الأجوبة ماذا يريد الثوار ونحن علي أعتاب خطوة طريق الحرية والديمقراطية ويعنون بها الانتخابات؟ وكانت إجابتي بسيطة للغاية.. ماذا تحقق من مطالب الثورة؟ اذكري لي في كلمتين أي إنجاز حققه القائمون علي أمور البلاد. لكي يطمئنوا الثوار وأصحاب الثورة الذين نزل 02 مليون مصري إلي الميدان لخلع نظام الفساد والخيانة والقتل والتعذيب؟ بالبلدي عايزة أمارة!! ووصل بي الأمر عندما ردد نفس السؤال إنسان بسيط في كل شيء في التعليم والحظ من الحياة، تعجبت عندما قال لي لقد تعبت من الثورة حالي واقف والأمان مفقود.. وخايف من بكرة ومش عارف حايحصل إيه!! قلت له : من أجلك أنت بالذات كانت هذه الثورة.. من أجل ألا تهدر كرامتك.. من أجل أن تجد فرصتك في الحياة متساوية مع أجعصها شخص.. أن تنال تعليما وتجد فرصة للعمل والعلاج والعيش الكريم. ولكن لم يحدث أي شيء من هذا.. وعندما بدا عليه الارتباك مبعثه إحساسه أنه لايتصور أنه يستحق كل هذا لأنه فقير هذا قدره والفقير هنا يهان ويحرم بكل بساطة. قلت له : يا عم الأفندي.. لو زوجتك تركتك غضبانة في بيت أبيها لأنك تضربها وتخونها ولا تصرف عليها وعلي العيال.. وعندما ذهبت لتصالحها قالت لك أعود بشرط ألا تكرر ما فعلته ولكنك قلت لها .. لا سوف تعودين ولكنني سأظل أضرب وأخون وأتركك جائعة بلا مصاريف. فهل توافق؟ قال لا ياستي مين دي اللي هاتوافق. قلت له : هذا ماحدث مع الثورة؟ لكي تهدأ البلد وتستقر.. كان لابد أن يستجاب لمطالب الثورة وشروطها.. تطهير الأجهزة الحكومية.. ومحاكمة القتلة والمفسدين وتحقيق عدالة اجتماعية.. وحرية التعبير ولا لقانون الطوارئ ولا لتحويل الثوار للمحاكم العسكرية. تلك كانت شروط الخروج من الميدان.. ولم يحدث.. وبعد كل التضحيات والموت والإعاقة وخزق العيون صعب أن نعود لعصمة الحكومة بدون تحقيق الشروط. ❊❊❊ لعل أحداث مجلس الوزراء الأخيرة.. أكدت لي أن الثورة تحتاج لموجة ثالثة ورابعة وخامسة.. أقول تحتاج وأتمني أن يقدر من يديرون دفة الأمور الخطر الذي يتهددنا كثيرا لو صمموا علي سياسة مبارك في عناد الشعب والاستهانة به وعدم الاستماع بجدية إلي رسائله الواضحة. لن نقبل الظلم مرة أخري.. لن نرضي بالإهانة والتعذيب والخطف والاختفاء القسري. فنسمع بالأحداث المهولة التي تحدث للناس نعرفهم أو حتي نسمع عنهم. ثم نمصمص الشفايف ونسكت خائفين.. هذا الزمن وهذا النظام لن يعود!! والأدهي أنه كلما زاد الضرب والتعذيب تشبث الشباب بموقفه هذا لأن الغد ملك له بينما المستقبل بالنسبة لنا.. مجرد لحظات: أما الماضي فهو كل ما عشناه.. في كنف المخلوع وسكتنا. نعم سكتنا كلنا خاصة من تعدي الخمسين من عمره.. وفي هذا لست استثناء. أو تكلمنا علي استحياء وبجمل متوارية.. فإن (الهوايل) التي كنا نسمع عنها وعن التعذيب الذي كان يحدث في مقار أمن الدولة كان يشيب لها الولدان في بطون أمهاتهم.. ولكن الشباب سمع ولكنه قرر ألا يعيش العيشة التي ارتضيناها لأنفسنا. ولكن أولادنا رفضوا.. فقالوا الموت دونها.. فلا حياة بلا كرامة وحرية. ولايهم إذا كان الظالم هو المخلوع أو من يقولون إنهم حموا الثورة. فتلك (نكتة) لم تعد تضحك أحدا والشهداء يتواصلون في الوقوع تحت بنادقهم وقناصيهم وقواتهم الخاصة. ولكن السؤال هنا جاء علي شفاه طبيبة د. غادة التي ضربتها قوات الشرطة العسكرية.. لماذا يكرهوننا؟ لقد رأيت الكراهية والغل والجنود يحيطون بي ويضربونني بكل قوة كأنني من قوات العدو الذين يتسلون في التنكيل بها لأنها تريد حماية عرض البلد وكرامتها. لقد شعرت كأنني في غزة وهذه المعركة بين قوات العدو والفلسطينيين. فكيف وصلنا إلي تلك النقطة؟ قالها شاب آخر النائب المنتخب في انتخابات عرس الديمقراطية (زياد العليمي). لقد نزلت إلي شارع مجلس الوزراء مع أنني لست معتصما للوقوف بجانب المعتصمين الذين يضربون بالنار مرة أخري وعندما رآني ضابط الجيش قال لي والهراوة ترتفع لتنزل علي أم رأسي. أنا أعرفك أنت نائب الثوار.. أنت فاكر إن مجلس الشعب حاينفعك أو يحميك مني.. »أم«ّ مجلس الشعب. ونزلت عصا العسكر الذين حموا .. الثو...رة!! علي أم رأس .. نائب الثورة. تلك هي نظرتهم للديمقراطية. وقفز السؤال إلي ذهني في لحظة (ذهول ديمقراطي) لو كانوا الحرس الجمهوري .. كنت تفهمت ولاءهم للسيد الرئيس (المخلوع) ولكنهم جيش مصر.. ونحن شعب مصر.. وهؤلاء أولادنا ثوار مصر. فكيف وصلنا إلي تلك اللحظة؟ ❊❊❊ كلما سمعت عن كلمة تعويض أهالي الشهداء تحسست مسدسي وقلت أي نفس شريرة.. لا إحساس لديها ممكن أن تكلم أهالي الشهيد عن ثمن حياة أبنائها؟ بكم ممكن أن تتقبل موت ابنك.. ابنتك. كم تساوي عندك يا رئيس الوزراء يا مجلسنا العسكري الوطني الشريف؟ أنا شخصيا .. لا ثمن لابني سوي الانتقام ممن قتل ابني الأعزل المسالم.. الوطني.. الحر.. الأبي الذي رفض أن يعيش أغا ومحظية لحكامنا الفاسدين. سوي أعناق من قتلوه.. ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب. فكم تساوي لحظات المتعة والسعادة الحقيقية وضحكة ابنك تجلجل في قلبك؟ كم تساوي لحظة ميلاده وأيامه ولياليه وهو يكبر في حضنك وتري فيه تعويض الدنيا لك عن أي مكروه أصابك فتسامح الدنيا لأنها وهبته لك!! كم يساوي ثمن إبنك يا من أصدر الأمر سواء كان سريا أو في الغرف المغلقة وبين صفقات المصالح والخوف من حساب الشعب ومن ينظر في عين أهل الشهيد ولا يطرف له جفن وهو يقول اللهو الخفي هو من يقتل ابنك وأطهر من انجبته مصر !! تلك كانت كلمات السيد المشير عن الثوار.. الذين يصطادونهم حفاظا علي هيبة الدولة؟ آسفة أقصد عن المصالح العليا.. لولاة الأمر الجدد!! ❊❊❊ قالتها أخت علاء عبدالفتاح سناء الفتاة الرقيقة وهي تحكي عن ضربها من جنود الجيش والدماء التي نزفت من رأسها واللطمات تتوالي والشتائم تنهال علي عرضها هي ومثيلها من شرفاء الوطن الحقيقيين. هم فاكرين إنهم كل ما يضربونا حانخاف.. بل بالعكس بيقل خوفنا.. علشان بنعرف أكثر أننا علي حق!! فليعودوا لثكناتهم . ويتركوا البلد لمجلس مدني كفاية لحد كده.. مش عايزين وهذا كلامي أنا وليس كلام تلك العزيزة التي أشعرتني بالخجل وأنا جالسة علي الكنبة أمام التلفاز أسمع عن مآسي شباب الثورة. مش عايزين نكره الجيش .. كما كرهنا الشرطة. فهم حاجة تانية!! أو هكذا تصورنا!! ❊❊❊ كدت يغمي عليّ وأنا أسمع من يحبون البلد يقولون علي كل المحطات وكل المقالات. 25 يناير ليس ببعيد ..!! والمرة التانية لا أتصور أنها سوف تكون سلمية والشعب سوف ينتصر في النهاية وكل جبار لايحترم الشعب.. سوف تكون نهايته مثل نهاية بن علي .. القذافي .. مبارك .. وفي الطريق بشار وعلي عبدالله صالح. وإذا كانوا خائفين من الحساب فنقول لهم خروج آمن وعفا الله عما سلف فلا تتورطوا أكثر من ذلك في قتل الثوار.. فالدم له حساب آخر. يانهار أسود!! هي الثورة كانت حلما أم الأيام تعود إلي الخلف والزمن يرتد إلي 24 يناير. ماهذا الكلام الذي يقال؟؟ كأننا لم نخلع المخلوع..؟ آه تذكرت المخلوع (خلع) لشرم الشيخ ورجال نظامه في بورتو طرة والأموال لم تسترد .. ولم تصادر الأملاك والأموال المنهوبة من الشعب. ولم يتم الحكم علي مبارك ولا علاء ولا جمال والضباط والهانم سوزان .. حرة طليقة، والضباط القتلة.. مازالوا في مكاتبهم وتتم ترقيتهم ومازال الحزب الوطني يمد مجلس الوزراء بالوزراء والمحافظين ورؤساء البنوك والشركات الكبري ومازال المستشارون يقبضون بمئات الألوف . ومازال الفاسدون يقسمون الغنائم. ومازال التعذيب والكهرباء موصولة بأجساد المعارضين.. ومازال هتك عرض المعارضين والثوار هي الهواية الرئيسية للشرطة. ومازال خطف الثوار قائما علي قدم وساق. وزد عليه الخطة الجهنمية في ترهيب الشعب وتجويعه ونشر البطالة ووقف الحال. ورفع شعار (ده إللي خدناه من الثورة من حزب الكنبة المبجل). و... غيوم 25 يناير تقترب وياخفي الألطاف نجنا مما نخاف. لا .. لم نعد.. نخاف. ويسقط يسقط حسني مبارك. ❊❊❊ 18 يوما من التظاهر السلمي 18 يوما من نضال المدينة الفاضلة قبل أن ينقض عليها طيور الظلام. 18 يوما من النقاء الثوري والمثالية السياسية كان لابد أن تقودنا .. لما وصلنا إليه اليوم. الكل شرب من بئرها الطاهرة. ولكنهم حولوها إلي خمر وسكروا علي أطلالها. هي الجسد الصريح.. المنتهك .. كانت أروع من أن تنجح بمجرد مظاهرات 18 يوما. هم وحدهم الشباب الذين حذروا من عدم وجود سلطة مدنية رئاسية يمثل فيها الثوار بنقائهم وحبهم (الشريف) للوطن وكان لابد أن يكون معهم .. حكماء وشيوخ مصر ليقفوا جنبا إلي جنب لحماية الثورة ومرافقتها في طريقها الصعب لتحقيق مطالب الثورة. التي هددت عروشا وإمبراطوريات ومصالح نفط وقوي كبري وطيرت النوم من عين العدو الصهيوني. أمريكا .. إسرائيل.. دول النفط مثلث الشر .. الذي عادي الثورة المصرية من اليوم الأول. ففي نجاحها.. نهاية لهم.. وفي الداخل أكثر من مليون مثلث شر. مصالح متشابكة بطريقة شرهة إسلام سياسي.. علي نظام مباركي.. علي مصالح عسكر يخافون من اختفاء سلطة تتبعها محاسبات!! هنا يعيدون علينا كلمة الخروج والآمن.. لم يسمعها المخلوع.. فهل يفهمها ويقدرها من أخذوا مكانه وسلطته وهيلمانه!! قبل فوات الأوان.. ❊❊❊ يسقط.. يسقط حسني مبارك.. نعم مازالت تلك الهتافات ترج أرجاء الميادين.. وكثيرا كثيرا من البيوت. فمازال النظام قائما بشراسته.. وإجرامه واعتدائه علي المواطنين الشرفاء. وأقصد هنا بالشرفاء الذين يدافعون بأجسادهم وأعضائهم الحيوية عن أهداف الثورة التي لم يحققوا منها شيئا واحدا.. حتي الآن. هؤلاء الشرفاء الشباب والكهول الذين مازالوا يواجهون مبارك ونظامه الذين يحاولون قتل الثورة أو إجهاضها. والمعركة أصبحت سافرة الوجه لا حياء فيها ولا مواربة ولا قتال من وراء حجاب. المعركة بين من يؤمن بالثورة ومن يدعم نظام مبارك سافرة واضحة والثمن هو أجساد الشهداء . ولكن لا أحد يتعلم الدرس! لن نعود إلي حرملك السلطان. لا ليس بعدما دفع من الثمن. من أول 25 يناير حتي اليوم.. اقتلوا .. تواطأوا .. عذبوا .. كهربوا.. اهتكوا الأعراض .. لفقوا القضايا. لن ينفع كل ذلك.. لقد كسرنا جدار الخوف. لقد تذوقنا معني طعم الحرية لقد تذوقنا طعم الاستشهاد .. لقد خبرنا ثمن الحرية. كنا نعرف أن مادفع لم يكن كافيا وأن الحرب كانت في بداياتها جولة أولي ستعقبها جولات وجولات.. وهاهنا .. تبدأ الموجة الثانية والثالثة والألف إذا لزم الأمر وكما قال الله عز وجل: »أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول.. فدمرناها تدميرا«.. صدق الله العظيم.