السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    البنك المركزي: ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك إلى 14.151 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025    البوري ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    إزالة 19 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة خلال عيد الأضحى في الفيوم    على نهج غزة.. إسرائيل تحذر الحوثيين من حصار بحرى وجوى إذا استمرت هجماتهم    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم 4 مسعفين في عدة مناطق بغزة    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 102 طائرة مسيرة أوكرانية خلال فترة الليل    شوبير يصدم جماهير الأهلي بشأن جراديشار قبل مباراة إنتر ميامي    انتهاء تعاقد أيمن أشرف ومحمد أبو جبل مع البنك الأهلي الخميس المقبل    ريبيرو يكشف رؤيته لخط هجوم الأهلى أمام كتيبة ميسى بكأس العالم للأندية    قرارات عاجلة من التعليم قبل انطلاق امتحانات الثانوية العامة 2025 الأحد المقبل    نيابة ملوي تواصل تحقيقاتها في إصابة العشرات بتسمم غذائي عقب تناولهم وجبة غذائية من مطعم شهير بالمنيا    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة على أغلب مناطق الجمهورية حتى منتصف الأسبوع المقبل    ضبط 12 متهما في قضايا حيازة أسلحة نارية واتجار بالمخدرات بالقاهرة    ضبط 200 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في القاهرة    عن طريق الخطأ.. ضبط المتهم بإصابة طفلين فى حفل زفاف نجله بقنا    بعد انضمام المشروع X.. ترتيب جديد لقائمة الأفلام الأعلى إيرادا في تاريخ السينما المصرية    «عروسة مميزة جدا».. أسماء جلال ترافق أمينة خليل في حفل زفافها الثاني باليونان    «مش بتتنازل بسهولة».. 4 أبراج عنيدة يصعب إقناعهم    الدفاع المدنى فى قطاع غزة: الاحتلال يستهدف المدنيين بمناطق توزيع المساعدات    أجواء مبهجة وتزاحم جماهيري احتفالاً بعيد الأضحى المبارك ب"ثقافة الشرقية"    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام.. مصطفى مدبولى يوجه بتكثيف الجهود للوصول إلى هدف صفر.. وتوفير الرعاية الكاملة للمتعافين والدعم النقدى الاجتماعى المطلوب    صحة المنوفية: استقبلنا 13 ألف حالة خلال أيام عيد الأضحى بجميع مستشفيات المحافظة    رابطة الأندية تُخطر سيراميكا والبنك الأهلي باللجوء لوقت إضافي حال التعادل في نهائي كأس العاصمة    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    وزير المالية يوجه بتسهيل الإجراءات الجمركية لضيوف الرحمن    الداخلية تضبط 8 أطنان دقيق مدعم خلال 24 ساعة    وزير الإسكان يتابع مشروعات المرافق بالعبور الجديدة والأراضي المضافة لها    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    إمام عاشور عن خروج الأهلي الأفريقي: «أصعب مواقف حياتي»    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    10 يوليو.. بتر شو Better Show يعود بعرض "السنجة" على مسرح نهاد صليحة    المجمعات الاستهلاكية تستأنف العمل لطرح السلع واللحوم للمواطنين    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    بسبب ضغوط الناتو.. كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي ل2% من الناتج المحلي    مستوطنون يقتحمون باحات "الأقصى" بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة بوحدة المناظير بمستشفى المبرة    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    إصابة 3 أشخاص إثر استهداف مسيرة إسرائيلية "وادي جنعم" بأطراف بلدة شبعا جنوب لبنان    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    إسرائيل تبدأ ترحيل نشطاء السفينة مادلين وتصفها ب«يخت السيلفي»    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكم وليس الحاكم
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 07 - 2013

يا كريم يا معين.. يا كاشف الغمة إلي منتهاها ومضيء السبيل وجامع الشمل ومجدد الأمل ووائد الفتن.. يا ربنا وحد كلمتنا واخرس أصحاب اللغو الساعين لشق الصف..
يا إلهي نبتهل إليك عودة آمنة لمصر الحبيبة الطيبة.. ندعوك بقلوبنا وعقولنا ودمائنا وأرواحنا وغلبتنا وثورتنا ونقاء أهدافنا ألا يعكر فرحتنا غراب البين.. ألا يستأنف ترديداته بنعيق الفرقة ويعتلي ثانية منصة التمزيق والتشتيت.. ألا يرتدي من جديد ثوب الواعظ المتفلسف المتبحر العالم ببواطن الأمور وهو من ليس في بواطنه ونواياه سوي خراب الأمور.. ألا نظل في المتاهة ويكتب علينا أبد الدهر أن يوجه مسيرتنا ماسكو العصاة من منتصفها.. شوية شمال وشوية يمين, كما اقنعونا من قبل بأنهم عصروا علي أنفسهم الليمون يوم انتخابات الصندوق إياه.. يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف.. ليس جبنا ولا تراجعا عن خطة طريقنا, وإنما تخوفنا من أناس ليسوا بشرا سويا.. تخوفا من خسة قنبلة موقوتة يضعها إرهابي خسيس بجوار مستشفي لمرضي أو تحت كوبري زاخر بالبشر الساعي لقوته, أو في ظلال مدرسة حشوها النبت البرئ, أو في موقف سيارات يموج بالبشر اللاهي من ضنك الحياة وسلبيات حكم لم ير أسوأ منه.. يا قادر علي المستحيل إنزع الغشاوة الصدئة المتكلسة عن عيون بعض منا أنجبته أمهات مثل أمهاتنا, وشرب من نفس موردنا, ونما علي نفس أرضنا, وأكل معنا خبزنا, وشاركنا أنفاس هوائنا, واستظل بنخيلنا, وارتوي من نيلنا, وأدفأته شمسنا, وسهر في ضي قمرنا, وعشق ابنة الجيران مثلنا, ولهونا معا يسبقنا ظلنا, لكنه أعطي أذنه وباع روحه وسلم عقله سمعا وطاعة, وعق وطنه وعقر ناسه, ليغدو ليس منا بعدما بلغ به الهوس حد تكفيرنا وإباحة دمائنا, وأينعت في مخيلته المريضة رءوسنا وحان قطافها بمنجله, وقد تغيرت سحنته, وظلمت جبهته, وشعثت وطنيته, وساءت قضيته, وشردت بوصلته, وسرقت روحه, وانطفأت شمسه, واختنق قمره, واسود علمه, وتحشرجت أهدافه, وتخندقت أفكاره, وأتاه النفير العام في الساحة بالحشد والجهاد وكان صوت نذير للفرقة والإرهاب.. نذير مدمر مرعب خرج من رحم فتوي مدمرة لإحداث فتنة دامية ليس في مصر وحدها بل في العالم الإسلامي كله.. أتي النفير العام في بيان شيطاني باسم علماء الأمة أية أمة؟!!!.. إنها أمة الخوارج.. وأية علماء؟!!.. علماء علمهم مخبوز بالضلال فحواه ما نهي عنه الإسلام, ولم يأمر به رسوله صلي الله عليه وسلم فحق عليهم الوعيد الحق: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم..
يا رب.. لقد منحتنا جيشا يحمي ظهرنا ويقوي عزمنا ويطمئن قلوبنا ويشحذ هممنا ويصلب عودنا لاحتمال كل هذا القدر من الفتن والصعاب وهذا العدد الغفير من المارقين.. يا ذا الجلال والإكرام لقد أخرجت من بيننا قائدا ضبط بوصلته علي بوصلة الشباب الثائر الرافع اعتراضه في تمرد ليفكر مثله بطريقة غير تقليدية خارج الطرق المعبدة وخارج الصندوق بعقلية القوات المسلحة التي استوعبها بكل إخلاص: الإيجاز.. الدخول مباشرة في الهدف.. المباغتة.. الانحياز للشعب, وعدم الانصياع لأمريكا الدولة التي كل من يتغطي بها عريان عريان, حتي عصام العريان الذي أراق ماء وجهه علي عتباتها وطالب بإعادة حقوق وأموال أصحابها اليهود في مصر بعد قرن من الزمان أدارت له ظهرها وتركته مستنفرا عريانا في رحاب الساحة التي ظلمها الإخوان بجعل مسجدها الآمن ثكنة عسكرية.. قائد أعطي أسبوعا من الزمن مهلة أعقبه ب48 ساعة أخري لدرء الخلاف فزاد الصلف والغباء والتعنت وخرج أول رئيس طائفي منتخب عمل بإجادة للتفرقة بين أفراد شعبه ليردد علي مسامعنا بهوس غير مسبوق شرعية صندوقه عشرات المرات, فتجاوبت مع شرعيته تلك ربات البيوت بأن أخرجن كنبات غرف جلوسهن إلي الشارع وقمن بتنسيقها متاخمة للأرصفة وجلسن عليها يحتسين فناجين القهوة والشاي معلنات خروج حزب الكنبة ضد أول رئيس طائفي منتخب يخرج حزب الكنبة من داره.. و..دقت ساعة العمل الثوري بانتهاء ساعات المهلة ليذيع السيسي بيانه غير متفرد به فبعد نطقه بالاستهلالة يكمله البرادعي وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة وشباب الثورة وحزب النور الإسلامي وممثلة المرأة كل يلقي بكلمته وكأنها استكمال لبيانه, وكأنه قد انسحب من المشهد السياسي ليعطي الدلالة بأنه الحكم وليس الحاكم.. قائد بدرجة فنان مرهف الحس استطاع إخراج المشهد المصري العبقري بكفاءة تعلو كفاءة المخرج صلاح أبوسيف.. الكل موجود في الصورة.. اللوحة التاريخية الفذة متكاملة الشخوص والمعاني والدلالات.. رموز القادة والدين والدنيا والمجتمع وفيها السيسي متمردا علي فكرة إلقاء البيانات العسكرية من الغرف المغلقة بإضاءات خافتة في خلفيتها العلم أو حارس مكفهر المعالم كما ظهر من وراء الراحل النائب عمر سليمان عندما أذاع بيان تخلي مبارك عن موقعه الرئاسي.
تنطبع صورة الفريق السيسي في ذهن شعب مصر.. صورة فيها التألق وسرعة البديهة والسماحة والدماثة والحنان والثقة بالنفس والشعب.. صورة حفيد نضال المصريين علي مدي قرنين من الزمان في سبيل الدولة المدنية ولو ارتدي اللون الكاكي ووضع علي صدره شارات الرتب العسكرية.. صورة تستدعي في الذهن ثورة يوليو عبدالناصر عندما قالوا عن فورتها الشعبية انقلابا.. صورة رجل الدولة من خلال زياراته وتحركاته أو حتي تهانيه وتعازيه في مناسبات وطنية راسخة, وهي أمور لا يقوم بها إلا أصحاب الحنكة والدفع الوطني, وقد استمعت الملايين لكلمته التي ألقاها في احتفال وطني منذ شهرين غاب عنه الإسلاميون بمن فيهم إخوان السلطة وشارك فيه عدد من قادة الجيش والأدباء والمثقفين والإعلاميين والفنانين ومن بينهم عادل إمام الذي أبدي قلقه علي مستقبل البلاد فجاوب السيسي علي جميع المخاوف قائلا: لا تخافوا علي مصر.. مصر أم الدنيا وستظل أم الدنيا... صورة الرجل الذي وضع روحه علي كفه في أخطر قرار من أجل وطنه, وخرجت الجماهير بالملايين تضع أرواحها مثله علي أكفها لا تبالي بالتعدي والإرهاب.. إنه الحبل السري السحري النوراني الذي ربط بين القائد الشجاع والثوار الصناديد.. صورة التألق والحيوية والفريق يؤدي مع رجال الصاعقة تدريباتهم العسكرية القاسية بلياقة شاب في العشرينيات بينما هو في عبوره للخمسينيات فقد ولد في نوفمبر..1954 سبيكة مصرية فذة, صهرتها جذوة الحماس, وصهدالأنفس الملتهبة, وشعب يعيش علي سطح من الصفيح الساخن.. وليس أبلغ من إنقاذ الشعوب المقهورة, من أن تكون جنديا للدفاع عنها, ومن هنا التحق ابن مصر برغبة عارمة بصفوف جيشها ليتدرج تبعا لنبوغه في المناصب العسكرية حتي أصبح وزيرا للدفاع برقم44 في تاريخ الجيش المصري منذ كان أحمد عرابي ناظرا للجهادية في عهد الخديوي توفيق في أواخر القرن التاسع عشر.. السيسي وسطي العقيدة حافظ للقرآن وحصل أولاده علي الجوائز في حفظهم له, وهو الأب لثلاثة أنجال وابنة واحدة.. قارئ جيد ومتذوق للشعر قديمه وحديثه ومتابع للصحف ومقالات الرأي في مصر والعالم العربي والخارج, وصاحب قلم معبر صاغ به بيانه بنفسه بلغة إنسانية رفيعة موجزة تتجه مباشرة إلي الهدف والمبتغي, وأحسب أن كلماته ستظل محفورة علي جدران التاريخ المصري الثوري الحديث عندما قال: لقد عاني هذا الشعب ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه, وهو ما يلقي بعبء أخلاقي ونفسي علي القوات المسلحة التي تجد لزاما أن يتوقف الجميع عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي الذي برهن علي استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفاني من أجله.. لقد صاغ السيسي المواطن المصري الإنسان البيان فاحتضنت الأم المصرية صورته وكأنها تأخذ الابن الغالي لأحضانها لتدخل الطمأنينة إلي قلبها فهو الذي قال لها: ليس من المروءة ترويع الشعب المصري ونحن موجودون.. إذا حدث هذا فلنمت أفضل ويعلو له دعاؤها وألف ومليون بعد الشر عنك يا ابني يا حبة عيني يا حبيبي ويحفظك المولي أنت واصحابك من كل سوء.
ابن حي خان الخليلي المتخرج في الكلية الحربية الذي بدأ عمله في سلاح المشاه عام77 وواصل دراسته ليحوز علي ماجستير العلوم العسكرية بمصر عام1987, وماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية في1992, وحمل زمالة كلية الحرب العليا بأكاديمية ناصر العسكرية عام2003, بالإضافة إلي زمالة كلية الحرب العليا الأمريكية في2006, وظهر اسمه لأول مرة بعد يوم واحد من قرار حسني مبارك بالتخلي عن موقعه الرئاسي وتكليفه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد, وكان السيسي القادم من موقعه مديرا للمخابرات الحربية أحد أعضاء المجلس العسكري وأصغرهم سنا, وظل غير معروف علي نطاق واسع داخل المجلس مثل شخصيات المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان واللواء محمدالعصار وغيرهم من القادة, ولم يكن من هواة الظهور في وسائل الإعلام, ومن سماته الشخصية الإنصات أكثر من الحديث, والتفكير العميق قبل التدبير, وبكونه رجل مخابرات حربية فقد كانت حدوده تنتهي بتقديم الأوراق وقراءة الواقع وليس من خطئه أن ما قدمه وقتها لم يؤخذ به وإن كان واقعا مرا!!! وقد تولي فريقنا المتفرد موقع وزير الدفاع والإنتاج الحربي في ملابسات دراماتيكية اقترنت بمقتل16 من جنود حرس الحدود ساعة الإفطار في رمضان بسيناء, وراجت وقتهاالشائعات عن مؤامرات حاكتها أطراف في جماعة الإخوان لإزاحة الرجال الأقوياء في الجيش من طريق محمد مرسي القادم من صفوف الجماعة, وعندما تولي موقعه في أغسطس من العام الماضي ظهر السؤال بكيف يتعامل رئيس لا يتمتع بأي خلفية عسكرية مع الجيش خاصة عندما كان مرسي يكرر وكأنه يؤكد لنفسه بأنه القائد الأعلي للقوات المسلحة.. وتكثف وقتها ظهور مرسي بين فصائل ووحدات الضباط والجنود العسكريين أكثر من أي مكان آخر وكأنه يحتمي بهم منهم, يحيي بالتحية العسكرية, ويمشي بخطوة عسكرية, ويقف في منصات عسكرية, ويندس بين البذلات العسكرية, ويمنح الأوسمة والشهادات والنياشين العسكرية في جميع المناسبات والأعياد العسكرية, ويتفاخر كالطاووس من موقع مقعده الاستراتيجي بين كبار قادة الجيش بطوابير المشاه العسكرية علي الأرض وأسراب الطائرات العسكرية التي تمرق فوق رأسه في السماء, وأكبر الظن أنه في طفولته كان يحلم بالكاب العسكري الذي لم يولد له فقد كان من المحال مطابقة مقاييسه للشروط العسكرية, وإن كانت دولة باكستان المشكورة قد حققت بعضا من حلمه السرابي عندما خلعت علي رأسه السلطانية الباكستانية التي ارتدي مثيلتها المذيع الساخر باسم يوسف عند ذهابه في مظاهرة شعبية للوقوف أمام قضاة التحقيق باعتباره زبونا مستديما لديهم, يفرجون عنه تلقائيا لعدم القناعة بالاتهام من أصله.. وساد الاعتقاد بأن الجنرال يوالي الرئيس وأن هناك تسترا علي ملفات غامضة للجهاديين الإسلاميين في سيناء.. ويكذب الواقع قول المغرضين فتهب عملية عسكرية باسم نسر تمشط سيناء من بؤر الإرهاب, ونستبشر من النسر خيرا ونبتهل لغلق جميع أفواه أنفاق الجحيم التي استنزفت وقودنا وخطفت ناسنا وهربت خيراتنا, وكانت معبرا لسياراتنا المسروقة, وجبال من السلاح أتانا عبرها عرفنا الآن إلي أي من الصدور كان تصويبه ورصاصاته ومنتهاه... و..لم يغلق مرسي الأنفاق.. وعندما قال الجيش وقتها ودون ضجيج إنه سيكشف عن التحقيقات في مقتل جنوده في رفح, إلا أن الرئاسة المغرضة المتآمرة ردت بنفاقها الثعباني بأنه ليس من صالح الدولة الكشف عن قتلة الجنود ال16 أو خاطفي الجنود السبعة بعدها في سيناء, وعندما أوصي مرسي بالحفاظ علي أمن الخاطفين والمخطوفين!!! ومن هنا بدأت تتضح حقيقة العلاقة المتصدعة بين الرئيس المدني والجنرال العسكري وأنها ليست علي ما يرام وأن وعكتها الظاهرية لها جذور المرض العضال.. ويشير قادة الإخوان علي مرسي بالإطاحة بالسيسي الواقف للنظام كالعضمة في الزور خاصة في مسألة مشروع قناة السويس وسلامة بيع أراضيها, والاتفاقية التحتية بالنسبة لحلايب وشلاتين مع السودان بصورة ظاهرها التمجيد وباطنها الإقصاء والاستغناء بتعيينه رئيسا للحكومة بدلا من قنديل ويأتي رفض السيسي القاطع رغم نفي الرئاسة للأمر.. ووسط الخضم خرجت إلي النور حركة تمرد لتحشد الملايين في صوت واحد ينادي باستعادة ثورة يناير التي قام بها المصريون ضد مبارك في2011 رافعة طلب الحرية والكرامة الإنسانية والعدالةالاجتماعية وليس من أجل إقامة دولة الخلافة..
و..يخطب مرسي بمناسبة مرور عام علي توليه منصبه خطبته النكداء المطولة التي أهان فيها الإعلام والقضاء ورجال الأعمال وهدد وتوعد وضرب أمثاله العرجاء وساق اتهاماته الفجة للفلول والدولة العميقة وثلاثيات التآمر في الزنقة والحارة والمكاتب المكيفة, وكاد من رقة قلبه علي شعب يتخشب في طوابير البنزين والسولار بالساعات التمني بالهبوط من عليائه ليقف بين جمهور المعاناة في محطات البنزين.. المعاناة التي اختفت من علي جميع الساحات بمجرد إخراجه من المسرح, فسياراتنا أصبحت تتجشأ بنزينا, وإضاءة بيوتنا لا يعتريها انقطاع, وماكينات ري الغيطان دبت فيها الحياة بوفرة السولار.. وطوال ساعات الخطاب الكارثي لم يبد علي السيسي في أول صف أية ردود فعل ليلتها غفلت عن متابعة مرسي وما عنده من لغو وما ليس لديه من كياسة أو رحمة بالمستمعين عنوة المنتظرين هباء لجديد, ووضعت العين فقط علي وجه السيسي لائمة في سري حضوره وكنت أتمناه غائبا عن عرس الزيف.. و..توجست خيفة من أن يستحسن صاحبي أي شيء في الخطاب فتستجيب حركة تعلو جبينه أو تحرك كفيه بالتصفيق.. و..صفق السيسي إلا أنه الطرق الروتيني للأكف الخالي من الاستحسان المفتقر للحماس, ومع استمرار تهديدات الخطاب المهلهل تمشيت بعيني علي وجوه جنرالات الجيش والشرطة لرصد انفعالاتهم فلاقتني خشبية الوجوه المحايدة المدربة علي امتصاص الانفعال التي من المحال أن تعكس موافقة أو رفضا حتي عندما داهن مرسي أصحابها بوصفهم رجال من ذهب أو بتكراره جملته المستفزة أنا القائد الأعلي للقوات المسلحة التي يلبسها التهديد المستتر.. و..لابد أن السيسي وقتها كان قد حسم قراره.
ورأيناه علي الشاشة يقترب من المحظور ويدس أنفه الدساس بين طيات السلك الشائك مغلظا القول بطلب خارج علي القانون لا يستطيع جندي الحرس الجمهوري المنوط بالحراسة أن يهادنه عليه أو تلبيته له, وترتفع حدة وقاحة الدخيل إلي خير التهديد لمن يحاول مستميتا رغم الأوامر بالتعامل بالسلاح ألا يخرج عن حياده, وألا يخرجه التطاول إلي حيز التنفيذ.. إبعد لو سمحت.. تجاوزت حدودك.. ممنوع الوقوف في الممنوع.. ممنوع الاقتراب.. دع حدودي فحدودي محرقة.. ونراه.. صاحب الابتسامة اللزجة بين الحواريين علي أرض الساحة يتوعد وينذر ويشعل النار وينادي بالنفير فيلبي المستضعفون والموجهون للضلال بمظنة نيل الشهادة وما شهادتهم عند ربهم سوي ذنب لا يغتفر.. ذلك الرجل وصحبه وسيده وشاطره الهاربون من وادي النطرون ومرشده وعشيرته وعشوائيات زمنهم قد سودوا أيامنا وجعلوا حياتنا هما وغما ونكدا وزهقا ورهقا وإحباطا وإملاقا وظلاما وحياة بلا روح, وروحا بلا حياة.. الله لا يرجعهم ولا يرجع أيامهم.. وعلي الرغم من إدراكه ومن معه وفهم عجوزهم الشريرة الأمريكية آن باترسون أن القصة قد انتهت بخسارة الإخوان وانهيار المخطط الأمريكي تماما لكنها حتي اللحظة الأخيرة كحلاوة الروح لم تتوقف عن محاولة الحصول علي شيء.. أي شيء.. تحاول به إنقاذ نفسها هنا وإنقاذ سيدها أوباما هناك من مقصلة الكونجرس الأمريكي, فقد طلبت من عملائها منهم لله والإسلام والله منهم براء عرقلة المسيرة وتعطيل الركب لحين اقتحام الحرس الجمهوري.. وكان أن.. وكان لا.. وسالت الدماء علي الضفتين من أبناء مصر.. ولأن الله معنا فهناك حقيقة رجالات من ذهب قالوا لنا لا تخافوا علي مصر.. وصدقناهم.. ويا ضفاف النيل لقد أتاكم الفتي القائد سلمت عقيدته ويده ولسانه وقلمه واتجاهه وإسلامه الوسطي.. أتاكم فتي غض الإهاب سابحا في زورق من صنع أحلام الشباب الذي حقق أحلاما تفوق الخيال, وإذا ما صح أن الحرية تفتح الأبواب للتقدم بما فيه التقدم نحو الديمقراطية فإن مصر بمرورها المرير في برزخ المعاناة تنجح بشبابها وشاباتها في ميدان التحرير والاتحادية وسائر الميادين في تسهيل العبور من الحرية إلي الديمقراطية وما حدث فيها ليس انقلابا عسكريا وإنما كقول السيسي ثورة شبابية احتضنها الجيش ورعاها.. وها هي نسمات العاشر من رمضان قادمة ترطب الجبين المندي بعرق الميادين تذكرنا بعودة وحدة الصف متآزرا متعاونا في وجه الإرهاب والمتآمرين.. عاد العرب إلي أحضان مصر أم الدنيا.. أم العروبة والعرب..
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.