كانت كلماته بسيطة صادقة معبرة. وقف الفريق أول عبدالفتاح السيسى يبث الأمل فى النفوس يقول للحاضرين «لا تقلقوا لازم يكون عندنا أمل وثقة كبيرة فى بكرة، بكرة تشوفوا مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا!!». كانت المناسبة هى الاحتفال الذى أقامته جامعة المستقبل فى ذكرى تحرير سيناء وأهدته إلى جيش مصر العظيم صانع النصر والانتصار كانت أنشودة مفعمة بحب الوطن، شباب فى عمر الزهور، غنوا لمصر ذكرونا بأجمل الأيام بأغانٍ ألهبت حماس الحاضرين، وكلمات جسدها خالد عزازى رئيس مجلس أمناء الجامعة الذى عبر عن مشاعر المصريين تجاه جيشهم العظيم. ووسط كوكبة من الفنانين الوطنيين والعرب الذين غنوا لمصر وفى خضم حالة الحماس التى ألهبت الأيادى بالتصفيق وقف الفريق أول السيسى ليتحدث بهدوئه وتلقائيته، قال «الجيش المصرى جيش وطنى عظيم وشريف وقوى وصلب» نظر إلى الحاضرين وكأنه يريد أن يبعث الطمأنينة إلى النفوس، وقال «لا تقلقوا أبداً على بلدكم مصر!!». ياه نحن فى حاجة إلى هذه الكلمات يا سيادة الفريق، اشتعلت القاعة بالتصفيق، عمت الفرحة وجوه الجميع كأنه يلقى إلى الغارقين بطوق النجاة، أو كأنه يريد أن يقول لهم «جيشكم سيبقى وفياً ولن يكون أداة فى يد أى حاكم ضد الشعب وضد الوطن». قال وزير الدفاع وكأنه يعيد كلماته السابقة مجدداً، «لما جيش مصر نزل حماكم يده لم تمتد، خلوا بالكم من هذا الكلام جيداً تقطع أيادينا قبل أن تمسكم!!» صمت الفريق أول لبعض الوقت «منذ 3 أسابيع أقسمت قسماً يا ريت كلكم تكونوا سمعتوه أنا قلته علشان كل مصرى قاعد فى بيته يكون مطمئن رغم كل الشوشرة المقصودة». هل تتذكرون القسم إنها الكلمات التى أطلقها بحضور الرئيس مرسى وفى أعقاب اجتماع مع المجلس العسكرى فى 11 أبريل الماضى تحدث السيسى وكأنه يرد على من سربوا هذا التقرير المغرض إلى الجارديان البريطانية الذى أراد الإساءة إلى سمعة الجيش دولياً وتصويره وكأنه قاتل لشعبه. قال السيسى «أقسم بالله أن القوات المسلحة من أول يوم 25 يناير حتى الآن لم تقتل ولم تأمر بقتل ولم تخن أو تأمر بخيانة ولم تغدر أو تأمر بغدر، وإن القوات المسلحة كانت خلال العامين الماضيين حريصة جداً على مصر وشعبها ولم تقم بأى إساءة، وأنها مؤسسة وطنية جداً وشريفة وحريصة على بلدها». قال السيسى فى هذا الحفل «كان هناك 150 ألف ضابط وجندى فى الشارع إحنا كنا بنناضل حتى لا يُؤذى أى مصرى ونحارب علشان مصر تفضل مصر وهتفضل مصر». ذرف الكثيرون الدموع فى هذه اللحظات، بكت آمال ماهر، وانهمرت دموع الكثيرين، وقال محمد فؤاد الفنان الوطنى الأصيل «خلى بالك من مصر يا فندم»، اختصر معانى كثيرة وسط طوفان من دموع انهمرت من عينيه، قال السيسى وكأنه يرد بأبلغ المعانى «الضباط اللى إنتوا شايفينهم دول والطلبة الحاضرين معنا اليوم الدم اللى فى عروقهم بيحب مصر بيحب مصر بيحب مصر». أراد الكابتن مصطفى يونس أن يذكره بشهداء رفح رد السيسى «نحن لن ننسى شهداء رفح لازم يكون عندنا أمل وثقة كبيرة فى بكرة». كانت سيمفونية رائعة اختلطت فيها المشاعر بالمعانى كانت جرعة وطنية رائعة شحنت فيها بطاريات المصريين وقلوبهم، لم يفارقنا الأمل لكننا فى حاجة إلى أن نسمع هذه الكلمات من رجل تربى على حب هذا الوطن، لا يخاف فى الحق لومة لائم، يدرك المهام الملقاة على عاتقه ويعرف أن المصريين القابعين بالداخل والمشردين فى الخارج، حملوه مسئولية حماية الوطن وإنقاذه من التتار الجدد، الذين اختطفوه وراحوا يقسمونه ويقطعونه إرباً. أعرف أنهم يتربصون به وينتظرون اللحظة المناسبة للإطاحة به، أو التخلص منه بأى وسيلة، إنه أصبح خطراً على مشروعهم لا تنقصهم الحيلة أو الخديعة، فالغدر سمتهم ألا ترى أنهم يغدرون بالجميع ويطلقون رجالهم فى الأجهزة المختلفة ضد الجميع يلوثون المعارضين ويبتزون المخالفين لذلك لن يتركوه. نعم أقولها لك يا سيادة الفريق: أنت ستبقى هدفهم لقد أثارت كلماتك ومواقفك انزعاجهم، لا تصدق حلو الحديث فى الغرف المغلقة فهم يحرضون ضدك، يتعمدون الإساءة إليك وإلى جيشنا العظيم وقد يفعلونها فى أى وقت، قرار يصدر بليل أو حتى قضية تلفق لك فتصبح فى موضع اتهام والهدف هو التخلص منك بالضبط كما فعلوا ويفعلون مع الكثيرين. إذا تمكنوا منك فاعلم أن مصر ستحملك المسئولية لأنك انتظرت حتى لحظة الإجهاز لا تعطهم الفرصة للعبث فى الجيش، لا تترك أهلك مستباحين على يد هؤلاء الذين جاءوا ليسقطوا الوطن ويدفعوه إلى الفوضى والانقسام. نحملك يا سيادة الفريق السيسى المسئولية وأنت أهل لها، حولك رجال عظماء، انظر إلى وجه الفريق صدقى صبحى، وجه مغموس بتراب الوطن هل تتذكر يوم أن قلت لى فى شهر أبريل الماضى «إحنا كلنا أولاد مناطق شعبية نعرف يعنى إيه مصر وندرك أصالة شعب مصر» هل تتذكر عندما قلت لك لماذا الصمت على إهانة الجيش فقلت: هذه حالة ثورية تحمل كل المتناقضات وجيشنا لن يمد يده على مواطن واحد مهما بلغت التجاوزات انظر إلى وجوه القادة والضباط. المصريون فى الغيطان والحقول، فى الوديان والمناطق المترامية بطول البلاد وعرضها هناك، حيث الملايين فى الخارج التواقون شوقاً إلى الوطن وهنا فى الكفور والنجوع والقرى والمدن والمراكز، نقولها بعلو الصوت «وحشتنا مصر يا سيادة الفريق، وحشتنا مصر يا قادة جيشنا العظيم» دموعنا الحارقة التى تسيل تحمل فى ثناياها شوقاً واشتياقاً إلى مصر التى افتقدناها. من حق المصريين أن يقلقوا على وطنهم، لقد خدعنا ولكن عودة الأمل وقوة الإيمان حتماً ستدفع الجميع إلى الوقوف فى خندق واحد خلف الجيش العظيم. دعك يا سيادة الفريق من هذه الأصوات الجاحدة، دعك من الكذابين وحزب عصير الليمون، دعك من المتطاولين الذين لفظتهم الجماهير، هؤلاء يتحملون وزر ما نحن فيه، لكن الشعب العظيم يدرك تماماً رسالة جيشه. نعم نصدقك يا سيادة الفريق فى كلماتك وقسمك بأن الجيش لم يقتل ولم يأمر بقتل، لم يخن أو يأمر بخيانة، لم يغدر أو يأمر بغدر، نصدقك تماماً لكنك تعرف من هو الطرف الثالث الذى قتل بدم بارد وخان الوطن وانقلب على ثوابته، وغدر بالشرفاء والأوفياء وبدماء الشهداء. أنت تعرف والكل يعرف، تعرضنا لمؤامرة شاركت فيها قوى أجنبية وقوى محلية، كان الهدف هو رأس مصر، وجدوا ضالتهم فى هؤلاء الذين أبدوا الاستعداد للانقلاب على كل شىء من أجل نهمهم للكرسى وللمال وللسلطة، سقطت الشعارات وانهارت الثوابت التى كثيراً ما صدعوا رؤوسنا بها، كانوا هم سند الرئيس السابق فى حكمه وكانوا هم مبعث سعادته فى سجنه. عمت الفوضى، تفككت مؤسسات الدولة، سقط شعار التداول السلمى للسلطة، لقد جاءوا ليبقوا رغم أنف الجميع، كلماتك تبعث إلى الطمأنينة يا سيادة الفريق لكنها قد تتلاشى وتصبح حروفاً من ذكريات تضمها صفحات مطوية إذا ما استمر الحال على ما هو عليه. إنهم يزحفون على جميع المؤسسات، إنهم يحطمون كل شىء، إنهم يصفّون حساباتهم مع الجميع، يقتلون شبابنا الطاهر يعذبونه يصادرون كلمات تنطلق من هنا أو هناك، يمارسون أشد أنواع الاحتكار والفساد الاقتصادى، تحولت ثروة مصر إلى يد حفنة قليلة من رجال أعمالها ليتحكموا فيها.. كله بثمنه، مشروعات، استثمارات، توكيلات. أصبحت مؤسسات الدولة تحت أيديهم لا تحدثنى عن الاستقلال أو عن الخبرات أو عن الحق فى تولى المسئولية أجهزة رقابية وأمنية، وزارات خدمية وخارجية يشرف عليها أطباء تحاليل وأطفال وأناس لا خبرات لهم، سوى التفنن فى الانتقام. ماذا بقى يا سيادة الفريق، لماذا يترك الوطن مستباحاً هكذا؟ أين دور الجيش فى حماية الأمن والاستقرار الذى نصت عليه المادة 194 من الدستور؟ أعرف أن كلماتك صادقة لكنى أدرك أن الوقت ليس فى صالحك ولا فى صالحنا، إنهم يحطمون كل شىء كالثور الهائج، استباحة للقضاء تحطيم للشرطة ومعنوياتها، تدمير للاقتصاد ودفع البلاد إلى الهاوية، تآمر على الجيش على التعليم على الفكر والإبداع والثقافة، استهانة بالأمن القومى للبلاد دعم للفوضى والإرهاب ماذا بقى يا سيادة الفريق؟! إن عليك أن تثق فى أن الشعب المصرى سيقف مع جيشه العظيم فى حماية الدولة والاستقرار، الجيش هو جيش الشعب ولن يكون أبداً أداة لقمع الشعب لصالح الحاكم ولصالح المستبدين والشعب يقول لكم: أنقذوا مصر لا تتركوا الوطن يضيع وساعتها لن يغفر الشعب لأحد مهما خلصت النوايا ومهما كانت الأعذار!!