بعد أيام من سقوط الرئيس مرسى مازال هناك من يريد التغنى على اللبن المسكوب. وإظهار أن الأمر لا يخرج عن كونه انقلابا عسكريا, متناسيا حالة السخط العام تجاه مرسى وجماعته من قبل الشعب المصرى. وكأن على المصريين الخنوع والخضوع لهذا الانهيار التام للاقتصاد المصرى والفشل الذريع لدور مصر الإقليمى.. والفضائح المتتالية على المستوى الدولى من أجل شرعية مزيفة ومقولة سخيفة بأنه الرئيس المنتخب. والأغرب من هذا الاستنكار من بعض الدول الأجنبية والتأكيد على أنه انقلاب عسكرى وهو ما يؤكد أن النظام الإخوانى كان يلعب دورا خفيا لصالح تلك الدول لتظل مصر كما هو المطلوب منها دولة تابعة مشغولة بتوفير لقمة العيش فلايقوم لها قائمة. لذلك لم يكن غريبا خلط الحق بالباطل من الرئيس الفرنسى هولاند الذى أكد رفضه لانحياز الجيش للشعب ضد مرسى. أما الرئيس اوباما فأزمته الحقيقية تكمن فى أن خيوط اللعبة خرجت من يده, فهو يعلم أن الإخوان دورهم فى المنطقة قارب على الانتهاء بعد رفض الشعوب لهم، ولكنه كان مشغولا باعداد البديل, وهم السلفيون الذين قاموا بإرسال وفد إلى أمريكا وبعض الدول الأوروبية لكى يقنعوا المسئولين هناك بأنهم الأنسب لحكم مصر لأن الإخوان على وشك السقوط وخاصة بعد تفاقم الخلاف بين الإخوان والسلفيين بسبب الإيرانيين. ومما يؤكد الدور القذر الذى كان يلعبه الإخوان مانشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، من إن سقوط الرئيس محمد مرسي أفقد إسرائيل 4 مكاسب، فبعد صعوده للحكم تردد أنه معاد للصهيونية، ولكنه سرعان ما أثبت عكس ذلك عبر تعزيز العلاقات ما بين القاهرة وتل أبيب خلال فترة حكمه، والدليل على ذلك خطابه لشيمون بيريز وحفاظه على بنود اتفاقية كامب ديفيد، وتجنيب إسرائيل صواريخ حركة حماس المقاومة لعلاقته الجيدة بقياداتها باعتبارهم جناحهم في فلسطين، وهدم الانفاق الحدودية في سيناء التي خفضت من عمليات التهريب، وأخيراً تعزيز الخلاف بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط. ويستكمل الهجوم على مصر بسبب عزل مرسى بأخبار وتحليلات تفتقر إلى المنطق من قبل صحيفة الجارديان, والسبب معروف وهو ان هذه الصحيفة تخضع لضغوط رأس المال القطري باعتبارها مملوكة في جزء كبير منها لقطريين. ومن المعروف كذلك ان قطر تدعم تنظيم الإخوان بشكل لايدعو للاستغرب لأنه معلوما للجميع السيطرة الأمريكية الإسرائيلية على قطر. لذلك نجد أن الصحيفة تعلن أن فرحة 30 يونيو التي أدت لعزل مرسي»، لن تدوم طويلا، لأن حقيقة ما حدث في مصر هو الرجوع للوراء سنتين. وأنه برحيل مرسي سيعود النظام القديم، بمجرد عودة الفريق أحمد شفيق «المنفي» في الإمارات العربية، حسب قول الصحيفة.ورغم اعترافها أن «مرسي فشل في الوفاء بوعده وهو أن يكون رئيسا لجميع أطياف الشعب الذين قاموا بإطاحة مبارك، وعندما طالب بالتوافق لكتابة الدستور ودعا حكومة وحدة وطنية ولجان محايدة لإعادة كتابة الدستور كان الأوان قد فات». ومع ذلك تدعى أن (عزل مرسي) أكثر أصولية من أي من الصراعات التي قادت إلى وقوعه؛ مشيرة إلى عزل أول رئيس منتخب ديمقراطيا، أدى إلى حرمان هؤلاء الذين شاركوا في الانتخابات الحرة سواء الرئاسية أو البرلمانية أو الاستفتاء على الدستور، من حقهم. والأغرب أنها ترى أن «الانقلاب العسكري» كما يحلو لها تسمية «ثورة 30 يونيو» له فائدة واحدة، وهي أنه أوضح في أي جانب يقف كل شخص؛ فالليبراليون والقوميون والسلفيون ورأس الكنيسة القبطية انضموا إلى جانب الدولة العميقة التي لم يتم إصلاحها». أما الإخوان المسلمون المخلوعون فاكتسبوا سببا أكثر فاعلية أكثر من الإسلامية، وهو أنهم يكافحون الآن من أجل الديمقراطية الدستورية.. وتلك الافكار الغربية للجارديان تظهر لنا جميعا أن هناك مؤامرة شارك فيها الإخوان لتدمير مصر مقابل الاستيلاء على الحكم.. وأعتقد أن مايحدث الآن وتكشفه أجهزة الأمن يؤكد أن جميع سلاسل الكوارث التى تمت بعد 25 يناير سببها الإخوان وعلى راسها موقعة الجمل ومحمد محمود وأحداث ماسبيرو!. وبالتالى لم يعد مقبولا بقاء مرسي علي رأس السلطة خاصة أن 17 محافظة استقلت عن حكم الإخوان بعزل محافظيها، المعينيين من قبله. إلى جانب الخيانة العظمى المتمثلة فى الرسائل التى أرسلها عصام الحداد للاستقواء بالخارج التى تضمنت استعداد مرسي للتعاون التام مع هذه الدول فى كل مطالبهم، شريطة أن تتم مساندته لاستعادة الحكم فى مصر دون تدخلات من المؤسسة العسكرية، والتى بالطبع تضعه تحت طائلة القانون والبند 152من دستوره الإخوانى (وعلى نفسها جنت براقش). إلى جانب تدافع المتأسلمين للتصعيد الصدامى، وتفجير حرب أهلية في شوارع المدن المصرية. وإشعال نار الفتنة الدينية باتهام المتظاهرين بالكفر، ودعوة انصارها لخوض حرب دينية لإنقاذ الاسلام من «هجمة العلمانيين الكفار». إضافة إلى لقاء الشاطر وآن باترسون، الذى أكد أن جماعة الإخوان، المدعومة أمريكياً، لا تفكر سوى فى مصلحتها الشخصية على حساب الشعب. ولكن للاسف هناك من يتجاهل حقيقة الانقلاب الشعبي ويصوره على أنه انقلاب على الشرعية التى قتلها مع سبق الإصرار والترصد مرسى وجماعته, دافعين مصر نحو الهوية من أجل حلم إخوانى عقيم بالإمارة حتى ولودفعت مصر ثمنه من دماء أولادها وتاريخها وحضارتها.. فاذهب يا مرسى غير مأسوف عليك ولا تنسى أخذ شرعيتك معك التى أصبحت دماء فى يديك وعار على جبينك.