«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء متقاعد حسام سويلم يرسم سيناريوهات "30 يونية" وما بعدها
6 أطراف تحدد مصير "مرسى" والشعب قادر علي إسقاط الإخوان في أسبوع
نشر في الوفد يوم 22 - 06 - 2013

يختلف يوم 30 يونية 2013 عن 28 يناير 2011 جوهريًا من حيث الأهداف والمدركات والتحركات، بالنسبة لجميع الأطراف التي ستنغمس في أحداثه، حيث يعتبره معظم المصريين يوماً لاستعادة الوعي المصري بعد غيبوبة دامت 85 عاماً عمر دعوة الإخوان الضالة المضللة التي خدعت المصريين بمتاجرتها بالشعارات الدينية البراقة، حتي انكشفت حقيقة الإخوان بعد أن استولوا بالخداع والكذب والتدليس علي الحكم
وتبين للمصريين أن الإخوان طلاب سلطة وحكم ولو علي حساب أرواح ودماء المصريين، وأن الدين أبعد ما يكون عن مبادئهم وممارساتهم، وليس أكثر من غطاء يتدثرون به لتحقيق مآربهم السلطوية في الهيمنة علي مقدرات المصريين، والتي أورثتهم خلال عام واحد فقط من حكم الإخوان كل مظاهر المعاناة من انعدام أمن وفقر ومرض وخراب سياسي واقتصادى واجتماعى، وهو ما تمثل بصورة واضحة في انقسام المجتمع المصري لأول مرة في تاريخه سياسياً وطائفيًا بين أقلية متأسلمة تدّعى بالإرهاب أنها الفرقة الوحيدة المؤمنة والناجية والتي تملك الحقيقة وماعداها كافرون، وأغلبية ساحقة من المصريين أدركوا متأخراً أن جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات المتأسلمة الدائرة في فلكها قد نجحوا في التغرير بهم وخداعهم وتضليلهم، وذلك بعد عام واحد فقط من حكم الإخوان انكشفت خلاله حقيقة هذه الجماعة، وأنهم أصحاب فكر مريض، يتاجرون بالأوهام ويضللون الناس، لذلك سيكون يوم 30 يونية القادم يوماً لهدم كل هذه الأوهام والضلالات، وإعادة بناء مصر من جديد، واستعادة السلطة والوطن الذي يريد الإخوان سرقته وتحويله إلي إمارة إسلامية مزعومة تحت اسم دولة الخلافة.
وإذا كان الإخوان قد نجحوا في اختطاف السلطة مؤقتاً فإن الشعب المصري لن يسمح لهم بالاستمرار في ذلك، كما لن يسمح لهم بأن يكون تمسكهم بهذه السلطة مدعاة لنشوب صراعات أهلية مسلحة يستعد لها الإخوان وحلفاؤهم بحشد الإرهابيين وتدريبهم كما شاهدنا في فيديو أحد مراكز الشباب، وتخزين الأسلحة والذخائر، واستجلاب الإرهابيين من حركة حماس وغزة إلي سيناء ونشرهم في المحافظات المصرية.. إلي غير ذلك من مظاهر الاستعداد لخوض حرب أهلية من جانبهم إذا ما تهددت دولة الإخوان التي بدأوا في بنائها منذ عام، ويصرون علي بقائها واستمرارها ونموها، حتي إن أريقت في سبيل ذلك دماء الضحايا المصريين. ولكن الشعب المصرى من جانبه، ومن خلال مظاهراته السلمية في 30 يونية لن يسمح أبداً بأن تراق دماء المصريين من أجل هذه الجماعة الفاسدة والمفسدة في الأرض، وسيفوتون عليهم ما يخططون له من مؤامرات ومكائد، وسيرد كيدهم إلى نحورهم وسيحتفل قريباً بإذن الله بزوال دولة الظلام والظلاميين، وفي هذا المقال سنلقي الضوء أولاً علي الفروق بين يومي 28 يناير 2011 و31 يونية 2013، ثم مواقف الأطراف الستة التي ستكون ضالعة فى أحداث 30 يونية القادم، وهم الشعب بكل فئاته التي تستعد للنزول في حشود بكافة ميادين المدن المصرية ولعدة أيام، وفي المقابل ردود الفعل المتوقعة من جانب الإخوان وحلفائهم في الجماعات الإسلامية وحماس، وأيضاً الموقف المتوقع من جانب الشرطة والجيش، هذا إلي جانب الموقف المتوقع أن تتخذه الولايات المتحدة من أحداث ذلك اليوم وما سيتلوه.
أولاً: موقف الشعب
يختلف يوم 30 يونية 2013 عن 28 يناير 2011 من عدة جوانب، أبرزها أن جماهير الشعب التي نزلت في 28 يناير إلي ميدان التحرير وغيره من الميادين في المدن المصرية لم يكن هدفها في البداية إسقاط النظام القائم آنذاك، ولكن الاعتراض علي مواد في الدستور تُسهل توريث السلطة، وعلي مظاهر الفساد السائدة، والتزوير في الانتخابات، وعندما استجاب الرئيس السابق مبارك لهذه المطالب، صعّد المتظاهرون آنذاك من مطالبهم خطوة خطوة بدءاً بإقالة الحكومة، ثم حل مجلس الشعب، ثم إلغاء الدستور، وتعيين نائب للرئيس.. إلي أن وصلوا إلي مطلب «ارحل..
ارحل»، وعندما استجاب الرئيس السابق مبارك دون تردد وأعلن تنحيه عن السلطة وتسليمها إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة. أما اليوم فإن الأمر يختلف من حيث مطالب المتظاهرين في 30 يونية القادم، حيث تبدأ المطالب من القمة برحيل الرئيس مرسى وإزاحة كل نظام الحكم الإخواني الذي يمثله من حكومة ومجلس شورى ونائب عام ومحافظين... إلخ. ولن يقبل المتظاهرون بأدنى من رحيل الرئيس كهدف يتمسكون به من البداية وحتي النهاية، وسيقاومون بالوسائل والطرق السلمية كل مظاهر الضغط والتحرش التي سيتعرضون لها من جانب الإخوان وحلفائهم، وسيتجنب المتظاهرون في 30/6 كل صور التورط في أعمال العنف، وحتي لا ينجروا ويسحبوا إلي صراعات مسلحة يستغلها الإخوان في تصعيد هجماتهم الإرهابية ضد كل معارضيهم، ويفرضون بها ويعززون وجودهم في السلطة باستدعاء حلفائهم في الخارج (حماس، نظام البشير في السودان، تنظيم القاعدة) لمساندتهم في الصراع ضد معارضى الإخوان. وقد سبق بالفعل أن هدّد القطب الإخواني محمد البلتاجي بأن الشعب إذا استعان بالجيش لتقويض نظام الحكم الإخواني، فإن الجماعة ستستدعي جيوش دول صديقة لمساندتها!!
ولأن جماعة الإخوان تراهن علي الزمن، وتعتقد أن يوم 30/6 سيمر مثل أى يوم من المليونيات التي حفلت بمظاهرات واعتصامات، ثم انفضت بلا نتيجة وبلا إنجازات، فإن المتظاهرين فى المقابل سيسعون فى 30/6 إلى استمرار التظاهر والحشد والاعتصام بلا نهاية حتي يتحقق الهدف الأكبر وهو رحيل رئيس الجمهورية، مع الحرص على زيادة زخم الحشود، ولن يعوق حلول شهر رمضان المبارك عن الاستمرار في التظاهر والاعتصام، حيث سيستمر المتظاهرون في حشودهم بالميادين ليلاً ونهاراً حتي يتحقق الهدف المنشود، وستتحرك المسيرات من الميادين والمساجد إلي قصر الاتحادية ومجلسي الشورى والوزراء، ومقار المحافظات والاستيلاء عليها، ومحاصرة مقار جماعة الإخوان في المدن والأحياء، وسينضم إليها فئات كثيرة من النقابات المهنية والعمالية والزراعية والقضاة الذين يخوضون صراعاً طويلاً منذ عام من أجل المحافظة علي استقلال السلطة القضائية. وسيتقلص بدرجة كبيرة حجم من يطلق عليهم «حزب الكنبة»، بعد أن أدرك المتفرجون أن مصائب حكم الإخوان تعم الجميع ولن تسمح لأحد بالاستمتاع بالجلوس علي «الكنبة» طويلاً، وبعد أن عم الكرب والبلاء جموع المصريين علي أيدي نظام حكم الإخوان، ولن يكون أمام القوي السياسية المندمجة في جبهة الإنقاذ إلا الانصياع لإرادة الشعب، ولن يجرؤ أحد من الساسة علي القيام بدور وساطة، أو اقتراح حلول وسط تسمح لرئيس الجمهورية بالبقاء ولو إلي حين مثل اقتراح (إجراء انتخابات رئاسية جديدة)، حيث سيكون شرط رحيل مرسى هو الأساس الذي سيتمسك به جميع المتظاهرين والساسة. وبالتالى فإن أفكار التفاوض وإعطاء مهلة والتدرج في المطالب.. إلي غير ذلك من الحلول الوسط العرجاء التي يمكن أن تبقى علي حكم الإخوان ولو إلي يوم واحد، ستكون مرفوضة من قبل غالبية الشعب الذي لن يقبل عن رحيل نظام حكم الإخوان كله بديلاً.
أما في حالة بروز أعمال عنف من جانب الإخوان، فمن المتوقع أن يدافع المتظاهرون عن أنفسهم بعنف مضاد يتم خلاله إحراق مقار الجماعة في جميع المدن والأحياء، وإحراق الأتوبيسات التي ينقل بها الإخوان عناصرهم من المحافظات إلي القاهرة ومطاردة كل من يكتشف أنه من الإخوان أو حلفائهم في الشوارع وتسليمه للشرطة، وهو ما سيتحسب له الإخوان في المقابل بعدم الزج بكوادرهم في مواجهات مسلحة مع جماهير المعارضة المتفوقة في العدد، حرصاً علي كوادر التنظيم، ولكن في المقابل سيدفعون بمن اشتروهم وجندوهم من البلطجية وحلفائهم في الجماعة الإسلامية إلي الدخول في مواجهات مسلحة.
كما سيختلف أيضاً موقف الشعب المتظاهر في 30/6/2013 عن موقفه في 28/1/2011 من حيث التحسب لليوم التالي، ورسم خريطة طريق واضحة لمرحلة ما بعد رحيل الإخوان، فقد تسبب غياب خريطة عمل لما بعد سقوط النظام السابق، فى سرقة ثورة 25 يناير بواسطة الإخوان والجماعات السلفية، والوقوع في صراعات سياسية وأمنية مع المجلس العسكري السابق وقوات الجيش، فضلاً عن انهيار الشرطة، وضياع بوصلة الطريق، وكلها عوامل صبَّت في مصلحة الإخوان ومكنتهم من الوصول إلي السلطة.
أما في المرحلة القادمة بعد 30/6/2013 فإن لدي قيادات المتظاهرين قصوراً واضحاً لما ينبغي عمله، ويتمثل بعد رحيل الإخوان برئيسهم ووزرائهم ونوابهم ومحافظيهم... إلخ، في إنشاء مجلس رئاسى قد يرأسه رئيس المحكمة الدستورية ويضم ممثلين عن الجيش والشرطة والقوي السياسية المختلفة والائتلافات الثورية، وقد يشارك فيه ممثل عن كل من الأزهر والكنيسة، وسيحكم لفترة انتقالية قد تستمر من عام إلي عامين يتم خلالها تشكيل وزارة جديدة من شخصيات سياسية وبيروقراطية مستقلة، وإنشاء لجنة مصغرة من فقهاء الدستور غير الحزبيين لوضع دستور جديد للبلاد، ربما يكون معدلا لدستور 1971، وإجراء استفتاء شعبي عليه. وعلي أساس ذلك يتم الدعوة في انتخابات رئاسية ثم انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة جديدة تعكس تطلعات الشعب المصري نحو مستقبل أفضل.
وأعتقد أن واضعي الدستور سيسعون إلي النص علي عدم السماح بإقامة أحزاب على أسس دينية فى مصر، وتجنب إقحام الدين فى المسائل السياسية والتشريعية التى يشرعها ويعالجها ممثلوا الشعب طبقاً لحاجاته وأهدافه وبما يؤمن مصالحه، ولا يتعارض في ذات الوقت مع مبادئ وأسس الدين الإسلامي الحنيف.
أما القوي السياسية والحزبية والائتلافات الثورية، فقد اتفقوا علي حشد مؤيديهم للالتحام بالجماهير في اعتصامهم بالميادين وأمام قصر الاتحادية دون عودة حتي يتم إسقاط النظام الإخوانى، وتعهدوا بتوحيد كلمتهم والوصول إلي تصور جماعي واحد يكون محل توافق عام ينسجم مع أهداف وتطلعات المتظاهرين، مع السعي لتشكيل قيادة جماعية موحدة وموسعة، وعدم رفع أي أعلام حزبية باستثناء العلم المصري، مع رفض كل دعاوي الحوار التي ستقدمها الرئاسة وأي قيادة إخوانية أخري، ذلك أن إطلاق أي دعوة للحوار من جانب الإخوان هي بمثابة محاولة لاحتواء الغضب المتصاعد ضدهم لخوفهم من 30/6، فضلاً عما سيعطيه أي حوار مع الإخوان من انطباع للرأي العام بالرضا عن أدائها مما سينعكس سلباً علي أعداد المشاركين في التظاهرات، فضلاً عما سيسببه من (إحراق) لكل رجل سياسي يبدي استعداداً للتحاور مع الإخوان، وضياع شعبيته كما ضاعت شعبية أيمن نور -زعيم حزب الغد- الذي اختار أن يلعب علي جميع الحبال، ووسيطاً بين الرئاسة وجبهة الإنقاذ، حاضراً في كل المؤتمرات واللقاءات التي عقدتها الرئاسة، فخسر كل شيء وكاد أن يُسقط معه عمرو موسى بسبب استجابة الأخير لدعوة أيمن نور للعشاء مع خيرت الشاطر، لذلك كله اتخذت جبهة الإنقاذ قراراً منذ أسبوعين برفض أي دعوة للحوار، خاصة أن جبهة الإنقاذ، وما تمثله من قوي وأحزاب سياسية لن تستطيع مهما بذلت من جهد أن تنجح مرة أخري في حشد ملايين المصريين الذي سيحتشدون في 30/6، ولذلك سيتعين علي جبهة الإنقاذ أن تستغل هذه الموجة العارمة من حشود المتظاهرين لصالحها، وتتجنب اتخاذ أي موقف أو إعلان أو حتي تصريح قد يتسبب في إغضاب هذه الحشود.
أما ما تجادل به جماعة الإخوان من أن الدستور حدّد حالات إخلاء منصب الرئيس، وليس منها إجباره علي التنحي بواسطة المظاهرات المطالبة بذلك، فإن المحتشدين في 30/6 يردون علي ذلك بأن الشعب فوق الدستور، وأن الشعب مصدر السلطات ومنشئ الدستور نفسه، وله الحق في سحب ثقته من الرئيس، وإن جاء عبر صناديق الانتخاب، لأنه أخلَّ بعهوده التي قطعها للشعب عندما تقدم بالترشح لهذا المنصب، ولم يوف بأي وعود أعطاها، بل نكث علي قسمه برعاية مصالح الشعب والوطن.
ثانياً: موقف جماعة الإخوان
عند تحليل الموقف المتوقع من جانب الإخوان في 30/6، فإننا يجب أن ننطلق من عدة مسلمات لا يختلف عليها أحد -سواء إخواني أو معاد للإخوان- وهي علي النحو التالى:
1- أن الإخوان بعد 85 سنة من سعيهم للوصول إلي السلطة والحكم باتباع جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة، قد تحقق لهم هذا الهدف بالفعل العام الماضى، وبالتالى فليس من السهل عليهم أن يتنازلوا عما تحقق لهم بوصول مرسى إلي منصب رئيس الجمهورية، وما حققوه أيضاً في ظل سنة من حكمه من أخونة العديد من سلطات الدولة وهياكلها، رغم تعذّر ذلك عليهم حتي اليوم في سلطات الجيش والقضاء.. ومن ثم فمن البديهي أنهم سيقاتلون بقوة وشراسة من أجل المحافظة علي مكتسباتهم هذه، ولن يستسلموا لمطالب المتظاهرين في 30/6 بسهولة.
2- سيعتمد الإخوان علي أسلوب المناورة والنفس الطويل، بمعني أنهم قد يعمدون لتقديم تنازلات محدودة فيما يتعلق بقبول تغيير الوزارة وعودة النائب العام السابق، وتعديل المواد المختلف عليها في الدستور، وقد يصلون في مناوراتهم إلي الموافقة علي إلغاء الدستور وحل مجلس الشورى، والدعوة إلي انتخابات رئاسية مبكرة خلال سنة.. إلي غير ذلك من قائمة المطالب الشعبية، إلا أن ذلك سيقابل من المتظاهرين بالرفض والإصرار علي تنحي الرئيس.. ولأن الإخوان يدركون جيداً حقيقة سياسية مهمة وهي أن «نفق التنازلات لا نهاية له» وهو ما عبر عنه مرسي في لقائه الأخير مع مستشاريه عندما عرضوا عليه مقترحات بتقديم بعض التنازلات، فأجابهم: «إن مبارك قدَّم تنازلات مماثلة، ومع ذلك أصروا علي رحيله ورحل، ولو قدمت تنازلات سيطالبون بالمزيد، لذلك لن أقدم تنازلات حتي لا تفهم المعارضة أنني أخاف منهم». وفي هذا الصدد قد يلجأ الإخوان إلي الأحزاب المتحالفة معهم، أو التي تمثلهم ولكن تحت غطاء حزبى آخر مثل حزب الوسط وحزب النور للقيام بالوساطة، إلا أن أياً من هذه الأحزاب التي انكشفت حقيقتها بأنها تابعة للإخوان أو وجه آخر لهم، ستكون جميع مبادراتها مرفوضة من قبل المتظاهرين الذين سيصرون علي التنحي أولاً وفوراً.
3- إن أهم شيء سيحرص الإخوان علي المحافظة عليه في مواجهة الثورة الشعبية، هو «التنظيم» سواء الدولى الأوسع أو التنظيم المحلي داخل مصر، وأعني به كوادر الإخوان التي نجحوا في بنائها عبر 85 عاماً في القري والنجوع والمراكز والمدن والنقابات المهنية والعمالية والفلاحية، والخلايا النائمة في الشرطة والجيش والمخابرات والقضاء... إلخ، هذا الهيكل التنظيمي هو الأهم في نظر الإخوان، وسيعملون جاهدين علي المحافظة عليه ومنع كشفه أو هدمه، حتي وإن ضحي الإخوان في سبيل ذلك بمنصب رئيس الجمهورية، وهم علي استعداد لذلك من أجل بقاء التنظيم، حتي إن لجأوا مرة أخري إلي العمل تحت الأرض، فهو سيكون وسيلتهم للعودة مرة أخرى.
4- يدرك الإخوان حقيقة أخري مهمة، وهي أنهم طوال فترة صراعهم من أجل الوصول إلي السلطة عبر 85 عاماً الماضية، كانت المواجهة تنحصر بينهم وبين السلطات الحاكمة من أجهزة أمن وشرطة، وكان الإخوان يلقون تعاطفاً شعبياً بسبب معاناتهم في السجون، واعتقاد الناس بأنهم مظلومون وأصحاب عقيدة، ومن هنا جاء تعاطف جماهير الناس المخدوعة معهم. أما اليوم وحتي 30/6 وما بعده فإن المواجهة هي بين الإخوان والغالبية العظمي من الشعب المصري الرافضة لهم والتي لم تعد تنخدع في صور الدجالة بالدين التي يمارسونها، وحتي قوي الجيش والشرطة المفترض خضوعهم لسلطة الرئاسة وتنفيذ قراراتها وتعليماتها، أعلنوا انحيازهم للشعب وعدم تنفيذ أي أوامر تضعهم في مواجهة مع الشعب، لذلك فإن صراع الإخوان القادم سيكون مع أغلبية الشعب المنحاز لها الجيش والشرطة أيضاً، وهم في ذلك سيكونون في موقف أشبه بموقف الرئيس السابق مبارك في 10 فبراير 2011 عندما خرجت الشرطة من الصورة، وانحاز الجيش للشعب، ولم يعد أمامه سوي التنحي، لذلك سيعتمد الإخوان في صراعهم القادم أساساً علي قواهم الذاتية (ميليشياتهم التي تم بناؤها وتربيتها عسكرياً تحت وفوق الأرض)، وحلفائهم المخلصين من جماعات التيار الإسلامي وأبرزها (الجماعة الإسلامية)، فضلاً عن حماس والجماعات التكفيرية التابعة للقاعدة خاصة في سيناء.
وفي ضوء هذه المسلمات يتوقع أن يتبع الإخوان مساراً من اثنين: إما التراجع والتسليم بمطالب الشعب، أو الدخول في مواجهة وصراع مسلح مع جميع القوي الشعبية والسياسية الرافضة لهم.
السيناريو الأول: أعني به الانسحاب والتراجع والانصياع لمطالب الشعب، وأبرزها رحيل رئيس الجمهورية وحل جميع هياكل السلطة الإخوانية في الدولة، ولن يلجأ الإخوان إلي هذا السيناريو إلا إذا أدركوا يقيناً فشل كل مناوراتهم من أجل إجهاض تظاهرات 30/6 مبكراً (وأبرزها مهرجان الاستاد للدعوة إلي نصرة الشعب السورى، ومظاهرات الأزهر الداعية إلي الزحف نحو القدس... إلخ. وأيضاً فشلهم في تصدير الشائعات والخوف والفزع والقلق إلي الجماهير المعارضة، ومن هذه الشائعات التي تم تداولها أخيراً نزول 30.000 حمساوى لمناصرة الإخوان بالسلاح في مواجهة الجماهير الثائرة.
كذلك فشل وساطات ومبادرات الأحزاب التابعة لهم في إثناء المتظاهرين عن مطالبهم، وأيضاً فشل رهان الإخوان علي عامل الزمن، واعتقادهم مخطئين أن صبر المتظاهرين علي استمرار الاحتشاد في الميادين سينفد، حيث سيفاجأ الإخوان باستمرار تحشد الجماهير، بل وزيادة زخم التظاهرات، وبما قد يؤدى إلي محاصرة جميع مقار الحكم (الرئاسة في الاتحادية، والوزارة ومجلس الشورى، والمحافظات، وقيام المتظاهرين بقطع المياه والكهرباء عن هذه العقار)، فضلاً عن انضمام قوي الجيش والشرطة والقضاء للمتظاهرين، هذا إلي جانب فشل ما سيمارسه الإخوان من اختبارات قوة تدفع بعض عناصرهم إلي الاحتكاك بجماهير المتظاهرين لاختبار قوة تصديهم لأعمال العنف ومبادلتهم بعنف مضاد أشد قوة وشراسة من جانب المتظاهرين، مع استمرار صمودهم. وعندما يصل إدراك الإخوان لهذه الحقائق، وأن اللجوء إلي العنف سيسبب لهم مزيداً من الخسائر، خاصة علي صعيد خسارة التنظيم. وأن موجة القوة الشعبية الهادرة أقوى من الاحتواء، وأن لا فائدة من وراء الاعتماد علي حلفائهم من السلفيين وحماس، كما أن الرهان علي موقف أمريكي مساند للجماعة سيتضح أيضاً أنه رهان خاسر، عند ذلك سيلجأون إلي التراجع المنظم والانصياع لمطالب المتظاهرين، وسينحصر مطلب الإخوان فقط في السماح لهم بخروج آمن لقياداتهم في المقطم (مجلس الإرشاد) إلي دول أخري غالباً ما ستكون قطر. وهذا السيناريو يجنده عدد من قيادات مكتب الإرشاد.
السيناريو الثانى: اللجوء إلي العنف والدخول في مواجهات وصراعات مسلحة من جميع قوي الشعب، وهذا السيناريو يطالب به أعضاء آخرون في مكتب إرشاد الجماعة، الذين يعتبرون أن الاستسلام لمطالب الجماهير سيؤدى إلى انهيار وفقدان الجماعة كلما بنته وصبرت عليه طوال 85 عاماً، وخسارة ما وصلت إليه من تمكين فى معظم سلطات الدولة، وهو ما يفرض بالتالى على الجماعة أن تقاوم بشدة، وألا تستسلم أو تصمت أو تتراجع، وبالتالي عليهم أن يقاوموا بكل عنف وقوة حفاظاً ليس فقط علي الجماعة ولكن على رقابهم مهما كان الثمن، حتي وإن أدى الأمر إلي دفع البلاد إلي الفوضي، فإن من خلالها قد يمكن للجماعة أن تنجو وتحقق أهدافها، بل لقد دعا بعض قادة الجماعة إلي عدم الانتظار حتي يحل 30/6
بل ينبغي التعجيل بتوجيه ضربة استباقية تبدأ بإعلان الطوارئ، واستيلاء ميليشيات الجماعة ومناصروها علي المنشآت المهمة واحتلالها ورفض دخول الشرطة والجيش فيها، وأبرزها الرئاسة، ورئاسة الوزراء، ومجلس الشورى، والتليفزيون، ومراكز الإرسال في أبو زعبل وغيرها، فضلاً عن احتلال محطات القوي ومقار المحافظات، والسيطرة علي المواصلات والطرق الرئيسية، والمنشآت الاستراتيجية المهمة والكبارى... إلخ، وذلك قبل أن يحتلها الجيش والشرطة، مع الاستعداد للدخول في مواجهات مسلحة مع وحدات الجيش والشرطة إذا ما حاولوا استعادة السيطرة عليها، وبما يؤدى إلي وقوع بلبلة وارتباك في صفوف المناهضين للإخوان، وأيضاً في الرأي العام الداخلي والخارجى. يدخل في هذا الإطار القيام بعمليات اغتيال شخصيات مهمة تزيد من حالة الارتباك، وقد يقترن هذا بادعاء كشف مؤامرة لاغتيال الرئيس وقتل عناصر من الإخوان أو خطفها، وبما يعطي المبرر لإعلان الأحكام العرفية في البلاد أو الطوارئ وفرض حظر تجول وبما يسهل علي ميليشيات الجماعة وحلفائها تأمين سيطرتهم علي الأهداف الاستراتيجية للدولة، يقترن بهذه الطريقة الاستباقية استصدار أوامر من النائب العام بالقبض علي عناصر رئيسية في أحزاب المعارضة والائتلافات الثورية وحركة تمرد بهدف إرهاب القواعد الشعبية التي ستؤسس للتظاهر والاعتصام في 30/6، وتفريغهم من قياداتهم، فضلاً عن تخويف وإرهاب الأحزاب والتنظيمات الإسلامية التي خرجت عن طاعة الإخوان -مثل حزب النور- وإعادتهم إلي الحظيرة الإخوانية، وفي هذا الإطار من السيناريو ليس من المستبعد إعلان إقالة وزير الداخلية بدعوى فشله في تأمين البلاد، وإحلاله بضباط شرطة آخرين أكثر طاعة للإخوان وأقدر علي السيطرة علي جهاز الشرطة ويتوقع أن يقترن ذلك باستصدار قرارات رئاسية بتغيير الحكومة واستبدالها بحكومة إخوانية كاملة أكثر قوة وشراسة في مواجهة القوي المعارضة، وقد يمتد الأمر إلي تجميد أعمال المحكمة الدستورية وإقالة أعضائها، واستصدار قوانين من مجلس الشوري بإنشاء محاكم ثورية لمحاكمة معارضي الإخوان بدعوي أنهم يشكلون عناصر الثورة المضادة، وبالطبع سيحرص وزير الإعلام الإخواني علي توظيف ما تحت أيديه من وسائل إعلام الدولة لخدمة أهداف الإخوان في هذه المرحلة، من ذلك التركيز علي فكرة قيام قوي المعارضة بالتآمر علي الدولة، والعمالة لدولة أجنبية، وتبرير القرارات والقوانين التي سيتخذها النظام الإخوانى، وبالقطع ستفتعل جماعة الإخوان أحداثاً قد تصل إلي مستوي القتل والتخريب وإلصاقها بالمعارضة لتبرير كل ما سيتخذه الرئيس من قرارات وما سيصدره مجلس الشورى من قوانين، وسيقترن بهذا كله سيطرة الإخوان وحلفائهم -وأبرزهم الجماعة الإسلامية وجماعة حازم أبو إسماعيل- علي مدينة الإعلام ومقار الفضائيات المعادية للإخوان، ومنعها من العمل وفرض حظر إرسال عليها، حتي لا تتمكن من بث ونشر حقيقة ما يرتكبه الإخوان من جرائم بالصوت والصورة، وإبراز آراء المحللين المعارضين للإخوان، ناهيك بالطبع عن إيقاف جميع الصحف المعارضة.. مثل الدستور والوطن والوفد... إلخ.
أما علي صعيد الاشتباكات مع المتظاهرين، فقد تقوم ميليشيات الإخوان وحلفاؤهم بفتح النيران عشوائياً ضد المتظاهرين في الميادين العامة بالمدن الكبرى لإرهابهم وفض حشودهم بالقوة، وهو ما لا يملك المتظاهرون إزاءه سوي الرد علي هذا العنف بعنف مضاد أشد وأقوى، حيث ستحدث دماء المعارضين المهدرة في الميادين ثورة عارمة وغضبة شديدة ستستهدف قتل كل من سيواجهونه من الإخوان أو السلفيين، فضلاً عن تدمير جميع مقارهم في جميع المدن والأحياء، حيث سيولد الدم مزيداً من الدم بين المتظاهرين والإخوان إلي أن يتدخل الجيش ويوقف بقواته ماكينة العنف والعنف المضاد، نسأل الله ألا تعمل من البداية، ويجنب مصر سفك دماء أهلها.
وسيكون الإخوان علي استعداد بالطبع لإنفاق ملايين الجنيهات من أجل استقطاب البلطجية وأطفال الشوارع للقيام بأعمال قتل وعنف ضد المتظاهرين، وسيحرص الإخوان أيضاً من جانبهم إعلامياً علي إلصاق هذه التهم بوحدات الشرطة والجيش لإثارة الشعب ضدهم، وقد يرتدى بعض ميليشيات الإخوان وحلفاؤهم ملابس رجال الجيش والشرطة لإحباك مؤامراتهم بإلصاق تهم العنف للجيش والشرطة، بل قد يلجأ الإخوان إلي احتلال بعض المنشآت العسكرية وأقسام الشرطة ومقار المخابرات العامة وغيرها من منشآت أمنية، تطبيقاً للسيناريو السوري عندما قام فرع الإخوان في سوريا (جيش النصرة) باحتلال هذه المنشآت في المدن السورية.
إلا أن بعض العاقلين في مكتب إرشاد الإخوان ممن أدركوا خطورة هذا السيناريو، ليس فقط بالنسبة لجماعة الإخوان في مصر بالنظر للنتائج السلبية المتوقعة لمواجهات العنف والعنف المضاد بين ميليشيات الجماعة والجماهير المعارضة لها، خاصة إذا ما دخل الجيش والشرطة إلي جانب الشعب في هذه المواجهات، ولكن أيضاً وهو الأخطر نتائج هذه المواجهات علي سمعة وموقف باقي أفرع الإخوان في الدائرتين الإقليمية والدولية حيث الدول العربية والإسلامية، سواء التي خضعت لحكم الجماعة مثل تونس وتركيا والسودان، أو التي لاتزال تحت حكم نظم ليبرالية، حيث ستكتشف حكومات وشعوب جميع هذه الدول الوجه القبيح للإخوان وخطورة وقوعها تحت حكم جماعات الإخوان المتواجدة في أراضيها، وتسعي بدورها للسيطرة علي الحكم، الأمر الذي سيدفع هذه الدول لوقاية نفسها من هذا الشرر بتوجيه ضربات وقائية مبكرة ضد جماعات الإخوان في هذه البلاد، وبما ينهي فرص سيطرتها علي الحكم سواء بأساليب مشروعة (صندوق الانتخابات) أو بأساليب غير مشروعة، ناهيك عن المردودات السلبية لذلك علي الساحة الأمريكية والأوروبية، حيث من المحتمل في ضوء نتائج أعمال العنف التي سيمارسها الإخوان في مصر، أن تصنف جماعة الإخوان دولياً كجماعة إرهابية وتصدر أحكام دولية بمصادرة أموالها في الخارج، إلي غير ذلك من عقوبات سياسية واقتصادية ضدها، وهو ما سيؤدى تلقائياً إلي انكشاف وانهيار تنظيمات الإخوان في مختلف دول العالم. ومن مظاهر التخوف والقلق من هذا الاحتمال قيام التنظيم الدولي للجماعة بإرسال راشد الغنوشى زعيم الإخوان في تونس إلي القاهرة أخيراً لمحاولة التفاهم بين الإخوان والقوي السياسية المعارضة، فكان رد الأخيرة: «فات الميعاد». وعندما التقى الشاطر مع عمرو موسى في العشاء المسموم بمنزل أيمن نور، وقال الشاطر «إنهم ليسوا مثل نظام مبارك الذي سقط خلال 18 يوماً»، فكان رد موسي «إن سقوط جماعة الإخوان سيكون بعد 3 أيام فقط من احتشادات الجماهير في 30/6»، كذلك تأكدت حالة الرعب والقلق والتوتر التي تعيشها قيادة جماعة الإخوان، من المعلومات التي انتشرت حول تسفير عائلاتهم إلي خارج مصر، وأيضاً تحويل أموالهم إلي الخارج وإخلاء مقار الجماعة في المقطم والأحياء والمدن من الوثائق والمستندات المهمة تحسباً لمهاجمتها بواسطة المتظاهرين، وعدم قدرة الجماعة علي الدفاع عنها بالنظر لرفض الشرطة الدفاع عن مقار الجماعة، ثم ترك الجماعة لشبابها في مواجهة الشعب، وهو ما كشفه الكثير من هذا الشباب، وأدى إلي ابتعاده عن الجماعة.
ثالثاً: موقف التنظيمات المتحالفة مع الإخوان
ونعني بهم بعض -وليس كل- الحركات السلفية وحركة حماس، فمن المعروف أن حزب النور نقض تحالفه مع الإخوان بعد أن أدرك خداعهم للسلفيين، فلم يعطوه عند توزيع المناصب بعد استيلائهم علي السلطة سوي الفتات، ولذلك رفضت الدعوة السلفية وحزب النور المشاركة في المليونية التي دعا لها الإخوان في 21/6 لدعم مرسى.. وأعلنوا معارضتهم لسياسات مرسي والحكومة الحالية وممارسات مجلس الشورى. ولم يتبق من التنظيمات السلفية المتحالفة مع الإخوان سوي الجماعة الإسلامية، وجماعة حازمون تقريباً، وطبقاً لرؤية نبيل نعيم زعيم تنظيم الجهاد لا يستطيع أي من هاتين الجماعتين أن يحشد أكثر من 10.000 شخص على أقصى تقدير،
ومن المتوقع أن يتمركزوا في مناطق محددة بعيداً عن الحشود الجماهيرية المعارضة وأن يتجنبوا الدخول في مواجهات عنيفة معها محسوم نتائجها مسبقاً لغير صالح هاتين الجماعتين، لذلك يتوقع أن يقتصر تواجد جماعة «حازمون» علي محاصرة المدينة الإعلامية في 6 أكتوبر ومؤقتاً، حيث من المتوقع أن تطردهم قوات الشرطة من هناك، في ضوء تصفية حسابات قديمة بينهما. أما الجماعة الإسلامية والتي لاتزال متمسكة بتحالفها مع الإخوان، ورغم التهديدات التي يطلقها عصام أبو ماجد ويتوعد بها المتظاهرين في 30/6 بأعمال عنف «لم تر مصر لها مثيلاً من قبل» علي حد قوله، فإن تقديرات نبيل نعيم تؤكد أن الجماعة الإسلامية لن يكون باستطاعتها حشد أكثر من 5000 إلي 8000 من أتباعها، وسيتمركزون أيضاً في أحد الميادين، ولن يقدموا علي التورط في أعمال عنف ضد متظاهرى 30/6 خوفاً علي حياتهم، وأن تهديدات عصام أبو ماجد مجرد تهديدات جوفاء بهدف التخويف لا أكثر. وبالتالى وفي ضوء تقلص تأييد المصريين لنظام حكم الإخوان إلي أدنى من 14٪ (طبقاً لاستقصاء مركز ابن خلدون، أما مؤسسة (زغبى) الأمريكية فقد أكدت انخفاض شعبية مرسي إلي 28٪ فقط)، فإنه ليس من المتوقع أن يحشد المتحالفون للإخوان أكثر من 20000 - 30000 مناصر لهم علي أقصي تقدير، وهو ما لن يكون باستطاعته مواجهة حشود الملايين من المصريين المعارضين لحكم الإخوان، ويتبقي من القوي المتحالفة مع الإخوان حركة حماس والجماعات الجهادية التابعة للقاعدة في سيناء. أما حماس فقد شهد زعماؤها بأم أعينهم عند زيارتهم الأخيرة للقاهرة، حجم المعارضة والرفض المصري لمجرد ذكر اسم حماس أو تواجد أي من أعضائها علي أرض مصر
وبالتالى فإن محاولة الإخوان الاستقواء بمقاتلى حركة حماس، ونزولهم إلي شوارع وميادين مصر لمقاتلة جماهير الشعب المحتشدة ضد الإخوان، سيحكم عليها بالفشل، لاسيما لو وقع أحد من حماس في أيدى المتظاهرين واكتشفوا حقيقة هويته، ففضلاً عن التمثيل به فإن ذلك سيعد نهاية لعلاقات حماس مع مصر في ظل مرحلة ما بعد الإخوان، وهو ما لا تقوى حماس على تحمله بعد عزلتها الدولية والاقليمية بعد أن تخلت عنها ايران وسوريا، وهو ما تمثل في عدم قدرة حماس على ايجاد بلد عربي يقبل بلجوء زعيمها خالد مشعل اليه، اما ما يشاع عن ارسال حماس 3000 - 5000 مقاتل من كتائب القسام الى سيناء ومنها الى داخل مصر، فأعتقد أن تواجد مثل هذا العدد من حماس على أرض سيناء - مع افتراض تصديق ذلك - لن يكون بعيداً عن عيون المخابرات العسكرية المنتشرة في سيناء، وغيرها من الأجهزة الأمنية وبالتالي فإن التحسب له ومحاصرته في سيناء قبل عبورهم قناة السويس إلى الداخل، فضلاً عن مطاردتهم واعتقالهم داخل سيناء نفسها، سيكون من المهام الرئيسية لقوات الجيش والشرطة وسيناء ومنطقة القناة، وبالتالي فإن ما يقال عن احتمال ارسال الآلاف من حماس الى داخل مصر لمناصرة الاخوان، هو على سبيل التخويف لا أكثر من ذلك، وذلك في اطار لعبة «تصدير الخوف» التي تحسن جماعة الاخوان ممارستها.
رابعاً: موقف الشرطة
مما لا شك فيه أن جهاز الشرطة قد استوعب جيداً درس 25 يناير 2011، وهو ما انعكس في قرارات مجلس ادارة نادي ضباط الشرطة بعدم الدفاع عن مقار جماعة الاخوان وحزبها، أو أي من الاحزاب السياسية الأخرى، وأن دورها في 30-6 وما بعده سينحصر في الانحياز للشعب، والدفاع عن منشآته الحيوية، فضلاً عن الدفاع عن مديريات الأمن واقسام الشرطة ومراقبة الحدود، ولن يسمحوا للاخوان ولا غيرهم من الجماعات الدائرة في فلكهم ولا للبلطجية التي يستأجرها الإخوان أن يقتحموا أياً من مقار الأمن ولا الشرطة، كما لن يسمحوا باختراق الاخوان لصفوف الشرطة.
وقد عبر اللواء صلاح زيادة - المتحدث الرسمي باسم ضباط الشرطة - عن موقف التحام الشرطة مع الشعب في تصريحه الذي قال فيه «إننا لن نترك مصر يعتدي عليهما أحد»، موجها رسالة الى الشعب المصري قال فيها: «عدنا الى أحضانكم ولن نسمح لكم أو لنا بأن نبتعد عن بعضنا مرة ثانية، وسنحمي الشعب بدمائنا، ولن نسمح لأحد بالاعتداء عليه، وإننا على ثقة بأن الشعب سيقف خلف الشرطة التي هى ملك له، وأن اخطاء الماضي لن تتكرر مرة أخرى».
كما عبر الكثيرون من ضباط الشرطة في مناسبات تشييع جنازات ضباط الشرطة الشهداء عن رفضهم نظام حكم الاخوان، وهو ما انعكس وهتافاتهم بسقوط نظام المرشد ومرسي، ومواجهة وزير الداخلية بوابل من السباب والشتائم وقد أكد عدد كبير من شباب ضباط الشرطة أن تظاهرات 30-6 ستشهد ولأول مرة اتحاداً في صفوف الشرطة والشعب لأن مطالبهم أصبحت واحدة، ألا وهى اسقاط نظام حكم الإخوان الفاشي وأن محاولات الإخوان لتفتيت جهاز الشرطة والتسلل اليه، سواء من أعلى بتعيين لواءات تابعين للجماعة على رأس الجهاز، أو من أسفل من خلال قبول أبناء الاخوان في كلية الشرطة ومعاهد تدريب أمناء الشرطة، كل ذلك محكوم عليه بالفشل لأن ضباط الشرطة الأحرار لن يسمحوا بذلك لها.
خامساً: موقف الجيش
لقد كان ولا يزال موقف القوات المسلحة المعلن بواسطة قادتها ومتحدثها الرسمي واضحاً تماماً والانحياز الكامل إلي الشعب وهو ما انعكس بوضوح شديد في تصريحات وزير الدفاع ورئيس الأركان، خاصة تصريحات الأخير في دبي منذ شهرين التي قال فيها: «إننا نراقب جيداً ما يجري علي الساحة المصرية وما يتعلق بها في الخارج ولن نسمح أبداً بانهيار مؤسسات الدولة أو وقوع أحداث عنف تسيل بسببها دماء المصريين وسنكون عند رغبة الشعب خلال ثوان عندما يطلبنا».. وهو التصريح الذي أثار قيادات الإخوان وأعربت عن رغبتها في إقالة رئيس الأركان من منصبه، إلا أن وزير الدفاع الفريق أول السيسي وقادة القوات المسلحة الآخرين تصدوا جيداً لهذا اللون من العبث بالقوات المسلحة وحذروا من اللعب بها أو معها لأنها - علي حد تعبير وزير الدفاع - «نار تأكل وتحرق من يحاول ذلك».
كما حذرت القوات المسلحة جماعة الإخوان وحماس من عقد أي ترتيبات مريبة تخل بأمن البلاد في 30/6 وأكدت أنه سوف يتم التعامل مباشرة مع أي ميليشيات مسلحة وسحقهم في الحال مع أول بادرة عنف من جانبهم، هذا إلي جانب توجيه إنذار صريح لجميع قادة حماس حال تواجدهم الأخير في القاهرة، بأن القوات المسلحة لن تسمح مرة أخري بتكرار الأحداث التي وقعت في 25 يناير عندما نزلت عناصر من حماس واقتحمت السجون المصرية، وتوغلت في سيناء، لأن القوات المسلحة في سيناء لن تفرق بين عناصر حماس والإرهابيين التابعين لتنظيم القاعدة في سيناء، في مطاردتها للجميع، مع استمرار عمليات هدم الأنفاق، وقد انعكس موقف القوات المسلحة بالنسبة لحماس واضحاً في رفض الفريق السيسي لقاء أي من قادة حماس رغم ضغط الرئاسة.
وفي نفس الوقت فإن الأجهزة الأمنية في القوات المسلحة تراقب جيداً تحركات وأنشطة جماعة الإخوان وحلفائها في تحريك وحشد عناصر تابعة لهم، وتجنيدها لمواجهة متظاهري 30/6، وما ينفق من أموال لشراء البلطجية وأطفال الشوارع، وعمليات نقل وتخزين الأسلحة والمتفجرات في بعض الشقق والجراجات التي استأجرتها جماعة الإخوان، كما ستحرص القوات المسلحة على إغلاق المعابر علي قناة السويس لمنع عناصر تكفيرية من حماس بالانتقال من سيناء، إلي داخل مدن الوادي، فضلاً عن إغلاق المعابر والأنفاق المتواجدة في منطقة رفح وتستخدمها حماس والمنظمات التكفيرية في الحركة بين غزة وسيناء، وتأمين المنشآت الاستراتيجية والمرافق العامة.
ومع تمسك قيادة القوات المسلحة بمبدئها المعلن حول عدم التورط في النزاعات السياسية الداخلية، وعدم النزول إلي الشارع حرصاً علي تماسك القوات المسلحة، وحتي لا ينتقل إلي صفوفها حالة الانقسام المجتمعي الحالي في الساحة المصرية بين من يسمون أنفسهم بالتيار الإسلامي، وآخرين ليبراليين ورافضي حكم الإخوان ونظام الحكم الديني، وتأمين مداخل ومخارج العاصمة والمدن الكبري في المحافظات، خاصة مخارج ومداخل القاهرة والإسكندرية، ووجود عسكري مكثف علي الطرق الصحراوية، وذلك لتفادي دخول عناصر غير مصرية، أو مصرية مسلحة، وقد تم بالفعل تدريب وحدات متخصصة لهذه المهمة علي تنفيذها، مع إعطاء اهتمام خاص لتأمين مقار وزارتي الدفاع والداخلية والسفارات المهمة والبنوك والمطارات.
وأيضاً حتي لا تدخل قوات الجيش في مواجهة مع ميليشيات مسلحة تسال فيها دماء المصريين من الجانبين، إلا أن القوات المسلحة سيتحتم عليها التدخل عندما يصل الأمر إلي وقوع أحداث عنف تزهق فيها الأرواح وتسال فيها الدماء، وتنتشر أعمال تخريب وتدمير في منشآت عامة وخاصة، ويتهدد عندها كيان وهياكل الدولة والأمن القومي المصري
سيكون هذا التدخل بطلب من جماهير الشعب في المقام الأول، وليس بطلب من الرئيس، وسيكون التدخل بهدف إيقاف أعمال العنف والفصل بين جماهير الشعب والميليشيات المسلحة واعتقال الأخيرة وحماية المنشآت الاستراتيجية، وفي هذا الصدد سيقيم الجيش نقاط حراسة وأكمنة، وتسيير دوريات مرور في المناطق المهمة، ومواقع تمركز وحدات عسكرية صغري وتأمين مداخل ومخارج العاصمة والمدن الكبرى في المحافظات، خاصة مخارج ومداخل القاهرة والإسكندرية، ووجود عسكرى مكثف على الطرق الصحراوية، وذلك لتفادى دخول عناصر غير مصرية، أو مصرية مسلحة. وقد تم بالفعل تدريب وحدات مخصصة لهذه المهمة على تنفيذها، مع إعطاء اهتمام لتأمين مقار وزارات الدفاع والداخلية والسفارات المهمة والبنوك والمطارات.. إلخ.
وإذا ما طلب رئيس الجمهورية نزول الجيش في الشارع فإن استجابة قيادة الجيش لذلك ستربط بضرورة سحب الإخوان وحلفائهم لميليشياتهم من الشارع نهائياً، وقد يتطلب تصاعد أعمال العنف فرض حظر التجول أو إعلان الأحكام العرفية تحت إشراف الجيش.
وفي جميع الحالات ورغم حرص الجيش علي عدم النزول إلي الشارع للأسباب المذكورة آنفاً، إلا أن قيادات الجيش لن يكون بإمكانها رفض الطلبات الملحة من قبل الشعب للنزول للشارع لحماية جماهير المتظاهرين من أعمال العنف التي يمارسها الإخوان وحلفاؤهم، خاصة إذا ما تفاقم الموقف، ذلك أن قيادات الجيش لا تملك رفاهية رفض مطالب الشعب بالتدخل حينذاك، وحتي لا تجلب علي نفسها غضب وعداء وثورة جماهير الشعب ضد القوات المسلحة، وهي الحريصة علي كسب تأييدها وتعاطفها، وأيضاً - وهو الأخطر - حتي لا يحدث انقسام داخل صفوف الجيش بين أغلبية ضباط تطالب بالتدخل لتلبية مطالب الشعب والدفاع عنه وبين أقلية قد ترفض ذلك حرصاً علي عدم توريط الجيش في ما ليس من مهامه ولا اختصاصه.
سادساً: موقف الولايات المتحدة
مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة - طبقاً لتصريحات قيادات في الإدارة والكونجرس والمخابرات المركزية - أدركت خطأ تقديراتها حول قدرة جماعة الإخوان علي الإمساك بزمام أمور الدولة المصرية، وكذب تقارير السفارة الأمريكية بالقاهرة التي أفادت بتمتع الإخوان بتأييد شعبي، حيث أثبتت الأحداث عكس ذلك تماماً، وأن أغلبية المصريين رافضون لحكم الإخوان، وقد انعكس هذا التراجع في الموقف الأمريكي من الإخوان في امتناع الرئيس أوباما عن زيارة مصر أثناء جولته الأخيرة بالمنطقة، ورغم إلحاح قيادات الإخوان علي ذلك.
لذلك من المتوقع أن تستمر أمريكا في مراقبة الموقف قبل وأثناء وبعد 30/6، وإذا تصاعد الرفض الشعبي للرئيس مرسي وإلحاح الجماهير علي رحيله هو وجماعته، مع بروز أعمال عنف أن تتخذ أمريكا نفس الموقف الذي اتخذته من الرئيس السابق مبارك بضرورة استجابة مرسي لمطالب الجماهير بالرحيل، مع تأييد إنشاء مجلس رئاسي لإدارة البلاد في الفترة الانتقالية التي يتم خلالها إعادة بناء مؤسسات الدولة علي أسس ديمقراطية.
وليس من المتوقع أن تؤيد أمريكا أي إجراءات عسكرية من جانب إسرائيل في سيناء إذا ما أرادت الأخيرة استغلال الموقف الداخلي في مصر باحتلال أجزاء من سيناء بدعوي الدفاع عن متطلبات الأمن الإسرائيلي.
خلاصة القول
إذا نجحت تظاهرات المصريين في 30/6 في الصمود عدة أيام وقد تصل الي أسبوع ولم يستجب المتظاهرون لتحرشات الإخوان وحلفائهم، فإن هذا النجاح سيعني نهاية النهاية بالنسبة لجماعة الإخوان وحلفائهم علي أرض مصر وانسحاب ذلك في باقي فروع الإخوان من دول العالم وقد برز دليل واضح علي النجاح المتوقع للمظاهرات في رفض جماهير المحافظات قبول المحافظين الإخوان الذين تم تعيينهم مؤخرا بل ومنعهم من دخول مكاتبهم، ومن ثم فإن 30/6 يعتبر في نظر كثيرين من المصريين معركة «أن تكون أو لا تكون».
إن نزول حشود ضخمة للمعارضين المصريين لنظام حكم الإخوان يعني ضمنيا سحب الشرعية الدستورية من رئيس الجمهورية وحكومته ومجلس الشوري وسائر المؤسسات التي سيطر عليها الإخوان مثل الوزراء والمحافظين والنائب العام ومجلس الشوري فإذا ما عاند الرئيس ورفض التنحي فإن ذلك سيعني تحول التظاهرات الي عصيان مدني في جميع محافظات مصر واعتصامات متوالية حتي يتم إسقاط كامل هياكل نظام الحكم الإخواني، ولابد أن تأتي لحظة سيستسلم عندها رؤوس هذا النظام بعد أن يتم استهلاك جميع وسائل وأساليب المناورة التي سيتبعها الإخوان بما فيها فشل أعمال العنف في إثناء المصريين عن إصرارهم في الإطاحة بالنظام الإخواني وزيادة زخم المظاهرات المعارضة لهذا النظام وانحياز الجيش والشرطة لجماهير الشعب وارتكاب الإخوان جريمة إهدار دماء المصريين وهي التي يعتبرها الدين من الكبائر التي ينبغي أن يحاسب عليها مرتكبوها حسابا شديدا مع بروز عدم دعم أمريكا للإخوان ومطالبة الرئيس بالاستجابة لمطالب شعبه، لذلك فإن 30/6 لن يكون يوماً، ولكن بداية معركة قد تطول عدة أيام بل وأسابيع، ولن تنفع التهديدات التي أطلقها قادة الإخوان وحلفائهم في إخافة أو ترويع المصريين، بل من المؤكد أن يتحول الخوف لديهم إلى (استبياع) وترحيب بالمواجهة مهما كانت نتائجها، فلن يخسر المصريون أكثر مما خسروا على أيدى الإخوان، خاصة وأن يوم 30/6 قد لا يتكرر كثيرا ويعتبره المصريون يوم التحرر من محتل إخواني غاشم، انتهك حرمات المصريين من أرواح ودماء وأموال طوال 85 سنة حتي وصل الفجر بالإخوان أن يعلنوا جهارا نهارا وبدون أدني خجل أن مصر دولة إسلامية وعلي بقية القوي أن تبحث عن وطن آخر!
إن المواجهة الدموية التي يخوف بها الإخوان جماهير المصريين لن تحدث بإذن الله، ذلك أن تصريحاتهم الإعلامية الإرهابية التي تتحدث عن المواجهة بالدم وخلافه إنما تستهدف بث الرعب وتخويف المتظاهرين لعدم نزولهم الي الميادين. أما الواقع فإن الجماعة لن تجرؤ هذه المرة علي القيام بأعمال إرهابية في مواجهة الشعب، حيث إن هذا الأمر سيؤدي إلى نهايتهم ونهاية التنظيم الذي يحرصون علي بقائه، وهو أمر شديد الخطورة عليهم، ذلك أن التنظيم والمحافظة عليه يمثل حياة أو موتاً بالنسبة للإخوان.
ومن المؤكد أن المولي عز وجل سيحفظ كنانته في الأرض من كل سوء وهو وعد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم للمصريين في حديثه الشريف: «مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله»، ومن فضل الله تعالي علي المصريين أنه تعالي أنار بصيرتهم علي حقيقة هذه الجماعة الإرهابية وحلفائها ممن يتاجرون بالدين ويتخذونه ستاراً لتوصيلهم إلي السلطة والحكم، وكان وصول الإخوان إلي الحكم هو السبيل الوحيد لكي يدرك المصريون حقيقة من هم الإخوان، من هم السلفيون، ومن هم حماس، ومن هم المنافقون من السياسيين السائرين في ركب الإخوان، وبدون وصول الإخوان للحكم، وانكشاف حقيقتهم من خلال الممارسة، ما كان للمصريين أن يكتشفوا حقيقة هؤلاء الناس المخادعين، وأنهم أبعد ما يكونون عن حقيقة الإسلام، لذلك يوجد فضل إلهى عظيم في تبصرة المصريين بحقيقة الإخوان بعد 85 عامًا من الخداع والتضليل، كما ساعد علي سرعة كشف حقيقة الإخوان ما اتصفوا به خلال العام الماضى الذي حكموا فيه مصر من كذب وغباء سياسي أوقعهم في أخطاء سياسية جسيمة، حيث برعوا في تشويه أنفسهم بأنفسهم، واكتساب كراهية الناس بجميع فئاتهم ودون استثناء بسبب عنادهم وكذبهم وغبائهم، الأمر الذي أدرك معه المصريون أن الإخوان أخطر من الاحتلال الأجنبي وضرورة إزالتهم من الوجود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.