نشأت على كراهيتى للنهضة، ارتبطت عندى بجلابية رديئة القماش والخياطة، كانت الأسرة تشتريها لنا فى الأعياد، أو مكافأة على النجاح، ورغم إصرارى على الذهاب إلى البندر لاختيار الجلابية بنفسى إلا أنها كانت تطلع برضه «نهضة» لأننى كنت أركز على المظهر وليس على الجوهر، كنت أختار اللون، وليس نوع القماش، كانت جلابية النهضة تكش، وتبدو خرقة بالية من أول غسلة. وعندما بشرنا الإخوان بمشروع النهضة الذى يحول الحياة إلى بمبى.. بمبى، ويذيب الهموم، ويحولها إلى عسل وطحينة، قلت إنه مشروع جلابية نهضة رديئة، ولم تقم لمشروع النهضة قائمة، لأن شجرة الصبار لا تنتج مانجو وبدلاً من أن تصبح الحياة «بمبى»، غرقنا فى الظلام مع انقطاع الكهرباء، وبما أن اندفاع الماء يولد الكهرباء فلا يمكن أن نخفى مخاوفنا من سد النهضة الذى تقيمه إثيوبيا لتحقيق نهضتها، وتلبسنا الجلابية النهضة، عندما يؤثر هذا المشروع على حصتنا من المياه، واضح أن الجلابية النهضة التى ستلبسها لنا إثيوبيا عاجبة الدكتور هشام قنديل ويبحث صرفها على بطاقات التموين، فى فصل الصيف لارتدائها وقت انقطاع الكهرباء حسب التوقيت المحلى لنهضة المقطم. وعلى ماأذكر وأرجو ألا تخوننى الذاكرة، أن الدكتور قنديل كان وزيراً للرى والموارد المائية قبل توليه رئيس حكومة النهضة، وكان ملف المياه مهمته الرئيسية فكيف يتجاهله وهو رئيس وزراء. إثيوبياً، قالت: إنها لن تستغل المشروع فى الزراعة وستستغله فى إنتاج الكهرباء، وليس هدفها انتقاص حصة مصر، ووزير الرى «بهاء الدين»، قال: إن عدم وقوع أضرار على مصالحنا لا يعنى موافقتنا على السد، ممكن أضرار مستقبلية تقصد مثلاً عندما يكون الإخوان سابوا الحكم!! والدكتور مرسى قال قبل توليه السلطة، وأثناء فترة الدعاية الانتخابية، أنا متفائل، والمياه ستزداد ولن تنقص ونرفع أيدينا إلى السماء نقول يارب ونحتاج إلى ضعف حصتنا من المياه ونتعامل مع الكل بالحب والمصلحة المشتركة، مبارك وعصابته مكانوش قلقانين، وقالوا حنشرب.. يعنى حنشرب، ده كلام الرئيس مرسى، برضه يادكتور مرسى، مش هنجلس ندعى على إثيوبيا، ونقول يارب خدهم يارب، ويبوظ سد النهضة وينهد! سيادتك سافرت أثيوبيا، وبعد يوم واحد من عودتك، 24 ساعة، فقط من وصولك قصر الاتحادية، بدأت إثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق لبدء عملية إنشاء سد النهضة، الزيارة مكنتش ودية، وأقامت إثيوبيا الأفراح والليالى الملاح، ونحن فى مصر نتعامل مع الموضوع على طريقة ملك أو كتابة سد النهضة يؤثر على مستقبلنا المائى، أو لا يؤثر! البنج معثر ولا مش معثر على رأى اللنبى! النتيجة واحدة.. سد النهضة لا يحمل الخير لمصر. مبارك أدار ظهره لإفريقيا بعد محاولة اغتياله فى أديس أبابا، وكان ينظر إليها باحتقار، ومرسى يتحدث عن أن أفريقيا إخواننا، وطول عمرنا كده، ولكنه سافر إلى إثيوبيا، وعاد بخفى حنين! ركب الطائرة من هنا وبدأت إثيوبيا مشروعها من هناك. أمن مصر المائى هو جزء من الأمن القومى، إفريقيا منها النهر الذى نشرب منه ونطلق عليه شريان الحياة، لابد من ترتيب علاقات تقوم على المصالح والمنافع المتبادلة مع إفريقيا، نحمى حقنا فى المياه بشبكة علاقات تحقق الأمن الاستراتيجى المائى، وبحث الأزمة مع دول النيل، ملف النيل يحتاج إلى نوع من السرعة، لابد من الدعوة إلى اجتماع عاجل لكل دول المجرى والمصب والمنبع للتباحث، إدارة المجرى لابد أن تحكمها اتفاقيات جديدة لحماية حقوقنا من المياه، والاتفاق مع دول النيل على إقامة مشروعات للاستفادة من فاقد المياه، مياه النيل حياة أو موت، انتظار البلاء ممكن يلبسنا جلبية نهضة رديئة.