ضمن فعاليات اليوم الثاني لمنتدى الإعلام العربي في دورته الثانية عشرة، وتحت عنوان "سوريا... بعد عشر سنوات من الآن" أبدى المتحدثون في الجلسة تشاؤما كبيرا نحو إيجاد حلول مناسبة للأزمة السورية، مؤكدين أنها معقدة للحد الذي يستعصى على الحل أو إيجاد حل يحافظ على بقاء الدولة المركزية السورية. وقال مدير الجلسة الإعلامى "مهند الخطيب" المذيع بقناة "سكاى نيوز" عربية: إنه ليس من السهولة بمكان التكهن بما سيحدث في سوريا، ليس هذا فحسب بل هو من الخطورة أيضاً، فبعد مرور سنتين على الأزمة ووقع أكثر من 100 ألف شهيد ومئات آلاف من الجرحى والملايين من اللاجئين ودمار هائل لأكثر من 400 ألف منزل والبنية التحتية التى تعرضت للهدم والتخريب... كل ذلك يُصعِّب من عملية التكهن بما ستكون عليه سوريا في المستقبل. وعرض ثلاثة سيناريوهات هي سيناريو بقاء الأمور كما هي لفترة طويلة أو تغيير النظام أو إيجاد حل سياسي، ثم عقب هذا الاستعراض من مهند الخطيب لعرض تقرير يقدم أحلام وطموحات وآراء الأطفال السوريين خارج الديار السورية. وعرض التقرير لآراء الأطفال التي تركزت على البناء والحرية وتغيير النظام والأمان والاستقرار، ولم تختلف هذه الأحلام كثيرا عما يطالب به الكبار وخصوصا الثوار.ثم نقل الخطيب دفة الكلام إلي "سمير التقى" مدير مركز الشرق للدراسات الذي رفض فكرة التدخل الدولي في الشأن السوري مؤكدا على أن التدخل الدولي ضار بالأزمة السورية أكثر من فوائده.واستعرض التقى بعض الحلول الممكنة أو السيناريوهات التى تحاك للأزمة السورية ومنها الحل الصفري قاصدا بذلك وأد الثورة من قبل النظام وسحقها، أما سيناريو الانتصار للثورة أو المعارضة وهو الناجز النهائي وبذلك تكون الأمور طبيعية ومنطقية ولكن الأمر أكثر تعقيدا فبشار الأسد لم يعد عنصرا أساسيا في الأزمة وغيابه لن يؤثر فهو لن يستطيع الانتصار، فلقد أصبح الرئيس السوري شيئا والنظام شيئا مختلفا تماما. وقال: إن الجيش الحر يسيطر على 35 بالمئة من الأراضي السورية عسكريا، وخسر الجيش النظامي المعركة ولا يستطيع السيطرة على أغلب الأراضي السورية مستخدما تعبير "الدبابة لا تسيطر على ظلها" وأصبح ليس لديه قدرة على الاستمرار أو الانتصار. وأضاف أن الدولة المركزية السورية لا يمكن أن تستمر أو تبقى حيث حدث شرخ كبير جدا في المجتمع السوري وما يمكن أن يكون هو الاتحاد الطوعي وبدون التدخل الأجنبي مستشهدا بالعراق وما حدث فيها بعد التدخل الأمريكي، ولكن إذا اقررنا بالوضع الراهن فبذلك نكون قد ساهمنا في بقاء الدولة المركزية السورية أو نصل لدولة موحدة واستدرك ليؤكد أن سوريا للأسف تسير إلى التفكك والتشرذم بسرعة مذهلة. وعرّج التقى على مشكلة المعارضة السورية والتى اهتمت كثيرا بالتنافس فيما بينها على الزعامات رغم أن الشعب يذبح ويقتل وهم يهتمون بمن يمثل في المؤتمرات الدولية، وأكد على أن "إيران" لن تسمح بقيام نظام سوري جديد إلا في حالتين فقط هما إما نظام حليف لها اأو على الأقل محايد. ووصف سمير التقى ما يحدث في سوريا بأنها انتفاضة وليست ثورة، لأنه ليس لها قيادة على الأرض بل جميعهم يحاولون أن يكونوا وزراء خارجية الانتفاضة.ولفت إلى ما يحدث من تصفية لشباب وفتيان من خيرة أبناء سوريا، مشيرا إلى أن الإعلام لابد أن يركز علي حراك الشعب السوري بما فيه من مسيحيين وعلويين وسنّة وغيرها من الطوائف، وتشاءم كثيرا نحو "مؤتمر جنيف2" وأنه لن يقدم حلولا مناسبة أو نجاحاً متوقعا بشأن الأزمة السورية لافتا إلى أن التوافق الروسي الأمريكي والصيني والدولي فلن يأتي بشار إلى طاولة المفاوضات. واشار إلى أنه لم يعد هناك جيش نظامي في سوريا بل بقايا ميليشات وبارك للروس ما تبقي له من هذا الجيش الكبير الذي تدور حوله المفاوضات حاليا. أما خالد الفرم استاذ الإعلام السياسي بجامعة الإمام بالمملكة العربية السعودية، يرى أن الوضع في سوريا إلى حرب عقائدية بعد أن تدخلت قوى إقليمية بقوة في المشهد، والقضية الآن ليست في الأسد ولكن هناك محاولات روسية أمريكية لفرض حل لإجبار الشعب السوري عليه لقبوله. وقال الوصول للتعافي من الأزمة الحالية سيحتاج إلي 20 عاما وليس 10 سنوات فقط كما هو في عنوان الندوة. بينما عاب الفرم على دول العالم قاطبة أخلاقيا مؤكدا أن هناك انتهازية غير مسبوقة في هذا الشان. وقال الفرم: إن الإعلام لا يصنع الثورات بل هو يساعد عندما تكون البيئة مناسبة ومهيأة لذلك، لافتا إلي ما صدر عن "إسرائيل" مؤخرا حول أن العقد القادم لن يكون عقد الحروب مع إسرائيل بل ربما يكون عقد الحروب الإسلامية، حيث الانقسام الإسلامي عميق، وخصوصا تجاه سوريا.وأشار إلى أنه من الأخطاء الفادحة للمعارضة السورية التنازع والتشتت وعدم التركيز، لافتا إلى أن هناك الكثير من المبادرات التى حققت فشلا ذريعا وخصوصا العربية منها. وقال: إن هناك معركة فضائية علي الإنترنت أبطالها السوريون، فالقنوات الإخبارية لعبت دورا إيجابيا في الثورة وألقت الضوء علي ما يحدث من فظائع إنسانية داخل سوريا، ولولا الإعلام ماعرف العالم بها على غرار ما حدث بحماة في أوائل الثمانينات.وأكد ضياء رشوان نقيب الصحفيين أن بشار الأسد لن يكون جزءاً من الحل في سوريا، مشيراً خلال جلسة سوريا بعد 10 سنوات بمنتدى الإعلام لعربي إلى أنه لن يكون هناك حل حاسم للأزمة بمعنى استبعاد طرف من الأزمة ". وقال رشوان:" أي حديث عن المستقبل في سوريا لابد أن يشمل الإقليم وأعنى الشرق الأوسط والخليج العربي معاً، وتفاديا لحدوث انهيارات كبرى في الإقليم فإنه لابد من إعادة الرشد إلى كل الأطراف السورية من خلال التوصل إلى حل يتيح لكافة الأطراف الجلوس على طاولة حوار واتفاوض كل حسب وزنه". من جانبه، قال "أيمن الصفدي" نائب رئيس مجلس الوزراء الأردني السابق: إن النظام السوري ما زال موجودا إلا أنه لا يحكم ، وهناك فرق كبير أن تكون موجوداً وبين أن تحكم فعلياً على الأرض". وأضاف: بعد عامين من انطلاقة الأحداث في سوريا، عمل النظام السوري بكل طاقته لتدمير سوريا التي تعاني اليوم من ضحايا وقتلى بالآلاف، مؤكداً " لقد انتهى النظام في اللحظة التي أطلق فيها الرصاصة الأولى على الأطفال وأبناء الشعب. وخلص الصفدي إلى أن النظام السوري انتهي، وأن القوة العسكرية هي التي تحكم سوريا اليوم، وفي حال استمر الوضع بهذه الكيفية، فإن ذلك سيخلق صراعات جانبية مثل الطائفية ودخول قوى ليست منسجمة مع الثورة السورية". وشدد الصفدي على أن النظام السوري هو المسئول الذي رفض الاستجابة للشعب وهو الذي خلق حالة من الفوضى ، معتبراً أن الوضع الحاي لن يسمح إعادة بناء فورية ، ويجب ابحث عن التوافق". وأضاف:" هناك مصلحة عربية ودولية لإعادة بناء النظام السوري لاسيما وأن هناك سيناريوهات تشكل خطراً أمنياً وإقتصادياً على المنطقة بأكلملها".وفي السياق ذاته، أوضح نقيب الصحفيين المصريين رداً على تساؤل حول دور الحركات الإسلامية في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري ومدى ارتباط ذلك بالتغييرات التي يشهدها إقليم البحر المتوسط من صعود حركات إسلامية إلى الحكم ، أن " بداية العمل تبدأ مع سقوط النظام السوري ، وأود أن أؤكد وسوف أؤكد أننا لسنا إزاء أزمة سورية فقط، لأننا بصدد أزمة إقليمية ودولية ، ونحن بالفعل أمام قوى إقليمية رئيسية تلعب في الداخل سوريا وبصورة مباشرة، فسوريا اليوم وضع خاص تتقاطع فيه كافة الأيادي".