«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا لو شعر النظام السوري أن سقوطه أصبح حتمياً ؟
نشر في محيط يوم 25 - 09 - 2012

مثل كل ثورات الربيع العرب .. بدأت الثورة في سوريا جماهيرية شعبية خالصة .. وكان من الممكن أن تظل كذلك حتى تتحقق أهدافها في رحيل نظام الأسدين .. لكن سرعان ما لازمها صراع عسكري بين الجيش النظامي التابع لبشار الأسد وبين الشعب ممثلاً في الجيش السوري الحر، وذلك لسببين:

الأول: العقيدة التي تحكم تفكير بشار الأسد ونظامه التي ورثها عن والده، وهي: أن بقاء نظام الأسدين يعتمد كلية على استخدام القوة لبسط سيطرته على الشعب، حتى لو تطلب الأمر استخدام أسلوب الإبادة الجماعية واتباع سياسة الأرض المحروقة، في القضاء على من يهدد استمرار وجوده.

وهذا تماما ما فعله الراحل حافظ الأسد مؤسس "نظام الأسدين" في الثمانينات من القرن الماضي، حين استخدم قذائف الدبابات وراجمات الصواريخ والطيران الحربي في تدمير ما يقرب من نصف مدينة حماة، وقتل نحو 25 ألف شهيداً من سكانها بخلاف الجرحى والمفقودين، وذلك للقضاء على الثوار الذين كانوا يتخذون من هذه المدينة مركزاً متقدماً لهم.

الثاني: التدخل الخارجي الذي جعل من سوريا بكاملها ساحة للصراع بين القوى والمصالح الدولية، لدرجة أن هذا التدخل بات القوة الرئيسة التي أمدت نظام بشار بأسباب الصمود أمام ثورة الشعب السوري ضده، والتي لا تقل في شمولها لمختلف طوائف هذا الشعب، عما كانت عليه شعوب مصر وتونس وليبيا واليمن في ثورتها على الأنظمة البائدة.

وهذا نراه بوضوح في تأييد روسيا الشديد لنظام بشار، والذي يبدو أن الروس لن يتراجعوا عنه ما لم يجدوا من المحاذير ما يجبرهم على ذلك. فقد برَّر بعض المسئولين الروس موقفهم هذا بقولهم: إن ما حدث في ليبيا لن يتكرر في سوريا، ما يعني أنهم مصممون على الاستمرار في دعم النظام السوري حتى النهاية كي لا يفقدوا آخر معقل لنفوذهم في المنطقة، ويفقدون- كذلك- القاعدة البحرية الوحيدة في مدينة طرطوس التي يطلون منها على مياه البحر المتوسط.

وينسحب هذا الأمر على موقف إيران من الأزمة السورية، حيث تجد في نظام الأسدين الحليف القوي والوحيد الذي يمكن أن يعينها في تحقيق عدد من أهدافها في المنطقة وأهمها، إيجاد موطئ قدم لنفوذها وبخاصة في لبنان حيث يسيطر حزب الله (حليفها العضوي) على الجنوب اللبناني. كما يعين في بقاء حزب الأسدين إذا ما جرى تفعيل الحلف الثلاثي الذي يجمع (إيران وسوريا وحزب الله)، باعتباره- في نظر طهران- ورقة فاعلة يمكن استخدامها ضد إسرائيل حليف أمريكا والغرب.

والمعروف أن الدول الغربية وبخاصة الولايات المتحدة، تفرض حصاراً اقتصادياً خانقاً على إيران بهدف تركيعها وإجبارها على التخلي ليس فقط عن برنامجها النووي، وإنما إسقاط نظام الحكم الإسلامي فيها، فضلاً عن تدمير بنيتها التحتية. وليس من شك أن الهدف من ذلك كله، الحفاظ على أمن إسرائيل ووجودها في المنطقة من ناحية، وضمان استمرار تدفق النفط للدول الغربية وحلفائها بسهولة ودون عائق من ناحية أخرى.

في المقابل نجد أمريكا والدول الأوروبية التي تدعي دعم الثورة السورية، لا تقل عن روسيا وإيران في العمل على بقاء يد الثوار مغلولة، بسبب وقوفها أمام تزويدهم بالسلاح القادر على التصدي لترسانة جيش بشار. وهذا ما عبرت عنه أصوات رسمية انطلقت في الآونة الأخيرة من هولندا، تفيد بأن الدول الأوروبية تتمسك بعدم تزويد الثوار بالسلاح متعلله بأسباب لا تحظى بأي قدر من المنطق.

والخلاصة أنه لا يبدوا في الأفق ما يشير إلى نهاية قريبة للوضع الكارثي الذي تعيشه سوريا الآن، الأمر الذي يؤكد القول بأن التدخل الخارجي في المأساة السورية، بات العامل الرئيس والحاسم الذي يتحكم في مسيرتها سواء نحو بقاء النظام أو سقوطه. وهذا يؤدي- في النهاية- إلى أمرين لا يخدمان سوريا أو دول المنطقة في شيء :

الأول- استمرار المأساة حتى يُحسم الصراع بين روسيا والولايات المتحدة الذي يجري بالنيابة عنهما على الأرض السورية. فالواضح أن روسيا ستذهب في دعمها لبشار حتى النهاية، كما أن أمريكا والدول الأوروبية يبدو أنها تصر على استمرار الاقتتال بين النظام والشعب السوري. وليس من شك أن لكل من الفريقين أهدافه وغاياته التي نعرفها جميعاً جيداً، والتي لا تأبه بمصالح الشعب السوري أو مصالح المنطقة لا من قريب أو بعيد.

الثاني- المضي في تدمير سوريا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وتحويلها لدولة فاشلة، باعتبار أن سوريا القوية تشكل- في نظر الغرب- خطراً يهدد أمن إسرائيل ويحول دون تنفيذ الأجندة الصهيوأمريكية في المنطقة.

وحيال هذا الوضع الكارثي نتساءل: ما السيناريوهات المتوقعة لهذه التراجيديا المأساوية التي تجري فصولها على الأرض السورية :

السيناريو الأكثر حظاً :

في اعتقادنا أن استمرار العنف المفرط (الذي وصفه أمين عام الهيئة الأممية "بان كيمون" بأنه وصل إلى مستوىً "وحشي") وتصعيده المستمر من قبل النظام السوري، هو السيناريو الأكثر حظاً حتى الآن، ولأسابع قادمة على الأقل.

فقد وصل متوسط عدد الضحايا الذين يقعون صرعى هذا العنف في الأسابيع القليلة الماضية إلى ما لا يقل عن 170 شهيداً يوميا، بخلاف الاعتقالات العشوائية للمواطنين، والتدمير المستمر للمدن والقرى التي لا تخضع لسيطرة جيش النظام.

زد على ذلك تزايد أعداد الضحايا الذين يقعون صرعى عمليات الإعدام الميداني التي يقوم بها الجيش النظامي ضد أبناء الشعب السوري، والذين يشتبه النظام في تقديم المساعدة للجرحى ، ويقدمون الخدمات الإنسانية للمدنيين والثوار على حد سواء.

كما تصاعد عدد اللاجئين إلى دول الجوار- تركيا ولبنان والأردن- حيث ارتفع عددهم في تركيا (وحدها) لما يقارب 85 ألف لاجئاً، هذا بخلاف آلاف المدنيين الذين ينتظرون السماح لهم بدخول الأراضي التركية. كما تصاعد عدد النازحين من المدن والقرى السورية إلى مناطق داخل سوريا يعتقدون أنها أكثر أمنا، حيث بلغ عددهم نحو مليوني نازح. كما يعد استخدام الجيش النظامي للطيران الحربي والمروحيات على نطاق واسع وبكثافة غير مسبوقه في ضرب المدن والقرى التي فقد النظام السيطرة عليها، السبب الرئيس في تزايد معدلات النزوح الداخلي.

أما على المستوى الإقليمي والدولي، فيتمثل هذا التصعيد في تزايد الإشارات التي يبعث بها النظام السوري لدول الجوار والمنطقة بكاملها، والتي تحذر من أن هذه الدول لن تسلم من لهيب النار المشتعلة حالياً في سوريا.

ويؤكد هذا القول ما يثار حول أن تحريك الأسلحة الكيماوية إلى مواقع استراتيجية يعتبر خطراً على هذه الدول، وبخاصة الحدود اللبنانية والحدود التركية، إضافة لخطوط التماس التي تفصل بين القوات السورية وقوات الاحتلال في هضبة الجولان.

أضف إلى ذلك تعدد الإشارات الصادرة عن نظام بشار التي تفيد بأنه سيقلب الطاولة على كل دول المنطقة، إذا ما أيقن أن نهايته أصبحت قاب قوسين أو أدنى. هذا فضلاً عن كثرة المؤشرات التي تفيد بأن بشار لن يتنازل عن الحكم طواعية، وأنه مصمم على المجابهة العسكرية مع الثوار والشعب السوري حتى النهاية.

تداعيات هذا السيناريو:

إذا ما صح هذا السيناريو، فهذا يعنى أن بشار وبعض مؤيديه قد يكونوا على استعداد لهدم المعبد على من فيه. فعلى افتراض صحة هذا القول، فإن ثمة تداعيات لا يستهان بها قد تُعرِّض المنطقة بأسرها لأخطار لا ينحصر تأثيرها على سوريا ودول الشرق الأوسط فقط ، وإنما قد يمتد إلى أمريكا وروسيا والصين ليثير بينها صراعات قد تنتهي إلى إشعال حرب باردة، كما كان الحال بين الشرق والغرب في القرن الماضي. ولعل من أظهر التداعيات المتوقعة نتيجة هذا السيناريو:

1- تدمير كامل للبنى التحتية لسوريا، يشمل كل المرافق والمؤسسات الاقتصادية والخدمية الحكومية منها والأهلية، إضافة لتدمير الجيش العربي السوري. وليس من شك أن هذا التدمير سيكون على شاكلة ما حدث في العراق، إن لم يكن أسوأ.

فإن تحقق هذا، فلا مناص من القول بأن الحرب التي كان يخوضها بشار لم تكن تصب في صالح الحفاظ على وحدة سوريا، وإنما تستهدف تكريس الطائفية البغيضة في المجتمع السوري التي يُعتقد بأن مؤسس نظام الأسدين حافظ الأسد، قد جعل منها الملاذ الآمن والأخير لنظامه واستمرار حكم عائلته وطائفته لسوريا.

وليس من المبالغة في شيء إذا اعتقدنا أن الأسد الأب أقام "نظام الأسدين" على هذا الأساس، حيث كان ينتقي- على ما يبدو- غالبية قادة فروع الجيش من أبناء الطائفة العلوية، إضافة لبعض أبناء الطوائف الأخرى الموالين له والمستفيدين من نظامه.

ولعل ولاء القوات الجوية لهذا النظام والهيمنة التي تتمتع بها مخابراتها على كافة أرجاء سوريا، يعكس مدى تدخل الأسد الأب في انتقاء عناصر هذا السلاح قادةُ وأفرادا- كأنموذج-، باعتبار أنه كان قائداً لسلاح الطيران السوري قبل استيلائه على الحكم في السبعينات من القرن الماضي.

2- إذا ما صح هذا الاعتقاد، فإن احتمال تقسيم سوريا لدويلات على أساس مذهبي أو عرقي أو ديني أمر وارد وبقوة، وبخاصة إذا ما تيقن بشار من حتمية سقوطه ونظامه. فتقسيم البلاد- في حال انتصار الثورة السورية النظام- من شأنه أن يمكِّن بشار من إقامة كيان علوي مستقل يضم مدن وقرى الساحل السوري الذي تقطنه أغلبية علوية، وهي الطائفة التي ينتمي هو وعائلته إليها وكذلك أبرز معاونيه السياسيين والعسكريين في النظام الحالي.

وهنا لابد أن نشير إلى عبد الحليم خدام السياسي السوري المخضرم الذي اعتلى أرفع المناصب في عهدي بشار ووالده، حيث صرح بأن بشار قد نقل القسم الأكبر من الاسلحة الاستراتيجية والدبابات للمناطق التي تقطنها أغلبية شيعية على الساحل السوري، تمهيداً لإقامة ذلك الكيان.

العوامل التي تشجع بشار على تبني هذا الخيار:

ليس من شك أن تيقُّن بشار من حتمية سقوط نظامه، سيكون العامل الرئيس والوحيد الذي يدفعه لإقامة كيان علوي مستقل، وبخاصة إذا لم يُجبر (قسراً) على التخلي عن الحكم. غير أن ثمة عوامل مساعدة لا تقل أهمية في دفعه لإنشاء هذا الكيان من أظهرها:

1- إن ما يشجع بشار وأتباعه وطائفته على هذا الخيار الانفصالي، إدراكه بأن روسيا ستكون المستفيد الأول من قيام هكذا كيان، لأنها ستحتفط بموطئ قدم لها على أرض سوريا، يمكنها من البقاء في المنطقة أولاً، ويؤمن لها إطلالة على مياه البحر المتوسط عبر احتفاظها بقاعدتها الحالية في ميناء طرطوس على الساحل السوري ثانياً. لذلك فهو يتوقع من الروس دعما قوياً لقيام هذا الكيان.

والمعروف أن الروس يدركون تماما أنهم لا يستطيعون تغيير أي بند من أجندة بشار الخاصة بالمشكلة السورية، وبخاصة ما يتصل باستخدام العنف المفرط في التعامل مع الثوار والشعب السوري. وهذا قد يجعلهم- في اعتقاد بشار- يقبلون بقيام هذا الكيان، إذا كان قيامه يؤمن لهم استمرار وجودهم في المنطقة، وبقاء إطلالتهم الوحيدة على مياه المتوسط.

2- من أقوى الأسباب التي تدفع بشار لتبني هذا الخيار، ذلك الدعم الاقتصادي والعسكري الفاعل الذي تقدمه له طهران، والذي يقوم على أساس تقاطع المصالح الحيوية والاستراتيجية بينهما.

فالصراع القائم حالياً بين إيران من ناحية وبين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أوروبا من ناحية أخرى، يبدو أنه سيطول ما لم يحسم لصالح أي منهما، الأمر الذي يجعل من قيام الكيان العلوي، في حال سقوط بشار، أمرا حيويا بالنسبة لإيران، لأنه سيؤمن لها موطئ قدم في سوريا في حال انتصار الثورة السورية وسقوط نظام بشار.

ومما يجدر ذكره أن الغرب- وعلى رأسه أمريكا وإسرائيل- يعتقد أن نجاح إيران في تصنيع سلاح نووي، يعد تهديداً خطيراً لأمن إسرائيل أولا، وللسلام العالمي ثانيا، وإيذاناً بفتح سباق نووي في المنطقة ثالثاً، ما يشكل- في نظره- خطوطاً حمراء. كما ينظر للنظام الإسلامي الحاكم في إيران، على أنه ركيزة رئيسة في إحياء الثقافة الإسلامية، التي يعتبرها خطراً آنيا يهدد الحضارة الغربية.

أما إسرائيل فتعتبر النظام الإيراني وحليفة حزب الله اللبناني، من أشد قوى المنطقة خطراً على أمنها واستمرار وجودها. لذا فهي ترى أن امتلاك إيران لسلاح نووي يعد خطاً أحمر، حيث يجردها من الخاصة التي تتميز بها في المنطقة، وهي أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك سلاحاً نووياً فيها. وهذا ما قد يدفع بشار وإيران للولوج في سيناريو آخر بديل قد يخرجهما من الظروف العصيبة التي يمران بها.

سيناريو إشعال حرب مع إسرائيل:

يتمحور هذا السينارو حول احتمال لجوء بشار وإيران وحزب الله إلى تفعيل الحلف الثلاثي الذي يضمهم، باتجاه الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل. فلطالما أوحت التصريحات التي كانت تصدر عن زعماء هذا التحالف وما زالت، بأنهم قادرون على إلحاق هزيمة ساحقة بالدولة العبرية، بل وإمكان محوها من خريطة المنطقة.

فنظرة فاحصة لحجم المخاطر التي تحيط بإيران وبنظام بشار وحتى بحزب الله، قد تدفع هذا الحلف للدخول في حرب (ولو محدودة) مع إسرائيل. فعمل كهذا قد يُشغل- في نظرهما- الدول الغربية عن القضايا الخلافية التي كانت سبباً في تأزم العلاقات بين الطرفين، ويدفع الغرب لمواقف تُعنى بحماية أمن إسرائيل ووجودها من أخطار الحرب التي قد يشعلها هذا التحالف (إيران- سوريا- حزب الله)، هذا من ناحية.

ومن جهة أخرى، قد يرى النظام الإيراني ونظام بشار أن شعبيهما سوف يلتفان حولهما إذا ما أشعلا حربا (حتى ولو محدودة) مع إسرائيل، ما قد يخفف من وطأة الأحداث المأساوية التي وقعت في سوريا. كما تزيد من التفاف الشعب الإيراني حول قيادته الحالية التي تعاني من حصار غربي قاس من ناحية، ومواجهة معارضة لا يستهان بها في الداخل الإيراني من ناحية أخرى.

وفي نظرنا أن وقوع هكذا حرب قد يكون محتملاً، إذا ما تأكدت إيران بالذات من أن التهديدات الإسرائيلية جادة وحقيقية، وأن مهاجمة إسرائيل وأمريكا لها أصبحت مؤكدة، وأن شن الحرب عليها بات مسألة وقت ليس إلاًَ. كما يزيد من احتمال شن التحالف الحرب على إسرائيل، ما يقال عن إصرار بشار الأسد على عدم التنحي عن الحكم مهما كانت النتائج.
مواد متعلقة:
1. مسئول روسي: بشار على استعداد للتنازل عن السلطة بشرط
2. 53 قتيلاً في سوريا اليوم ..وبشار يستهدف المدنيين لتعاطفهم مع المعارضة
3. مجزرة جديدة في بلدة الرقة تخلف 150 قتيلا برصاص قوات نظام بشار الأسد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.