انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ أسوان يقود مظاهرة في حب الوطن خلال جولة الانتخابات    انتخابات النواب 2025.. رئيس مدينة مرسى علم يتفقد سير عملية التصويت    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    وزير الخارجية: الدول الخليجية شريكة لمصر في تحقيق التنمية الشاملة    بعد الزيادة الأخيرة.. كم يسجل سعر الذهب اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 وعيار 21 الآن؟    بعد زيادة أسعار المحروقات.. ارتفاع أسعار النقل والمواصلات ب20.5% خلال أكتوبر الماضي    كامل الوزير: النقل والصناعة وجهان لعملة واحدة.. والسياسة تعتمد على بنية تحتية قوية    سعر الجنيه السوداني أمام الدولار بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    صحة غزة: دفن 182 جثمانا لمجهولين من الجثامين المستلمة من الاحتلال    مقتل 32 سجينا بعد اندلاع أعمال شغب في سجن في الإكوادور    ترامب يعفو عن جولياني وآخرين متورطين في محاولة إبطال نتائج انتخابات 2020    رويترز نقلا عن مصدرين مطلعين: سوريا أحبطت مؤامرتين من تنظيم داعش لاغتيال الرئيس أحمد الشرع    روني ينتقد محمد صلاح بعد الخسارة أمام مانشستر سيتي    ضبط شخصين يعلنان عن نفسهما عبر تطبيق هاتفي لممارسة أعمال الفجور بالإسكندرية    الداخلية تنقذ 17 طفلا جديدا من التسول بالجيزة.. وضبط 11 شخصا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل تاجر الذهب لجلسة 16 ديسمبر المقبل    تأجيل قضية مقتل تاجر مصوغات رشيد إلى منتصف ديسمبر لسماع المرافعة    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    مصرع صياد وإنقاذ اثنين إثر حادث غرق مركب أمام سواحل بورسعيد    تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي بعد دخوله الرعاية المركزة    فيديو.. ياسر جلال يعتذر عن تصريحه بشأن إرسال صاعقة جزائرية لمصر بعد حرب 1967    الأوبرا تشارك فى احتفالات اليوم العالمى للطفولة    انطلاق فرق التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب بالوادي الجديد    مسيرة لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب بقنا | صور    واشنطن تتفادى الأزمة.. رويترز: مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    وزير النقل: ربط مصر بالدول العربية والأفريقية والأوروبية يحقق تكاملا اقتصاديا حقيقيا    راحة 5 أيام لفريق الأهلي بعد التتويج بالسوبر.. وتوروب يغادر إلى الدنمارك    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    خبر في الجول - سيراميكا كليوباترا يبدأ مفاوضات تمديد عقد مروان عثمان    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    «القوس» هيقع في الحب وتحذير ل«السرطان» من قرارات مالية.. توقعات الأبراج لهذا الأسبوع    «توت عنخ آمون» تواصل خطف الأضواء من باقي قاعات المتحف المصري الكبير    معلومات الوزراء: المهارات المطلوبة لسوق العمل تتغير بوتيرة غير مسبوقة    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "السلم والثعبان - لعب عيال" بحضور صناع العمل    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    هالاند يحكم سيطرته، ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي بعد الجولة ال11    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    خطوات وموعد تسجيل استمارة التقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية 2025    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    بدء تصويت المصريين بالداخل فى اليوم الأول لانتخابات النواب 2025    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الشأن السوري .. دون تحديد
نشر في محيط يوم 04 - 03 - 2012

يوم الاثنين الموافق 27 فبراير 2012، قيل أن بشار الأسد ونظامه اغتالوا نحو 135 مواطنا سوريا، وقيل أن معظمهم كان من مدينة حمص وإدلب، وقيل أن 64 من أهالي حي "بابا عمرو" في حمص قد ذبحوا ذبح النعاج بالسنج والسكاكين على يد حاجز للجيش السوريوهم يحاولون الهرب من القصف العنيف الذي تعرض له الحي، ثم توالت الجرائم على هذا المنوال حتى اليوم.

والمفارقة العجيبة أن هذا الخبر جاء في الوقت الذي أعلن فيه النظام السوري أن 90% ممن صوتوا على الدستور الجديد وافقوا عليه ، وأن نسبة المشاركة في ذلك الاستفتاء بلغت 47.4%!!!.

(1)
مضمون الخبر

يظهر هذا الخبر أن عدد الضحايا الذين قضوا في أحياء بابا عمرو وغيره من أحياء مدينة حمص بخاصة، وفي مختلف المناطق السورية بعامة هو في تصاعد مستمر. إذ بات تذكير العالم المتواصل بهذا التصعيد أمراً غير مجدٍ في ردع آلة القتل التي يستخدمها بشار في التعامل مع الشعب السوري الثائر.

وليس أدل على ذلك من أن الموقف الأممي من اجتياح الفرقة الرابعة مؤخراً لحي "بابا عمرو"، (والمعروفة بتميزها عن باقي فرق الجيش السوري في العتاد و العناصر التي يجري اختيارها وفق معايير تكفل ولاءها التام للنظام) .. كان موقفاً هزلياً تميز بتوزيع الأدوار فيما بين الدول الغربية ذاتها، وحتى فيما بين المسئولين في الدولة الواحدة.

غير أن الحال في حمص وغيرها من المدن السورية يظهر - في المحصلة- أن الالتزام بشعار "سلمية التظاهر" ضد النظام، ومحاولة "استقطاب الرأي العام" الإقليمي والدولي لجانب الثوار .. لم يعد قادرا (وحده) على وقف شلال الدماء في سوريا، كما لم يعد صالحاً للتعامل مع نظام بشار الدموي، ما أكده حين صرح مؤخراً بأن النظام قد خسر المعركة في الفضاء، لكنه ما زال قوياً وراسخاً على الأرض، وهذا هو الأهم (في نظره).

ومهما يكن من أمر، فما نراه أكثر صواباً أن الثورة لا يمكن أن تحقق الانتصار المرجو على نظام بشار، طالما ظلت تعتمد على شعار "سلمية التظاهر" أسلوباً وحيداً في التعامل معه، حيث أثبت هذا النظام أنه دموي بامتياز، وأنه على استعداد للذهاب في استخدام خيار العنف المغلظ ضد المتظاهرين حتى النهاية.

لذا فإن لجوء الثورة السورية للتسلح في مقاومة جيش النظام وقواه الأمنية - حتى في أدنى درجاته- يعتبر أمراً ضروريا لنجاح المظاهرات التي ترفع شعار "سلمية التظاهر"، ويعين في الوصول لغاياتها.

هنا سترتفع عقيرة الذين يعارضون هذا الرِأي، بدعوى أن لجوء الشعب إلى السلاح يعني دخوله في حرب غير متكافئة مع النظام لن تورثه سوى الفشل من ناحية، فضلاً عن أنها قد تذهب إلى حد إثارة حرب أهلية يمكن أن تنتهي بدمار البلد وخرابه وتقسيمه لدويلات من ناحية أخرى.

والرد المقابل على هؤلاء، يكمن في السؤال عن الخيار البديل، الذي يستطيع الصمود أمام بطش الآلة العسكرية للنظام ويحد من غلوائه، وبخاصة أن هناك ما يشير إلى أن بشار لن يتراجع عن استخدام الخيار الأمني المغلط في قمع المظاهرات مهما كانت النتائج.

لذلك يبدو أن وتيرة الجرائم التي يرتكبها النظام، مرشحة للتصاعد المستمر ما لم يجر تسليح المقاومة بشكل يعين في صد هجمات الجيش وقوات الأمن التابعة للنظام. ويعود تصاعد استخدام نظام بشار للعنف لأسباب ثلاثة:

الأول - أن الثوار لا يملكون من العدة والعتاد، ما يقوى على مواجهة الآلة العسكرية التي يملكها النظام (الخصم).

الثاني - أن مواقف الدول الغربية التي تؤيد الثوار تمتنع- حتى اللحظة- عن مجرد مدِّ العناصر العسكرية التي انشقت عن الجيش السوري النظامي بالسلاح، الذي يعينها في حماية نفسها وحماية المدنيين من قصف الآلة العسكرية الجهنمية التي يملكها النظام.

الثالث- أن الدول العربية التي تبدي تأييداً واضحاً للثورة السورية، يبدو أنها لا تستطيع- حتى اللحظة الراهنة- اتخاذ قرار حاسم بتزويد الثوار بالسلاح، بسبب علاقاتها المتميزة مع أمريكا ودول الغرب بصفة عامة، والتي ما زالت تمتنع عن تزويد الجيش السوري الحر بالسلاح.

والسؤال الآن: ما نظام التسلح الذي يعين المعارضة في التصدي لجيش وقوات أمن النظام، وما المتوقع من الأنظمة العربية والمجتمع الدولي تقديمه للمقاومة، حتى تتمكن من إسقاط بشار ونظامه؟.

قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من كشف حقيقة الوضع الراهن، ومدى تفاعله مع الظروف العربية والإقليمية والدولية التي تتدخل بصورة مباشرة وغير مباشرة، في سير الأحداث التي تجري على الأرض في سوريا.

(2)
في الداخل السوري

1- أثبت هذا النظام أنه على استعداد لاستخدام كافة أنواع الأسلحة المتاحة لديه في قمع المظاهرات والاحتجاجات، كما ثبت بالأدلة المادية القاطعة أنه لن يتورع عن ارتكاب أبشع جرائم القتل والتعذيب من أجل البقاء في سدة الحكم، الأمر الذي تحقق عبر المشاهد والمعلومات الموثقة التي بُثَّت وما زالت تُبَث على الفضائيات وتتناقلها وكالات الأنباء ومواقع الإنترنت.

كذلك، أثبت النظام- وهذا هو الأهم- أنه ماضٍ في استخدام العنف المغلط ضد شعبه حتى النهاية، برغم كل الاعتراضات العربية والإقليمية والدولية على السلوك الإجرامي الذي ينتهجه في محاولته قمع المظاهرات وقتل المحتجين وتعذيب المعتقلين.

وهذا ما أكدته المشاهد التي بثتها وما زالت تبثها الفضائيات ووكالات الأنباء المصورة، حول المجازر التي ارتكبها الجيش وقوى الأمن السوري والشبيحه في مدن حمص وحماه وإدلب ودرعا والقامشلي ودير الزور والبوكمال والزبداني وريف دمشق وغيرها من المدن والقرى السورية.

2- بات من العبث استمرار الشعب السوري في الاعتماد على أسلوب التظاهر السلمي (وحده) في التصدي لبشار ونظامه والعمل على إسقاطه، أو- على الأقل- إيقاف شلال الدم الذي بات يخضب كل بقعة من أرض سوريا. لذا فإن اللجوء إلى السلاح في مقاومة هذا النظام، أصبح ضرورة ملحة لدعم التظاهرات السلمية التي تنادي بإسقاط النظام.

3- ليس من شك أن الجرائم البشعة التي ارتكبها نظام الأسدين سواء في عهد الأب أو الابن، والتي تعكس قسوتهما المروعة في التعامل مع المعارضين لهذا النظام .. إنما تعكس طبيعة تكوين هذا النظام الذي يستند لخلفية طائفية ذات بعدين: الأول، طموحات عائلة الأسد في التفرد برئاسة سوريا، والثاني ادعاء هذه العائلة بأن استحواذ الطائفة العلوية على الحكم يعني حمايتها للنظام من ناحية، ويقيها من التهميش الذي قد تتعرض له ثانيا.

ويرى العديد من المحللين السياسيين أن هذا النظام، ملتزم بأقصى درجات التعصب الطائفي، الذي يُسوِّغ له ارتكاب جرائم القتل والتعذيب الوحشي بحق المعارضين السوريين بدم بارد، برغم أن غالبية هذه الطائفة يبدو أنها تضيق ذرعا بجرائم بشار.

4 - استثمار بشار وقادة جيشه ومؤسساته الأمنية وشبيحته لانتمائهم الطائفي، قد يكون سببا رئيساً في استخدام الخيار الأمني المغلظ بحق المعارضين وبخاصة من ينتمي منهم للطائفة السنية التي تمثل الأغلبية في سوريا. فليس من شك أن بشار الأسد ومن قبل والده .. وضعا في اعتبارهما- إن صواباً أو خطأً- أن الطائفة العلوية التي ينتميان إليها، تشكل الظهير الرئيس الذي يعتمدان عليه وقت الأزمات. وهذا ما نشهده بالنسبة للطائفة العلوية، حيث لم تشارك حتى اللحظة بفعالية تذكر في مقاومة هذا النظام، بالرغم أنها تدرك أن بشار ونظامه محسوب عليها شاءت أم أبت.

فما يراه العديد من المراقبين والمحللين السياسيين أن القيادة السورية (وعلى رأسها بشار وقادة جيشة .. وجلهم من الطائفة العلوية)، تنطلق في تعاملها مع الطوائف السورية الأخرى وبخاصة الطائفة السنية، من منطلقٍ عقائدي يدعو لتهميش تلك الطوائف وإبعادها عن السلطة حتى لو اقتضى الأمر اللجوء لأسلوب الإبادة ضد أبنائها، واتباع سياسة الأرض المحروقة معها.

ولعل ما يؤيد هذا القول، أننا لم نسمع حتى اللحظة، عن تحرك جاد لزعماء الطائفة العلوية وشيوخها ومفكريها بهدف ردع آل الأسد عن الاستمرار في ارتكاب المجازر بحق الطوائف السورية الأخرى، سواء في عام 1982حين دمر "الأسد الأب" نصف أحياء حماة، أو في الأزمة الحالية التي تشهد ارتكاب مجازر وجرائم يندى لها جبين الإنسانية، على يد "الأسد الابن".

صحيح أن هناك عدداً من من المفكرين والشيوخ والكتاب والمثقفين في الطائفة العلوية همُ الآن قيد الإقامة الجبرية، وأنهم باتوا عاجزين عن التحرك ضد هذا النظام .. لكن هذا لا يشفع لأبناء الطائفة العلوية إحجامهم- حتى اللحظة- عن التعاون مع أبناء الطوائف الأخرى لإسقاط بشار ونظامه.

فالواجب الوطني والإنساني والأخلاقي، يفرض على كل أبناء الطائفة العلوية، مشاركة أخوانهم من أبناء الطوائف الأخرى في الثورة التي باتت تعم كل مدينة وقرية وضيعة في سوريا. وغير ذلك يبدو أن قادة الطائفة العلوية وأبناؤها وكأنهم يؤيدون نظام الأسدين في ارتكابه جرائم مروعة بحق الشعب السوري.

ومع ذلك .. يظل التحسب من اتهام الطائفة العلوية بعدم الوقوف مع ثورة الشارع السوري على النظام (بالمطلق) أمراً واجباً. ذلك أنه لا يوجد في تاريخ هذه الطائفة ما يدل على تأييدها للتعصب الطائفي. فمفكري هذه الطائفة وعقلائها وشيوخها وحتى بسطائها، كانوا دوما يؤيدون الوحدة الوطنية، ويؤمنون بأنهم جزء أصيل في نسيج المجتمع السوري.

وإذا كان نظام الأسدين قد استطاع أن يستولي على قيادات الجيش السوري، ويجير هذا الجيش لحمايته وبقائه في الحكم وتوريثه، فهذا لا يعني أن الطائفة العلوية (في عمومها) راضية عن هذا الوضع.

صحيح أن قادة الجيش يدينون بالولاء التام لنظام الأسدين، وصحيح أن ولاء بعضهم قد يكون قائماً على تعصب طائفي، وصحيح أن "الأسد الأب"، قد يكون شكل ميليشيات خاصة ينتمي معظم عناصرها للطائفة العلوية (وقام بعملية غسيل مخ لتلك العناصر بحيث أصبح سلوكها حيال أبناء الطوائف الأخري يتسم بالتعصب الطائفي)، غير أن الصحيح أيضاً، أن هذا لا يرقى إلى الحكم على الطائفة العلوية بأنها تؤيد النهج الإجرامي الذي يتعامل به نظام الأسدين مع الطوائف السورية الأخرى.

(3)
على الصعيدين العربي والدولي

لم يعد خافياً أن غالبية الأنظمة العربية سواء التي اجتاحتها رياح التغيير ونجحت (نسبياً) في إسقاط حكامها المستبدين، أو تلك التي ما زالت تنتسب لما يسمى بالنظام الرسمي العربي، الذي يرتبط بالغرب بصلات أقرب ما تكون ل"التبعية" منها إلى "الندية" ،،،

،،، نقول : لم يعد خافياً أن جميع هذه الأنظمة غير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة على الأرض، تستطيع منع النظام السوري من الاستمرار في ارتكاب جرائمه المروعة ضد شعبه. وحتى على الصعيد السياسي، نرى أن مواقفها ما زالت تتوخى الحذر مما يجري في سوريا، وبالتالي لم تحدد بعد موقفها النهائي من الوضع في سوريا.

فليس من المنطق في شيء والحال هذه، أن نصف البلدان التي اجتاحتها رياح التغيير ونجحت في إسقاط حكامها المستبدين، بأنها تحررت كليةً من سطوة الأنظمة الاستبدادية التي استهدفتها ثورات الربيع العربي. فهي ما زالت تعيش مرحلة من الترقب لما ستفسر عنه الجهود التي تُبذل من أجل القضاء على توابع الأنظمة الاستبدادية التي كانت تحكمها. ولعل هذا هو السبب الحقيقي في أن بعض هذه الدول لم تحسم موقفها من النظام الذي يحكم سوريا بصورة واضحة، بالرغم مع أنها لا تتخلف عن إعلان تعاطفها في كل مناسبة، مع الشعب السوري في محنته الراهنة.

وبالنسبة للنظم العربية الرسمية التي لم تصلها رياح التغيير بعد، فهي تعيش مرحلة ترقب يشوبه قدر لا يستهان به من الخوف مما يخبئه المستقبل. لذا نراها تتخذ مواقف مؤيدة للشعب السوري، بل وتتبنى المطالبة بتزويد جيشه الحر بالسلاح، أملاً في الظهور بمظهر الدول التي تؤيد التغيير في المنطقة.

وعلى الرغم من صدق دعواتها لدعم الشعب السوري ووقوفها ضد نظام بشار الأسد، واستعدادها لتقديم المال والسلاح للمقاومة السورية، غير أنها لا تستطيع أن تخطو على هذا الطريق خطوات عملية، دون موافقة أمريكا والدول الأوربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة معها، والتي ما زالت تمتنع عن تقديم السلاح لجيش سوريا الحر.

أما على الصعيد الدولي، فتنقسم الدول المعنية بالمشكلة (في اتخاذ مواقفها نحو ما يجري في سوريا) لفريقين رئيسين:

الأول- يضم أمريكا والدول الغربية التي ترى ضرورة إسقاط بشار ونظامه. غير أن تأييدها للشعب السوري ضد النظام الحاكم، فلم يتعد مجال التصريحات السياسية والرسائل الإعلامية، دون اتخاذها لأي إجراء عملي على الأرض.

وتتذرع هذه الدول في تبرير موقفها هذا، بأن تشتُت المقاومة السورية في الخارج والداخل وتشرذمها، يعوق اتخاذها لقرار عملي حاسم يستهدف دعم المقاومة على الأرض. كما تتذرع في منعها تزويد الجيش السوري الحر، بخشيتها من تسرب السلاح إلى تنظيم القاعدة، إذا ما استمر وضع المقاومة على هذا الحال من الشرذم.

وفي نظرنا أن هذا الموقف الغربي سوف يمتد لفترة طويلة، حتى لو تخلى الفريق الأخر عن مواقفه المعارضة لإصدار قرار أممي يدعو بشار للتخلي عن استخدام العنف في قمع المظاهرات والاحتجاجات.

فالغرب يري فيما يحدث في سوريا الآن، فرصة ثمينه لتدمير آخر دولة عربية ما زالت في حالة حرب مع إسرائيل. فاستمرار الحالة السورية على ما هي عليه الآن ولأطول فترة ممكنة، يعني- في نظر الغرب- إمكان تآكل اقتصادها وقدرات جيشها القتالية، بحيث تصبح غير قادرة- ليس فقط على مواجهة إسرائيل- وإنما عاجزة عن تأمين الحد الأدني من مقومات الدولة والحفاظ على أمنها واستقرارها .. هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، يأمل الغرب من وراء تأييده للمقاومة السورية، أن يظهر بمظهر الصديق الذي يحرص على تحقيق مطالب الشعب السوري في إسقاط نظام بشار، ويعينه في بناء نظام ديمقراطي يحفظ للمواطن كرامته ويؤمن له العيش بحرية. وبذلك يستطيع هذا (الغرب) أن يحافظ على مصالحه في المنطقة ويساعد في تثبيت وجود الكيان العبري فيها.

أما الفريق الثاني- فيضم روسيا الاتحادية والصين، اللتين ما زالتا تشهران الفيتو في وجه كل محاولة يبذلها الفريق الأول نحو اتخاذ خطوة عملية تستهدف إجبار بشار على التخلي عن الحكم، ووقف سيل الدماء الذي ما زال يتدفق بغزارة نتيجة استخدام العنف ضد المتظاهرين.

وتسعى هاتان الدولتان إلى الحفاظ على موطئ القدم الذي يوفره لهما بشار الأسد ونظامه حالياً، كما يظهرا من خلال موقفهما المؤيد للنظام السوري على هذا النحو المتطرف، أنهما يقفان أمام السياسات الأمريكية والأوروبية التي تسعى للهيمنة على المنطقة العربية، استكمالاً لمخططات الغرب بشأن حصار روسيا والصين، جغرافياً وسياسياً واقتصاديا.

غير أن هاتين الدولتين تدركان جيداً أن رياح التغيير التي تجتاح المنطقة، لن تستثني النظام السوري أيا كانت المبررات التي تسوقانها بصدد شرعية تأييدهما الشديد لنظام بشار. لكن حقيقة ما يستهدفانه- من موقفهما هذا- هو كشف أهداف الغرب الحقيقية من تأييده المريب للمقاومة السورية، والذي أثبته رفض أمريكا تزويد جيش سوريا الحر بالسلاح، وما أعلنه ساركوزي عن أن فرنسا على استعداد لتسليح المقاومة السورية، شريطة أن يتم هذا بقرار من مجلس الأمن!!.

والنتيجة التي نخلص إليها من رصدنا لمواقف هذين الفريقين من الأزمة السورية، تتلخص في أن كليهما يتصارعان على أرض غير أرضهما، الأمر الذي يتوجب على المقاومة السورية بخاصة والشعب السوري بعامة أن ينتبهوا له جيداً.
(4)
تسليح المقاومة

ليس المطلوب في تسليح المعارضة، أن يتوافر لديها من السلاح، ما يضاهي تسلح الجيش النظامي من دبابات وطائرات ومدرعات وغير ذلك من السلاح المتطور. وإنما المطلوب توافر مستوى من التسلح يكفي لتأهيل عناصر المقاومة ليكونوا قادرين على سرعة الحركة وسهولة المناورة في التصدي لآلة النظام العسكرية التي تعتمد بالدرجة الأولى على التسلح الثقيل من دبابات وطائرات وقاذفاتٍ صواريخ ومدفية.

غير أن هذه الخاصَّة التي يتميز بها جيش الأسد، يمكن أن تشكل نقطة ضعف ثمينة إذا ما أحسنت المقاومة استثمارها، وذلك باعتماد أسلوب حرب العصابات في التعامل مع هذا الجيش. فليس المطلوب من المقاومة تدميره بمعداته وأسلحته الثقيلة التي هي ملك للشعب السوري ولا قتل الشرفاء من منتسبيه .. وإنما المطلوب تعطيل هذه المعدات عن أداء ما يريده النظام منها، وبخاصة استخدامها في قصف المدن والقرى التي تشتعل فيها المظاهرات.

وليس بعيداً عن هذا السياق، إن تساءلنا عن مغزى قرار المجلس الانتقالي السوري بإنشاء مكتب استشاري عسكري يُعنى بالتنسيق بين فصائل المقاومة في الداخل السوري بشأن تزويدها بالسلاح، في الوقت الذي اعترفت دول الاتحاد الأوروبي بالمجلس ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري من ناحية، وفي الوقت الذي أعلن قائد الجيش السوري الحر رفضه للتعامل مع هذه اللجنة بدعوى أنه لم يجر التنسيق معه بشأن تشكيلها كما لم يتلق أي توضيح عن أهدافها من ناحية أخرى.

والأكثر من ذلك أنه لم يعلن- بعد مضي أيام على صدور هذا القرار- عن أي محاولات لرجوع قائد الجيش الحر عن قراره، ما يعني أنه لم تجر اتصالات بينه وبين رئيس المجلس الوطني بهدف التنسيق بين الفريقين. وإذا كان هناك من يتحمل مسئولية هذا الوضع، فنعتقد أن المجلس الوطني هو الذي يتحمل النصيب الأكبر منه، باعتباره المعارضة السورية المعترف بها دولياً.

فثمة ظواهر قد تصف مواقف المجلس بسلبية لا يمكن تجاهلها لعل من أهمها تزامن انسحاب مجموعة من أعضاء المجلس وتشكيلهم لفصيل مقاوم مستقل، مع إصدار قرار بتشكيل اللجنة الاستشارية العسكرية.

هذا فضلاً عما يثار عن أن جميع أعضاء المجلس هم ممن عاشوا في الدول الغربية، ما يعني أنهم ليسوا على معرفة كافيه بالأوضاع في سوريا قبل الثورة وبعدها. كما أن هناك من يتهم المجلس بأنه لم يبذل جهداً كافيا من أجل التواصل مع المقاومة في الداخل السوري، وهذا موضوع آخر يطول شرحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.