أثار إعلان الدكتور باسم عودة وزير التموين والتجارة الداخلية إصدار البطاقات التموينية دون حد أقصي للراتب فرحة الجميع، إلا أنه في ذات الوقت فتح الباب للعديد من التساؤلات حول قدرة الحكومة علي تغطية نفقات فاتورة الدعم في الوقت الحالي في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي سوف تتضاعف بعد القرار الأخير.. بالإضافة إلي هذا فقد أعلن وزير التموين عن بدء تسجيل المواليد الجدد من يناير 2006 حتي 31 ديسمبر 2011 أول الشهر القادم ولمدة 4 أشهر، مما يزيد من الأعباء علي ميزانية الدولة ويزيد فاتورة الدعم مرة أخري. حسب الأرقام الرسمية المعلنة فإن دعم السلع التموينية في موازنة العام الحالي 2012/2013 يبلغ 26 مليار جنيه، منها 16 ملياراً للخبز، والباقي حوالي 10 مليارات جنيه لدعم البطاقات التموينية يستفيد منها 63 مليون مواطن، أي أن نصيب الفرد من دعم السلع التموينية سنوياً يبلغ حوالي 158.73 جنيهاً، وإذا فرضنا أن عدد المواليد كل عام هو 2 مليون طفل، فإن إجمالي عدد المواليد المقرر إضافتهم 12 مليون طفل لأنه وفقاً للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد المواليد عام 2010 كان 2.2 مليون مولود، وفي عام 2011 كان 2.4 مليون طفل، أي أن عدد المواليد الجدد علي أقل تقدير 2 مليون طفل. أي أن إجمالي الدعم المطلوب لإجمالي مواليد 6 سنوات بداية من 2006 حتي 2011 هو مليار و905 ملايين جنيه، أي حوالي 2 مليار جنيه.. كما أن إضافة مواليد جدد وإضافة مستحقين جدد يتطلب بكل بساطة زيادة كميات السلع التموينية المخصصة للبطاقات، أي رفع فاتورة الدعم وهو ما تعجز الدولة عن تنفيذه في الوقت الراهن. والمفاجأة أن كميات السلع التموينية تقل كل عام عن السابق له وفقاً لبيانات الموازنة العامة للدولة، ففي العام المالي 2011/2012 كانت كميات الزيت التمويني 900 ألف طن انخفضت في العام التالي 2012/2013 إلي 855 ألف طن، أي أنه انخفض 45 ألف طن، كما انخفضت كميات الأرز والمكرونة المخصصة للبطاقات التموينية من مليون طن إلي 606 آلاف طن خلال نفس الفترة، أي بمقدار 394 ألف طن، وانخفضت كميات السكر التمويني من مليون و272 ألف طن إلي مليون و250 ألف طن، خلال نفس الفترة. والغريب أن الموازنة العامة للدولة تنص علي تخصيص كميات من الشاي تصل إلي 4 آلاف طن سنوياً، بينما أصحاب البطاقات لا يحصلون علي الشاي منذ سنوات طويلة، وبهذا يكون إجمالي كميات السلع التموينية المدعمة 3 ملايين و176 ألف طن عام 2011/2012 انخفضت إلي مليونين و715 ألف طن في العام الحالي 2012/2013.. والمفاجأة وهو ما تتشدق به الحكومة حول زيادة فاتورة الدعم من أجل محدودي الدخل، حيث ارتفعت من 9 ملايين و295 ألف جنيه العام الماضي إلي 10 ملايين و401 ألف جنيه العام الحالي حسب الأرقام الرسمية المعلنة. كما أوضح الخبير الاقتصادي رضا عيسي أن فاتورة الدعم في السنوات الماضية كانت تزيد بفعل ارتفاع الأسعار، لكنها في السنوات القادمة سوف تتضاعف بسبب جنون الأسعار، ومرة بسبب زيادة الكميات لأنه من المستحيل أن تظل الكميات في تناقص مع زيادة عدد المستفيدين من البطاقات في ظل إضافة ما يقرب من 12 مليون مولود جديد، فضلاً عن باقي المواطنين الذين سوف ينضمون للبطاقات بعد إلغاء شرط الحد الأقصي للراتب لاستخراج البطاقة. ويري «عيسي» أن ما أعلنه وزير التموين حول إصدار بطاقات تموينية دون شرط الدخل مجرد «بروباجندا» يستحيل تنفيذها في الوقت الراهن، فمن أين تأتي الحكومة بكل هذه الأموال؟.. وكان يجب علي الحكومة زيادة كميات السلع التموينية والمواد البترولية المدعمة بدلاً من إدخال مستحقين جدد، فكيف يدخل مستفيدون جدد، في حين أن أصحاب البطاقات الحاليين لا يحصلون علي ما يكفي استهلاكهم من السلع الأساسية، كما أن كميات أسطوانات البوتاجاز المدعمة لم تزد منذ 3 سنوات رغم زيادة عدد السكان ورغم زيادة الاستهلاك، مؤكداً أن العبرة ليست بقيمة دعم السلع ولكن بكمياتها. ويتساءل عيسي: كيف تعلن الحكومة عن زيادة أصحاب البطاقات؟.. أي زيادة الدعم في حين أن تخفيض الدعم أحد مطالب صندوق النقد الدولي للحصول علي القرض.