عاجل- سعر الذهب في مصر يتحرك بشكل مفاجئ مع تطورات البورصة العالمية    أسعار الخضروات اليوم الاثنين 27-10-2025 في قنا    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    وزارة الخارجية تستقبل وفدا من رؤساء المجالس التنفيذية لبرامج الأمم المتحدة (صور)    البحرية الأمريكية: المروحيتان المحطمتان فى بحر جنوب الصين سقطتا بفارق 30 دقيقة    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    الاتحاد السكندري يسعى لعبور وادي دجلة للابتعاد عن صراع المراكز الأخيرة    رضا عبد العال: خوان بيزيرا " الحسنة الوحيدة" في تجربة جون إدوارد مع الزمالك.. ومجلس الإدارة "ملوش دور"    النيابة العامة تباشر التحقيق مع متهمين استغلا مشاجرة بالمنيا للتحريض الطائفي    حالة الطقس اليوم الإثنين.. أجواء خريفية على كافة الأنحاء    مصرع شاب بطلقات نارية على يد شقيقه فى قنا    بالأسماء.. 27 مصابًا في حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق «الزعفرانة - رأس غارب»    اليوم.. نظر محاكمة 4 متهمين بقضية خلية حدائق القبة    استعدادات تاريخية في قلب القاهرة لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    يعرض قريبا، كل ما تريد معرفته عن مسلسل سنجل ماذر فاذر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في محافظة قنا    وجبات عشاء خفيفة لا تسبب زيادة في الوزن    ترامب: أغادر ماليزيا بعد توقيع اتفاقيات تجارية وصفقات للمعادن النادرة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    التنظيم والإدارة ينتهي من عقد الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظيفة مدير عام بمصلحة الضرائب    بسبب خناقه مخدرات.. تحقيق عاجل مع سيدة قتلت نجلها ببولاق الدكرور    مستند رسمي.. عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب إيقاف دونجا في السوبر (صورة)    قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    شعبة السيارات: الوكلاء يدفعون ثمن المبالغة في الأسعار.. والانخفاضات وصلت إلى 350 ألف جنيه    عاد إليها بعد إصابتها بالسرطان.. الفنان ياسر فرج يروي تفاصيل ابتعاده 5 سنوات لرعاية زوجته الراحلة    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    مباريات اليوم الإثنين بمجموعتي الصعيد بدوري القسم الثاني «ب»    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    "ديلي تلجراف": لندن تبحث إقامة شراكة نووية مع ألمانيا تحسبًا لتراجع الدعم الأمني الأمريكي    «الموسيقى العربية» يسدل الستار على دورته ال 33    دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل جنوب لبنان    فنزويلا تندد بتعاون ترينيداد وتوباغو مع الاستخبارات الأمريكية وتحذر من تصعيد في الكاريبي    «التقديم متاح الآن».. رابط التسجيل في وظائف بنك مصر 2025 لخدمة العملاء    التفاصيل الكاملة لإضافة المواليد على بطاقات التموين 2025.. الأوراق المطلوبة والشروط    وصفة «الميني دوناتس» المثالية لأطفالك في المدرسة    الداخلية تضبط شخصين استغلا مشاجرة بين عائلتين بالمنيا لإثارة الفتنة    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    عبد الحفيظ: لا أميل لضم لاعب من الزمالك أو بيراميدز إلا إذا..!    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترشيد الإنفاق .. ضرورة لمواجهة الأزمة الاقتصادية
نشر في الوفد يوم 15 - 02 - 2023

أدت تداعيات جائحة كورونا وما نتج عنها من أزمات فى سلاسل الإمداد والتوريد، والحرب الروسية الأوكرانية، إلى ارتفاع جنونى فى أسعار المنتجات وخاصة السلع الغذائية، باعتبار أن روسيا وأوكرانيا من أكبر منتجى المواد الغذائية فى العالم.. ويعانى الاقتصاد العالمى من أزمات حادة، دفعت كل دولة لمواجهة أزماتها بطريقتها الخاصة، حيث قررت الحكومة المصرية أن تواجه تلك الأزمات بطرق عديدة، مالية ومصرفية، إضافة إلى طرق اقتصادية أخرى، وعلى رأسها ترشيد النفقات.
ملامح الأزمة فى مصر لها أكثر من علامة ودليل، من بينها ارتفاع حجم الدين العام إلى 6.9 تريليون جنيه خلال العام المالى المنتهى فى 30 يونيو الماضى، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار بشكل غير مسبوق، إضافة إلى ارتفاع أسعار جميع السلع.
ووسط هذه الأوضاع الصعبة، كانت هناك أعباء ضخمة على مصر، أهمها سداد فوائد وأقساط الديون، وسد عجز الحساب الجارى، وتوفير احتياجات البلاد من السلع الأساسية التى تحتاج إلى مليارات الدولارات.
وقررت الحكومة مؤخرا ترشيد الإنفاق العام للمؤسسات داخل الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية، ووقف المشروعات التى بها مكون دولارى ولم تبدأ بعد، والحد من الإنفاق على بعض المشروعات القومية، لمواجهة الأزمة الحالية وتخفيف الضغط على العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار.
ما تأثير قرارات الترشيد على الاقتصاد وعلى المواطن المصري؟. وما مصير المشروعات القائمة التى تدخل فيها مكونات مستوردة؟. وهل هناك أمور أخرى يجب أن نسير فيها لتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية؟.. الإجابة فى الملف التالى.
ضوابط لخفض الإنفاق.. فى جميع القطاعات
فى الوقت الذى تعمل فيه الحكومة على مواجهة الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر وخاصة أزمة نقص العملات الأجنبية، أصدر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى، قرارا بإلزام الوزارات والجهات الاقتصادية، بترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة فى الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية حتى نهاية العام المالى الحالي.
وبموجب الإجراءات الجديدة، سيتعين على الوزارات والحد من الإنفاق على بعض المشاريع القومية التى لم تدخل حيز التنفيذ بعد، والتى لها مكون دولارى، حتى نهاية العام المالى 2023/2022، الذى ينتهى فى يونيو المقبل.
وينص القرار على تأجيل أى مشروعات جديدة لم تدخل حيز التنفيذ ولها مكون دولارى واضح، كما سيتطلب التعامل بالنقد الأجنبى الحصول على موافقة وزارة المالية، فيما استثنى القرار بعض الوزارات والجهات التابعة لها، مثل وزارات الصحة والداخلية والدفاع والخارجية من الضوابط الجديدة، وكذلك الجهات المسئولة عن تأمين إمدادات الغذاء والطاقة.
تأتى الضوابط الجديدة التى أقرتها الحكومة فى إطار مواجهة الأزمات الناجمة عن الارتفاعات المتتالية فى أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه، إذ من المرجح أن تتسبب هذه الارتفاعات فى زيادة الضغط على الموازنة العامة مع استمرار الاعتماد على الاستيراد فى توفير عدد كبير من السلع.
وتستبعد الضوابط الجديدة تأجيل الصرف على أى احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، وتأجيل أنشطة مثل مهمات السفر للخارج والأنشطة الترفيهية وحضور المؤتمرات والحفلات، كما يحظر الصرف على المنح والبرامج التدريبية ومكافآت التدريب والمنح الدراسية فى الداخل والخارج.
وحول ترشيد الإنفاق فى باب الأجور وتعويضات العاملين، نص القرار على ترشيد الإنفاق بمعدل 2.5% من المخصصات، وخفض بدل حضور الجلسات واللجان بنسبة 50%، مع حظر زيادة عدد الاجتماعات أو حضور الجلسات عن العام المالى الماضى، حيث تبلغ مخصصات الأجور خلال العام المالى الحالى نحو 400 مليار جنيه مقابل نحو 357 مليار جنيه خلال العام المالى الماضى.
وفيما يتعلق بترشيد الإنفاق على الباب الثانى فى الموازنة، وهو شراء السلع والخدمات، قرر رئيس الوزراء حظر الصرف على تكاليف البرامج التدريبية ونفقات النشر والإعلان والدعاية والحفلات والاستقبالات والشئون والعلاقات العامة، والاعتمادات المخصصة للعلاقات الثقافية فى الخارج ومستلزمات الألعاب الرياضية، وحظر الصرف على الاشتراك فى المؤتمرات فى الداخل والخارج من دون الحصول على موافقة مسبقة، إضافة إلى حظر الصرف على بدل انتقال السفر بالخارج.
وقرر رئيس الوزراء حظر الصرف على الخدمات الاجتماعية والرياضية لغير العاملين، والإعانات لمراكز الشباب، وذلك بخلاف الإعانات الاجتماعية والمعاشات الضمانية، وحظر الصرف على الجوائز والأوسمة، حيث تمثل مخصصات الأبواب الثلاثة السابقة نحو 43.9% من إجمالى الإنفاق الحكومى خلال العام المالى الحالي.
ومن جانبه قال الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادى ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية سابقا، إن قرارات ترشيد الإنفاق ووقف المشروعات ذات المكون الدولارى، سوف تساعد بشكل كبير فى تقليل الدولار وتخفيض الواردات بشكل عام.
وأضاف «عبدالمطلب» أنه يجب الأخذ فى الاعتبار أن هذا القرار ليس جديدا بنسبة 100% وإنما يطلق عليه منشور إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة فى العام المالى الجديد 2023/2024، والذى من المفترض عرضها على مجلس النواب خلال الفترة من مارس إلى نهاية مايو 2023.
وأوضح أن الجديد فى القرارات هذا العام هو التنبيه بشكل قاطع على كافة الجهات التابعة للموازنة العامة للدولة بعدم البدء فى مشروعات جديدة ذات مكون دولارى، لأنه فى المرات السابقة كان يمكن أخذ موافقة وزراء التخطيط والمالية ثم يرفع الأمر إلى رئيس الوزراء فيما بعد للاعتماد، أما هذه المرة فقد نص القرار على موافقة رئيس الوزراء شخصيا وعدم الحاجة إلى العرض على الوزراء كما كان يحدث مسبقا، وهذا يشير إلى الجدية فى تنفيذ القرارات هذه المرة، وفقا للخبير الاقتصادى عبدالنبى عبدالمطلب.
وأكد «عبدالمطلب» أن متابعة هذه القرارات ستؤدى إلى تحقيق الأهداف المرجوة منها، وأهمها تقليل الطلب على الدولار وتوقف المشروعات التى تحتاج إلى مكون دولاري.
وتابع: «علينا أن نضع فى الاعتبار أن قرارات ترشيد الإنفاق تسرى على المشروعات الموجودة داخل الموازنة العامة للدولة فقط، وتستثنى منها بعض الجهات مثل القوات المسلحة والشرطة، كما نص القرار على استثناء بعض الوزارات مثل الصحة وعدد من القطاعات الأخرى نظرا للدور الحيوى الذى تقوم به، سواء فى توفير مستلزمات هامة للمجتمع مثل الأدوية واللقاحات وغيره، أو سلع استراتيجية مهمة مثل القمح والزيوت والسلع الغذائية المهمة».
وأشار إلى أن هذه القرارات لا تنطبق أيضاً على المشروعات التى يتم تمويلها من خارج الموازنة العامة للدولة مثل العاصمة الإدارية وبعض المبانى ذات الأهمية الاستراتيجية التى تعامل معاملة خاصة، ومن هنا فإن هذا القرار يسرى فى نطاق المشروعات المتعلقة بالموازنة العامة.
وأكد الخبير الاقتصادى أن ضغط الإنفاق سيؤثر على نشاط القطاع الخاص الذى يعمل بنظام مقاول الباطن، كما سيقلل فرص النمو الاقتصادى والاستثمار الحكومى، وبالتالى انخفاض فرص العمل.
وفيما يتعلق بالمشروعات ذات المكون الدولارى التى بدأ تنفيذها، أشار «عبدالمطلب» إلى أنه سيتم استكمالها، لأن عدم استكمالها سوف يكون له أضرار أكبر من منافع توقفها وتوفير النقد الأجنبى، لكن سوف تكون هناك محاولات جادة لإيجاد بدائل محلية الصنع لاستكمال هذه المشروعات، وفى حالة عدم التمكن من هذه البدائل سوف يكون اللجوء إلى المكونات المستوردة التى تحتاج إلى مكون دولارى فى أضيق الحدود.
دراسات الجدوى.. تحدد مصير «المشروعات الدولارية»
نفذت مصر عدداً كبيراً من المشروعات خلال السنوات الماضية فى إطار رؤية مصر 2030، التى تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة فى كل المجالات.
ومن ضمن هذه المشروعات، عدد لا بأس به ذو مكون دولارى، حصلت مصر بموجبها على قروض خارجية بمليارات الدولارات من أجل تنفيذها، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتنفيذ عدد آخر من المشروعات خلال السنوات المقبلة.
بعد إصدار قرارات ترشيد الإنفاق فى ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تعيشها البلاد، ظهرت تساؤلات عديدة حول مصير هذه المشروعات سواء التى بدأت بالفعل وقاربت على الانتهاء، أو التى لم تبدأ حتى الآن، هل ستستمر الدولة فى تنفيذها أم ستتوقف عنها حتى نخرج هذه الأزمة؟.
من جانبه، قال طلعت خليل، عضو مجلس النواب سابقا ومقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة فى الحوار الوطنى، إن المشروعات التى يتم تنفيذها خلال السنوات الماضية ويطلق عليها مشروعات قومية تمت بدون دراسات كافية عليها.
وأضاف «خليل» أن هذه المشروعات من المفترض أن لها تكلفة وسيكون لها عائد، ومن ضمنها المونوريل والقطار السريع والعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وغيرها، التى أصبحت واقعا لن نستطيع تغييره الآن.
وتابع: «ما يشغل بالنا حاليا هو ما الإيرادات التى سوف تدرها هذه المشروعات فى ظل الأزمة الاقتصادية غير العادية الحالية، ونريد أن نعلم هل هذه الإيرادات ستغطى تكلفتها أم لا، وهل ستغطى آجال القروض حين يحل أجلها أم لا، لأن هذه القروض حصلنا عليها بالعملة الأجنبية، وأصحابها لن يصبروا على الدولة المصرية».
وأضاف: يجب على الحكومة أن ترد على تساؤلات المواطنين حول هذه المشروعات، وإذا كانت الإجابة بأن هناك عائدا منها إذن يتم استكمال المشروعات، وإذا لم يكن هناك عائد يتم إيقاف هذه المشروعات حتى نخرج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التى نعيشها الآن، قائلا «وقف المشروعات عادى ومش عيب».
وأكد «خليل» أن المعيار فى استكمال المشروعات هو الإيرادات وهل هذه الإيرادات تغطى تكاليف التشغيل وسداد القروض أم لا، مضيفاً: «أى مشروع لم يبدأ بعد والمكون الدولارى هو الأصل فى تمويله ولن يضيف شيئا فى التنمية الشاملة، يجب أن يتوقف حتى لا نضغط على تدبير العملات الأجنبية، بالإضافة إلى المشروعات التى ليس لها جدوى اقتصادية.
خبراء: خطوة جيدة.. تأخرت سنة كاملة
شهدت مصر خلال الشهور الماضية أزمة قوية فى توفير العملات الأجنبية، أدت إلى ارتفاع أسعار الصرف أمام الجنيه المصرى وخاصة الدولار، العملة الرئيسية فى التجارة العالمية.
أدت هذه الأزمة إلى انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار لمستويات تاريخية، وصلت فى بعض الأحيان إلى 32 جنيها للدولار مقارنة 18 جنيها حتى شهر أكتوبر الماضي.
هذه الأزمة تسببت فى اتخاذ البنك المركزى قرارات بتعويم الجنيه فى شهر أكتوبر الماضى بعدما أقر آلية تحديد سعر صرف قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب فى إطار نظام سعر صرف مرن، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار ليتراوح من 22 إلى 24 جنيها، ثم قفز مرة أخرى مع بداية 2023 ليصل حاليا إلى 29.80 جنيه.
يأتى ذلك فى ظل حاجة مصر إلى تغطية التزاماتها من النقد الأجنبى لسداد أقساط وفوائد الديون وتغطية عجز الحساب الجارى، حيث تحتاج إلى نحو 35 مليار دولار خلال العام المالى الجارى 2022/ 2023، وفقا للجنة الخطة والموازنة.
وقال الدكتور على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن قرارات ترشيد الإنفاق ستسهم فى تقليل الضغط على العملة الأجنبية والنقد الأجنبي.
وأضاف «الإدريسى» أن تلك القرارات تنعكس بشكل أفضل على الاقتصاد المصرى من خلال تقليل فاتورة الاستيراد وخفض الضغط على زيادة العجز فى الميزان التجارى، مشيرا إلى أن القرارات جاءت متأخرة، لأن مصر فى دوامة النقد الأجنبى منذ شهر مارس الماضى أى اقتربنا من العام الآن، ومعنى أن يتم الإعلان عن قرارات ترشيد الإنفاق فى الوقت الراهن فهذا أمر يشير إلى أننا متأخرون جدا، قائلا: «الحكومة كانت فين من سنة».
وأوضح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن تأخير إصدار هذه القرارات لم يكن فى صالح الاقتصاد المصرى، لأنها لو اتخذت منذ اليوم الأول للأزمة مع سرعة القرارات التى يتم اتخاذها فى هذا الصدد من جهات مختلفة فى الدولة لكان الوضع تغير، إلا أنها فى المجمل قرارات جيدة، وخاصة عدم البدء
فى أى مشروعات جديدة لها مكون دولارى، وترشيد السفر للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة للخارج إلا فى حالات الضرورة القصوى، وإذا كانت الجهة الداعية هى التى ستتكفل بالمصاريف بشكل عام.
وأوضح أن استبعاد عدد من الوزارات السيادية من قرار ترشيد الإنفاق مثل الداخلية والدفاع والتعليم والصحة والخارجية، جاء لأننا مضطرون إلى استثنائها، لكن باقى الجهات الحكومية والهيئات الاقتصادية المختلفة ستكون خاضعة للقرار، كما أن فكرة تقييم تنفيذ القرارات من وزارة المالية كل شهرين جيدة جدا لمعرفة أوجه الإنفاق بشكل دقيق.
وتابع: «هذا القرار سيكون حتى نهاية العام المالى الحالى فقط أى 6 أشهر حتى نهاية يونيو القادم، ولكننا كنا نتمنى أن يكون لفترة أطول قد تكون 4 أو 5 سنوات، حتى نستعيد التوازن الاقتصادى وتقليل العجز فى الميزان التجارى، ونحقق استقرار أكبر لسعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى».
وفيما يتعلق بتنفيذ المشروعات ذات المكون الدولارى، قال «الإدريسى» إن هذه المشروعات تضغط على طلب العملات الأجنبية أمام الجنيه المصرى بشكل كبير، ولذلك حان الوقت لإفساح المجال للقطاع الخاص بأن يقوم بتنفيذ هذه المشروعات سواء بالدولار أو الجنيه، مع ضرورة العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وعدم دخول الحكومة فى مشروعات بها مكون دولارى فيما بعد إلا إذا كان المشروع معروف للجميع مدى جدواه الاقتصادية وسيغطى تكاليفه فى مدى زمنى قياسى، لكن تنفيذ مشروعات جدواها الاقتصادية وتغطية تكاليفها طويلة الأجل على مدى 20 أو 30 سنة لن تصلح فى الظروف الاقتصادية ويجب أن نتركها للقطاع الخاص.
ولفت إلى أن الدولة يجب أن تنوع استثماراتها ما بين الاستثمارات طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل، ولا تركز فقط على المشروعات طويلة الأجل مثلما حدث فى مصر خلال السنوات الماضية، لأن الدخل العائد من المشروعات قصيرة الأجل يتم استثمارها فى متوسطة الأجل وهكذا، لكن التركيز على المشروعات طويلة الأجل فقط لن يمكن الدولة من الاستمرار فى الاستثمار وستضطر إلى الاقتراض.
وأوضح «الإدريسى» أن المشروعات التى بدأت وبها مكون دولارى لن تتوقف وسيتم استكمالها، لأن عدم استكمالها خسارة أكبر للدولة، لأنها لابد من استكمالها حتى نستطيع تشغيلها ونحصل على التكاليف والأرباح المستهدفة، أما المشروعات التى تم الاتفاق عليها سواء بمذكرات تفاهم أو اتفاقيات معينة، من الممكن أن تؤجل لإشعار آخر، لأن توقيع الاتفاقيات أو مذكرات التفاهم قد لا تكون ملزمة فى بعض الأحيان، أو من الممكن البدء فى بعضها إذا كانت مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص وبقروض وشروط ميسرة، مشيراً إلى أن هذا النوع من المشروعات بها تسهيلات كبيرة ولن تكون العقبة فى الأزمة الاقتصادية.
وأضاف أن هناك توقعات بانخفاض معدل النمو إلى 4% بعدما كان 4.4% وهذا نوع من الانكماش الاقتصادى بسبب ظروف محلية وعالمية وليس محلية فقط، ولذلك نحتاج الفترة المقبلة إلى تحقيق استقرار لسعر صرف الجنيه وتهيئة مناخ الاستثمارات بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وعلاج عجز الميزان التجارى، وإعادة الثقة المتبادلة مع القطاع الخاص، وتحريك عجلة الإنتاج مرة أخرى وتشغيل المصانع المتوقفة بسبب مشكلات الاستيراد.
حل مشكلات القطاع الصناعى.. يعزز معدل النمو
قطاعات عديدة ستعانى خلال الفترة المقبلة، فى ظل الأزمة الاقتصادية وقرارات ترشيد الإنفاق وعدم البدء فى مشروعات ذات مكون دولارى، من أبرزها القطاع الصناعى.
فقد أدت الأزمة الاقتصادية واتفاق الحكومة مع صندوق النقد على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار، إلى إلغاء تشوهات أسعار الفائدة فى القطاع المصرفى، وإلغاء مبادرة دعم الصناعة ذات الفائدة 8%.
يأتى ذلك وسط توقعات بانخفاض معدل النمو بنهاية العام المالى الحالى 2022/2023، إلى 4% بعدما كانت التوقعات تشير إلى أنه سيبلغ 4.4%، فيما خفضت الحكومة توقعاتها إلى 5% مقارنة ب5.5%.
ولمواجهة هذه التأثيرات السلبية المتوقعة على الاقتصاد بشكل عام، وقطاع الصناعة بشكل خاص، أعدت الحكومة مبادرة جديدة لدعم الصناعة بهدف توفير تمويلات بفائدة ميسرة للتوسع فى المشروعات القائمة، وإنشاء أخرى جديدة لتحقيق خطة الدولة فى زيادة الصادرات وخفض فاتورة الواردات.
وتبلغ القيمة الإجمالية للمبادرة التى تستمر لمدة 5 سنوات نحو 150 مليار جنيه، منها نحو 140 مليار جنيه تمويل عمليات رأس المال العامل، إضافة إلى نحو 10 مليارات جنيه لتمويل شراء السلع الرأسمالية، بفائدة 11%.
كما سيتم تحديد حجم الائتمان المتاح لكل شركة فى ضوء حجم أعمالها والقواعد المصرفية المنظمة لذلك، على أن يكون الحد الأقصى للتمويل 75 مليون جنيه، وتتحمل الدولة الفرق فى سعر الفائدة.
وبلغت قيمة الناتج الصناعى فى مصر خلال 2021 نحو 982 مليار جنيه، ووصلت استثمارات القطاع إلى نحو 49 مليار جنيه خلال العام المالى الماضى 2020/2021 تمثل نحو 6% من إجمالى الاستثمارات العامة.
وأكد الدكتور محمد حلمى هلال، رئيس مجلس أمناء مدينة العاشر من رمضان الصناعية، أن القطاع الصناعى سوف يتأثر بقرارات ترشيد الإنفاق والأزمة الاقتصادية الحالية.. وقال: «مشكلة القطاع تتمثل فى أنه أكثر القطاعات استيعابا للعمالة وخاصة الصناعات الكثيفة، ونتمنى ألا تجبر الأعباء الاقتصادية الجديدة المستثمرين على تخفيض عدد العمالة، خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانون منها فى ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات، ولذلك لابد أن نعمل الفترة المقبلة على تحسين أحوال العمال وليس تخفيض أعدادهم.
وأوضح «هلال» أن القطاع الصناعى يعانى حاليا وسيستمر فى المعاناة خلال الفترة المقبلة ونحن مستعدون لذلك.. وقال «لابد أن يتكاتف الجميع مع بعضهم البعض سواء مسئولين حكوميين أو مستثمرين للخروج من الأزمة الحالية بأقل الخسائر، والتركيز مع المستثمرين على زيادة الإنتاج، والابتعاد عن الإجراءات الروتينية من الجهات الحكومية وخاصة البيئة والحماية المدنية، لأن موظفى هذه الجهات يتسببون فى متاعب كثيرة للمجتمع الصناعى ويؤثرون بشكل ما على سير العمل والإنتاج، بسبب إجراءاتهم الروتينية والمخالفات التى يحررونها وتستغرق وقتا كثيرا من المسئولين للتركيز فيها بدلا من التركيز على التفكير فى زيادة الإنتاج ومصلحة الاقتصاد بشكل عام، خاصة أن هناك اتجاهاً من الدولة حاليا لجذب الاستثمارات وتهيئة مناخ الاستثمار الجيد عن طريق تسريع الإجراءات والقضاء على الروتين».
وفيما يتعلق بتأثير قرارات ترشيد الإنفاق على المشروعات، قال «هلال» إنه إذا كان هناك مشروعات جديدة بها مكون دولارى من الممكن أن نؤجلها، أما توقف المشروعات القائمة فسيكون إجراء غير صحيح، لأنها تكلفت استثمارات بالمليارات وإذا توقفت الآن سوف تتكلف مليارات أكبر عند استكمالها مرة أخرى.
وأكد أهمية استكمال المشروعات القائمة بأى شكل من الأشكال، مع محاولة تقليل التكلفة قدر المستطاع لأنها ضرورة، أما المشروعات الجديدة فإنه من الممكن تأجيلها لأنها لم تبدأ بعد، وهذا يتماشى مع فقه الأولويات حسب الاحتياج والأوضاع القائمة واتخاذ أفضل الحلول.
وأشار رئيس مجلس أمناء مدينة العاشر من رمضان الصناعية، إلى أن قرارات ترشيد الإنفاق سوف تؤثر سلبا بالتأكيد على الاستثمار والمستثمرين، لأن الفترة الماضية كان المستثمرون يعانون بشدة من عدم توافر المواد الخام ومستلزمات الإنتاج بسبب مشكلات توقف الاستيراد، كما أن التكلفة سوف ترتفع بنسبة أكبر، فضلا عن المشكلات الخاصة بالعمال فى المصانع المختلفة، لأن زيادة التكلفة على المستثمرين مع ارتفاع الأسعار على المواطنين، يجبر صاحب العمل على التفكير فى أحوال العمال وعدم الاستغناء عنهم بل رفع مرتباتهم، ولذلك فالأمور صعبة.
أما بخصوص إيجابيات القرار، فإنها تتمثل فى إعادة الحكومة النظر فى مشروعات كثيرة كانت قد بدأت فيها واستكمالها بطريقة صحيحة، حتى تدر عوائد سريعة للدولة تعوض التكاليف التى تم إنفاقها عليها، والتركيز أكثر على المشروعات التى انتهت حتى نستطيع تشغيلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.