ترشيد الإنفاق شعار زائف ترفعه حكومة الانقلاب وتريد فرضه على الشعب المصري الذي يعيش أكثر من 70 مليونا من أبنائه تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي، وتعجز الغالبية العظمى من المصريين عن شراء حاجاتها الضرورية اليومية . في المقابل هناك حالة من السفه والتبذير والفساد ونهب المليارات من جانب عصابة العسكر التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وترفع أسعارها أو تفرض رسوما وضرائب عليها في إطار خطة استنزاف وتجويع المصريين حتى لا يثوروا على نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي. طريقة السيسي في ترشيد الانفاق تقوم على تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي وغيره من العملات الأجنبيه حتى لا يستطيع المصريون شراء احتياجاتهم، وبالتالي فهم غير مقصودين بترشيد الإنفاق بالمرة، لأنهم ليس لديهم ما يرشدونه في حين أن الأجانب تصبح الأسعار أمامهم رخيصة لأن قيمة العملات الخاصة بهم ترتفع مقابل الجنيه، وبالتالي فهم يستطيعون الشراء والتملك بدون حدود، وهذا ما عبر عنه الشاعر أحمد شوقي منذ زمن طويل فقال : بلد سال النضار به للوافدين وأهلوه على سغب
القطاع الصناعي
من جانبه حذر الدكتور محمد حلمي هلال، رئيس مجلس أمناء مدينة العاشر من رمضان الصناعية، من أن القطاع الصناعي سوف يتأثر بقرارات ترشيد الإنفاق والأزمة الاقتصادية الحالية. وقال هلال في تصريحات صحفية "مشكلة القطاع تتمثل في أنه أكثر القطاعات استيعابا للعمالة خاصة الصناعات الكثيفة، ونتمنى ألا تجبر الأعباء الاقتصادية الجديدة المستثمرين على تخفيض عدد العمالة، مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات، مطالبا بالعمل على تحسين أحوال العمال وليس تخفيض أعدادهم". وأوضح أن القطاع الصناعي يعاني حاليا وسيستمر في المعاناة خلال الفترة المقبلة، مشددا على ضرورة أن يتكاتف الجميع للخروج من الأزمة الحالية بأقل الخسائر، والتركيز مع المستثمرين على زيادة الإنتاج، والابتعاد عن الإجراءات الروتينية من الجهات الحكومية خاصة البيئة والحماية المدنية، لأن موظفي هذه الجهات يتسببون في متاعب كثيرة للمجتمع الصناعي ويؤثرون بشكل ما على سير العمل والإنتاج، بسبب إجراءاتهم الروتينية والمخالفات التي يحررونها وتستغرق وقتا كثيرا من المسئولين للتركيز فيها بدلا من التركيز على التفكير في زيادة الإنتاج ومصلحة الاقتصاد بشكل عام. وفيما يتعلق بتأثير قرارات ترشيد الإنفاق على المشروعات، قال هلال "إذا كان هناك مشروعات جديدة بها مكون دولاري من الممكن أن نؤجلها، أما توقف المشروعات القائمة فهو إجراء غير صحيح، لأنها تكلفت استثمارات بالمليارات وإذا توقفت الآن سوف تتكلف مليارات أكبر عند استكمالها مرة أخرى". وأكد أن قرارات ترشيد الإنفاق سوف تؤثر سلبا بالتأكيد على الاستثمار والمستثمرين، لأن الفترة الماضية كان المستثمرون يعانون بشدة من عدم توافر المواد الخام ومستلزمات الإنتاج بسبب مشكلات توقف الاستيراد، كما أن التكلفة سوف ترتفع بنسبة أكبر، فضلا عن المشكلات الخاصة بالعمال في المصانع المختلفة، لأن زيادة التكلفة على المستثمرين مع ارتفاع الأسعار على المواطنين، يجبر صاحب العمل على التفكير في أحوال العمال وعدم الاستغناء عنهم بل رفع مرتباتهم، ولذلك فالأمور صعبة.
قرارات متأخرة
وقال الدكتور علي الإدريسى، أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن "قرارات ترشيد الإنفاق جاءت متأخرة، لأن مصر في دوامة النقد الأجنبي منذ شهر مارس الماضي أي اقتربنا من العام الآن، ومعنى أن يتم الإعلان عن قرارات ترشيد الإنفاق في الوقت الراهن فهذا أمر يشير إلى أننا متأخرون جدا، متسائلا حكومة الانقلاب كانت فين من سنة ؟ وأكد «الإدريسي» في تصريحات صحفية أن تأخير إصدار هذه القرارات لم يكن في صالح الاقتصاد المصري، لأنها لو اتخذت منذ اليوم الأول للأزمة مع سرعة القرارات التي يتم اتخاذها في هذا الصدد من جهات مختلفة لكان الوضع قد تغير، مشددا على ضرورة عدم الدخول في أي مشروعات جديدة لها مكون دولاري، وترشيد السفر للعاملين بالجهاز الإداري لدولة العسكر للخارج إلا في حالات الضرورة القصوى، وإذا كانت الجهة الداعية هي التي ستتكفل بالمصاريف بشكل عام. وأوضح أن قرار ترشيد الإنفاق سيكون حتى نهاية العام المالي الحالي فقط أي 6 أشهر حتى نهاية يونيو القادم، وكان من المفترض أن يكون لفترة أطول قد تكون 4 أو 5 سنوات، حتى نستعيد التوازن الاقتصادي وتقليل العجز في الميزان التجاري، ونحقق استقرار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى. وحول المشروعات ذات المكون الدولاري، قال الإدريسي إن "هذه المشروعات تضغط على طلب العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري بشكل كبير، ولذلك حان الوقت لإفساح المجال للقطاع الخاص ليقوم بتنفيذ هذه المشروعات سواء بالدولار أو الجنيه، مع ضرورة العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وعدم دخول حكومة الانقلاب في مشروعات بها مكون دولاري فيما بعد إلا إذا كان المشروع جدواه الاقتصادية معروفة للجميع ويغطي تكاليفه في مدى زمني قياسي، لكن تنفيذ مشروعات جدواها الاقتصادية وتغطية تكاليفها طويلة الأجل على مدى 20 أو 30 سنة لن تصلح في الظروف الاقتصادية الحالية". وطالب بتنويع الاستثمارات ما بين الاستثمارات طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل، وعدم التركيز فقط على المشروعات طويلة الأجل مثلما حدث خلال السنوات الماضية، لأن الدخل العائد من المشروعات قصيرة الأجل يتم استثماره في متوسطة الأجل وهكذا، لكن التركيز على المشروعات طويلة الأجل فقط لن يمكن دولة العسكر من الاستمرار في الاستثمار وستضطر إلى الاقتراض. وحذر الإدريسي من وقف المشروعات التي بدأت وبها مكون دولاري لأن عدم استكمالها خسارة أكبر، وبالتالي لابد من استكمالها حتى نستطيع تشغيلها ونحصل على التكاليف والأرباح المستهدفة، أما المشروعات التي تم الاتفاق عليها سواء بمذكرات تفاهم أو اتفاقيات معينة، من الممكن أن تؤجل لإشعار آخر، أو من الممكن البدء في بعضها إذا كانت مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص وبقروض وشروط ميسرة، مشيرا إلى أن هذا النوع من المشروعات به تسهيلات كبيرة ولن تكون عقبة في الأزمة الاقتصادية. وشدد على ضرورة تحقيق استقرار سعر صرف الجنيه وتهيئة مناخ الاستثمارات بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وعلاج عجز الميزان التجاري، وإعادة الثقة المتبادلة مع القطاع الخاص، وتحريك عجلة الإنتاج وتشغيل المصانع المتوقفة بسبب مشكلات الاستيراد.