ضربت وزارة الاستثمار الرقم القياسي في عدد الوزراء الذين تعاقبوا عليها خلال الفترة من شهر 7-2010 حتى الآن بلغ عددهم 8 وزراء تولوا مسئولية الوزارة وبالتالي شركات قطاع الأعمال العام، وهو ما انعكس سلباً على حال الوزارة والشركات. على مدى 3 سنوات مثل قطاع الأعمال العام أزمة داخل التشكيل الوزاري أظهرت وبشكل واضح مدى التجاهل الذي يحظى به هذا القطاع الساقط من الاهتمام الحكومي، تراجعت الأرباح وانخفاض الاستثمارات وغياب خطط التطوير وعادت الشركات تدخل في دائرة السحب على المكشوف من البنوك لتمويل اعمالها مما ينذر بالسقوط من جديد في هوة الديون البنكية وفوائدها. في نفس الوقت تزايدت المطالب الفئوية في القطاع والتهمت العوائد القليلة المحققة. القصة بدأت منذ استقالة الدكتور محمود محى الدين وزير الاستثمار الأسبق من منصبه لتولي منصب مدير بالبنك الدولي في شهر يوليو 2010 ومنذ هذا اليوم والوزارة متأرجحة لا تستقر على حال اذ تم اسناد مهمة الاشراف على الوزارة الى المهندس رشيد محمد رشيد وزيرالتجارة والصناعة الأسبق بصفته الوزير البديل للاستثمار وخلال الفترة البسيطة التي تولى فيها رشيد مسئوليات الوزارة كانت في المرتبة الثانية من اهتمامه، وبالتالي لم تشهد أي تحرك وظهرت في هذا الوقت فكرة الغاء وزارة الاستثمار والاكتفاء بجهاز لادارة قطاع الاعمال العام، وهو ما لم يحدث بسبب قيام الثورة وخروج المهندس رشيد وتولت بعدها سميحة فوزي مسئولية الوزارة والشركات أيضاً كأمر تابع لوزارة الصناعة والتجارة. وبعد خروج سميحة فوزي من الوزارة استمرت الوزارة شاغرة لفترة ما إلى أن تم اسناد مهمة الاشراف على الشركات الى المهندس عادل الموزي رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية وبعدها عادت الوزارة الى الوجود وتم اسنادها الى الدكتور على السلمي الذي لم يستمر طويلاً ليعود الاشراف على القطاع مرة أخرى الى المهندس «الموزي» وبعد اعتذاره لأسباب صحية أسند الاشراف الى اللواء محمد يوسف رئيس الشركة القابضة للنقل البري والبحري، وفي شهر يوليو الماضي وبعد انتخابات الرئاسة تم اسناد الوزارة الى اسامة صالح الذي كان يشغل قبلها منصب رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ولم يكمل الرجل عاماً وترك الوزارة ليتم اسنادها الى المستشار يحيى حامد الوزير الجديد. وتعد السنوات الثلاث الماضية من أسوأ الأعوام التي مرت على الوزارة بجناحيها سواء الاستثمار أو قطاع الأعمال العام، ففي الاستثمار انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى أدنى معدل لها لتصل الى أقل من 250 مليون دولار في 2012 بانخفاض يزيد على 95٪ عما كانت عليه قبل الثورة وتعد قضية جذب الاستثمارات جوهرية ومحورية في المرحلة القادمة وهو ما يحتاج الى اجراءات ربما لاتقع كلها على عاتق الوزارة إذ إن اغلبها مرتبط بالأمن والاستقرار. أما في قطاع الأعمال العام فيبدو أن فكرة فصله ليكون وزارة منفصلة ليست في خطط الحكومة الحالية والبعض يلمح الى أن تطبيق الصكوك سوف يطالب أولا عدداً من الشركات التابعة للقطاع التي تتكون من 9 شركات قابضة تضم نحو 147 شركة تابعة ويعمل بها نحو 310 آلاف عامل. ويبدو أيضاً أن انخفاض الأرباح المجمعة لشركات قطاع الأعمال العام سيكون سيد الموقف لسنوات قادمة حيث تؤكد نتائج الأعمال أن ارباح القطاع كانت في عام الثوار 3.8 مليار جنيه في مقابل 4.9 مليار جنيه في العام السابق عليه 2009 - 2010 وتمثل نسبة الانخفاض نحو 20٪ أما في العام المالي 2011 - 2012 فإن المؤشرات تؤكد انخفاض الأرباح المحققة الى أقل من 2 مليار جنيه وتشكل الشركات التابعة لقطاع السياحة الأكثر تأثرا بسبب تراجع ايراداتها نتيجة تأثر قطاع السياحة سلبياً بعد الثورة بالاضافة الى شركات الدواء التي انخفضت ارباحها الى النصف فضلاً عن استمرار خسائر شركات الغزل والنسيج التي تعد القطاع الذي تخسر جميع شركاته وتؤثر خسائره على النتائج المجمعة لقطاع الأعمال العام. المشكلة الأكثر وضوحاً هى غياب الاستثمارات الجديدة في الشركات نتيجة الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الدولة وأصبحت فكرة التمويل الذاتي بعيدة بسبب الظروف المالية الصعبة للشركات مما دفع عددا من الشركات الى اللجوء للبنوك للحصول على قروض لتمويل عملياتها العاجلة واحتياجات التشغيل. يضاف الى ذلك غياب خطط التطوير رغم الاعلان أكثر من مرة عن وجود دراسات خاصة بتطوير قطاع الأعمال العام ولكنها حتى الآن لم تظهر على السطح ولا ظهرت لها ملامح واضحة. وفي محاولة من يحيى حامد الوزير الجديد لارسال رسالة اهتمام بالقطاع فقد بدأ مهامه بعقد اجتماع مع مسئولي ملف شركات قطاع الاعمال العام، وقال: إنه سيتم وضع روشتة عاجلة لعلاج مديونيات هذه الشركات التابعة للدولة، بحثاً عن ايجاد آلية فاعلة وسريعة لتطوير اداء الشركات ورفع كفاءات العاملين بها، بما يحقق افضل العوائد المرجوة مشدداً على أن الشركات تمتلك كفاءات وكوادر مميزة وذات خبرة تحتاج الى أسلوب ادارة ناجح، كما وجه «حامد» الى ضرورة القيام بزيارات ميدانية دورية لهذه الشركات على مدار الشهر، وذلك من أجل رصد الواقع الفعلي لها وايجاد افضل الحلول لمشكلاتها، هذا مع إعطاء الاولوية لتنشيط ودعم القطاع الخاص حتى يتمكن من الدخول في شراكات استثمارية ناجحة مع الدولة وهو ما يعكس فكرة التوسع في مشاركات القطاع الخاص في شركات قطاع الأعمال العام في الفترة القادمة.