رغيف الخبر مشكلة كبيرة تواجه عددا كبيرا المواطنين، فالمحرومون من بطاقة التموين يعانون الويل بسبب «رغيف العيش السياحى» الذى أصبح يفوق قدرات عدد كبير منهم، فمع كل أزمة دولية أو محلية ترتفع أسعار العيش السياحى، الذى يصل فى بعض الأماكن إلى جنيهين للرغيف الكبير، أما الصغير الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع فيتراوح سعره بين جنيه وجنيه وربع، ولذلك تفكر وزارة التموين والتجارة فى تنفيذ مقترح شعبة المخابز بإصدار كارت ذكى للخبز الحر لغير حاملى البطاقات التموينية، الأمر الذى لاقى ترحيبًا من الجميع لما فيه من تخفيف عن كاهل المواطنين. يعتبر رغيف العيش هو الغذاء اليومى للمواطنين، وواحد من أهم السلع التى تدعمها الدولة بشكل كبير وتخصص له ميزانية ضخمة سنوية لأنه «قوت الغلابة»، ولذلك قررت الدولة فى عام 2014 تطبيق منظومة صرف الخبز من خلال البطاقات الذكية للقضاء على الطوابير من ناحية، وبيع الدقيق المدعم من ناحية أخرى، ومنحت المنظومة المواطنين الفرصة لصرف سلع بديلة عن كمية الخبز التى يتنازلون عن صرفها خلال الشهر. وتتضمن المنظومة صرف الدقيق لأصحاب المخابز البلدية بالسعر الحر، ليحص المواطن على الرغيف بسعر 5 قروش فقط، على أن تقوم الدولة بدفع الفارق لأصحاب المخابز. ونتيجة لتطبيق تلك المنظومة أعلن الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية سابقًا خلال افتتاح المؤتمر الثالث لتكنولوجيا صناعة الحبوب ومنتجاتها، أن المنظومة الجديدة قضت على المهدر من الدقيق والخبز فى المنظومة القديمة والذى يقدر بنحو 11 مليار جنيه، وأن 90% من المواطنين الذين لديهم بطاقات تموينية وبطاقة صرف خبز يوفرون فى استهلاك الخبز، ويحصلون على سلع غذائية مجانية بقيمة 500 مليون جنيه شهريا تحديات وعلى الرغم من تلك النتائج إلا أن المنظومة، واجهت عدة مشاكل، حيث نشبت أزمة بين وزارة التموين والمخابز فى يناير 2015، بسبب الكارت الذكى، وذلك بسبب تكرار أعطال ماكينات صرف الخبز، وقيام مفتشى التموين بتحرير محاضر غلق للمخابز دون وجه حق، خاصة مع عدم وجود لائحة للجزاءات فى المنظومة الجديدة، بالإضافة إلى وجود اختلالات، كعدم انتظام صدور البطاقات الذكية لجميع المستفيدين من منظومة الدعم حيث كانت نسبة قليلة تتراوح بين 5% و10% منهم لا يزالون يتعاملون بالبطاقات الورقية، لكن بمرور الوقت حدث استقرار فى المنظومة، وتم القضاء على ظاهرة بيع الدقيق فى السوق السودا. ومع ذلك ظلت أزمة المحرومين من بطاقات تموينية قائمة، فأسعار العيش السياحى ترتفع باستمرار ولذلك أعلنت وزارة التموين دراسة مقترح شعبة المخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية باستخراج كارت ذكى لمن لا يحملون بطاقات تموينية يتم شحنه مثل كروت الكهرباء، لشراء الخبز من المخابز التى تعمل ضمن المنظومة ب65 قرشا فقط للرغيف. وقال عبدالله غراب، رئيس الشعبة العامة للمخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن وزارة التموين ستنتهى من دراسة مقترح الشعبة خلال الشهر القادم لتوفير الخبز الحر لغير حاملى البطاقات التموينية من خلال المخابز البلدية، مؤكدًا عن أن هذا المقترح سبق وتم عرضه، ولكن تأخر تطبيقه بسبب التحديث الذى يتم على السيستم الخاص بماكينات صرف المخابز البلدية ليشمل الرغيف المدعم والحر معًا، لافتًا إلى أن هذا الكارت سيقدم للمواطن الخبز الحر بمواصفات المدعم، ويمكن شراء بطاقة الخبز الحر من مكاتب البريد، ومن المقرر أن تنقسم الكروت إلى 3 فئات وهي: 20 و50 و100 جنيه حسب الاحتياجات الشهرية، مؤكدًا على أن البنية التحتية ستستوعب هذا المشروع، فهذا الكارت هو الأفضل للحصول على خبز بمواصفات جيدة، وخاضع للرقابة الحكومية وأرخص من الخبز المباع بالأسواق. ولفت رئيس شعبة المخابز، إلى أن الكارت الذكى سيتم شحنه بالقيمة التى يرغب صاحبه فيها، كما سيتم حساب تسعيرته وفقًا لتكلفة إنتاج الخبز المدعم بالقيمة الكاملة وهى 65 قرشًا للرغيف، وذلك رغم الزيادات التى طرأت على الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة القمح المستورد بسبب التغيرات فى سعر الدولار والأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكدًا على أن بيع الرغيف الحر بالمخابز البلدية المدعمة سيعمل على إنهاء أى أزمات أو مشاحنات خاصة بتوافر الخبز أو الحصول عليه فى السوق المحلية. أزمة دائمة «توفير رغيف العيش أزمة أزلية تعانى منها الحكومة».. هكذا بدأ الدكتور مصطفى كامل، استشارى تدريب وتطوير دولى، حديثه قائلًا:» يعتبر رغيف العيش هو المصدر الرئيسى لإشباع جوع المواطن، مشيرًا إلى أن توفير رغيف العيش يعد أزمة دائمة تعانى منها الحكومة رغم ما تقوم به من جهود كبيرة لمواجهة ارتفاع الأسعار من جهة والزيادة السكانية من جهة أخرى. وتابع«كامل»، أن أحد الحلول التى لجأت لها الحكومة، للتأكد من وصول دعم رغيف الخبز لمستحقيه، هو إضافته على البطاقة التموينية وحددت شروطا للمستفيدين من هذا الدعم، ولكن نظرًا لارتفاع الأسعار وصعوبة استيراد القمح فى ظل أزمة المناخ العالمية، والحرب الروسية الأوكرانية، زادت مشكلة رغيف الخبز على المواطنين من غير حاملى البطاقات التموينية، لذلك جاءت فكرة الكارت الذكى لتوفير رغيف الخبز لهم بسعر مناسب. جزء من التحول الرقمى ويرى الدكتور علاء الناظر، أستاذ الإدارة العامة والمحلية أن مصر وجهت أنظارها نحو الميكنة الرقمية، لأن الدول تتسابق فى مجال التطور التكنولوجى والرقمنة والشمول المالى، للدخول فى مرحلة جديدة من التعاملات التى لا تعتمد على تداول النقود، ولكن تكون الدورة بالكامل من شراء وبيع وتعاملات من خلال التحول الرقمى، وعن طريق استخدام التكنولوجيا الرقمية للحد من التدخل البشرى، لذا تعمل وزارة التموين على مواكبة هذا التطور واستخدام الكارت الذكى، الذى يمكن الحصول عليه من مكاتب البريد ويتم شحنه بالقيمة التى يرغب فيها صاحب الكارت مثل الكهرباء. وأشار«الناظر»، إلى أنه من مزايا وإيجابيات هذا الكارت أنه يمكن من خلاله الحصول على الخبز الحر، بسعر أرخص من الخبز المباع فى الأسواق، وإنهاء أى أزمات خاصة بتوافر الخبز، كما أن المخابز ستخضع للرقابة الحكومية خاصة وأن سعر الرغيف سيكون أرخص من مثيله المتواجد فى الأسواق، لافتًا إلى أن هذا القرار يحتاج إلى بنية تحتية تسمح بالتوسع فى تنفيذ هذا المشروع، فضلًا عن سماح السيستم الخاص بالماكينات بصرف المخابز البلدية بالرغيف المدعم والحر معا. وأضاف أن هذا الكارت الذكى سيكون بداية حقيقية للتوسع فى تقديم خدمات مميزة برسوم إضافية لجميع الفئات ولن يكون قاصرًا على فئة معينة. ومن جانبها، عرضت ندى صابر، باحثة فى مجال إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة، أهم مزايا وعيوب هذا الكارت، قائلة: «فى إطار دعم الدولة الكامل، لضمان توفير السلع الأساسية للمواطنين، بأسعار مخفضة، فإن تطبيق هذا المقترح سيكون له عدة مزايا منها: خضوع رغيف الخبز للرقابة وتحديد مواصفات قياسية له، مما يقضى على تلاعب أصحاب المخابز بسعر ووزن الرغيف الحر، وسهولة صرف الخبز الحر عبر الكروت الذكية من المخابز البلدية، مما يضمن توفره كسلعة أساسية للمواطن المصرى، مع توفير الخبز بسعر مخفض عما يباع فى الأسواق. وأكدت«صابر»، أن الميزة الأكبر هي استفادة المواطنين غير حاملى البطاقات التموينية بعد رفع الدعم عنهم، لافتة إلى أنه على الرغم من هذه المزايا إلا أن هناك بعض العقبات التى قد تواجه المواطن عند صرف الخبز كانتهاء شحن الكارت وصعوبة توافر مراكز الشحن فى بعض المناطق النائية. ليس جديدا فيما قال الخبير الاقتصادى العربى الطيب، بأن هذا النظام ليس بجديد ففى الماضى كان يباع الرغيف المحسن أو الخبز الطباقى بعشرة قروش بدون كروت، والفرق هنا هو فى النظام والسيستم والكارت الذكى، إلى ان تولى خالد حنفى منصب وزير التموين وألغى هذا النظام وجعل الخبز ب5 قروش فقط، مما جعل الدولة تخسر الآلاف لأن طن الدقيق وقتها كان بألف جنيه للخبز الطباقى، وطن الدقيق المدعم مجانا، مما أثر على الموازنة العامة للدولة وذلك لأن ال3000 مخبز كانوا يدفعون حوالى مليار جنيه ونصف سنويا مقابل الخبز الطباقى. وأكد «العربى» ان هذا القرار سيعود على المخابز والدولة بنتيجة اقتصادية ومالية جيدة. أفضل للمخابز والمواطنين من ناحية أخرى قال م.ع، صاحب أحد المخابز بمنطقة باب الخلق، بأن قرار الكارت الذكى أفضل للمخابز وللمواطنين معا، لأن المخابز ستتم محاسبتها على رغيف الخبز بسعر 65 قرشا مع دعم الدولة فى الدقيق، وبذلك سيستفيد أصحاب المخابز بسبب زيادة المبيعات، بالإضافة إلى القضاء على معاناة من لا يمتلكون بطاقات تموينية، لأنهم سيحصلون على الخبز بنفس الجودة والمواصفات وبنصف ثمن الرغيف الحر. فيما أكد أبو فهد رب أسرة، أن الكارت الذكى كان متوفرًا قديمًا ولكن للمخابز وليس للأفراد ووجوده يقلل العبء عن المواطنين غير حاملى البطاقات التموينية. واتفق معه فى الرأى أيمن رمضان الطويل متمنيا أن يتم توفيره خلال الأيام المقبلة لتخفيف الأعباء على المواطنين خاصة الشباب لأن معظمهم غير مقيمين فى محافظاتهم الأساسية، وعدد كبير منهم لا يمتلك بطاقة تموين. وتخوف المواطن عماد سلام من تطبيق هذا النظام معتقدًا أنه سيكون سببًا فى رفع الدعم تدريجيًا عن رغيف الخبز. وتحدثنا إلى أحد مفتشى التموين الذى رفض ذكر اسمه والذى أكد أن نجاح هذا المشروع يتوقف على مواجهة التحديات التى من الممكن أن تقابله، وأهمها قدرة الدولة على تحمل نفقات تحديث وتطوير السيستم من الموازنة العامة، بالإضافة إلى قدرة وزارة المالية على توفير التكاليف المادية لهذا النظام الجديد، بالإضافة إلى توفير كوادر متخصصة احترافية لمراقبة تلك المنظومة الجديدة والأسواق، مشيرًا إلى أنه بعد توقف التعيينات فى الحكومة منذ عام 2012 انخفض عدد مفتشى التموين من 15 الف مفتش إلى 3 آلاف فقط، لذا يجب إيجاد كوادر رقابية على مستوى الجمهورية لمراقبة المخابز، فمثلا إدارة تموين العياط بها أربعة مفتشين فقط، فى حين عدد المخابز لا يقل عن 200مخبز فى المدينة، فكيف يحكم هؤلاء الرقابة على كل هذا العدد من المخابز؟