تعد ثورة تكنولوجيا الاتصالات السبب الرئيسي في ظهور السوشيال ميديا بأشكالها المختلفة، وفي الوقت الراهن لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي تقتصر فقط على كونها نافذة للتواصل بين الأفراد، بل أصبحت تشكل أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام، وتشكيل ثقافة المجتمعات وتنشئة الشباب وتثقيفهم. ورغم التغير الكبير الذي حققته مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها المختلفة، إلا أن لها تأثير إيجابي وسلبي في نفس الوقت، وتصبح إيجابية في حالة إذا تم استخدامها في أشياء تفيد المجتمع وأفراده، سواء مناقشة قضية مجتمعية أو نشر معلومات صحيحة أو حتى الاستفادة المادية من خلال الفيديوهات التي تحقق ربحًا للأفراد بسبب عدد المشاهدات المرتفعة، وهنا نجد أن الكثير من مقدمي هذه الفيديوهات يبحثون دائمًا على ارخص موقع زيادة متابعين، وذلك من أجل تزويد أكثر عدد ممكن من المشاهدين والمتابعين لهم لتحقيق أكبر قدر ممكن من العائد المادي. وفي نفس الوقت هناك من يقوم باستخدام الفيسبوك وتويتر والانستقرام والتيك توك، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ قد يتسبب في تدمير نفسه وغيره، سواء من خلال المعلومات الخاطئة والمضللة التي يقوم بنشرها أو من خلال استخدام صور وفيديوهات مسيئة تتنافى مع تعاليم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لذلك ف السوشيال ميديا سلاح ذو حدين، والرقابة على هذا المنصات مهمة للغاية، ونلاحظ بعد ظهور تطبيق الانستقرام أصبح عدد مستخدميه يفوق المنصات الآخرى خاصة بين شريحة الشباب، ولهذا يحرص المستخدمين على شراء متابعين انستقرام، من أجل زيادة التفاعل معهم والانتشار بشكل أكبر، وهنا يتضح مدى أهمية هذه المنصات في عصرنا الحالي. وفي الوقت الراهن أصبح استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بهدف الإعلان عن السلع والخدمات والترويج لها أمرًا ضروريًا ولا يستطيع أحدًا أن ينكر ذلك، وهذا ما يعرف بمصطلح التسويق الإلكتروني، الذي أصبح عليه نسبة تنافس كبيره من قبل المعلنين، خاصة بعدما سُحب البساط من تحت أقدام وسائل الإعلام التقليدية التي كانت خلال السنوات الماضية تستحوز بشكل كبير على سوق الإعلانات دون منافس معها. والآن أصبحت المنافسة شرسة وقوية بين وسائل الإعلام التقليدي ومنصات التواصل الاجتماعي، خاصة وأنه يمكن الإعلان عبر مواقع التواصل والوصول لشريحة كبيرة من الجمهور المستهدف في أسرع وقت وبأقل تكلفة، من وسائل الإعلام التقليدية مثل التليفزوين والراديو والصحف، التي كانت تطلب مبالغ باهظة من أجل الإعلان من خلالها. وعلى صعيد متصل، نجح عدد كبير من شباب المملكة العربية السعودية، في استقطاب أعداد كبيرة من المتابعين في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عرض محتوى متخصص أو عام أو حتى عرض يومياتهم، بل وهناك من يقوم ب بيع متابعين من أجل زيادة التفاعل، لذلك قامت المملكة بإصدار أول تشريع من نوعه لتنظيم إعلانات المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك بعد تزايد حجم سوق الإعلانات والمخالفات التي يقع فيها البعض، حيث تم إصدار تنظيمات، تُلزم الأفراد الراغبين في الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي بإصدار تراخيص رسمية لنشاطهم، وذلك لتنظيم النشاط الإعلاني، والحد من المخالفات. وبما أن كل نظريات الاتصال والإعلام الحديثة اجتمعت على تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع الثورة الرقمية التي يعيشها العالم اليوم، فإن من المهم والضروري العمل على تعظيم الاستفادة من الفرص التي تتيحها منصات التواصل، باعتبارها أهم أدوات التنشئة السياسية وتشكيل الوعي لدى الشباب، وفي الوقت ذاته ضرورة ضبطها وتنظيمها بحيث لا تتحول إلى منصات لنشر الفكر المتطرف والعنيف أو نشر الشائعات التي تهدد أمن المجتمعات واستقرارها.