يبدو أن النظام الرسمي العربي ماض في غياهب المتاهة والضياع والتشرذم والانقسام بل أنه ماض على وأد هويته العربية بالموافقة على ما يخطط له أعداء هذه الأمة وخاصة الإدارة الأمريكية والعدو الصهيوني. فليس معقولاً ولا مقبولاً أن نشاهد ونرى أعداء الأمة العربية وهم ينفذون مخططاتهم في مسح الهوية العربية عن أقطارنا العربية ونحن أو بالأحرى نظامنا الرسمي العربي يتفرج على ما يجري بل أنه ساكت وصامت. بالأمس القريب جرى عدوان واحتلال للعراق قامت به أمريكا وبريطانيا عام 2003 وقتلت قوات الاحتلال من الشعب العراقي الشقيق مليونا ونصف المليون مواطن والأخطر من هذا الاحتلال هو ذلك الدستور الذي رسمه الحاكم الأمريكي للعراق بريمر عندما أخرج العراق من محيطه العربي وقال في مادة من مواده "إن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية" ولم يقل إن العراق هو بلد عربي. وبالأمس أيضاً تم انفصال جنوب السودان عن السودان وبموافقة سودانية عربية وخسرنا جزءاً من الأرض العربية. وبالأمس أيضاً سمعنا أصواتاً تطالب بانفصال جنوب اليمن عن اليمن. كل ذلك يجري تحت سمع ومرأى النظام الرسمي العربي وهو يتفرج ولا يحرك ساكناً. لكن الأخطر من كل ذلك هو أن النظام الرسمي العربي لم يكف عن التسول والتوسل من أعداء هذه الأمة لنصرة حقوق هذه الأمة، فنحن نسمع أصواتاً تطالب الإدارة الأمريكية بمنع العدو الصهيوني من الاستمرار في بناء المستوطنات والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وهذا ما طالب به السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية من السيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكية وكأن كيري صديق صدوق للأمة العربية ومدافع عن الحق العربي بينما هو وإدارته الأمريكية من ألد أعداء الأمة العربية وهو والإدارة الأمريكية الحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني. إن سياسة التوسل والتسول لن تعيد حقاً مغتصباً ولن تنفع في تغيير مواقف أعداء هذه الأمة لأن هؤلاء الأعداء يملكون مخططاً استراتيجياً واضحاً ومحدداً وهو مسح الهوية العربية والقضاء على حلم القومية العربية. هذا الحلم الذي إن تحقق فهو ضمانة الانتصار على أعداء هذه الأمة ويحافظ على وحدة الهوية العربية التي يحاول الأعداء تمزيقها وتفتيتها إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.. من أجل مشاريعهم الاستعمارية والاستيطانية والاستغلالية لهذا لابد من النظام الرسمي العربي أن يعمل فوراً على رسم مشروع عربي موحد أمام هذه المشاريع العدوانية الأمريكية.. الصهيونية.. الإيرانية.. التركية.. الروسية.. وغيرها من المشاريع التي تبحث عن مصالحها، فمتى يولد المشروع العربي ونكف عن التسول والتوسل؟!! نقلا عن صحيفة الحياة