غلاف الكتاب عندما صدر كتاب "تحطيم محور الشر الحقيقي: كيف نخلع آخر الطغاة في العالم قبل 2025" في عام 2003 كان مجرد رؤية إستراتيجية لدبلوماسي ومفكر مهم في أمريكا، لكن عندما تقرأ هذا الكتاب الآن ستشعر أنه يكاد يحاكي نبوءات "نوستراداموس" بدون أي غموض أو بلاغة أو خيال. ستدرك أن الكتاب ليس مجرد رؤية، بل خطة أو خريطة طريق لإدارة العالم وتغييره حسب مصالح أمريكا. لقد تحدث الكتاب عن التاريخ قبل أن يحدث، وعن الربيع العربي قبل أن يفور، وها أنت تطالع شيئاً من الكتاب بعد أن حدث التاريخ وقامت الثورات في الشرق الأوسط (الكبير) والهدف هو أن تفكر بعيداً عن آرائك، وأن تدرك أن الواقع ليس هو كل ما تراه. مؤلف الكتاب يقول موقع وزارة الخارجية عن مارك بالمر - مؤلف الكتاب - إنه "من أصحاب الابتكار في السياسة الخارجية ومن أكثرهم احتراماً داخل وخارج الحكومة الأمريكية،" وكان دائماً في موقع صناعة السياسة في إدارات نيكسون وفورد وكارتر وريجان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن. وكان له الدور الأكبر في إقناع إدارة بوش الابن بتبني سياسات جديدة لدعم الديمقراطية في العالم العربي، وإلغاء ما كان يعرف في السياسة الخارجية الأمريكية "بالاستثناء العربي" من الديمقراطية. أقام بالمر لمدة 11 عاماً كدبلوماسي في الاتحاد السوفييتي السابق ويوغسلافيا والمجر، وعاصر رياح التغيير التي هبت على أوروبا الشرقية، ثم انتقل نشاطه إلى الشرق الأوسط، وساهم في إنشاء ستة محطات تليفزيونية في الدول العربية (حاول أن تبقى هذه المعلومة في ذهنك وأنت تتابع الفضائيات الآن). وكان قد ساهم من قبل في إنشاء الشركة الإعلامية لوسط أوروبا التي مولت إطلاق محطات تليفزيونية مستقلة في التشيك وسلوفاكيا ورومانيا وغيرها بتمويل قدره 600 مليون دولار. أيضان شغل بالمر منصب نائب رئيس فريدم هاوس المعروفة... بعد أن وقفت على أهمية الكاتب، سوف تدرك الأهمية الخاصة لما قاله في هذا الكتاب. فكرة الكتاب يرى بالمر أن الديكتاتوريات هي محور الشر الحقيقي في هذا العالم، فهي مصدر الحروب، والمجاعات، والإرهاب، واللاجئين، ولذا وجب التخلص منها، وإقامة ديمقراطيات مكانها... تلك هي الفكرة الرئيسة في كتاب بالمر، إذ يحدد الكتاب 45 ديكتاتوراً بالاسم، ويرسم سيناريوهات للتخلص منهم، فلا يأتي العام 2025 إلا وقد سادت الديمقراطية العالم. لكن الأكثر إثارة في الكتاب أنه يدعو إلى الإطاحة بهؤلاء الطغاة عن طريق حركات سلمية من الداخل، على أن تقوم منظمات غير حكومية من الخارج بدعم تلك الحركات، وتمويلها، وتدريبها، ومن ثم يبدو موقف الحكومة الأمريكية داعماً للحريات ولإرادة الشعوب في التحول إلى الديمقراطية. أصل الفكرة في خطاب له أمام البرلمان البريطاني عام 1982 دعا الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان إلى "حملة عالمية من أجل الحرية" لوضع الديكتاتوريات في "كومة رماد التاريخ" ... لم يكن كلاماً بلاغياً، بل رؤية إستراتيجية صاغها كاتب هذا الخطاب، الذي هو نفس كاتب هذا الكتاب: مارك بالمر، وظل يدعو دائماً إلى أن تسود الحرية في العالم، ليس لأهداف مثالية، ولكن لأن في ذلك ضمانة للأمن القومي الأمريكي، لأن الطغاة هم المصدر الأول للإرهاب. ويعلق على المصطلح الجديد الذي أدخله بوش الأبن إلى السياسة الأمريكية في خطاب له عام 2002، وهو مصطلح "محور الشر" الذي ضم ثلاث دول: إيران، والعراق، وكوريا الشمالية، إذ يرى بالمر أن محور الشر أكبر من هذا بكثير، وحدد 45 ديكتاتوراً يتحكمون في ثلث الكرة الأرضية ويدعمون بعضهم بعضاً من أجل بقائهم، مثل الدعم الذي قدمته الصين وكوريا الشمالية لباكستان لتصنيع "أول قنبلة نووية إسلامية." وازالة هؤلاء الطغاة تعني محو الشر من العالم، فليس هناك ديمقراطية في العالم تعاني من المجاعة، حتى الديمقراطيات الفقيرة (مثل الهند) لم تتعرض للمجاعة منذ الاستقلال (1947)، على خلاف الصين التى شهدت مجاعات عدة منذ الثورة الشيوعية عام 1949. والدول الديمقراطية لا تصدر اللاجئين، أو الإرهابيين، ولا توجد في العالم حروب بين أي ديمقراطيات، كما أن الملايين في العالم ماتوا على أيدي حكامهم الطغاة بأعداد تفوق ضحايا الحربين العالميتين. يضيف بالمر أنه لولا وجود طاغية مثل صدام ما حدثت حرب الخليج، ولولا كاسترو ما حدثت أزمة الصواريخ الكوبية التي وضعت العالم على شفا حرب عالمية ثالثة، ولولا حكام الاتحاد السوفييتي المستبدين وأذيالهم في أوروبا الشرقية ما كانت الحرب الباردة. ولو لم يحدث التغيير فإن العالم سيكون مكاناً أسوأ. ومن ثم فإنه يجب على أمريكا أن تعمل على إزاحة الطغاة من العالم، من أجل مصلحتها، ومن أجل عالم أفضل. لم يكن هؤلاء الاستبداديين مؤثرين وقت أن كان سلاحهم الديناميت والكلاشنكوف، لكن التطور سوف يسمح لهم بامتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية، ولأنهم يمتلكون الانتحاريين فهم خطرون دائماً، ومصدرون للإرهاب دائماً، فالإرهابيون لا يأتون من دول ديمقراطية. فالناس في الأنظمة القمعية مثل مصر والسعودية محبطون، ومن ثم هم عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة، ولم يكن من حكومتي مبارك وآل سعود إلا أن غازلت المشايخ ومنحتهم مفاتيح محطات فضائية يصبون من خلالها لعناتهم علي الغرب، والنتيجة إنتاج المزيد من الإرهابيين، ناهيك عن إمكانية أن يصل هؤلاء الإرهابيون للحكم، ويهدوا ضخ البترول، أو يثيروا الحروب الأهلية كما حدث في الجزائر، مما يهدد التجارة العالمية، ولذا يجب أن يصبح العالم خالياً من الطغاة. قائمة الطغاة المطلوبين قسم بالمر الطغاة المطلوب رحيلهم إلى ستة أنواع: 1) طغاة المجد الشخصي؛ وهم الذين ارتكبوا جرائمهم من أجل عظمتهم، ويأتي على رأس هؤلاء صدام حسين الذي قتل الآلاف من شعبه، كما تضم المجموعة القذافي وروبرت موجابي (زيمبابوي) وجوزيف كابيلا (الكونغو) وإسلام كريموف (اوزبكستان) وغيرهم. 2) الملوك الطغاة، مثل الملك عبدالله بن عبد العزيز في السعودية، وقابوس عمان، وحمد بن خليفة قطر، وزايد الامارات، وحسن البلقية بروناي الذي يعيش في قصر به 1788 غرفة. (لم يذكر بالمر ملكي الأردن والمغرب). 3) الطغاة العسكريون، مثل عمر البشير في السودان، وبرويز مشرف باكستان، وتان شوي بورما (ميانمار)، وبيير بيويا بوروندي، وبوتفليقة الجزائر. 4) طغاة الشيوعيين، مثل جيانج زيمن في الصين، وجيم كونج ايل كوريا الشمالية، وكاسترو كوبا. 5) طغاة الحزب الواحد، ويأتي مبارك مصر على رأس القائمة، ووصف نظامه بأنه غارق في الفساد ويحكم بالتزوير والترويع، ويليه بشار الأسد سوريا، وزين العابدين بن علي تونس، وخوسيه دي سانتو أنجولا، وعلي صالح اليمن، وجان إرستيد هايتي، وبول كاجامي رواندا. 6) طغاة الأنظمة الدينية، ولم تضم هذه المجموعة سوى علي خامئني إيران. بالنظر إلا خريطة توزيع الطغاة في العالم فإن الشرق الأوسط هو "قلب الظلام الديمقراطي" بما لديه من 23 ديكتاتوراً من بين 45 مطلوبين. ويمتد الشرق الأوسط "الكبير من باكستان وكازاخستان، مروراً بإيران ودول الخليج ومصر، وصولاً إلى تشاد والصومال والسودان، ويضم دولاً لا تعرف الأحزاب مثل الكويت والسعودية والبحرين والمغرب وإثيوبيا وجيبوتي. والاتجاه السائد بين من يطلق عليهم الخبراء أن شعوب هذه المنطقة لا يقدرون على خلع طواغيتهم بالقوة، ومن ثم فقد تم دعم بعض هذه الأنظمة مثل مصر والسعودية من أجل أمن إسرائيل وضمان تدفق البترول، واعتادت أمريكا على تسمية هذه الأنظمة بالمعتدلة، رغم أنها -حسب بالمر- لا تمت إلى الاعتدال بصلة. هذه الأنظمة غير مستقرة، وستزول حتماً، ومن ثم يجب أن نعرف من سيحل محلها، وأن ندعم التحول الديمقراطي فيها، حتى وإن وصل الإسلاميون إلى الحكم، فإن المشكلة ليست في الاسلام، ولكن في الطغاة، فإندونيسيا ((((أكبر دولة إسلامية سكاناً) تحولت إلى الديمقراطية بعد سوهارتو، وكان المفكر الإسلامي عبد الرحمن وهيب هو أول رئيس منتخب في اندونسيا الديمقراطية. وفي الهند يوجد ثاني أكبر تجمع إسلامي (150 مليون) ويشاركون بشكل فاعل في الحياة السياسية، وتركيا المسلمة نموذج آخر للديمقراطية. ومن ثم فإن أولئك الطغاة هم المشكلة، ويجب أن تتكاتف أوروبا مع أمريكا من أجل خلعهم، وإلا ستظل أفكار بن لادن ذات جاذبية في هذه المجتمعات المقهورة، مما يشكل خطراً على أمن أمريكا القومي. يجب أن نخترق هذه الدكتاتوريات (الكلام للمؤلف) وأرى أن نبدأ بهذه القائمة: إيران- العراق- دول الخليج- فلسطين (السلطة)- لبنان- مصر- الجزائر. كيف نخلع الطغاة يخالف بالمر الحكمة السائدة التي تقول إن انتفاضة الشعوب المقهورة غير ممكنة، بل العكس هو الصحيح، بشرط أن يدعمها الغرب ويشجعها، ويتحدث الكاتب عن الكثير من الأساليب التي يمكن توظيفها لإسقاط الطغاة، لكن القاعدة الأساسية هي عدم التدخل العسكري، وعدم استخدام العنف. ويحدد بالمر 120 طريقة تستطيع أمريكا -بالتعاون مع أوروبا واليابان- أن تستخدمها لإسقاط الطغاة، منها: أن يوجه الرئيس الأمريكي رسالة قوية لمن ينظر اليهم خطأ على أنهم حلفاء من الطغاة، ليفهموا أن أمريكا لا تتعامل مع التحول الديمقراطي باعتباره شأنا داخلياً، وأن تدعي المنظمات غير الحكومية مثل فريدم هاوس ومنظمة العفو الدولية إلى مؤتمر يتبني هذه المبادرة. (لاحظ أن هذا الموقف الأمريكي أدى إلى توقف الرحلات السنوية التي كان يقوم بها مبارك إلى أمريكا). نتج عن ذلك أيضاً أن زادت الحكومة الأمريكية من دعمها المادي لهذه المنظمات لتقوم بالدور المطلوب منها. إنشاء منصب جديد في وزارة الخارجية بمسمى "نائب وزير الخارجية لدعم الديمقراطية" تكون مهمته أن يستيقظ كل صباح وهو يفكر في كيفية إسقاط الأنظمة الدكتاتورية ويعمل على ذلك، كما يقوم بالوصول إلى النشطاء السياسيين في الدول المقهورة ومساعدتهم من أجل ازاحة تلك الأنظمة المستبدة، لأن هؤلاء النشطاء هم من يجب أن يتم التغيير من خلالهم، على غرار ما فعل جورج سوروس في دول أوروبا الشرقية عندما وضع "المواهب" المحلية في القيادة. عند دعم الناشطين المحليين يجب ألا نركز على شخص واحد (الكلام لبالمر)، لأن تحديد القيادة يجعل من السهل ازاحتها مثلما حدث مع داو سان في بورما، بل يجب ألا تكون هناك قيادة (لاحظ أن الربيع العربي بلا قيادة). تقديم الدعم المادي بشكل منظم وجاهز في أو وقت، ويجب أن يكون لدي نائب وزير الخارجية لدعم الديمقراطية صلاحية التوقيع وتخصيص الدعم متى احتاج إليه النشطاء، كما يجب أن يكن لدى السفارات مرونة في الحركة، فاللعبة اسمها: حركة غير عنيفة للناس في مواجهة النظام، وذلك يحتاج إلى أجهزة كمبيوتر، وهواتف محمولة، وأجهزة صوت، وسيارات، ومصروف جيب. دعم الأحزاب المعارضة شريطة ألا يبدو ذلك الدعم تدخل في الشأن الداخلي لتلك الدكتاتوريات، لأن تلك الأحزاب كيانات منظمة ولديها وسائل إعلام متغلغلة في المجتمع، ويمكن أن يتوقف هذا الدعم بمجرد أن تتم الإطاحة بالطاغية. تفعيل وتشجيع الرقابة على الانتخابات في تلك المجتمعات المغلقة، فعلى العكس من النظرة السائدة إلى أن الرقابة على انتخابات مزورة يعطيها شرعية لا تستحقها، إلا أن تلك الرقابة تساعد على تنظيم المعارضة وتقديمها للعالم الخارجي، فتزداد قوة وتحديا للنظام، مما يساعد على سقوطه في النهاية. التركيز على برامج التبادل الثقافي، مع إعطاء اولوية للشباب الصغير الذي يتسم بالشجاعة والمثالية والرغبة في حياة أفضل التي تدفعهم إلى ملء الشوارع أمام الدكتاتور، على غرار ما حدث في الصين عندما اندفع الشباب مطالباً بالحرية في 1989، وكان كثير منهم ينتمي إلى الطبقة الثرية في الصين، وتعلموا في الولاياتالمتحدة. تدريب الجيش والشرطة والمخابرات في تلك الدول على الديمقراطية، إذ يرى بالمر أن تلك الأجهزة هي أداة الطاغية في السيطرة والبقاء، وبالتالي يجب تدريبهم على أنه من الممكن تكسير الأوامر إذا كان ذلك حفاظاً على حقوق الإنسان، ويحتاج ذلك تخططاً دقيقا لأن هذه الأجهزة تربت على الطاعة العمياء للأوامر، ولذا فإن من يقوم بتدريبهم يجن أن يكون عسكرياً محترفاً، لأنهم يحترمون من هو مثلهم حتى وإن خالفهم في الرأي، والمدخل لتدريبهم هو اقناعهم أن مصيرهم ليس مرتبطاً بمصير الحاكم، والجزرة التي نقدمها لهم هي أن مستقبلهم في ظل الديمقراطية سيكون أفضل، أما العصا التي نرهبهم بها هي تحذيرهم من أنهم معروفون، وأن اشتراكهم في قمع المظاهرات وقتل المتظاهرين سوف يعرضهم للمحاكمة، ولذا فإن عليهم أن يهربوا من سفينة الديكتاتور الغارقة، وقد نجح هذا الأسلوب في تخلي قوات الشرطة والجيش عن ميلوسفتش في صربيا عام 2000. تشجيع حرية الصحافة ودعم انتقال تكنولوجيا الطباعة إلى الدول المستهدفة، حيث ساعدت تلك الخطوة بشكل فعال في إسقاط ميلوسفتش ... كان شعاراً واحداً (لقد انتهى) ذلك الذي عم صربيا كلها وكسا جدرانها، ثم سقط الطاغية. استخدام الأفلام والمسلسلات الأمريكية المترجمة في ترويج أفكار الديمقراطية والمساواة، فعندما يشاهد الناس في السعودية أولئك الفتيات الجميلة ينقذن الرجال من الغرق في مسلس "باي ووتش" فإن أفكار المساواة بين الرجل والمرأة سوف تتغلغل إليهم. كذلك يرى بالمر أن محطات الراديو والتليفزيون المستقلة تؤدي دوراً مهماً في تحويل الناس عن المحطات الحكومية المملة، ومعارضة الروايات الرسمية للأخبار وتصعيد الضغط على الأنظمة المستبدة، لذا يجب أن توجد محطات مستقلة تقدم ترفيهاً وأخباراً متوازنة في العالم العربي. استخدام المعونة في الضغط على النظم المستبدة لأقامة حياة حزبية وتعددية سياسية وتبني معاهدات حقوق الانسان مما يقوي من شوكة المعارضة في هذه الأنظمة. أن يقدم الدبلوماسيون والسفراء الأمريكان أنفسهم للشعوب باعتبارهم دعاة للحريات، ويضرب بالمر مثلاً بنفسه عندما كان سفيراً لبلاده في المجر، إذ أظهر استطلاع للرأي بعد عامين من مغادرته المجر أنه كان من بين أكثر عشر شخصيات شعبية وقبولا لدى الشارع المجري، ولذا يوصي بالمر بأن يتم اختيار السفراء بناء على قدرتهم على التواصل مع الناس، وليس مع الحكومات، كذلك من الأفضل إرسال سفيرات إلى الدول الاستبددية لتدعيم فكرة المساواة وتمكين المرأة. إلحاق العار بأولئك الطغاة عن طريق نشر تقارير عن جرائمهم أو ثرواتهم غير الشرعية، أو قصص الفساد التي تشيع حولهم. تخطيط إزاحة الدكتاتور على مرحلتين: في الأولى يكون التركيز على الاتصال والتنسيق، وفي الثانية يبدأ الحشد والمواجهة وصولاً إلى الإطاحة. يختتم بالمر كتابه بعرض سريع لقائمة ال45 ديكتاتورا المطلوبين، ثم يلخص أسبابه لإزالة الطغاة من العالم وكيفية إزاحتهم، ويتساءل: إذا توفرت لدينا الإرادة، وتوفر لدينا المال، فما الذي يمنعنا من أن نمضي إلى هدفنا؟ الكتاب حافل بالمعلومات، وبالتوجهات، وبالخطط. ربما كانت فيه مبالغة وجمع بين الأشتات تحت عنوان واحد هو الاستبداد. وربما كانت فيه مبالغة في تحديد الهدف وتصور إمكانية تحقيقه قبل حلول العام 2025٬ وربما بدا الكاتب منتشياً بالنجاح الذي تحقق في تفتيت الاتحاد السوفيتي وتحطيم ديكتاتوريات أوروبا الشرقية، فتصور أن ذلك يمكن أن يتكرر مع قوة عظمى أخرى هي الصين، إلا أن ذلك لم يكن باعثي عندما شرعت في عرض الكتاب، ولا كان هدفي أن أبث الشكوك فيما جرى أو ما يجري، لكن كان هدفي أن أفهم وأن أعين القارئ على الفهم، نريد أن نفهم أين نوجد على خريطة القوى الكبرى، وأين يريدون لنا أن نكون... نحن نتحدث كثيراً، وننصت قليلاً... مولعون نحن كثيراً باستخدام أفعال "أعتقد" و"أرى" ولكننا أقل استخداما ل"كيف" و"لماذا" ... نحتاج الكثير من الفكر، والقليل من الرأي، وذلك هو السياق الداعي لعرض الكتاب وعرض غيره من الأعمال.