«شمال سيناء» للبترول ترفع الإنتاج إلى 60 مليون قدم مكعب غاز يوميًا    مصر وسنغافورة تبحثان تعزيز التعاون في إدارة وتشغيل الموانئ    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    محافظ أسوان يتابع انطلاق العام الدراسي الجديد في مدارس الفترتين.. صور    طالب ترامب بعزلها وترحيلها للصومال.. من هي إلهان عمر عضوة الكونجرس؟    بث مباشر مباراة ريال مدريد ضد إسبانيول (1-0) بالدوري الإسباني (لحظة بلحظة) | ميليتاو يفتتح التسجيل للريال    حكم قضائي ضد فتاة لاتهامها بإزعاج أشرف زكي عبر منصات التواصل الاجتماعي    مصرع وإصابة 11 عامل في انقلاب سيارة ببني سويف    تفاصيل انفصال أحمد مكي عن دكتورة التجميل مي كمال الدين    المخرج أكرم فريد يقدم ورشة مجانية للمواهب الشابة ضمن مهرجان بورسعيد السينمائي    فستان جريء.. كيف نسقت نيكول سابا إطلالتها في أحدث ظهور؟    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا تعرف عليها..    مصطفى عسل وهانيا الحمامي يتوجان ببطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    مجلس الشمس يشكر وزير الرياضة بعد نجاح جمعيته العمومية    مصر ترحب باعتزام البرتغال الاعتراف بالدولة الفلسطينية    وزير الثقافة ينعى مجدي قناوي المدير السابق للأكاديمية المصرية بروما    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    إطلاق مبادرة لنظافة شوارع القاهرة بمشاركة 200 شاب    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    واقعة قديمة.. الداخلية تنفي مشاجرة سيدتين بالشرقية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    "كان بيعدي الطريق".. مصرع طالب بالعلاج الطبيعي في حادث مأساوي بالقليوبية    أجواء احتفالية أثناء استقبال الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد بجامعة أسيوط    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    توتنهام يهاجم برايتون ب ريتشارليسون وأودبيرت في الدوري الإنجليزي    "مش قادرة أقعد وشايفاكم حواليا" رسالة موجعة لفتاة مطروح بعد فقدان أسرتها بالكامل (فيديو)    بالصور.. السفير بسام راضي يفتتح الموسم الثقافي والفني الجديد للأكاديمية المصرية بروما    مصادر إسرائيلية: إصابة عدد من الجنود جراء انفجار في قطاع غزة    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    ماذا يعلمنا دعاء الوتر؟.. رئيس جامعة الأزهر يوضح    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    رئيس جامعة بنها يهنئ الطلاب بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد    يمثل إسرائيل ويحرجها.. ما قصة فيلم «البحر» المتهم بتشويه صورة الاحتلال؟    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    مدبولي: وجود بنية أساسية متطورة عامل رئيسي لجذب الاستثمارات في مصر    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    نظر تجديد حبس البلوجر علياء قمرون| بعد قليل    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والربيع العربي
نشر في الوفد يوم 09 - 03 - 2012

يمكنك أن تضع أمريكا في أي جملة في أي مكان في العالم، فهي الدولة العظمى التي تنتشر قواعدها العسكرية في كل الدنيا، وتمتلك الأسطول الأقوى الذي يحرس تجارتها ومصالحها في محيطات وبحار العالم، ويمثل اقتصادها حوالي خمس اقتصاد العالم، ولذا فأميركا هي اللهو الخفي أحيانا والظاهر دائماً،
وهي المشتبه فيه سواء كان الفاعل معلوماً أم مجهولاً. ولكن ذلك لا يعني أن نفكر في أمريكا على طريقة الخير والشر، بل هي المصالح التي تحكم الفكر والفعل، ومن ثم لا نستطيع أن نحدد دور أمريكا في الربيع العربي بناء على الشك أو الأستنتاج، بل يجب أن نحدد ما إذا كان لأمريكا مصلحة فيما حدث.
كثيرة هي النظريات التي تشير إلى أصابع امريكية وراء الثورات العربية، وهو الأمر الذي لا يبدو متسقاً مع المنطق؛ فكيف يمكن لأمريكا أن تتخلى عن حلفائها الذين خدموها بكل إخلاص؟ وكيف تزيح أمريكا حليفاً معلوماً من أجل قادم مجهول؟ طبقاً لنظرية المصالح فإن الحديث عن دور أمريكي في الربيع العربي لا يبدو مقبولاً، أو على الأقل مفهوماً.
لكن سير الأحداث بدا أيضاً متعارضاً مع مبدأ المصالح، حيث ساند اوباما الإطاحة ببن علي، وكذلك كان موقفه من مبارك، بل إن أول تصريح رسمي لاوباما في 1 فبراير خاطب الجيش المصري وتجاهل مبارك تماماً. كذلك كان الموقف الأمريكي من القذافي وصالح وبشار (زارت هيلاري كلينتون ليبيا في أكتوبر العام الماضي وتم التقاط صور لها مع الثوار وهي ترفع علامة النصر). معنى ذلك أن مصلحة أمريكا اقتضت الانقلاب على الحلفاء. أين المصلحة في هذا؟
عندما أعلن بوش الحرب على الإرهاب عام 2001 قالها بمنتهى الصراحة: الحرب لن تتوقف عند أفغانستان. وقد صدق، فبعدها بعامين غزا العراق لأسباب بدت غامضة، وأعلن أن الحرب على الإرهاب مستمرة من أجل نشر الديمقراطية! ثم أتت تصريحات أخرى على شاكلة "النظام العالمي الجديد" و"الفوضى الخلاقة" وإحنا قاعدين مش فاهمين حاجة! وكان الضغط على الحكام العرب من أجل الإصلاحات الديمقراطية، وخصصت أمريكا ميزانية في عام 2003 من أجل دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، وحدثت جفوة بين بوش ومبارك توقف على اثرها مبارك عن زيارته السنوية للبيت الأبيض، وأثمرت الضغوط الأمريكية، فأعلن مبارك عن تعديل الدستور من أجل جعل الأنتخابات الرئاسية بالتصويت المباشر في 2005. وأعلنت السعودية عن إنتخابات بلدية. إلا أن ذلك كان تغييراً في الشكل وظل القمع هو المضمون.
ماذا تريد أمريكا منا؟ أربعة أشياء: حفظ أمن إسرائيل، واستمرار تدفق البترول، واستمرار فتح قناة السويس، وعدم السماح لأي قوة أخرى بالسيطرة على المنطقة. جميل، ألم يكن الحكام الزائلون في خدمة هذه المصالح؟ بلى كانوا كذلك وأكثر، فلماذا تركتهم أمريكا يذهبون؟ التفسير المباشر هو إدراك أمريكا أن ساعتهم قد اقتربت، وأن دعمهم سيزيد النقمة على أمريكا دون أن تستطيع ابقاءهم، فتخسر أمريكا الراحل وتستعدي عليها القادم، وليس هناك معنى من الرهان على فرس يتهاوى. إلا أن مراجعة بعض ما كتب قبل الربيع العربي تشير إلى مصالح أخرى لأمريكا في إزالة الطغاة ودعم الديمقراطية في الشرق الأوسط (لا أدري كيف يكون الشرق في الوسط، ولكن هكذا رأت أمريكا!).
ففي تقريرلوكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي.آي.إيه" عام 2000 بعنوان "الاتجاهات العالمية في 2015" تم التحذير من أن نصيب الغرب من بترول الخليج العربي لن يتجاوز 10% في العام 2015.. وأن ثلاثة أرباع هذا البترول ستكون من نصيب الدول الآسيوية. ومن ثم كان التحرك الأمريكي البريطاني المحموم لاحتلال العراق عام 2003 بدون أي سند أو حتى غطاء من الشرعية الدولية.
الأهم في تقرير "سي.آي.إيه" قوله: "إن التدهور الحاد في مستويات المعيشة في دول مركزية بالشرق الأوسط، وفشل الإسرائيليين والفلسطينيين في الوصول حتى إلى سلام بارد سوف ينتج عنه اضطرابات سياسية عنيفة في كل من مصر والأردن والمملكة السعودية. ثم يتحدث التقرير عن دور تكنولوجيا الاتصال في زعزعة الاستقرار، وتحجيم قدرة الأنظمة على السيطرة على المعلومات وتوجيه الرأي العام، وبالتالي يصل الإسلاميون إلى الحكم في الدول التي فقدت فيها النخب العلمانية بريقها. (مرة ثانية، التقرير بتاريخ 2000!)
وفي كتاب صادر عام 2003 بعنوان "تحطيم محور الشر الحقيقي: كيف نخلع آخر طغاة العالم قبل أن نصل إلى عام 2025" للدبلوماسي والخبير الإستراتيجي الأمريكي "مارك بالمر" حديث عن أن التهديد الحقيقي للأمن القومي الأمريكي قادم من الأنظمة الدكتاتورية التي تصدر الإرهابيين ومعظم اللاجئين، وأن الحروب في العالم لا تكون إلا بسبب أو ضد أنظمة ديكتاتورية، وأنه لا توجد حروب في العالم بين الأنظمة الديمقراطية، وأن عدد من قتلهم الطغاة من شعوبهم يزيد بأضعاف عدد قتلى الحروب في العالم (ستالين قتل 43 مليون من شعبه)، وبناء على ذلك يجب أن تسعى أمريكا إلى التخلص من الأنظمة القمعية، فلا يأتي العام 2025 إلا وقد تم التخلص من كل الطغاة.
وما السبيل إلى التخلص من الطغاة؟ يقول "بالمر" (2003) إن الشعوب هي التي يجب أن تقوم بذلك، ولذا فإن ترك الطغاة أطول فترة في الحكم سيزيد النقمة عليهم والانفجار في وجوههم، ولذا قرر الأمريكان ترك صدام عام 1991 واكتفوا بفرض عقوبات على العراق، ليعاني الشعب بينما صدام مستمر في السلطة والثروة والفساد، ليكون اسقاطه أسهل ما يكون بعد ذلك، وقد كان! أما خطة التحرك (حسب بالمر) فهي أولاً: خلق كتلة من الرأي العام بين الشعوب تجاه أهمية الديمقراطية، وأن بمقدورهم التخلص من حكامهم الظلمة، وثانياً: إيجاد الروابط والتعاون بين دعاة الديمقراطية داخل وخارج هذه الدول، وثالثاً: تطوير أساليب سياسية واقتصادية للإطاحة السلمية بهؤلاء الطغاة، على غرار نماذج ناجحة قبلا مثل اندفاع أمواج الطلاب إلى الشوارع للإطاحة بسوهارتو في اندونيسيا، وكذلك حركة الطلاب في بولندا والمجر، المهم أن تكون الحركة سلمية، وأن يظل دور العالم الخارجي غير ظاهر في هذه الحركات. ويتساءل "بالمر" مندهشاً: ما الذي يمنعنا إذا توفر لدينا المال والإرادة؟ فالترويج للديمقراطية يجب أن يكون على رأس أولويات الأمن القومي الأمريكي.
إذا صح هذا الكلام، فلا يمكن أن نستبعد تغييرات كبيرة في دول مهمة أخرى مثل السعودية وإيران، بل إن الحرب على إيران يمكن أن تكون في الطريق.
نتحدث كثيراً عما تريده أمريكا، ولكن نظل أقل قدرة على أن نحدد ماذا نريد وإلى أين نسير. الظرف الذين نحن فيه الآن يحتاج من يستطيعون أن ينسوا كل اختلافاتهم ومصالحهم الآنية من أجل وطن حر لا يسير في فلك أحد، ولا يتسول من أحد. إذا كان لأمريكا مصلحة فيما حدث، فأين مصلحتنا نحن؟ أين مستقبلنا نحن؟ كان بوسع أعضاء المجلس العسكري أن يصيروا ابطالاً لو أنهم وفوا بكل ما وعدوا به بعد التنحي، ولكن الفوضى اتسعت والخلافات تعمقت، وصار الكل يشكو، وصار الجميع متهماً.
أنا لا أشك أبدا في أن مصر مهمة لكثير من القوى الخارجية، لكنني أشك كثيراً في أن مصر مهمة عند البعض من أبنائها وممن يملكون أمرها، وخيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.