قال الكاتب الأمريكى " توماس كيروسيرز" الذى يشغل منصب نائب رئيس مركز "كارنيجى" للسلام الدولى فى واشنطن، إنه فى الوقت الذى تشهد فيه المنطقة العربية والشرق الاوسط تحولا كبيرا نحو الديمقراطية والتخلص من الانظمة القمعية ، مازالت الولاياتالمتحدة تدعم انظمة مستبدة كتلك الموجودة فى منطقة الخليج. واضاف الكاتب فى مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الامريكي اليوم "السبت"، انه بينما كانت دول مثل تونس ومصر تحتفل بمرور عام على الثورات الشعبية التى أطاحت بالانظمة المستبدة فى هذين البلدين، كان الرئيس الامريكى "باراك اوباما"، يحتفل مع السعوديين بتوقيع صفقة اسلحة فى ديسمبر، قيمتها تقترب من 30 مليار دولار، اى اكبر من الناتج المحلى الاجمالى لأكثر من نصف دول العالم . فقد وصفت الادارة الامريكية هذه الصفقة بانها انجاز تاريخى، من شأنه ان يعزز ويدعم العلاقات بين البلدين . واشار الكاتب الى ان هذه الصفقة تعكس موقف امريكا الحقيقى من الربيع العربى، وعدم اكتراثها بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان، بل ان الأولوية للمصلحة . وقال الكاتب الامريكى إن دول الخليج بما لديها من اموال ونفط، تمكنت حتى الآن من تفادى الاحتجاجات الشعبية باستثناء البحرين، ومازالت تحظى بدعم امريكا، بينما تعانى مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، دون ان تتلقى اى عون من الغرب . واوضح الكاتب انه على امريكا ان تدرك حقيقة مهمة وهى ان الحكام الطغاة الذين سقطوا العام الماضى، كانت لديهم القوة والمال، الا ان ذلك لم ينفعهم امام ثورات شعوبهم . واشار الى ان الرئيس الامريكى "باراك اوباما" قال فى يوم ما "إنه يدرك هذه الحقيقة، ولذلك قال فى مايو الماضى "إنه بعد عقود من قبولنا لهذا الوضع الذى كان علينا ان نساعد هذه المنطقة – اى الشرق الاوسط- على الاصلاح والتغيير وعلى الولاياتالمتحدة ان تقوم بهذا الدور وتدعم الديمقراطيات الناشئة" . الا ان الواقع الحالى يؤكد ان امريكا تعتمد على سياسة محفوفة بالمخاطر، حيث تدعم الديمقراطية بعد ان يحدث التحول، وفى نفس الوقت تدعم الطغاة الذين لايزالون فى السلطة، من اجل المصالح الامنية والاقتصادية . وانتقد الكاتب سياسة الكيل بمكيالين، مشيرا الى انه عندما اندلعت المظاهرات فى البحرين، حيث التى يوجد بها مقر الاسطول الخامس الامريكى، لم تحبذ امريكا دعم المتظاهرين، وغضت النظر عن العنف ضد المواطنين، وسقطت قناعات الديمقراطية وحقوق الانسان . كما ان الادارة الامريكية غضت النظر عن التدخل السعودى العسكرى فى البحرين من اجل قمع الانتفاضة الشعبية هناك، من اجل الحفاظ على علاقاتها بالنظام الملكى فى الرياض . ورغم الاحتجاجات فى الاردن والمظاهرات ضد النظام الملكى، الا ان امريكا تشيد بالعاهل الاردنى الملك "عبدالله" وتدعمه، كونه حليفا استراتيجيا لامريكا . ورأى الكاتب ان سياسة امريكا المزدوجة فى الشرق الاوسط تثير علامات استفهام كبيرة، فهى تدعى دعم الديمقراطية، فى الوقت الذى تدعم فيه انظمة قمعية كتلك الموجودة فى السعودية والاردن والبحرين وقطر وغيرها من الانظمة الملكية . وقال إن هذه السياسة افقدت امريكا مصداقيتها فى المنطقة. ولم يعد هناك من يحترم وجهة النظر الامريكية، ومن المؤكد ان ذلك سينعكس على العلاقات المستقبلية والمصالح الامريكية فى المنطقة .