الآن, وبعد اختلاط الحابل بالنابل, وغياب هيبة الدولة, وانشغال مؤسسة الرئاسة عن هموم الناس والوطن, واستمرار وجود حكومة ضعيفة لا حول لها ولا قوة تجاه ما تمر به البلاد اقتصاديا وأمنيا وسياسيا وإداريا, آن لنا أن نسأل: لمن الحكم اليوم؟ هل للرئيس المنتخب أم لتيار آخر ينتمي إليه ونقصد جماعة الاخوان المسلمين, أم لتيارات وقوي سياسية أخري، أم للميليشيات والبلطجية ودعاة الفوضي. مر بالتمام 9 شهور واقتربنا من نهاية العام الأول, لحكم الرئيس مرسي ولم يجد جديد علي المصريين, لا في الامن أو الاقتصاد, أو الحياة المعيشية, وصار الناس يتندرون علي مبادئ الثورة, ويتندرون اكثر علي كلام رئيس الوزراء د. هشام قنديل الذي اعتاد ان يكرر عبارة: عيش حرية عدالة اجتماعية, ورغم ذلك لم يطبق أياً منها, بل علي العكس لم يجد الناس في عهد قنديل عيشا أو حرية أو عدالة اجتماعية. عودة الي مؤسسة الرئاسة, ونطرح سؤالاً: هل شعر المواطن البسيط بتحسن في حياته؟ الإجابة بوضوح لا. سؤال آخر: مؤسسة الرئاسة مشغولة بماذا, هل مشغولة بشعب آخر غيرنا؟ أقول بصراحة, إن الرئيس مرسي ورئيس وزرائه قنديل تسببا في إضافة حالة من الاكتئاب والنكد لكل مصري داخل وخارج الوطن, ربما يقول قائل إن السلطة معذورة لأن ارتباك المشهد السياسي والأمني والإعلامي نتج عنه, الحالة المتردية للبلاد, وأقول ليس هذا سببا مقنعا, ففي بلاد كثيرة وقعت بها فتن وأحداث أشد بأسا, وأكثر دموية, ومع ذلك دارت العجلة الي الامام, وشعر الناس بجديد وتحسن في الحياة. لا يجب علي مؤسسة الرئاسة ان تستخدم شماعة الاحتقان الحالية, كمبرر, في حين انها صاحبة القرار وليس غيرها في انهاء هذا التشاحن, الصورة امامي تقول: إن الرئاسة تتمسك بالفرعيات علي حساب مصلحة الوطن, رغم أن الرئيس محمد مرسي أكد أكثر من مرة أنه لا ينظر الي سفاسف الأمور, ولا تشغله الصغائر عن العظائم, وهنا أقول ما العظائم التي تشغلك أكثر من المصلحة العليا للبلاد، وماذا يضيرك إذا استجبت لمطلبين فقط من مطالب القوي السياسية, وهما تغيير النائب العام وإقالة الحكومة. يا سادة: إذا استجاب الرئيس سوف تحقن الدماء ويكبر في نظر الجميع وتزيد هيبته أمامهم وليس هذا تنازلا من قدر الرئيس بقدر ما هو استجابة للمرءوس بما لا يخالف شرع الله. المشهد امامي يقول: إن هناك نوعاً من العناد, بين الرئاسة, والقوي السياسية, وأتصور ان من بيده القرار هو من يحسم ويحل ويهدئ, إذن الحل من الرئاسة التي يجب ان تستوعب الجميع, ولا تكون سببا في عناد يؤدي الي الفتنة, والفتنة اشد من القتل , وإذا كان الرئيس قد تراجع عن قرارات للمصلحة العامة, وهذا كما قلت من قبل تقوية ومتانة له كرئيس يسعي ويعي نبض الناس, فلماذا يصر ويصمم علي مطالب أخري, أري أن عدداً منها يستحق من الرئيس النظر والاستجابة. أيها الرئيس, كفي ما حدث, في يدك الحل, أسرع به, قبل ان ينفلت الزمام, وأنت تعلم علم اليقين الأيادي الخفية التي تعبث بالوطن وتريد عودته الي الوراء, وتعلم ان المعارضة لا تقل وطنية عن الموالاة, وأن الاثنين في خدمة الوطن أو المفترض ذلك, فلماذا العناد إذن, ولماذا تسمع جيدا لفصيل سياسي بعينه وتتجاهل الباقي, صحيح انك دعوت لحوارات مع مختلف التيارات وتعطلت هذه الحوارات لأسباب عديدة, ولا يصح كرئيس للجمهورية أن تكون طرفا في عناد مع آخرين مهما كانت الأسباب, فمطالبهم لها وجاهتها, وأنت تعلمها جيدا, ومن الممكن أن تستجيب لها, كبادرة طيبة منك وتأكيدا لحسن النوايا. لا نريد أن نتساءل: من يحكم مصر الآن؟ بل نريد ان نؤكد أن لدينا رئيسا منتخبا لكل المصريين.