ظنِّي.. الذي قد يصل إلي حد اليقين.. أنه لا أحد يستطيع أن ينقذ مصر. مما هي فيه اليوم.. وما يمكن أن تصل إليه غداً لما هو أخطر واسوأ إلا رئيس جمهورية مصر الدكتور محمد مرسي. وبصرف النظر.. عما إذا كان الرجل - د.مرسي - هو المسئول. أو الفاعل الأصلي لكل ما وصلت إليه البلاد من مخاطر وأهوال.. أو لم يكن.. إلا أنه بحكم موقعه.. وبحكم مسئولياته المتعددة.. وبحكم إمساكه بكل مفاتيح القرار والفعل.. فهو دون غيره القادر علي اتخاذ القرارات.. واتخاذ التدابير.. وإعطاء الأوامر. والتعليمات.. التي من شأنها:- * أن نذكر الجميع بأن هناك دولة.. * وأن هذه الدولة. محملة بمسئوليات متعددة. * وأنها المسئولة عن وضع كل شيء في نصابه.. * وأن تحاسب. كل خارج علي النظام. وعلي الأمن.. وبالقانون.. لا بغيره.. * وأن هذه الدولة.. وعلي قمتها رئيس جمهورية منتخب. انتخابا شرعيا.. هي المنوط بها أن تحمي وتحرس مؤسساتها.. وهيئاتها.. وكياناتها الشرعية. * هذه الدولة أيضا.. لابد وأن تمنع وأن تحول دون أي شكل.. أو مظهر من مظاهر الازدواجية.. في الحكم.. وفي الإدارة.. وفي السلطات العامة.. أمنا كان.. أو إجراء أو سياسة.. اللافت للنظر.. والمثير للدهشة بعد ذلك.. ان الرئيس الدكتور محمد مرسي.. مازال حتي هذه اللحظة متردداً في.. - ممارسة واجبه.. - متردداً في ممارسة سلطاته.. - مازال عازفا عن التصدي للأزمة.. ومواجهتها بالعلاج.. هل هو العناد.. أم الكبرياء.. أما لاعتبارات. وحسابات تفرضها الجماعة التي تقدم باسمها لرئاسة البلاد. ربما.. وكما يقولون.. ان الرجل أساء اختيار أعوانه ومعاونيه ومستشاريه. وللحقيقة والإنصاف.. ان أحدا من هذه الاحتمالات.. أو الأسباب.. إذا صح أن نطلق عليها أسبابا.. يمكن أن يرقي إلي المستوي.. الذي يمنع الرئيس. من الإقدام علي اتخاذ القرارات الواجبة.. وأن يسارع بالعمل لاحتواء الأزمة. صحيح.. أن الرئيس حاول.. صحيح.. أن الرئيس اتخذ عدداً من القرارات.. ومن الإجراءات التي تصورها.. أو صورها مستشاروه له.. علي أنها البلسم الشافي.. والحل الناجز.. لكل ما يتفاعل في قلب الوطن. وعقله وجسده من غليان وفوران. إلا أن جميعها وللأسف.. كانت خارج السياق. إلا أن العديد منها.. كان تصفية حسابات.. وكان البعض الآخر. انحيازاً لفريق دون آخر. وكان من بينها كذلك.. ما يمكن أن يستشف منه.. انه محاولة للهيمنة. والسيطرة والاستحواذ.. وعلي كل السلطات. واتضح.. وثبت بالدليل والواقع.. أن كل قرار. أو إجراء أو محاولة.. كانت تأخذ البلاد والعباد إلي ما هو اسوأ. لكن هل يعني هذا الذي كان.. وهذا الذي حدث.. وهذا الذي وصلنا إليه..:- أن نواصل السير في نفس الطريق.. ونستمر في نفس النهج.. ونستجيب لنفس الناس. أفرادا كانوا من المحيطين بالرجل ومؤسسة الرئاسة. أو كانوا من الجماعة أو الحزب الذي خرج منه.. أم أن الأوضاع.. أصبحت تفرض علي الرئيس أن يغير الطريقة والأسلوب. أبداً.. وبالمرة.. لم يقل أحد.. بل ولا يجرؤ علي القول.. "بأنه ليس من حق الرئيس.. كل رئيس أن يسيء الاختيار.. أو أن يخطئ في قرارات.. أو أن يحاول وأن تخضع محاولاته. للصواب.. وللخطأ..".. فهذه طبيعة الأمور.. وهذه مسئولية الحكم والإدارة.. خاصة.. وأن الرجل باق في منصبه.. وخاصة أن الرئيس متواصل في تولي مسئولياته. وأنه.. أي الرئيس دائم الدراسة والبحث عن حلول لما يواجه الأمة من مشكلات.. وأن صاحب المسئولية منكب علي العمل من أجل وضع الخطط والمشاريع للنهوض بالبلاد.. ومتفرغ لفتح جسور الاتصال والتواصل. داخل البلاد وخارجها.. ليحفظ أمن الوطن وسلامه.. وليشجع الأشقاء والأصدقاء للتعاون من أجل العمل المشترك.. وتحقيق الخير المشترك. ****** عند هذا الحد.. تحضرني مجموعة من الملاحظات ربما في رأيي علي الأقل.. ملاحظات علي جانب كبير من الأهمية..:- وهي في غالبيتها وجوهرها. متربطة. بالمعايشة اليومية.. لأحداث ساخنة. أو باردة.. سمها ما شئت. أولها..: محاصرة المحكمة الدستورية العليا.. من جانب الإسلاميين.. سواء من الجماعة. أو من التيار السلفي.. أو من كليهما معا.. والسؤال الذي يدق في رأسي وبعنف.. هو..:- ضد من هذا الحصار..؟! هل هو ضد الرئيس مرسي.. أم لصالحه ومعه..؟ أليست المحكمة الدستورية العليا.. بكيانها المعماري.. وبكيانها البشري والإنساني.. إحدي مؤسسات الدولة التي يجلس علي قمتها الرئيس مرسي. أو ليس الرئيس مسئولا عن كل مؤسسات الدولة وكياناتها وأجهزتها. وأن هذه المسئولية تفرض عليه حمايتها. وتأمينها.. وتأمين العاملين فيها.. من مستشارين وموظفين.. تأمين من يتوجه إليها بالشكوي.. أو بحثا عن حق. أليس رئيس السلطة العليا في الدولة.. هو القابض بين يديه مفاتيح الأمان.. ومفاتيح الإدارة والعمل.. وأليس هو الراعي القادر علي أن يزيل أي عائق يقف في وجه الحق.. ووجه القانون.. ووجه السلطة والمسئولية.. قد يقول البعض إن الرئيس هو ممثل السلطة التنفيذية.. وأن السلطة القضائية بأفرعها وتكويناتها المختلفة شيء آخر.. لكن هذا القول فارغ من أي مضمون.. فإذا كانت القاعدة هي الفصل بين السلطات.. التنفيذية والتشريعية والقضائية. إلا أن الرئيس وحده - بصرف النظر عن كونه رئيس السلطة التنفيذية.. هو وحده المنسق بين السلطات عرفاً أو قانوناً لا فرق. هو - أي الرئيس هو الحكم بين السلطات إذا تنازعت سلطة مع الأخري. وبالتالي.. أي انتهاك. أو تهديد. أو اعتداء علي أي سلطة من السلطات.. فالرئيس وحده هو المسئول.. عن الحماية والأمن والرعاية لهذه السلطة المهددة من الغير.. أياً كان هذا الغير.. غريب وعجيب.. أن يخرج علينا.. هؤلاء المحيطون بالمحكمة الدستورية العليا.. ومن يؤازرهم من الجماعة ومن السلفيين.. يخرجون علينا بالقول.. ان هذا الحصار هو رد علي تجمع المعارضة أمام قصر الرئاسة.. قصر الاتحادية. حقيقة.. وبكل الصدق.. لم أسمع في حياتي "سذاجة.." أو تضليلاً. أو حتي غباء.. مثل هذا القول. هل نعيش نحن شعب مصر.. داخل دولة واحدة. وتحت رئاسة واحدة..؟ أم أن هناك دولتين..؟ دولة يتبعها قصر الاتحادية.. ويرأسها د.محمد مرسي..؟ ودولة أخري.. تدخل المحكمة الدستورية العليا في اختصاصها.. وهي جزء من ممتلكاتها..؟ وإذا كان الأمر كذلك.. فمن هو رئيس هذه الدولة الثانية..؟ مرة ثانية.. وثالثة وعاشرة.. الاعتداء.. أو التهديد أو الحصار لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة وحصارها. هو.. وبلا أدني شك.. اعتداء علي الرئيس نفسه.. هو انتقاص من سلطته.. وانتهاك لحقه.. وتقليل من مكانته وهيبته.. فهو رئيس مصر كلها.. شعبها.. ومؤسساتها وكياناتها. من قسم بوليس الدقي.. إلي مدينة الإنتاج الإعلامي.. إلي المحكمة الدستورية العليا.. إلي حزب الوفد وجريدته.. وإلي غيرها من الأفراد والكيانات.. وفوق كل قطعة من أرض مصر.. وهذه المهمة.. هي مهمة سامية رجلها ومسئولها هو رئيس البلاد.. وأدواته.. التي هي أدوات الدولة الشرعية. وكل من لا يحترم هذا الالتزام وهذا القانون.. هو خارج علي الدولة ولابد من وقفه ومن عقابه.. وإذا كانت مرحلة "الريبة".. التي تعيشها البلاد الآن.. قد اختلطت فيها القواعد والمفاهيم والأصول.. وإذا كان الفصل.. بين ما هو إخواني.. وما هو غير إخواني. قد زاد الأمور غموضا.. وزادها فوضي.. وزادها عنفا.. فلا شك أن ما وصلت إليه الأحوال يستوجب سرعة العمل.. وسرعة التدخل.. وسرعة إعمال العقل.. فالحساب المباشر والبسيط لما وصلنا إليه.. وما وصلت إليه الدولة والبلاد.. يؤكد وبكل وضوح.. أن هؤلاء الذين بدعون.. أو يعلنون.. أو يخرجون. في مظاهرات.. أو اعتصامات لتأييد الدكتور مرسي.. هم أكثر الأطراف عدوانا عليه.. هم أكثر الناس هدما وتدميرا لمكانته وسلطته.. وقد ثبت أن التكذيبات.. والمراوغات والمغالطات التي يصدرها ويعلنها مؤيدو الدكتور ليتبرأوا من هذا الفعل أو ذاك.. لا ترد عنهم خطيئة. ولا تدرأ عنهم تهمة.. إنما هي من البداية والنهاية تأكل من رصيدهم ورصيد الحكم.. ****** وما دمنا قد وصلنا إلي هنا.. سوف نتوقف مرة أخري عند ظاهرة ثانية.. لا تقل خطورة أو ضراوة في حق الرئيس وهي..:- هذه البيانات.. والتصريحات والإعلانات التي تدور..:- بشأن "المؤامرات..".. والمخططات والتنظيمات التي خططت ودبرت. وتحالفت مع "مشبوهين.." وفلول في الداخل.. ومع متأمرين وحاقدين في الخارج.. * لقتل الرئيس.. * ولاختطاف الرئيس.. * ونشر الفوضي في البلاد.. ولتحطيم المؤسسات. هل يمكن لكيانات عاقلة.. ومؤسسات رشيدة.. وشخصيات سياسية.. يحتل بعضها أعلي المناصب.. ويتطلع ويتحرق شوقا البعض الآخر للوصول إلي هذه المناصب. هل يعقل أن يخرج علينا هؤلاء كل يوم وكل ساعة. يرددون هذا العبث أو هذا العبط..؟! ومرة أخري.. ضد من يردد هؤلاء.. هذه البيانات وهذه التصريحات..:- هل هي ضد طرف بعينه أو أطراف محددة..؟ أم هي في حقيقتها.. ضد المسئول الأول عن إدارة البلاد. بشئونه الأمنية.. وشئونه السياسية.. وشئونه العامة..؟ فإذا كانت هناك مؤامرة.. وإذا كانت هناك جريمة.. يتحدث بعض العاملين في القصر بجوار الرئيس ويتحدث عنها.. قادة الجماعة التي منها الرئيس.. بل ويرددها زعيم الجماعة ونائبه.. وهو ما يشير إلي أن من يردد هذا الكلام علي ثقة كاملة فيه.. إذا كان هذا كذلك.. فلماذا لا يستخدم الرئيس سلطاته.. لماذا لا يعطي الأمر لأجهزته بالقبض علي المتهمين الضالعين والمشاركين في التآمر.. أخيراً.. هل من المعقول.. أن يخرج المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان الدكتور محمود غزلان.. لقول علي الملأ.. "إن الجماعة لن تفض الاعتصام القائم حول المحكمة الدستورية العليا.. حتي تستقر الدولة..". ومع احترامي الشديد للدكتور غزلان.. أقول له: "من أنت يا دكتور. لتعلن هذا الانذار.. أو هذا التهديد.. أو هذا البيان..". وهل أنت بهذا الإعلان تعتقد أنك تدافع عن الرئيس وعن الدولة التي يقف علي قمتها..؟! أم أنك تتحدث عن دولة أخري.. ليست فيها ازدواجية للسلطة والمسئولية. بل "دولة فوضي..".. لا أحد يعرف من يحكمها.. ومن يديرها.. ومرة أخري.. أو مرة أخيرة. يا دكتور مرسي.. أنت وحدك القادر علي اخراج مصر من الأزمة.. أنت الرئيس.. وأنت المسئول.. وأنت من حقك أن تحاول وتحاول وتحاول.. وإن فشلت المحاولة هذه فالأخري جاهزة والمحاولة أو المحاولات التي تتحدث عنها.. أساسها.. البعد عن العناد.. والبعد عن المكابرة.. والبعد علي فتوات الجماعة..والبعد عن العنف.. وأن تفتح جميع الأبواب للحوار.. وتفتح قلبك للتعاون.. وأن تكون السماحة هي المدخل.. واحترام أقدار الناس ضرورة. يا دكتور مرسي.. المعرفة والخبرة تتحقق من خلال الممارسة ومن خلال التجربة.. ومن خلال الخطأ.. وأكثر من هذا وذاك من خلال النية الصادقة لفعل الخير.. للناس وللوطن. إن قراءة بسيطة وسريعة للخريطة الاقليمية والدولية تكشف الكثير والكثير.. وهذا الكثير مخيف. ولا يجوز أن تدغدغ مشاعرنا وعواطفنا. كلمات. أو اشادات يرددها كبار الكون. فسرعان ما تتبخر الكلمات.. وتبقي الأحكام التي يصنعها ويصوغها الواقع فوق الأرض.. والقبول والرضي من جانب أهل الأرض.. كما يصوغها الرفض والتمرد. حينما نأخذ الناس إلي الفوضي أو الاقتتال والغضب.