يسأل الكثير من الناس لماذا لم تبدأ سورة التوبة بالبسملة فأجاب بعض أهل العلم وقال في أمر عدم الابتداء بالبسملة في سورة التوبة بأنّ البسملة هي أمانٌ من الله وأنّ سورة التوبة نزلت بعد غضب الله على المشركين بعد أنّ نقضوا عهدهم مع الرسول وصحابته -رضوان الله عنهم-، ولهذا لم تُذكر البسملة في بدايتها، وقال آخرون أنّ الصحابة الذين تولوا جمع المصحف الشريف لم يتأكدوا ما إذا كانت سورة التوبة وسورة الأنفال التي تسبقها هما سورتان مستقلتان أم أنهما سورة واحدة، فقرروا أن يفصلوا بينهما لكن دون بسملة، وهكذا إن كانتا سورتين منفصلةٌ إحداهما عن الأخرى فقد فصلوهما، وإن كانتا سورةً واحدةً فهم لم يجعلوا بينهما بسملةً تفصلهما. ومن مقاصد سورة التوبة بيان أنّ المسلمين يؤمنون إيمانًا كاملًا بقضاء الله وقدره ويوقنون بأنّ كلّ ما قد يصيبهم هو بعلم الله وتقديره وبأنّه خيرٌ لهم وأنّه مولاهم وعليه يتوكلون، فقد قال -تعالى-: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. والتأكيد على وحدوية الله -جلّ وعلا- وبأنّ من قال بأنّ له ولدٌ أو جعل معه إلهًا آخر كاليهود والنصارى فإنّ الله مقاتلهم وأنّهم الأخسرون، وذلك في قوله -جلّ وعلا-: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ}، والتأكيد على أنّ الدين عند الله الإسلام وأنّ هذا ما أتى به جميع الأنبياء والمرسلين. ويتبين أيضًا من مقاصد سورة التوبة أنّ الله -جلّ وعلا- أكّد على أمر المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام في الأوامر والأحكام التشريعية المفروضة عليهم وفي أدائهم واجباتهم كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها، فقد قال -تعالى-: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. وتوضح الآية الكريمة أنّ المساواة بين المؤمنين والمؤمنات كانت أيضًا في جنات النعيم التي وعدهم الله بها جزاء إيمانهم وإحسانهم.