كثيرة هي سور الكتاب التي كان لها أكثر من اسم في كتب العلماء والمفسرين، وسورة البينة واحدة من هذه السورة، فقد سُمِّيت هذه السورة الكريمة بسورة المنفكين، وذلك لقول الله تعالى فيها: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. كما سُمِّيت هذه السورة المباركة سورة القيِّمة، لقول الله تعالى فيها: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}، ولكن الاسم الشائع لهذه السورة هو اسم البينة، وسمِّيت بهذه الأسماء لأنَّها أسماء كلمات مميزة وردتْ في أوائل آيات السورة، وهذا شأن أغلب سور الكتاب. وفي مقاصد سورة البينة فيما تبقَّى من آياتها، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[8]، إنَّ مقاصد سورة البينة في هذه الآيات، هو أنََّ الله تعالى يبيِّن للناس أوامره دينه، فقد أمر الناس بعبادته مخلصين له الدين وأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهذا هو الدين القويم السليم، ثمَّ يؤكد الله تبارك وتعالى على أنَّ المشركين واليهود والنصارى مصيرهم الخلود في نار جهنم، فهم شرُّ الناس، وإنَّما خير البرية المؤمنون الذي يعملون الصالحات، ومصير هؤلاء المؤمنين جنات عدن بنعيمها، رضي الله عنهم ورضوا بقضاء الله فهم من عرفوا الله حقَّ معرفته.