قلل الكاتب الأمريكى المعروف "توماس فريدمان" من أهمية زيارة الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" لإسرائيل كما هو مقرر فى العشرين من الشهر الجارى. وقال "فريدمان" فى مقاله الأسبوعى بصحيفة "نيويورك تايمز" اليوم، إن "أوباما" سيكون أول رئيس للولايات المتحدة يزور إسرائيل الأسبوع المقبل كسائح وليس وسيط سلام، وهذا ما يجعل التوقعات من هذه الرحلة قليلة. وكعادته فى تناوله الموضوعات بلغة ساخرة متهكمة، قال "فريدمان" إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تحول من صراع "ضرورة" إلى "هواية" بالنسبة للدبلوماسيين الأمريكيين، مشيرا الى أن هذا الصراع تحول من قضية محورية إلى هواية كهواية بناء نماذج الطائرات أو حياكة التريكو، تمارسها أياماً وتهجرها أخرى، حسب الحالة المزاجية. وأكد الكاتب أن الرئيس "أوباما" مارس تلك الهواية فى بداية عمله كرئيس للولايات المتحدة، فبعد محاولات لتحريك هذا الملف، وجد "اوباما" أن كلا الطرفين لم يستجيب له بالقدر المطلوب، فاضطر إلى ما يمكن تسميته التجاهل الحميد لهذا الملف. ورأى الكاتب أن هناك عوامل كثيرة وراء تحول هذا الملف من ضرورة إلى هواية بالنسبة للولايات المتحدة، لعل أهمها التحولات الجوهرية التى بدأت مع انتهاء الحرب الباردة. وقال "فريدمان": "جاء زمن سادت فيه مخاوف حقيقية من أن تُفضي حرب بين العرب وإسرائيل إلى صراع أوسع بين القوى الكبرى، وهو ما حدث عندما استعد الرئيس الأمريكى الأسبق "نيكسون" لمواجهة محتملة مع السوفيت خلال حرب 1973 بين مصر وإسرائيل. وأضاف: "لكن ذلك لم يعد متوقعا على الأرجح حدوثه اليوم بالنظر إلى الخلاف "المكتوم" بين تلك القوى حول الشرق الأوسط". وعلاوة على ذلك – حسبما يقول "فريدمان"إن اكتشاف كميات كبيرة من الغاز والنفط فى أمريكا الشمالية والمكسيك وكندا، قلل من أهمية الشرق الأوسط كمنبع اساسى للنفط. وقال الكاتب إن أمريكا الشمالية أصبحت السعودية الجديدة، فمن يحتاج إذن إلى المنطقة القديمة "في إشارة إلى الشرق الأوسط؟!. ولهذا السبب لن تعود أمريكا تعتمد كثيرًا على نفط الشرق الأوسط، ومن ثم فهي لن تخشى تهديدًا بحظر نفطي آخر من العرب بسبب موقفها من القضية الفلسطينية, لكن المسألة ليست كذلك بالنسبة للصين والهند، فعلاقتهما بالشرق الأوسط لم تعد هواية بل باتت ضرورة بعد أن تجاوزت بكينواشنطن كأكبر مستورد لنفط تلك المنطقة "فإن كان ثمة أحد يتحتم عليه اليوم تبني دبلوماسية سلام عربية إسرائيلية (وسنية شيعية) فهما وزيرا خارجية الهند والصين". وشدد "فريدمان" على أن القضية الفلسطينية لم تعد هى الشغل الشاغل أو الصراع الطاغى فى المنطقة، بل إن النزاع السنى الشيعى أصبح هو محل الاهتمام وصاحب الصدارة، فهذا الصراع ع هو الذى يهدد الاستقرار بالمنطقة أكثر من غيره فهناك الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة والتي تعصف بلبنان وسوريا والعراق والكويت والبحرين واليمن. ومع أن إقامة دولة فلسطينية عبر سلام مع إسرائيل شيء جيد، ولكن القضية الراهنة هي هل ستكون هناك دولة سورية، ودولة ليبية ودولة مصرية بعد اليوم"؟ . وأشار الكاتب إلى أنه فى ظل الوضع المعقد على الأرض وبعد أن زرعت إسرائيل ما يقرب من 300 ألف مستوطن فى الضفة الغربية وفى ظل استمرار هطول صواريخ حركة حماس على إسرائيل من قطاع غزة، فإن شهية أمريكا أو حتى إسرائيل لتحريك ملف السلام تضاءلت. وختم الكاتب مقاله قائلا: "لكل هذه الأسباب فإن "أوباما" قد يكون أول رئيس أمريكي على سدة الحكم يزور إسرائيل سائحاً.