إنفوجراف| أرقام يجب أن تعرفها عن مجلس الشيوخ    أسبوع القاهرة 2025| وزير الري: منظومة المياه والصرف بغزة أصبحت أطلالًا مدمرة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: منح السيسي قلادة النيل لترامب تقدير لدوره في دعم جهود السلام بالشرق الأوسط    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    المغرب بالإسكندرية 6.30.. جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    تحالف مصرفي يضخ 7 مليارات جنيه لتمويل مشروع عقاري ضخم بالقاهرة الجديدة    المستشار محمود فوزي: الرئيس يولي قضية الزراعة والغذاء أعلى درجات الاهتمام    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    من التقديم حتى التأكيد.. 8 خطوات للحصول على سكن بديل ضمن قانون الإيجار القديم    «يديعوت» تكشف السبب الحقيقي لتراجع نتنياهو عن حضور قمة شرم الشيخ    نتنياهو يمنح ترامب حمامة ذهبية تقديرًا لجهوده في إنهاء حرب غزة    متحدث الأمم المتحدة: لا بد من تأكيد تدفق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة    سعفان الصغير: كل من هاجمونا «غير وطنيين».. ونجاحات التوأم سبب الحرب علينا    بث مباشر مباراة ألمانيا وأيرلندا الشمالية اليوم في تصفيات أوروبا    «شكوى ل النائب العام».. أول رد فعل من طارق مصطفى ضد أحمد ياسر    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    المشدد 3 سنوات لتشكيل عصابي سرقوا موظف بالإكراه في مدينة نصر    مائل للحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا الثلاثاء    براءة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في العمرانية    «مثلث الحب».. عرض أول فيلم طويل للمخرجة آلاء محمود بمهرجان القاهرة السينمائي    بينهم أمريكي.. الإعلان عن 3 فائزين ب جائزة نوبل في الاقتصاد 2025    آداب القاهرة تحتفل بمرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    نائبة وزير الصحة خلال مؤتمر جمعية النساء الطبيبات الدولية: صحة المرأة وتمكينها أساس التنمية    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    عضو بالشيوخ: قمة شرم الشيخ لحظة فاصلة لإحياء العدالة الدولية فى فلسطين    الأهلي يدعو أعضاء النادي لانتخاب مجلس إدارة جديد 31 أكتوبر    إلهام شاهين لاليوم السابع عن قمة شرم الشيخ: تحيا مصر عظيمة دايما    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    ضوابط جديدة من المهن الموسيقية لمطربي المهرجانات، وعقوبات صارمة ل2 من المطربين الشعبيين    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    المشدد 3 سنوات لعصابة تتزعمها سيدة بتهمة سرقة موظف بالإكراه فى مدينة نصر    كاف يعلن أسعار تذاكر أمم أفريقيا.. 500 جنيه لمباريات مصر    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    ضبط قائدي ثلاث سيارات ينفذون حركات استعراضية خطيرة بالغربية    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 63.58 دولار للبرميل    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    الأمم المتحدة: إحراز تقدم في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    إليسا تشارك وائل كفوري إحياء حفل غنائي في موسم الرياض أكتوبر الجاري    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    حملات تموينية مكثفة على المخابز والأسواق في دمياط    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    «شرم الشيخ».. منصة مصر الدائمة للحوار والسلام    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    عاجل- البيت الأبيض: ترامب يتابع عملية إطلاق سراح الرهائن من على متن الطائرة الرئاسية    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 13_10_2025 بعد الزيادة الجديدة    بولندا تواصل تألقها بثنائية في شباك ليتوانيا بتصفيات المونديال الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطأ المراهنة على أوباما لتصحيح صورة أميركا / د.عبد العاطي محمد
نشر في محيط يوم 29 - 06 - 2008


خطأ المراهنة على أوباما لتصحيح صورة أميركا
د.عبد العاطي محمد
عقب اعلان الحزب الديمقراطي الأميركي اختياره باراك أوباما مرشحا له في انتخابات الرئاسة الأميركية، كتب الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان مقالا حول دلالات هذا الاختيار، قال فيه: ان أفضل انجاز قدمه الحزب للولايات المتحدة، هو هذا الاختيار لأنه يحسن من صورتها في الشرق الأوسط. وأوضح فريدمان أن الادارة الأميركية الجمهورية بذلت جهودا مضنية طوال السنوات التي تلت أحداث 11 سبتمبر 2001.
لمواجهة حالة الكراهية التي جوبهت بها في المنطقتين العربية والاسلامية، ولكن هذه الجهود لم تثمر عن تصحيح صورة الولايات المتحدة برغم ما أنفق عليها من أموال طائلة، وباختيار الحزب الديمقراطي أوباما مرشحا للرئاسة الأميركية، فانه يكون قد تفوق بحركة ذكية وبسيطة على كل الجهود السابقة وحقق للولايات المتحدة ما عجزت عنه سياسيا ودبلوماسيا طوال السنوات الماضية، أي تصحيح صورتها في الشرق الأوسط .
وفي اعتقاده أن اختيار أوباما لقي ترحيبا من شعوب المنطقة وساستها، مؤكدا أنه لمس هذا التحول في المشاعر خلال جولة قام بها إلى بعض دول المنطقة وقت اعلان المرشحين الديمقراطي والجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
وبنى فريدمان النتيجة التي توصل اليها استنادا إلى أن الشعب الأميركي باختياره أوباما (ممثلا في أعضاء الحزب الديمقراطي) انما قدم درسا حقيقيا عن أميركا القدوة والنموذج التي تمثل القيم الديمقراطية في أفضل صورها والتي كانت بسببها موضع تقدير واعجاب الآخرين وليس كراهيتهم، فقد تم اختيار شاب ملون مرشحا لأهم منصب سياسي على مستوى أميركا، بل والعالم، وهو شاب أعلن من قبل اختلافه مع سياسة جورج بوش على أكثر من صعيد خارجي، وبات أمل أميركيين كثيرين لاعادة تقديم أميركا بالصورة التي تجذب صداقة وتعاون شعوب الشرق الأوسط والعالم.
وبغض النظر عن امكانية نجاح أوباما أو فشله في الانتخابات المقبلة، فان النتيجة التي ستبقى في الأذهان وفقا لتقديرات فريدمان هي أن الشعب الأميركي كره سياسة الرئيس بوش ويريد تغييرا في الكثير من جوانبها على الصعيد الخارجي، وأن هذا الشعب بارادته هو قرر أن يصحح الصورة عن بلاده خارجيا، وذلك باعادة تصحيح أوضاعه الداخلية وانقاذ الديمقراطية الأميركية من المحافظين الجدد الذين أساءوا لها أيما اساءة من خلال السياسات التي تم اتباعها مع شعوب الشرق الأوسط وبلدانهم وبدت متعارضة، بل منتهكة للقيم الأميركية الأصيلة في الدفاع عن الحرية..
انها الصورة الحقيقية لأميركا التي لا يجري فرضها على الآخرين ولا تمتهن باستغراقها في أشكال عدوانية مختلفة تبدأ من الاحتلال المباشر إلى الحملات السياسية والاعلامية الصارخة لاحداث التغيير القسري في الشرق الأوسط، وتحديدا في العالمين العربي والاسلامي باعتبارهما يعيشان أجواء عنف وارهاب ويفتقدان للديمقراطية في تقدير الأميركيين.
والواقع أن ما توصل اليه فريدمان لا يصلح لبناء تصور مستقبلي بأن صورة الولايات المتحدة ستتحسن بالفعل، مع افتراض وصول أوباما إلى البيت الأبيض، فلا يجب أن نهمل حماس فريدمان نفسه للحزب الديمقراطي الأميركي باعتباره الحزب الذي يرعى التعددية ولا يستخدم أساليب عنيفة وتحكمية مع الآخرين ويؤمن بالحلول الوسط والدبلوماسية ومهتما بالدرجة الأولى بترسيخ قيم الديمقراطية الأميركية التقليدية، وهو أفضل بكثير بالنسبة لهذه التوجهات مقارنة بالحزب الجمهوري.
وفريدمان من الذين ناصبوا العداء للجمهوريين والرئيس جورج بوش وادارته من منطلق أنه امتهن القيم الديمقراطية الأميركية، علما بأن فريدمان كان مؤيدا للحرب الأميركية ضد العراق مثله مثل الكثير من المنتمين للحزب الديمقراطي، وانقلب على هذا الموقف بعدما تكشفت أخطاء الاحتلال في العراق وما حصل في سجن أبو غريب، بالاضافة إلى ما هو قائم في معتقل غوانتانامو، ولذلك فان حماسه لأوباما ينطلق من رغبة الأميركيين الآن في اعادة ترتيب البيت الأميركي من الداخل للتخلص من سياسات المحافظين الجدد وبما يعيد لأميركا سيرتها الأولى قبل وصول جورج بوش إلى الحكم.
وحتى اذا فشل أوباما في الوصول إلى البيت الأبيض فان تيار التغيير المناهض لسياسات المحافظين الجدد سيستمر ويتصاعد اذا ما وصل منافسه جون ماكين الجمهوري إلى منصب الرئيس، ولا يخفي أن هذا التغيير الداخلي المنتظر سينعكس في توجهات السياسة الأميركية الخارجية، وتحديدا تجاه الملفات الرئيسية في الشرق الأوسط التي أدت مشكلاتها إلى نشر الكراهية ضد الولايات المتحدة، وستظهر توجهات جديدة مغايرة في الأسلوب وليس في الجوهر كأن تستند الادارة الأميركية إلى الدبلوماسية بدلا من التدخل العسكري والى الترويج لنشر الديمقراطية دون فرضها على الآخرين.
وبالقطع اذا ما حدث ذلك فان صورة الولايات المتحدة ستتحسن. ولكن تحقيق هذا الهدف لن يكفي فيه تغيير الأسلوب بل يتعين أن يحدث تغييرا في جوهر السياسة الأميركية وهو ما لا يمكن الوثوق به سواء جاء أوباما أو ماكين إلى الحكم. والسبب أن الولايات المتحدة ملتزمة استراتيجيا بحماية إسرائيل والعمل على أن تظل متفوقة عسكريا على جيرانها في الشرق الأوسط وأن تبقى آمنة دائما من أي شكل من أشكال التهديد، كما أنها معنية لعدة سنوات مقبلة بنفط الشرق الأوسط وستحافظ على كل آليات التدخل لضمان استمرار تدفق النفط والسيطرة أيضا على أسواقه.
وكلا الأمرين: إسرائيل والنفط لن يعملا مستقبلا في صالح تحسين صورة الولايات المتحدة بين العرب والمسلمين حيث سيبقى الخلاف حولهما على حالة الكراهية وفي أفضل الأحوال فانها ستقل حدة لا أن تتلاشى كما يتصور فريدمان.
ان هناك عدة حقائق فرضت نفسها على سطح الأحداث تجعل من العرب والمسلمين لا يذهب بهم الخيال إلى حد توقع انتهاء عصر الكراهية وبدء عصر مختلف من الصداقة والعلاقات الحميمة، فأوباما نفسه لم يتأخر عن اعلان ولائه الشديد لإسرائيل حيث سارع بكسب ود «الأيباك» وبدد لديهم الشكوك التي دارت حوله من جانب إسرائيل عندما أثير في حملته الانتخابية أنه من أصل مسلم وأنه سيفتح صفحة جديدة مع العالمين العربي والاسلامي، اذا ما وصل إلى البيت الأبيض بما في ذلك فتح حوار مع ايران.
ولكنه أمام المنظمة اليهودية نفى أي علاقة له شخصيا بالاسلام والمسلمين، وأكد ايمانه بأن القدس ستظل عاصمة إسرائيل الأبدية، وأن أمن إسرائيل هدف استراتيجي للولايات المتحدة لا يخضع لأي نقاش، وتراجع عن تصريحاته اللينة تجاه ايران.
وفي الصراع العربي - الإسرائيلي أعلن تأييده بالطبع للحل السلمي وعزمه على تنشيط المفاوضات لاقامة مشروع الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ولكنه كرر نفس مواقف الادارة الجمهورية فيما يتعلق بأمن إسرائيل ووجهة نظرها في اقامة السلام مع الفلسطينيين، كما رفض أي حوار مع حماس، لقد أكد زيجنينو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر وأحد العناصر الأساسية في حملة أوباما الانتخابية أنه لا يمكن تصحيح صورة أميركا لدى العرب والمسلمين الا بحل المشكلة الفلسطينية، وبنى كثيرون على هذا الموقف أن أوباما سيكون معنيا بشكل أكثر جدية من جورج بوش بهذا الحل ليس فقط انطلاقا من قناعاته الحزبية والشخصية، وانما لاهتمامه بتحسين صورة بلاده في المنطقة.
وربما يكون هذا صحيحا إلى حد كبير، ولكن انحيازه وتعاطفه الكامل مع إسرائيل لن يؤدي إلى حل للمشكلة الفلسطينية، فقد يستطيع انجاز تسوية سياسية مثلما فعل جيمي كارتر من قبل في اقامة السلام بين مصر وإسرائيل، ولكن التسوية لن تعني حلا للمشكلة الفلسطينية حيث ستظل عناصرها التي شكلت عوامل الكراهية والصراع قائمة ومن أبرزها الظلم التاريخي الذي لحق وسيلحق بالفلسطينيين وبقاء القدس في أيدي إسرائيل. وفي ضوء الانحياز الأميركي لإسرائيل والذي لن يتغير، والتوصل إلى تسوية سياسية منصفة نسبيا أو غير منصفة وليس الحل العادل للمشكلة، فإن صورة أميركا لدى العرب والمسلمين لن تتحسن كثيرا.
ومن جهة أخرى ألقت أزمة ارتفاع أسعار النفط بظلالها على العلاقات العربية الأميركية في اتجاه عدم تحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة، بل زادتها سوءا، وليس من المتوقع أن ينجح القادم الجديد إلى البيت الأبيض في أن يقدم حلولا عادلة لهذه الأزمة تنصف المنتجين والدول الفقيرة، لأنه لن يتمكن من تغيير قواعد اللعبة الراهنة في الاقتصاد الأميركي، وهناك شريحة كبيرة من هؤلاء تنتمي إلى المنطقة العربية، فقد أدى الركود الاقتصادي الأميركي وتخفيض قيمة الدولار إلى احداث أزمات اقتصادية حادة في دول المنطقة، نتج عنها ارتفاع معدل التضخم ومن ثم انخفاض مستويات المعيشة.
وأدت سياسات المضاربة والاستثمار المكثف في مشروعات انتاج بدائل للنفط واستكشاف مناطق جديدة له بصورة مكلفة للغاية إلى رفع أسعار الطاقة عموما، مما ألقى بظلاله السلبية على الحياة الاقتصادية في دول المنطقة، وهكذا بات راسخا في أذهان أبنائها أنه مثلما كان الانحياز المطلق لإسرائيل سببا تقليديا في الصورة السلبية عن الولايات المتحدة، فان سياساتها الاقتصادية التي جلبت الخراب عليهم وجعلت المستقبل مظلما بالنسبة لهم أصبحت سببا اضافيا لزيادة الصورة سوءا.
عن صحيفة الوطن القطرية
29/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.