جامعة مطروح تقيم الندوة التثقيفية ال87 لقوات الدفاع الشعبي والعسكري    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    «التخطيط»: 100 مليار جنيه لتنفيذ 1284 مشروعًا بالقاهرة خلال 2024-2025    ترامب: السعودية ستنضم للاتفاقيات الإبراهيمية قريبا.. وستفعلون ذلك في الوقت الذي يناسبكم    مسؤول روسي: الهدف الرئيسي لمحادثات إسطنبول إرساء سلام مستدام في أوكرانيا    «لدينا 8 أهداف مؤكدة».. علي ماهر: ربنا عايز الأهلي يكسب    وزير الرياضة يبحث مع ممثلي الدوري الإسباني سبل التعاون المشترك    رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج يشكر مصر على استضافة البطولة الإفريقية    العمالقة الطيبة.. تفاصيل عن القرش الحوتي بعد رصده في دهب    كان بيجمع بطاطس.. غرق شاب أثناء عمله بالمنوفية    يسرا وأمينة خليل أبرز الحضور المصريين على ريد كاربت مهرجان كان السينمائي    د. أسامة السعيد يكتب: ساعات فى رحاب المجد    هل الصور الفوتوغرافية في البيوت تمنع دخول الملائكة ؟ أمين الفتوى يجيب    مستشفى زايد التخصصي تطلق النسخة الأولى من مؤتمر القسطرة المخية.. صور    محافظ الدقهلية: 1457 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية الخليج مركز المنصورة    الصحة العالمية تحذر من عجز أعداد الممرضين في إقليم شرق المتوسط    حزب الجبهة الوطنية يختار هاني حنا لأمانة العلاقات الخارجية    إلهام شاهين تشارك جمهورها صورًا من على شاطئ البحر في لبنان    وكيل وزارة الصحة يعقد اجتماعًا مع لجنة المعايشة بمستشفى سفاجا المركزي    رئيس الوزراء يستعرض جهود تعزيز استدامة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    المتحف المصري الكبير يستضيف على التوالي النسخة الثانية عشرة من فعالية "RiseUp 2025"    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    دار الإفتاء تستقبل وفدًا من أئمة ست دول إفريقية    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الوزارية لوضع محددات العدالة الاجتماعية لاستحقاق الدعم    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    تشميع كافيهات ومطاعم غير مرخصة وبها منتجات منتهية الصلاحية فى العجوزة    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    الرئيس الأمريكي يصطحب "الوحش" في جولته الخليجية الحالية.. صور وتفاصيل    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    التشكيل المتوقع للزمالك أمام بيراميدز بالدوري    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    الشرع: قد نبني برجا لترامب لتخفيف العقوبات.. والأخيرد يرد: سنوافق    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطأ المراهنة على أوباما لتصحيح صورة أميركا / د.عبد العاطي محمد
نشر في محيط يوم 29 - 06 - 2008


خطأ المراهنة على أوباما لتصحيح صورة أميركا
د.عبد العاطي محمد
عقب اعلان الحزب الديمقراطي الأميركي اختياره باراك أوباما مرشحا له في انتخابات الرئاسة الأميركية، كتب الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان مقالا حول دلالات هذا الاختيار، قال فيه: ان أفضل انجاز قدمه الحزب للولايات المتحدة، هو هذا الاختيار لأنه يحسن من صورتها في الشرق الأوسط. وأوضح فريدمان أن الادارة الأميركية الجمهورية بذلت جهودا مضنية طوال السنوات التي تلت أحداث 11 سبتمبر 2001.
لمواجهة حالة الكراهية التي جوبهت بها في المنطقتين العربية والاسلامية، ولكن هذه الجهود لم تثمر عن تصحيح صورة الولايات المتحدة برغم ما أنفق عليها من أموال طائلة، وباختيار الحزب الديمقراطي أوباما مرشحا للرئاسة الأميركية، فانه يكون قد تفوق بحركة ذكية وبسيطة على كل الجهود السابقة وحقق للولايات المتحدة ما عجزت عنه سياسيا ودبلوماسيا طوال السنوات الماضية، أي تصحيح صورتها في الشرق الأوسط .
وفي اعتقاده أن اختيار أوباما لقي ترحيبا من شعوب المنطقة وساستها، مؤكدا أنه لمس هذا التحول في المشاعر خلال جولة قام بها إلى بعض دول المنطقة وقت اعلان المرشحين الديمقراطي والجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
وبنى فريدمان النتيجة التي توصل اليها استنادا إلى أن الشعب الأميركي باختياره أوباما (ممثلا في أعضاء الحزب الديمقراطي) انما قدم درسا حقيقيا عن أميركا القدوة والنموذج التي تمثل القيم الديمقراطية في أفضل صورها والتي كانت بسببها موضع تقدير واعجاب الآخرين وليس كراهيتهم، فقد تم اختيار شاب ملون مرشحا لأهم منصب سياسي على مستوى أميركا، بل والعالم، وهو شاب أعلن من قبل اختلافه مع سياسة جورج بوش على أكثر من صعيد خارجي، وبات أمل أميركيين كثيرين لاعادة تقديم أميركا بالصورة التي تجذب صداقة وتعاون شعوب الشرق الأوسط والعالم.
وبغض النظر عن امكانية نجاح أوباما أو فشله في الانتخابات المقبلة، فان النتيجة التي ستبقى في الأذهان وفقا لتقديرات فريدمان هي أن الشعب الأميركي كره سياسة الرئيس بوش ويريد تغييرا في الكثير من جوانبها على الصعيد الخارجي، وأن هذا الشعب بارادته هو قرر أن يصحح الصورة عن بلاده خارجيا، وذلك باعادة تصحيح أوضاعه الداخلية وانقاذ الديمقراطية الأميركية من المحافظين الجدد الذين أساءوا لها أيما اساءة من خلال السياسات التي تم اتباعها مع شعوب الشرق الأوسط وبلدانهم وبدت متعارضة، بل منتهكة للقيم الأميركية الأصيلة في الدفاع عن الحرية..
انها الصورة الحقيقية لأميركا التي لا يجري فرضها على الآخرين ولا تمتهن باستغراقها في أشكال عدوانية مختلفة تبدأ من الاحتلال المباشر إلى الحملات السياسية والاعلامية الصارخة لاحداث التغيير القسري في الشرق الأوسط، وتحديدا في العالمين العربي والاسلامي باعتبارهما يعيشان أجواء عنف وارهاب ويفتقدان للديمقراطية في تقدير الأميركيين.
والواقع أن ما توصل اليه فريدمان لا يصلح لبناء تصور مستقبلي بأن صورة الولايات المتحدة ستتحسن بالفعل، مع افتراض وصول أوباما إلى البيت الأبيض، فلا يجب أن نهمل حماس فريدمان نفسه للحزب الديمقراطي الأميركي باعتباره الحزب الذي يرعى التعددية ولا يستخدم أساليب عنيفة وتحكمية مع الآخرين ويؤمن بالحلول الوسط والدبلوماسية ومهتما بالدرجة الأولى بترسيخ قيم الديمقراطية الأميركية التقليدية، وهو أفضل بكثير بالنسبة لهذه التوجهات مقارنة بالحزب الجمهوري.
وفريدمان من الذين ناصبوا العداء للجمهوريين والرئيس جورج بوش وادارته من منطلق أنه امتهن القيم الديمقراطية الأميركية، علما بأن فريدمان كان مؤيدا للحرب الأميركية ضد العراق مثله مثل الكثير من المنتمين للحزب الديمقراطي، وانقلب على هذا الموقف بعدما تكشفت أخطاء الاحتلال في العراق وما حصل في سجن أبو غريب، بالاضافة إلى ما هو قائم في معتقل غوانتانامو، ولذلك فان حماسه لأوباما ينطلق من رغبة الأميركيين الآن في اعادة ترتيب البيت الأميركي من الداخل للتخلص من سياسات المحافظين الجدد وبما يعيد لأميركا سيرتها الأولى قبل وصول جورج بوش إلى الحكم.
وحتى اذا فشل أوباما في الوصول إلى البيت الأبيض فان تيار التغيير المناهض لسياسات المحافظين الجدد سيستمر ويتصاعد اذا ما وصل منافسه جون ماكين الجمهوري إلى منصب الرئيس، ولا يخفي أن هذا التغيير الداخلي المنتظر سينعكس في توجهات السياسة الأميركية الخارجية، وتحديدا تجاه الملفات الرئيسية في الشرق الأوسط التي أدت مشكلاتها إلى نشر الكراهية ضد الولايات المتحدة، وستظهر توجهات جديدة مغايرة في الأسلوب وليس في الجوهر كأن تستند الادارة الأميركية إلى الدبلوماسية بدلا من التدخل العسكري والى الترويج لنشر الديمقراطية دون فرضها على الآخرين.
وبالقطع اذا ما حدث ذلك فان صورة الولايات المتحدة ستتحسن. ولكن تحقيق هذا الهدف لن يكفي فيه تغيير الأسلوب بل يتعين أن يحدث تغييرا في جوهر السياسة الأميركية وهو ما لا يمكن الوثوق به سواء جاء أوباما أو ماكين إلى الحكم. والسبب أن الولايات المتحدة ملتزمة استراتيجيا بحماية إسرائيل والعمل على أن تظل متفوقة عسكريا على جيرانها في الشرق الأوسط وأن تبقى آمنة دائما من أي شكل من أشكال التهديد، كما أنها معنية لعدة سنوات مقبلة بنفط الشرق الأوسط وستحافظ على كل آليات التدخل لضمان استمرار تدفق النفط والسيطرة أيضا على أسواقه.
وكلا الأمرين: إسرائيل والنفط لن يعملا مستقبلا في صالح تحسين صورة الولايات المتحدة بين العرب والمسلمين حيث سيبقى الخلاف حولهما على حالة الكراهية وفي أفضل الأحوال فانها ستقل حدة لا أن تتلاشى كما يتصور فريدمان.
ان هناك عدة حقائق فرضت نفسها على سطح الأحداث تجعل من العرب والمسلمين لا يذهب بهم الخيال إلى حد توقع انتهاء عصر الكراهية وبدء عصر مختلف من الصداقة والعلاقات الحميمة، فأوباما نفسه لم يتأخر عن اعلان ولائه الشديد لإسرائيل حيث سارع بكسب ود «الأيباك» وبدد لديهم الشكوك التي دارت حوله من جانب إسرائيل عندما أثير في حملته الانتخابية أنه من أصل مسلم وأنه سيفتح صفحة جديدة مع العالمين العربي والاسلامي، اذا ما وصل إلى البيت الأبيض بما في ذلك فتح حوار مع ايران.
ولكنه أمام المنظمة اليهودية نفى أي علاقة له شخصيا بالاسلام والمسلمين، وأكد ايمانه بأن القدس ستظل عاصمة إسرائيل الأبدية، وأن أمن إسرائيل هدف استراتيجي للولايات المتحدة لا يخضع لأي نقاش، وتراجع عن تصريحاته اللينة تجاه ايران.
وفي الصراع العربي - الإسرائيلي أعلن تأييده بالطبع للحل السلمي وعزمه على تنشيط المفاوضات لاقامة مشروع الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ولكنه كرر نفس مواقف الادارة الجمهورية فيما يتعلق بأمن إسرائيل ووجهة نظرها في اقامة السلام مع الفلسطينيين، كما رفض أي حوار مع حماس، لقد أكد زيجنينو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر وأحد العناصر الأساسية في حملة أوباما الانتخابية أنه لا يمكن تصحيح صورة أميركا لدى العرب والمسلمين الا بحل المشكلة الفلسطينية، وبنى كثيرون على هذا الموقف أن أوباما سيكون معنيا بشكل أكثر جدية من جورج بوش بهذا الحل ليس فقط انطلاقا من قناعاته الحزبية والشخصية، وانما لاهتمامه بتحسين صورة بلاده في المنطقة.
وربما يكون هذا صحيحا إلى حد كبير، ولكن انحيازه وتعاطفه الكامل مع إسرائيل لن يؤدي إلى حل للمشكلة الفلسطينية، فقد يستطيع انجاز تسوية سياسية مثلما فعل جيمي كارتر من قبل في اقامة السلام بين مصر وإسرائيل، ولكن التسوية لن تعني حلا للمشكلة الفلسطينية حيث ستظل عناصرها التي شكلت عوامل الكراهية والصراع قائمة ومن أبرزها الظلم التاريخي الذي لحق وسيلحق بالفلسطينيين وبقاء القدس في أيدي إسرائيل. وفي ضوء الانحياز الأميركي لإسرائيل والذي لن يتغير، والتوصل إلى تسوية سياسية منصفة نسبيا أو غير منصفة وليس الحل العادل للمشكلة، فإن صورة أميركا لدى العرب والمسلمين لن تتحسن كثيرا.
ومن جهة أخرى ألقت أزمة ارتفاع أسعار النفط بظلالها على العلاقات العربية الأميركية في اتجاه عدم تحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة، بل زادتها سوءا، وليس من المتوقع أن ينجح القادم الجديد إلى البيت الأبيض في أن يقدم حلولا عادلة لهذه الأزمة تنصف المنتجين والدول الفقيرة، لأنه لن يتمكن من تغيير قواعد اللعبة الراهنة في الاقتصاد الأميركي، وهناك شريحة كبيرة من هؤلاء تنتمي إلى المنطقة العربية، فقد أدى الركود الاقتصادي الأميركي وتخفيض قيمة الدولار إلى احداث أزمات اقتصادية حادة في دول المنطقة، نتج عنها ارتفاع معدل التضخم ومن ثم انخفاض مستويات المعيشة.
وأدت سياسات المضاربة والاستثمار المكثف في مشروعات انتاج بدائل للنفط واستكشاف مناطق جديدة له بصورة مكلفة للغاية إلى رفع أسعار الطاقة عموما، مما ألقى بظلاله السلبية على الحياة الاقتصادية في دول المنطقة، وهكذا بات راسخا في أذهان أبنائها أنه مثلما كان الانحياز المطلق لإسرائيل سببا تقليديا في الصورة السلبية عن الولايات المتحدة، فان سياساتها الاقتصادية التي جلبت الخراب عليهم وجعلت المستقبل مظلما بالنسبة لهم أصبحت سببا اضافيا لزيادة الصورة سوءا.
عن صحيفة الوطن القطرية
29/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.