مع غروب خيوط أشعة الشمس الذهبية نحو الأفق كل مساء، يبدأ يوم جديد بأمل جديد لدى سكان قرية شبرا بلولة التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، تلك القرية التي تتميز عن غيرها من باقي قرى محافظات مصر بإنتاجها لزهور الياسمين على مدار عقود طويلة، فتلك القرية تعد الاشهر والاهم في زراعة وإنتاج الياسمين في مصر بل الشرق الاوسط، لما تمتلكه من مقومات طبيعية سواء من حيث المناخ الطبيعي أو خصوبة أراضيها الزراعية التي تنتج أشجارها زهور الياسمين. إقرأ أيضًا..مجلس الوزراء يستجيب لبث بوابة الوفد ويتواصل مع "أبو محمد" لتقديم الرعاية الكاملة وصرف معاش فعلى بُعد أكثر من 90 كيلو متر من محافظة القاهرة، تقع قرية شبرا بلولة التي يُطلق عليها" عاصمة الياسمين"، فتلك القرية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 15 ألف نسمة تقريبًا يعمل بها ما يقرب من حوالي 8000 نسمة من مواطنيها بزراعة الياسمين، فتلك المهنة تتوارثها الاجيال جيل بعد جيل لتكون هذه القرية جنة الأرض في زراعة الياسمين. فعندما تخطو بقدميك على أراضي القرية، تجد على اليمين وعلى الشمال الأشجار ذات الكثافة العالية، وتشُم رائحة الياسمين تفوح في كل مكان داخل الحقول الخضراء، إذ تبلغ نسبة الأراضى المزروعة بزهرة الياسمين حوالي 75% من مساحة أراضى القرية بالكامل، حيث يعمل معظم الأهالى فى زراعتها وجمعها مرورًا للمصانع التي تقوم بتحويلها لعجينة وزيوت تستخدم فى صناعة أرقى العطور. وخلال فصلي الربيع والصيف تزدهر زهرة الياسمين التي تطلق عطرها ليلا بعيدًا عن أشعة الشمس الحارقة، حيث تتميز هذه الزهور برائحتها القوية والنفاذة التي تجذب إليها الانتباه في كل مكان، وتستخدم في صناعة الزيوت العطرية والتجميلية والعديد من التركيبات الطبية، فضًلا عن أنها تستخدم للزينة في المنازل وتُخفف من حدة القلق والتوتر وأيضًا تُطلق طاقة إيجابية في كل أرجاء المكان. وخلال جولة تفقدية قامت بها "محررة الوفد"، داخل قرية شبرا بلولة بالغربية، التقينا بعدد من مزارعي الحقول التي تنتج زهور الياسمين، مؤكدين أن القرية تعد الأولى في الشرق الأوسط بل العالم التي تنتج أكثر من 50% من الانتاج، حيث يبدأ موسم الزراعة في شهر مارس، ثم يبدأ موسم الحصاد في الفترة من شهر يونيو لينتهي في شهر ديسمبر، على أن يُعاد زراعته مرة أخرى في العام التالي. في البداية، قال"محمد أحمد"، صاحب أراضي زراعية بالقرية، أن أشجار الياسمين معمرة في الأرض، حيث يتم زراعة الياسمين في شهر مارس، ويتم حصاده على مدار الشهور الستة من يونيو حتى ديسمبر، ولو تم حصاده في شهر مايو يكون الانتاج قليل، ولكن نتركه في الاشجار شهرين حتى يتم حصاده في شهر يونيو ليكون الإنتاج بكمية أكبر. وأضاف أحمد، في تصريحات خاصة ل"الوفد"، أن أهم ما يُميز زهرة الياسمين أنها لاتحتاج لمياه كثيرة مقارنة بباقي المحاصيل الزراعية، ففي فصلي الربيع والصيف بنروي الزرع بالري بالغمر كل 15 يوم، وفي شهور الشتاء يتم الري كل 20 يوم، مؤكدًا أنه في شهر ديسمبر يتم تقليم اشجار الياسمين استعدادًا للموسم الجديد الذي يبدأ في شهر مارس. وذكر، أحد المزارعين، أن زراعة الياسمين تتم من خلال حرث الأرض ثم تقاس الابعاد بين شجرة وأخرى بحيث تكون المسافة بينهما ما بين حوالي 2 متر الى 2.20 سم، ولا يتم وضع اي أسمدة أو كيماوي عليه في السنة الأولى حتى لا تضعف جذور الأشجار، إذ يتم جمع الزهور خلال فترة الليل حتى الصباح الباكر، مؤكدًا أن زهرة الياسمين تبدأ في الظهور كل 40 يوم، ومن ثم يتم جمعه وإرساله للمصانع لكي تتم مراحل التصنيع واستخراج الزيوت الطبيعية منه. وعن أصل حكاية زراعة قرية شبرا بلولة بزهور الياسمين، قال عمرو الشيخ، صاحب أحد المصانع، أن القرية مشهورة ومعروفة التي تقوم بزراعة الياسمين، ويرجع ذلك إلى نهاية عهد الملك فاروق عندما جاءت إحدى المستثمرين الفرنسيات تدعى" سيسيل كوحيل" وقامت بزراعة شجرة الياسمين ثم إنشاء مصنع لاستخلاص عجينة زهرة الياسمين، ومن ثم انتشرت زراعته بين أبناء القرية وأصبحت الوحيدة التي تنتجه على مدار سنوات طويلة بل في مصر والشرق الأوسط. وأشار الشيخ، في تصريحات خاصة ل"الوفد"، إلى أنه تم التعاقد بين مصنع شانيل الفرنسي وبين "سيسيل كوحيل" لتصدير المواد الخام من الزهور وبالفعل انتشرت المهنة في القرية وزادت إنتاجية مصر منه، حيث تم التعاقد مع شركات فرنسية وروسية على مدار السنوات الماضية في عهد الرئيس الراحل مبارك لتصدير المادة الخام وأصبحت تنتج مصر أكثر من 70 ٪ من انتاج العالم قائًلا " دولة الهند الوحيدة المنافسة لنا". وأفاد صاحب أحد المصانع، أن قرية شبرا بلولة بها ثلاثة مصانع وكل فدان ينتج حوالي خمسة أطنان، ولدينا ما يقرب من 350 فدان أرض بزهور الياسمين وبالتالي فإجمالي الإنتاج حوالي 1750 طن، وطن الياسمين ينتج ما يقرب من 2.5 إلى 3 كيلو عجينة داخل المصانع، لافتًا إلى أن سعر كيلو الياسمين بهيظ جدًا يبلغ حوالي 30 جنيهًا. وأكد الشيخ، أن بعد جمع الزهور يتم وضعه في أذنات داخل المصانع ثم إضافة مادة عضوية مذيب يسمى" الهكسان" تعمل على ذوبان الشمع والعناصر الموجودة في الزهرة ثم يتم سحبها من خلال أجهزة تكرير لفصل الهكسان عن المادة التي يتم استخلاصها حيث تسمى هذه العملية ابتدائية ثم تتم عملية تكرير نهائي لفصل المستخلص من الياسمين ومنها تخرج العجينة التي يستخرج منها الزيوت ثم يتم تصدير المادة الخام إلى دول مثل فرنسا أو امريكا وتقوم بفصل العناصر الموجودة بها وعمل بها العطور والمنتجات الطبية والتجميلية ومكسبات طعم وغيرها. وتابع، أن جمع زهور الياسمين تحتاج إلى عمالة كثيفة حيث يعمل في الفدان حوالي خمسين فرد، فضلًا عن أن عملية الجمع تتم يدويًا وليلا لانها تحتفظ بروائحها خلال النهار،حتى طلوع النهار إذا طلعت عليها الشمس فإنها تذبل، وبالتالي لابد من جمعها ليلا، مؤكدًا أن قرية شبرا بلولة من المعالم السياحية المطمسة في مصر. وطالب الشيخ، بضرورة إنشاء مصنع على مستوى عالمي لفصل العناصر والمركبات الموجودة في الزيوت العطرية وانشاء منها المواد التجميلية والعطرية والطبية حتى تكون مصر رائدة فعلا ليس فقط في إنتاج المادة الخام فحسب ولكن أيضًا في تصنيع الزيوت والعطور وبالتالي لن نصدر المادة الخام إلى الخارج، وسوف تقوم القرية بالإنتاج الذاتى لها وستعمل على تصديره من مصر إلى العالم كله، مما يٌزيد من العملة الصعبة ويخدم الاقتصاد المصري. موضوعات ذات صلة: وزارة الاتصالات تشارك في احتفالية قادرون باختلاف نشرة أخبار الوفد|ظهور شيرين عبد الوهاب بدون شعر وعقوبات أمريكا على الصين