أضحكني الحوار الذي جري مساء الثلاثاء بقصر الرئاسة وبحضور الرئيس مرسي .. هذا الحوار ذكرني بحوارات صفوت الشريف أيام مبارك مع الأحزاب السياسية في أواخر عهد مبارك.. هذا الحوار أشبه بمسرحية هزلية كل من شارك فيه ممثلون كوميديون أبرع من عادل امام وسعيد صالح .. كلهم تربط بينهم وبين جماعة الإخوان مصالح خاصة حتي من حاول يلعب دور المعارض الشرس كان أضحوكة والأدهي أن رجلا بلغ من العمر أرذله، وكان معارضا شرسا لقانون الطوارئ أيام مبارك يحرض الرئيس مرسي علي فرض حالة الطوارئ والأغرب الاقتراح الذي قدمه آخر بتشكيل لجنة للتواصل مع المقاطعين للحوار معهم وكأن أسباب المقاطعه غير معروفة لهم وهي معلنة منذ شهور، هذا الحوار يطلق عليه حوار الطرشان لانه حوار بين شخص وجماعته والمستفيدين منه شخصيا، حوار بين من لا يملك القرار وبين من لا يمثلون إلا أشخاصهم وجماعة محدودة. الحوار الذي يديره شخص آخر غير الذي دعا اليه اشبه بندوة ثقافية وليس حواراً تقارع فيه الحجة بالحجة وتطرح كل المعلومات التي عند الداعي علي المتحاورين، حوار لايملك من دعا اليه أن ينفذ ما انتهي اليه من توصيات، كما سماها هو وليس قرارات ملزمة للمتحاورين أنفسهم طالما تم التوافق عليها، حوار للشو الإعلامي والضحك علي المواطنين بأن الرئيس رجل حوار وليس مستبدا او ديكتاتوراً . حوار يأتي في وقت مصر معزولة دوليا فيه، حتي من أسماهم مرسي حلفاء بدأوا يراجعون مواقفهم من نظام مرسي ونظام حكم معزول محليا وحكومة فاشلة وعاجزة وغير قادرة علي ادارة أتفه الملفات، حكومة رئيسها يجهل ما يحدث علي أرض مصر من كوارث وأزمات ووزراء ينفذون مايأتي لهم من تعليمات من مكتب الارشاد وليس من رئاسة الجمهورية أي وزراء منظر فقط، أما الوزراء الحقيقيون فهم أعضاء مكتب الارشاد. وحتي عبارة الحوار الوطني فقدت معناها وقيمتها، والذي أفقدها هذا المعني والقيمة هو رئيس الجمهورية الذي يخرج علينا في منتصف الليل في كل مرة، ويدعو الأحزاب الي الحوار في نفس اليوم دون تحضير أو مناقشات جادة أو حتي تحديد جدول الأعمال، حوار ناقص وغير كامل، من يدعو عدداً معيناً من الأحزاب وانتقاء عدد من الشخصيات العامة دون وضع معايير لهذا الاختيار والإعلان عنه حتي يعلم من دعي لماذا دعي ومن لم يدع لماذا لم يدع؟ خصوصا أن لدينا اكثر من 70 حزباً شرعياً وافقت عليهم لجنة الأحزاب، أما قصر الدعوة علي البعض دون الآخر فهي دعوة مقصود بها أن يأتي أنصار الجماعة والمستفيدون منها وهم الذين تحت الطلب دائما وبمجرد اتصال هاتفي يهرولون الي الاتحادية وإلا سوف تفتح ملفاتهم كلها، أي حوار للشو الإعلامي. والنتيجة الطبيعية لمثل هذه الحوارات هي الفشل التام والدائم مثلما فشلت حوارات صفوت الشريف التي بلغت 50 حواراً علي مدار 10 سنوات لأن مرسي وجماعته لا يريدون الاعتراف بأن لديهم أزمة حقيقية مع الشعب المصري وليس مع الاحزاب المختلفة، فالاعتراف بالأزمة وتحديدها هو بداية الحل والأحزاب لا تريد أن تعرف أن مرسي يملك ولايحكم، وأن القرار في يد المرشد ومكتبه، وحتي ليس في يد سعد الكتاتني أو عصام العريان أو أحمد فهمي، ولكن في يد شخص واحد فقط اسمه محمد بديع المرشد العام للجماعة، وأي حوار لايوجد فيه المرشد حوار غير ملزم له ولجماعته، ولن يستطيع رئيس الجمهورية أو حكومته تنفيذ ما انتهي اليه، ومرسي يعلم ذلك لذا كان حريصا علي استخدام كلمة توصيات ولم يستخدم كلمة قرارات يصدرها فور الاتفاق عليها ويلزم الكل بها، لأن حواراً برئاسة رئيس الدولة سوف يوصي بها من وهو صاحب القرار لأنه هو رئيس كل السلطات في الدولة؟ وأعتقد أنه آن الأوان ان يوضع بند جديد لمائدة الحوار الوطني وهو حضور فضيلة المرشد وأن يوقع هو شخصيا وأمام الرأي العام علي ما انتهي اليه الحوار بجانب حضور جميع الأحزاب الشرعية بلا استثناء، حوار يتم التحضير له جيداً من خلال لجان مصغّرة تناقش كل لجنة ملفاً محدداً لمدة اسبوع ثم تعقد جلسة عامة برئاسة الرئيس وقادة الأحزاب لإقرار ما انتهت اليه اللجان، هكذا تجري الحوارات القومية في مختلف دول العالم وليس مثل حوارات الرئيس مرسي التي هي أشبه بعزومة عشاء او ندوة ثقافية أو فنية، فما جري مساء الثلاثاء هو فعلا حوار الطرشان.