قبل أن تتهمنى يا عزيزى القارئ سأطرح عليك سؤالا ما هو التجسس؟ وهل هناك تجسس مشروع وآخر غير مشروع؟ وما هو ما يجب أن نتجسس عليه وما لا يجب أن نتجسس عليه؟ أولا: التجسس كما هو معروف أن أحاول معرفة شىء عن طريق آخر يخفى هذا الشىء عنى وعن غيرى، وتختلف القيمة ويعلو العقاب تبعاً لتلك المعلومة الموجودة ومدى أهميتها ومدى تأثيرها بالإيجاب أو السلب على مالك تلك المعلومة ومدى تأثره من فقدها، وما هو الأثر الذى سيضاف الى السارق المتجسس إذا ما نال أو اغتنم تلك المعلومة المخفية عنه. وقد يكون هناك تجسس مشروع وآخر غير مشروع ولكن تتباين فيه الرؤى، فقد أراه أنا مشروعاً مع أنه غير مشروع لأنه يحقق هوى وفائدة نسبية لى، وقد أراه غير مشروع أذا أُخذت تلك المعلومة منى وبالتالى نجد أن المشروعية فضفاضة ومطاطة تعود فى الأول والآخر وتؤول حسب هوى النفس وفقط مع تفعيل مبدأ الاستحلال أى أننى أحلل لنفسى شيئاً لكى أناله حتى ولو كان ليس لى أو لا أستحقه، ومع اختلاف تلك الرؤى وتباينها للفرد سواء سرق من أو سُرق منه نجد أن الأمر فى الأول والآخر عملُُ مذموم تصدق فيه الآية الكريمة (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً) صدق الله العظيم أى أن التجسس يؤدى دائماً الى الاغتياب والظن السيئ أى أننى أظن أن الطرف الآخر سيئ ليس لشئ إلا لأبرر مسئوليتى أنا. ندع كل ذلك ونذهب الى مرسى وأسئلة كيف حصلت يا مرسى على المعلومة التى تفيد بأن المحكمة الدستورية كانت ستقرر عدم مشروعية اللجنة التأسيسية للدستور وستقر ببطلان مجلس الشورى؟ نجد أن من ثنايا حديثه أنه علم بالأمر لذا تحسب له، هنا أسئله من أين علمت ؟ هل من القضاة الذين يقررون الحكم أو يتداولون فى حيثياته لا لم يحدث، إذاً من أين علم مرسى؟!. لقد علم مرسى عن طريق الأجهزة (أجهزة تجسس مخابراتية عالية التقنية) وضعت فى منازل ومكاتب كل أعضاء الهيئة القضائية الموقرة ليسجل لهم كل نبضة وكل كلمة وكل همسة هذا حدث فى المنازل والمكاتب والموبايلات. إذاً الأمر جد خطير، فالمنازل لها حرمتها والمكاتب أيضاً فهذا يقضى على الخصوصية والتفرد والتنصت دون إذن الغير (فى الأصل جريمة فما بالك لو كانت على رجال القانون الذين يفعلون أدلة الاتهام) مما يحول ويعوق اتخاذ القرار فى أى أمر فهل مرسى بهذا التصرف وبتجسسه على أعضاء الهيئة القضائية يكون أقدم على عمل سليم؟ من وجهة نظر الاستحلال قال: إن ذلك حقه كما تقول إسرائيل إن من حقها التجسس على مصر لأنها عدو. فهل المحكمة الدستورية ينطبق عليها الأمر، وهل يحق للرئيس أياً كان أن يتجسس على الشعب وعلى المسئولين بل وعلى الجهات السيادية وغير السيادية فى مصر كلها، وأجلها القضاء هل يحق له ذلك؟ هل قامت الثورة ليأتى لنا مرسى ليتجسس علينا وعلى قضائنا ويلعب بالقوانين حسبما يشاء إن ارتضى عن هذا سمح به وإن كان يخالفه أوقفه ومنعه، إنه تدخل سافر فى القانون لم يقم به أحد من قبله، فإذا استحل أمر التجسس على القضاء مع عدم مشروعيته بحجة تأمين النفس فهذا بداية ومدعاة ليتجسس على كل الأجهزة السيادية وغير السيادية. فماذا بعد القضاء إذاً لابد وأن يصطنع لنفسه ولفصيلته جهاز مخابرات خاصاً، وإن تم له ذلك هل تكون هذه دولة ديمقراطية أم دولة استخباراتية، هل تكون دولة قانون أم دولة مخابرات، هل دولة حرية أم دولة قمع وإرهاب وإزعان؟ إن مرسى يجب أن يحاسب ويحاكم على فعله هذا بقيامه بالتجسس على الهيئة القضائية ومعرفة واستباق الأحداث وتعطيل القانون، والقضاء على دولة القانون، مبارك لم يفعل ما تفعله يا مرسى لم يتجسس وهذا هو الجرم الشديد الذى يجب أن تحاسب عليه. إن ذلك الفعل الشائن لا يقل بأى حال عن (فضيحة ووتر جيت) عندما تجسس الرئيس الأمريكى الجمهورى (ريتشارد نيكسون) على منافسه فى الانتخابات ليعرف ماذا يقول هو وأعوانه داخل الحزب الديمقراطى لكى يجهز الرد على مقولاته فيفوز عليه فى المناظرة وذلك بأن وضع أجهزة تنصت داخل أروقة ومكاتب الحزب الديمقراطى الأمريكى وانتهى الأمر بمحاكمة أدت الى استقالته ولم يكمل بقية فترة حكمه ليقوم بدلاً عنه بها نائبه (جيلارد فورد)، وبعد تلك الفضيحة التى قام بها مرسى ألا يجب أن يستقيل أو يقال ويحاكم بعد تلك الفضيحة خاصة أنها اسفرت باعلانها الدستوري عن اضطرابات وقلاقل وأُناس قتلوا وسحلوا وانسحابات من لجنة الدستور مما أدى الى إفراز دستور باطل مشكوك فيه وما استتبعه من استفتاء مزور ملعوب فيه بالصوت والصورة، الأمر يا سادة جد خطير وعظيم، ويجعلنا نؤكد أن ما بنى على باطل فهو باطل فإعلانك الدستورى باطل ومجلس شورتك باطل ولجنة دستورك باطلة واستفتاؤك باطل، ماذا بقى لك فإذا كان الكل باطلاً فأنت أصبحت بلا شك رئيساً باطلاً.