مجلس الشيوخ يوافق على مادة جديدة لحماية ذوى الاحتياجات الخاصة 15 مليون معاق يتعرضون للإيذاء والسخرية يومياً السجن 3 سنوات للمتهمين.. وغرامة من 50 إلى 200 ألف جنيه خبراء: القانون جزء من الحل.. وتغيير ثقافة المجتمع ضرورة «التنمر» أحد أخطر الجرائم التى ترتكب فى حق ذوى الاحتياجات الخاصة.. فضحاياه يواجهون سلوكاً عدوانياً متعمداً، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وصاروا أهدافاً سهلة للمتنمرين. أصبحنا نرى ونسمع عن مظاهر التنمر فى كل مكان حتى أصبح يشكل خطراً على المجتمع.. ولم يعد مسئولية الدولة وحدها، بل أصبح مسئولية كافة مؤسساتها وأفرادها على السواء، خاصة أن الإحصائيات تؤكد أن 50٪ من الأطفال ذوى الإعاقة يتعرضون للمضايقات المتكررة فى المدارس. وانطلاقا من دور الدولة فى مكافحة جرائم التنمر وكافة أشكال التمييز، وافق مجلس الشيوخ على إضافة مادة جديدة برقم «50 مكرر» إلى قانون ذوى الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، حيث نصت المادة على الحبس لمدة سنتين وتصل إلى 3 سنوات، والغرامة تبدأ من 50 ألف حتى 200 ألف جنيه. وكذلك عدلت بعض أحكام قانون العقوبات، بإضافة مادة جديدة برقم «309 مكرر ب»، والتى أوردت تعريفاً للتنمر.. تلك القوانين المعدلة تمثل «طوق النجاة» لإنقاذ 15 مليون معاق، من أنياب المتنمرين، وبما يتفق مع «رؤية مصر 2030» ، التى تضمنت عدداً من السياسات التنموية لهذه الفئة. قانون ذوى الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، يشمل «55» مادة، بهدف حماية ورعاية الفئات الخاصة وذوى الإعاقة وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ودمجهم فى المجتمع. وتتضمن المادة «50 مكرراً»: «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنتين وتصل إلى 3 سنوات، وبغرامة تبدأ من 50 ألف حتى 200 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر أو إذا كان الجانى من أصول المجنى عليه، أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه، أو كان المجنى عليه مسلما إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائى أو كان خادما له، أما إذا اجتمع الطرفان فيضاعف الحد الأدنى للعقوبة، وفى حالة العودة تضاعف العقوبة فى حديها الأدنى والأقصى». خطوة ضرورية الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم الاجتماع السياسى، ومدير معهد إعداد القادة سابقاً بجامعة عين شمس، رحب بشدة باتجاه الدولة نحو تعديل قانون ذوى الإعاقة فهو «خطوة ضرورية وهامة»، وذلك للحد من التنمر والتصدى لهذه الظاهرة، وتغليظ العقوبات على المتنمرين، بما يتناسب مع الحقوق الدستورية وقوانين حماية ذوى الاحتياجات الخاصة. وأوضح أستاذ علم الاجتماع السياسى أن التنمر جريمة موجعة للجميع، فهى فى الأساس مشكلة اجتماعية موجودة فى الثقافة السائدة، ويحتاج علاجها إلى جهود طويلة المدى ومتعددة الأطراف، حيث التنشئة الاجتماعية والاهتمام بالتوجيه والإرشاد التربوى والتعليمى والمنتجات الثقافية، فضلاً عن دور المؤسسات الدينية والإعلامية فى رفع مستوى الوعى بالجريمة وآثارها النفسية والعاطفية وأهمية الحفاظ على بيئة إيجابية، والاهتمام بقضاياهم، وعدم فصلها عن قضايا المجتمع، واستغلال الأعمال الفنية فى إعادة بناء الشخصية المصرية، مؤكداً أن الوصول إلى تعديلات على قانون ذوى الإعاقة، فى غاية الأهمية والإيجابية. وأضاف أستاذ علم الاجتماع السياسى: أن حماية ذوى الإعاقة مسئولية الدولة فى المقام الأول، فلابد أن يتمتع كل معاق بكافة الحقوق والحريات الخاصة والعامة، لتوفير أعلى مستوى ممكن من المقومات الأساسية من مأكل ومسكن ورعاية صحية واجتماعية ونفسية والحق فى التعليم والعمل، ولن يتعرض أحد لأى تمييز فى المعاملة، واحترام الكرامة الإنسانية، والعمل على إزالة الحواجز أمام ذوى الاحتياجات الخاصة والمجتمع، وأن تؤمن الحماية الكاملة لهم من كافة أشكال الاستغلال والتمييز والظلم وانتهاك الكرامة، والأخذ بالاحتياجات الخاصة للمعاقين فى الاعتبار فى كل مراحل التخطيط، وتهيئة المرافق والخدمات لهم، وتسهيل وإتاحة الفرص لتطوير قدراتهم وإمكانياتهم، والنهوض بمسئولياتهم، ومشاركتهم فى التخطيط واتخاذ القرار فى شئونهم، وإسهاماتهم فى تنمية المجتمع، مع أهمية فرض عقوبات مشددة ضد من يتنمر على غيره. مجرم قانوناً طارق نجيدة، المحامى بالنقض والدستورية العليا، قال: ظاهرة التنمر من الظواهر السلبية المخالفة للإنسانيات، والتى تشكل خطراً على المجتمع، وعائقاً يحول دون تطبيق المساواة فى جميع الحقوق، وخاصة بعد انتشار تلك الظاهرة السيئة، والتى تؤثر سلباً على المقومات الأساسية والأخلاقية التى يقوم عليها المجتمع. وشدد على أن التنمر بجميع صوره وأشكاله مجرم قانوناً وغير مقبول، وذلك لما يشتمل عليه من الإيذاء والضرر لعدد ليس بقليل من أفراد المجتمع، إضافة لخطورته على الأمن المجتمعى من حيث كونه جريمة. وأوضح المحامى بالنقض والدستورية العليا أن الأصل فى تعديل القانون أن تتناسب العقوبة مع جريمة التنمر، وأن تكون العقوبة مغلظة فى القانون المعدل، لأنها فى نظر القانون جنحة يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة أو كليهما، حيث تمت إضافة مادة جديدة برقم «50 مكرر» كعقوبة مشددة إلى قانون ذوى الإعاقة، لتضع حداً أدنى لعقوبة الحبس لمدة سنتين وحد أقصى 3 سنوات، وبغرامة من 50 ألف إلى 200 ألف جنيه، مع مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الظرفين، وفى حالة العودة تضاعف العقوبة فى حديها الأدنى والأقصى، وهى «خطوة جيدة» لردع من يتعمد الإساءة بهم، كما أن مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، أضاف مادة برقم «309 مكرر ب»، والتى أوردت تعريفاً للتنمر، حيث نصت على أن : «يعد تنمراً كل استعراض قوة أو سيطرة للجانى، أو استغلال ضعف للمجنى عليه، أو لحالة يعتقد الجانى أنها تسىء للمجنى عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعى، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية، أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعى». وأضاف «نجيدة» أن القانون وحده لا يكفى، فيجب التصدى لحل هذه الظاهرة ومواجهتها بآليات الإصلاح الاجتماعية والتربوية والدعوية والإعلامية والتوعية بشأنها، من خلال إشراك مختلف الجهات والمؤسسات المعنية مع مراكز الأبحاث الاجتماعية والجنائية، للحد من نشر سلوكيات غير منضبطة، ومكافحة كافة أشكال التمييز على أى أساس، وذلك عن طريق التوعية المجتمعية بخطورة التنمر وآثاره السلبية على المجتمع. قرار صائب الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، يرى أن قرار الرئيس بشأن تعديل قانون حقوق ذوى الإعاقة كان «صائبًا»، لأن التنمر جريمة، وهى ظاهرة منتشرة فى مصر. وأضاف أنه يوجد 15 مليون معاق، والكثيرون منهم لديهم شعور بالدونية بسبب اختلافهم عن الآخرين، عندما يتم التنمر بهم فإن هذا الشعور يزداد ويتحول إلى شعور بالعجز النفسى وعدم المقدرة على أخذ حقهم والدفاع عن أنفسهم بصد العنف الممارس ضدهم فيشعروا بأقسى المشاعر الإنسانية وهى القهر، ثم تتولد عندهم الكآبة النفسية والانهزامية الداخلية والنفسية وتتشكل لديهم نظرة سوداوية تجاه الحياة بل والمجتمع الذى يشعرهم بالرفض والتهميش، ومع تكرار التنمر بهم يجلسون متحسرين على ذاتهم منتظرين نهاية لآلامهم النفسية، وبسبب ذلك يصبحون كثيرى القلق والترقب لردود أفعال الآخرين، إذ يستشعرون الخوف أثناء مرورهم بجواره وكأنهم سيقومون بالتنمر به فنجدهم يصدرون بعض الأفعال، وهى متلازمات عصبية متعلقة بالجسد، كرفع اليد لأعلى أو الرجوع بالرأس إلى الخلف أو «بربشة» العيون، وبسبب عدم قدرتهم على التعبير عن آلامهم أثناء التنمر به، فإنهم يصابون بالكبت النفسى، الذى يترتب عليه انسحاب اجتماعى وعزوف عن المشاركات الاجتماعية وعدم التفاعل الاجتماعى والتواصل الإنسانى مع الآخرين وهو ما يؤخر فرص علاجهم الذى يتمثل فى اندماجهم فى المجتمع. وينصح استشارى الصحة النفسية بتكثيف حملات التوعية بمخاطر التنمر النفسية على الإنسان وأن تتضمن العقوبة جزءاً اجتماعياً يتمثل فى إعلانها والتعريف بالشخص الذى يتنمر بغيره حتى لا يقدم على هذا السلوك السيئ مرة ثانية. تفعيل القوانين محاولات إنصاف ذوى الهمم فى الفترة الأخيرة، تستهدف خدمة 15 مليون معاق، من أجل محاربة التمييز والعنف ضدهم، وتعزيز دورهم التنموى ومغادرة التهميش. أحمد عبدالرازق، كابتن منتخب مصر لكرة القدم من قصار القامة يؤكد أن للفئات الخاصة وذوى الهمم حقوقاَ نصت عليها القوانين المعدلة والمواثيق الدولية يجب الالتزام بها وأهمها : أن يكون للفئات الأولى بالرعاية الحرية فى ممارسة حياتهم بنفسهم وبإرادتهم المستقلة، والحرص على احترام حقوقهم كاملة، باعتبارهم نواة فاعلة فى المجتمع، وأن يدرك الجميع أن لهم قيمة وحاضراً ومستقبلاً، ودعمهم روحياً والالتزم بحمايتهم من خطر الاستغلال أو الإيذاء أو التأثير على أى حق من حقوقهم. ويؤكد «عبدالرازق» أن الرئيس منذ إعلانه عام 2018 عام ذوى الاحتياجات الخاصة، وتم وضعهم فى الأولوية، وكان أمر مفرح وفى غاية الأهمية، ويتفق مع نص المادتين «53، 81» من الدستور، التى تستوجب الاهتمام بذوى الإعاقة والأقزام وإعطائهم كافة حقوقهم، ولا تمييز بينهم. مطالباً بتغليظ عقوبات قانون ذوى الإعاقة ومتابعة تنفيذها على أرض الواقع.