سورة النساء تُعتبر من طوال السور، لذا سيكون الحديث عمّا جاء من تأملات في سورة النساء في آيةٍ من آياتها وهي قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}. وفي هذه الآية الكريمة يبيح الله تعالى تعدد الزوجات ويبيّن العدد الذي يُسمح للمسلم الزواج به من النساء، و"مثنى" معناها اثنتين اثنتين يعني مكرر، وثُلاث في اللغة معناها ثلاث ثلاث وليس معناها ثلاثة نساء، ورباع معناها أربع أربع ليس معناها أربعة، وحتى تتوضح المسألة "ما معنى مثنى وثلاث ورباع؟" فهناك فرقٌ في اللغة العربية عندما يُقال لجماعة "خذوا كتابين" فهذا يعني أن يشتركوا جميعًا في كتابين، أمّا قول "خذوا كتابين كتابين" تعني كل شخص من المجموعة يأخذ كتابين، وهذا معنى "مثنى وثلاث ورباع" من الناحية اللغوية. وممّا يُلاحظ فيما ورد من تأملات في سورة النساء أنّ الله تعالى في هذه الآية ذكر أداة العطف "و" في قوله "مثنى وثلاث ورباع" ولم يستخدم "أو"، والفرق بينهما أنّ حرف العطف "و" يفيد التعدد في التخيير فللمرء أن يختار زوجتن وثلاث وأربع زوجات، أمّا "أو" فهي تفيد الحصر في التخيير بمعنى أنّه لو كان الكلام "مثنى أو ثلاث أو رباع" فلا يحقّ للمرء إلّا أن يختار حالةً واحدة، فإن اختار زوجتين لن يستطيع أن يتزوج الثالثة وهكذا، إذًا فالحكمة هنا من اختيار "و" هي الإباحة في أن يختار المرء ما يشاء، ولكنّ الله تعالى عندما أكمل الآية بقوله "فإن خفتم ألّا تعدلوا فواحدة" هذا يبيّن أنّ الأصل في الزواج في الإسلام هو زوجة واحدة، من رأى نفسه أهلًا لأن يعدل يحقّ له الاختيار وإن لم يستطع فيكتفي بواحدة.