الدكتور محمد شاكر رئيسًا لمجلس أمناء جامعة العلمين الدولية    بعد فيديو محافظ المنيا.. بيان حاسم ل"المعلمين": احترام المعلم واجب وطني    محافظ سوهاج يستمع لشكاوى ومطالب المواطنين بقرية برديس    تنفيذ مجمع شرطي ووحدة صحية ونادٍ رياضي بأكتوبر الجديدة    عبور 32 شاحنة مساعدات إغاثية قطرية معبر رفح البري    موعد مباراة زد وسيراميكا في الجولة الثانية بالدوري المصري    المشدد 10 سنوات لعاطلين في تزوير المحررات الرسمية بالمرج    فيديو مثير | ضبط طالب سمح لشابين بالجلوس أعلى نوافذ السيارة خلال زفة    الإعلان الترويجي لافتتاح المتحف الكبير يثير الغضب، والمصريون يرفضون وجود ميسي في الاحتفال (فيديو)    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    "البحوث الإسلامية" يعلن موعد ومقر الاختبارات التحريرية لابتعاث إحياء ليالي رمضان 1447ه    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    "الدفاع الروسية": تحرير بلدة لوناشارسكوي في دونيتسك    القوات الإسرائيلية تقوم بعملية تفجير في بلدة الخيام بجنوب لبنان    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    لاعب بايرن ميونخ يقترب من مزاملة رونالدو في النصر    "قريبا".. الغندور يزف بشرى سارة لجماهير الأهلي بشأن إمام عاشور    15 صورة وأبرز المعلومات عن مشروع مروان عطية الجديد    انتظارا لانتهاء أزمته مع كولومبوس الأمريكي .. وسام أبوعلي يتدرب منفردا ويبلغ الأهلي بقرب تحويل الدفعة الأولى من مقدم التعاقد    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد إنشاء مصنع صيني للمنسوجات بالقنطرة غرب    بعد وفاة فرد.. مطلب برلماني بحظر عمل عمال النظافة خلال فترة الظهيرة    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    قرع جرس تداول "أرابيا إنفستمنتس هولدنج" بعد تقسيمها إلى كيانين مستقلين    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    في ذكراه.. لماذا ندم نور الشريف بسبب "رجل الأقدار"؟    بفستان جريء.. نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالتها والجمهور يعلق (صور)    بين سطور كمت «4»    قبل طرحه الأربعاء المقبل.. تعرف على شخصيات فيلم درويش    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. المفتي يوضح    تعاون مصري كولومبي لتقديم العلاج والمساعدات لقطاع غزة    ترامب يطالب بالتحرك الفوري لإبعاد المشردين عن العاصمة واشنطن    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    مصر تواجه تونس فى البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    هل يشارك أحمد فتوح في مباراة الزمالك القادمة بعد تدخل زملائه للعفو عنه؟ اعرف التفاصيل    إعلام إسرائيلى: الجيش سيعرض خلال أسبوعين خطة شاملة لاحتلال قطاع غزة    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 40.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 26 يومًا    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    أحرج " يويفا "بتعليقه علي استشهاد سليمان العبيد. .. محمد صلاح صوت فلسطين فى ملاعب أوروبا    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعمال العقل.. الفريضة الغائبة في فتاوي القتل
إهدار الدم من تكفير المبدعين إلي زندقة المعارضين
نشر في الوفد يوم 12 - 02 - 2013

أثناء المحاكمة سئل قاتل فرج فودة: لماذا اغتلت فرج فودة؟
القاتل: لأنه كافر.
ومن أي من كتبه عرفت أنه كافر ؟
القاتل: أنا لم أقرأ كتبه.
كيف؟
القاتل: أنا لا أقرأ ولا أكتب.
إذا كان قاتل «فرج فودة» يتشابة في جهله وعدم معرفته القراءة والكتابة بقاتل «نجيب محفوظ»، الذي فشل لحسن الحظ في قتله، فإن أداة القتل وهم هؤلاء هي الجهل المطبق، وعدم قراءتهم لنصوص وكتابات من اغتالوهم، وهنا مكمن الخطر الذي يفرضه الغلاة والأصوليون والمتشددون باسم الإسلام، والإسلام منهم براء، أقول هؤلاء الذين يختارون الجهلاء لأن إعمال العقل لديهم فريضة غائبة والاجتهاد في الدين رجس من عمل الشيطان وأن من يعارضك في الرأي فالترفع رشاشك في وجهه.
خرجت فتاوي العنف العشوائية من أفواه بعض شيوخ التيارات الإسلامية تستبيح ارواح الأبرياء تحت زعم حماية الدين، وتطورت الفتاوي من إهدار دماء الكتاب والمثقفين أصحاب الآراء والأعمال الأدبية المثيرة للجدل إلي التدخل في حياتهم الشخصية والتفريق بينهم وبين زوجاتهم، ومع وصول هذه التيارات إلي سدة الحكم، تلونوا وسخروا الفتاوي للانتقام من المعارضين لهم.
جاءت فتوي الدكتور محمود شعبان - أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر - التي أجازت للحاكم (الرئيس محمد مرسي) قتل زعماء المعارضة، لتحمل تحريضاً صريحاً علي اغتيال المعارضين للرئيس وجماعته، وهو ما أصاب المصريين بالذعر، وتصاعدت الدعوات محذرة من التحريض المبطن أو المباشر علي التصفية الجسدية كحل أسهل لما تعانيه مصر الآن من صراعات، التي قد تجر البلاد إلي حالة من العنف والعنف المضاد غير المسبوق.. وتزايدت المخاوف من حدوث اغتيالات سياسية لأشخاص في المعارضة.. وتصاعدت المخاوف أكثر، بعدما كشف باحث كبير في شئون الجماعات الإسلامية وهو الدكتور عبدالرحيم علي، عن وثائق ومعلومات يمتلكها، تؤكد وجود مخطط يهدف لاغتيال وتصفية شخصيات معارضة معروفة علي الساحة السياسية والثقافية والإعلامية.
في حين وجهت سمر فرج فودة، ابنة المفكر الكبير الراحل فرج فودة، رسالة لكل المعارضين بالحذر وعدم الاستهانة بما قاله أحد الشيوخ بإهدار دمهم.
وقالت «فودة» في رسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»: «أبي قتلوه بعد فتوي إهدار دمه، لا تستهينوا بما يحدث، وبما يقولون، فهم مرضي، عقولهم تصور لهم أنهم يحمون الإسلام وينصرونه».
وكانت كتابات الدكتور فرج فودة قد أثارت جدلاً واسعاً بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت، حيث طالب بفصل الدين عن الدولة، وكان يري أن الدولة المدنية لا شأن لها بالدين.. وحاول «فودة» تأسيس حزب باسم «حزب المستقبل» وكان ينتظر الموافقة من لجنة شئون الأحزاب التابعة لمجلس الشوري، ووقتها كانت جبهة علماء الأزهر تشن هجوماً كبيراً عليه، وطالبت تلك الجبهة لجنة شئون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، فأسس «الجمعية المصرية للتنوير» في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها، بعد أن أصدرت الجبهة بياناً بتكفير الكاتب المصري ووجوب قتله في 1992.. وتم اغتياله بالفعل في 8 يونيو من نفس العام، حين كان يهم بالخروج من مكتبه بشارع أسماء فهمي بمدينة نصر بصحبة ابنه الأصغر وأحد أصدقائه الساعة السادسة و45 دقيقة، علي يد أفراد من الجماعة الإسلامية، حيث قام شخصان كانا يركبان دراجة نارية بإطلاق الرصاص من بندقية آلية، فأصيب ابنه «أحمد» وصديقه إصابات طفيفة، بينما أصيب فرج فودة بإصابات بالغة في الكبد والأمعاء، وظل بعدها الأطباء يحاولون طوال ست ساعات إنقاذه إلي أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ونجح سائق فرج فودة وأمين شرطة متواجد بالمكان في القبض علي الجناة.
وتبين بعد ذلك أن الجريمة جاءت بفتوي من شيوخ جماعة الجهاد علي رأسهم الشيخ حسين الغزالي المسجون حالياً في روما، وفي شهادة الشيخ محمد الغزالي في أثناء محاكمة القاتل وصف الغزالي «فودة» بأنه مرتد وجب قتله، وأفتي بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها من قبل الدولة، وهذا يعني ألا يجوز قتل من قتل فرج فودة حسب تعبيره.
إذا كانت فتوي قتل الدكتور فرج فودة نفذت، وانتهت حياة الرجل علي يد جماعة الإخوان المسلمين، فإن من صدرت بشأنهم فتوي إهدار دم وتكفير ولم يلقوا نفس مصير فودة، لم يكونوا أفضل حالاً أو أوفر حظاً، وأهم هؤلاء كان الباحث المصري الدكتور نصر حامد أبوزيد، الذي أثارت كتاباته ضجة إعلامية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي. فقد أتُهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد.. ونظراً لعدم توفر وسائل قانونية في مصر للمقاضاة بتهمة الارتداد عمل خصوم نصر حامد أبوزيد علي الاستفادة من أوضاع محكمة الأحوال الشخصية، التي يطبق فيها فقه الإمام أبوحنيفة، الذي وجدوا فيه مبدأ يسمي «الحسبة» طالبوا علي أساسه من المحكمة بالتفريق بين أبوزيد وزوجته.. واستجابت المحكمة وحكمت بالتفريق بين نصر حامد أبوزيد وزوجته قسراً، علي أساس «أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير المسلم».. فحياة الزوجين باتت بعد ذلك في خطر، وفي نهاية المطاف غادر نصر حامد أبوزيد وزوجته د. ابتهال يونس الأستاذة في الأدب الفرنسي، القاهرة نحو المنفي إلي هولندا، ليقيما هناك حيث عمل نصر حامد أبوزيد أستاذاً للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن.
اتبع «أبوزيد» نظرية «الهرمنيوطيقا» في دراساته الإسلامية وهو ما أثار حوله الجدل، ومصطلح «الهرمنيوطيقا» مصطلح قديم بدأ استعماله في دوائر الدراسات اللاهوتية ليشير إلي مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني خصوصاً الكتاب المقدس.
ويشير المصطلح اليوم إلي نظرية التفسير ويعود أقدم استعمال للمصطلح للدلالة علي هذا المعني إلي عام 1654 وما زال مستمراً حتي اليوم، خاصة في الأوساط البروتستانتية.. وقد اتسع مفهوم المصطلح في تطبيقاته الحديثة، وانتقل من مجال علم اللاهوت إلي دوائر أكثر اتساعاً تشمل كافة العلوم الإنسانية، كالتاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجية وفلسفة الجمال والنقد الأدبي والفلوكلور، والقضية الأساسية التي تتناولها الهرمنيوطيقا بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام، سواء كان هذا النص تاريخياً، أم دينياً.
ومن أهم أعمال نصر أبوزيد: الاتجاه العقلي في التفسير (دراسة في قضية المجاز في القرآن عندالمعتزلة) وكانت رسالته للماجستير، وفلسفة التأويل (دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي) وكانت رسالته للدكتوراة، ومفهوم النص دراسة في علوم القرآن.
شاهد عيان هو المستشار أشرف العشماوي - القاضي بمحكمة الاستئناف - الذي حقق في حادث محاولة اغتيال نجيب محفوظ في عام 1994 علي يد أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين بعد تكفير الجماعة لمحفوظ، أكد أنه عند استجواب المتهم بالشروع في قتل «محفوظ» كوكيل للنائب العام وقتها، قال المتهم: حاولت قتله لمصلحة المجتمع، فهو رأي أن نجيب محفوظ مرتد عن الدين الإسلامي عندما كتب رواية «أولاد حارتنا» ومن ثم فمصلحة المجتمع كانت في التخلص منه.. وهو ما جعل «عشماوي» يبدي قلقاً خاصاً بالمادة الخاصة بالإبداع والفنون في الدستور الجديد وأكد أنها تثير مخاوفه بسبب عبارة «لمصلحة المجتمع»، وهي عبارة مطاطة، ويتساءل: ما الأدب الذي يتوافق مع عبارة «لمصلحة المجتمع» ويتفق معه ومن يحدد ذلك؟
ويجدر بنا أن نشير إلي اغتيال القاضي «الخازندار» وأن حسن البنا لم يعط أمراً صريحاً بذلك، وحسبما جاء في مذكرات محمود الصباغ عن التنظيم الخاص للإخوان، قال عبدالرحمن السندي، قائد التنظيم السري في اجتماع داخل الجماعة: إنه أعطي أمراً بقتل المستشار الخازندار، عندما سمع عبارات ساخطة ضده من حسن البنا حين أرسل إليه يسأله: ما رأيكم في حاكم ظالم يحكم بغير ما أنزل الله ويوقع الأذي بالمسلمين؟.. رد عليه حسن البنا بآية من القرآن: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض).. قال السندي: اعتبرت ذلك إذناً وأمرت بالعملية!
التنظيمات قابلة للانفجار. يتم شحنها بالغل والغضب طوال سنوات.. تتربي علي البغضاء.. وتتعلم من شيوخ متطرفين تكفير الآخرين.. ما ينشئ تربة خصبة لنمو التحريض.. يتعبأ يوماً تلو آخر.. وفي لحظة بعينها.. يجيء القرار فتقتل، ولا تجد في ذلك ما يسبب لها شعوراً بالذنب وبعد أن تسقط الضحية تصدر جماعة الإخوان بياناً ليس القاتل إخوانياً، وليس منا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.