* أحمد ماهر باشا والنقراشى.. أول الضحايا تاريخيًا.. وأبوضيف والجندى ليسا آخرهم * صلاح عيسى: صمت الإخوان على فتاوى «إهدار الدم» ضوء أخضر.. نوح: عملية اغتيال المعارضين بدأت.. ورشوان: الجماعة ستدفع ثمن العنف هل دارت «عجلة» الاغتيالات والتصفية الجسدية للمعارضين بالفعل؟، لا تبدو الإجابة عن هذا السؤال قطعية بالنفى أو الإثبات، إلا بقراءة تاريخ جماعة «الإخوان المسلمون» والجماعات السلفية الجهادية، مع العنف، خصوصا أن هذا التاريخ يشير بوضوح إلى أن نقطة انطلاق مرحلة تصفية المعارضين عادة ما تبدأ فى ظروف مشابهة تماما لما يحدث الآن. وفيما تتعالى التحذيرات من الدخول فى هذا المنحنى ويرى عدد من خبراء السياسة أن مرحلة الاغتيالات قد بدأت بالفعل، بتصفية بعض النشطاء السياسيين الفاعلين فى الشارع أمثال الحسنى أبوأضيف ومحمد الجندى، ترصد «الصباح» الظاهرة تاريخيًا.. وأيضا بطرح السؤال على خبراء السياسة لترصد تفاصيل مشهد «اللحظة الفارقة» التى عادة ما تسبق هذه مرحلة الاغتيالات، حيث تظهر إلى السطح الفتاوى الدينية التى تهدر دماء المعارضين والمخالفين فى الرأى. مسلسل الاغتيالات السياسية ل«الإخوان المسلمون» لم يكن اكتشافا تاريخيا، أن الاغتيالات السياسية فى مصر، قد شهدت تكثيفا ملحوظا، يقفز بها إلى حجم الظاهرة السياسية، فى الفترة التى أعقبت ظهور جماعة «الإخوان المسلمون» وبالتحديد ما يسمى بالتنظيم الخاص عام 1944، الذى قام بأول عملية اغتيال فى 25 فبراير 1945 حيث اقتحم الشاب محمود العيسوى البهو الفرعونى بمبنى البرلمان، وأطلق النار على رئيس الوزراء وقتها، أحمد ماهر باشا، الذى مات متأثرا بجراحه، فيما ألقى القبض على القاتل وأحيل للمحاكمة، حيث تم إعدامه، وكان هذا الحادث قد وقع أثناء عقد جلسة سرية للنظر فى طلب حكومة أحمد ماهر إعلان الحرب على اليابان. وقتها أفلتت جماعة الإخوان من العقاب، لأن العيسوى آثر أن يتحمل القضية بمفرده، على الرغم من أن الجميع كان يعرف الخصومة بين جماعة الإخوان ورئيس الوزراء أحمد ماهر، خصوصا أن ماهر باشا هو الذى أسقط البنا فى انتخابات البرلمان. واتهمه الإخوان بالعمالة بعدما فكر فى التحالف مع قوات الحلفاء والإنجليز ضد قوات المحور: المانيا وإيطاليا. وفى عام 2009 اعترف خليفة عطوة، أحد أعضاء التنظيم السرى لجماعة الإخوان، بالاشتراك فى قتل أحمد ماهر باشا مع محمود العيسوى الذى تحمل القضية بمفرده، قائلا كما نقل عنه حسين البربرى: إن أول ظهور للتنظيم السرى للإخوان كان عام 1944 حيث بدأنا تكوين مجموعة الخلايا العنقودية المسلحة وكل خلية مكونة من زعيم وأربعة أفراد وكل خلية لا تعرف الأخرى، وبدأنا بالعمل المسلح باغتيال أحمد ماهر باشا عن طريق محمود عيسوى . فى صباح يوم 22 مارس 1948 اغتيل القاضى أحمد بك الخازندار نظرا لأنه كان ينظر فى قضية أدين فيها أعضاء فى جماعة الإخوان، وأرجع الدكتور عبد العزيز كامل، وزير الأوقاف المصرى الأسبق، فى مذكراته التى صدرت عن «المكتب المصرى الحديث» الحادث إلى مواقف الخازندار المتعسفة فى قضايا سابقة أدان فيها بعض شباب الجماعة لاعتدائهم على جنود بريطانيين فى الإسكندرية بالأشغال الشاقة المؤبدة فى 22 نوفمبر 1947. بعد حكم الخازندار بالسجن على المتهمين الاخوان، قال عبد الرحمن السندى، رئيس النظام الخاص، إن حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان قال فى اجتماع بجماعته «ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله». وهو ما اعتبره أعضاء فى التنظيم بمثابة «ضوء أخضر» لاغتيال الخازندار، وفى صباح يوم الاغتيال خرج الخازندار من منزله بشارع رياض بحلوان ليستقل القطار المتجه إلى وسط مدينة القاهرة، حيث مقر عمله . وكان فى حوزته ملفات قضية كان ينظر فيها ، وتعرف بقضية «تفجيرات سينما مترو»، وكان المتهمون فيها عددا من المنتمين لجماعة «الإخوان المسلمون»، وما إن خرج من باب مسكنه حتى فوجئ بشخصين هما عضوا جماعة الإخوان حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم يطلقان عليه وابلا من الرصاص من مسدسين يحملانهما . أصيب الخازندار بتسع رصاصات ليسقط غارقا فى دمائه، وفى قسم الشرطة عثر بحوزة الجانيين على أوراق تثبت انتماءهما لجماعة الإخوان، لتقوم النيابة باستدعاء مرشد الجماعة آنذاك حسن البنا لسؤاله حول ما إذا كان يعرف الجانيين، إلا أن البنا أنكر معرفته بهما تماما، لكن النيابة تمكنت من إثبات أن المتهم الأول حسن عبد الحافظ كان «السكرتير الخاص» للمرشد العام للجماعة حسن البنا، وهنا اعترف البنا بعلاقته بالمتهم إلا أنه نفى علمه بنية المتهمين اغتيال القاضى الخازندار. وفى 28 ديسمبر 1948 تخفى عبد المجيد أحمد حسن، المنتمى إلى النظام الخاص لجماعة الإخوان، فى زى ضباط شرطة وقام بتحية رئيس الوزراء وقتها محمود فهمى النقراشى، حينما هم بركوب المصعد ثم أفرغ فيه ثلاث رصاصات فى ظهره، ثم اعترف عبد المجيد بقتل النقراشى، لإصداره قرارا بحل جماعة الإخوان فى 8 ديسمبر 1948، كما تبين من التحقيقات وجود شركاء له فى الجريمة من الجماعة، وحكم عليه بالإعدام شنقا وعلى شركائه بالسجن مدى الحياة، على الرغم من أن حسن البنا قد أصدر عقب هذا الحدث بيانا استنكر فيه الحادث و«تبرأ» من فاعليه، تحت عنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين». بعد اغتيال النقراشى رأى الاخوان أن إبراهيم باشا عبد الهادى ما هو إلا امتداد للنقراشى، ومن ثم قرر الإخوان اغتياله، وبالفعل أطلقوا الرصاص على موكبه،فى يوم5 مايو 1949، وهو فى طريقه إلى رئاسة مجلس الوزراء، فأصيب بعض المارة، وكانت المفاجأة أن هذا الموكب لم يكن لإبراهيم باشا بل موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب الذى لم يصب بأى أذى، وبعد القبض على منفذى العملية بدأت محاكمتهم التى استمرت حتى قيام ثورة يوليو، واعتبر بعدها المتهمون أبطالا وصدر عنهم جميعا عفو شامل. لم تقتصر الاغتيالات السياسية للإخوان على معارضيهم بل امتدت إلى رجالهم أيضا، فبعد أن قام البنا بتعيين «سيد فايز» مسئولاً عن الجهاز الخاص ( الجناح العسكرى للجماعة) بدلاً من «عبد الرحمن السندى»، قرر البنا اغتيال «فايز» فأرسل له علبة حلوى «ملغمة»فى يوم الاحتفال بذكرى المولد النبوى، وعندما فتحها انفجرت لتقتله هو وأخاه . وفى يوم 26 فبراير 1954 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء، وبينما كان الرئيس الراحل عبد الناصر يلقى خطابا بميدان المنشية بالإسكندرية، أطلق محمود عبد اللطيف أحد كواد التنظيم الخاص لجماعة الإخوان 8 طلقات، باتجاه الرئيس عبدالناصر، ليصاب شخصان وينجو عبد الناصر، وحتى هذه اللحظة يصر الإخوان على أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة، على الرغم من أن المتهمين فى المحكمة العلنية «محكمة الشعب» التى كانت تذاع وقائعها على الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية، اعترفوا تفصيليا بدور كل منهم ومسئولية الجماعة عن العملية، وتم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك فى جزأين بعنوان «محكمة الشعب». الاغتيالات بالفتاوى الدينية يعد حادث اغتيال حادث أنور السادات فى عام 1981 فى ذكرى حرب أكتوبر خير شاهد على نتائج فتاوى إهدار الدم التى تعد السبب الأساسى، وراء الاغتيالات السياسية، فقد اتهم الشيخ السلفى عمر عبد الرحمن، بأنه أصدر فتوى بإهدار دم الرئيس السادات كان من شأنها أن اعتبرت المرجعية التى دفعت الجناة لاغتيال الرئيس السادات، ولكن الشيخ عمر عبدالرحمن حصل على البراءة وحكم على المنفذين الأساسيين، وهم: خالد الإسلامبولى منفذ العملية، الذى حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص فى إبريل 1982، عبود الزمر الذى شارك فى تخطيط، وتنفيذ فى عملية الاغتيال، وهو الذى اختار فكرة الهجوم بشكل مباشر على المنصة من الأمام، وحسين عباس قناص بالقوات المسلحة، كان ضمن فريق الاغتيال المنفذ للعملية . وفى 8 يونيو 1992 اغتيل الكاتب والمفكر فرج فودة حين كان يهم بالخروج من مكتبه بشارع أسماء فهمى بمدينة نصر، إحدى ضواحى القاهرة، بصحبة ابنه الأصغر وأحد أصدقائه الساعة السادسة و 45 دقيقة، على يد أعضاء الجماعة الإسلامية، حيث قام شخصان بينهما مطلق الرصاص من بندقية آلية، بقتله فيما كانا يركبان دراجة نارية، وفيما أصيب ابنه أحمد وصديقه بإصابات طفيفة، كانت إصابة فرج فودة بالغة فى الكبد والأمعاء، وظل بعدها الأطباء يحاولون طوال ست ساعات إنقاذه إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ونجح سائق فرج فودة وأمين شرطة متواجد بالمكان فى القبض على الجناة . وتبين أن الجريمة جاءت بفتوى من شيوخ جماعة الجهاد على رأسهم الشيخ حسين الغزالى، حيث وصف الغزالى فودة «بالمرتد»، «وجب قتله»، وأفتى بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها. وفى أكتوبر عام 1995 تعرض نجيب محفوظ للطعن فى عنقه على يد شابين كانا قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل «أولاد حارتنا». وفى 12 أكتوبر 1990 تم اغتيال رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب وقتها، وقد أعلنت الجماعة الإسلامية صراحة وبكل فخر أنها نفذت هذه العملية، وأنها كانت تقصد من تلك العملية اغتيال اللواء عبدالحليم موسى، لذا أمسك جهاز مباحث أمن الدولة بالاعتراف وقدم إلى النيابة 27 متهما أبرزهم ممدوح يوسف وصفوت عبدالغنى، إلا أن المحكمة انتهت إلى قرارها فى 10 يونيو 1993 ببراءة جميع المتهمين من تهمة قتل المحجوب، ورغم أن القضاء قال كلمته، إلا أن الجماعة الإسلامية أعلنت فى العديد من بياناتها أن عناصر تابعة لها قتلت الدكتور رفعت المحجوب، وكان المقصود من العملية هو اللواء عبدالحليم موسى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، وأن الحادث كان رد فعل انتقامى لقيام مباحث أمن الدولة باغتيال الدكتور علاء محيى الدين، المتحدث الرسمى باسم الجماعة، ولكن بعد ثورة 25يناير، قدم الدكتور سمير صبرى المحامى بلاغا إلى المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، ضد الرئيس السابق حسنى مبارك ورجلى الأعمال حسين سالم ومنير ثابت، شقيق سوزان مبارك، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى السابق، يتهمهم فيه بقتل رفعت المحجوب، بهدف فتح القضية والتحقيق فيها من جديد. وفى يونيو عام 1995 وقعت محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك، فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا التى قادها عضو تنظيم القاعدة مصطفى حمزة، وبعد هذه المحاولة نجا مبارك من عدد من المخططات التى وضعت لاغتياله. المفكر السياسى والكاتب الصحفى صلاح عيسى يرى فى هذا الإطار، أنه لابد من عدم التقليل من أثر خطاب التحريض الذى تمارسه التيارات الإسلامية بشكل صريح ومباشر، ويقول: الإسلاميون يلجأون غالبا إلى العنف بدلا من المناقشة السياسية وتفنيد الآراء، مؤكدا أن هناك دعاة مهووسين بإطلاق الفتاوى الدينية، وأحكام التكفير، لافتا إلى أن الأمر لم يقتصر على تونس، وما حدث بها حيث كان فى البداية مجرد فتوى بإهدار دم شكرى بلعيد ثم انتهى باغتياله مؤكدا أنه سيمتد إلى مصر، ويضيف أن تجاربنا مع الاغتيالات السياسية تشير إلى أنها دائما ما تبدأ بخطاب تكفيرى مثلما حدث أيضا فى منتصف التسعينيات وفترة ما قبل اغتيال فرج فودة ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ، فكل ذلك يبدأ بخطاب تكفيرى، لأن هؤلاء المنتمين للجماعات الإسلامية يعتبرون أنفسهم خلفاء الله فى الأرض، وأنهم من ينفذون أحكام الله، لذا يطلقون الأحكام.. ويضيف عيسى أن محمد الجندى والحسينى أبوضيف ضمن اغتيالات سياسية مقصودة، وقياسا على السوابق فإن لم يتم التصدى لهذه الدعوات بالتكفير، فإننا سنكون أمام سلسلة من الاغتيالات، موضحا أن القنوات المنتمية للتيار الإسلامى تتحدث ليل نهار عن تكفير شخصيات سياسية معارضه للرئيس وفى حضور قيادات إخوانية، وسكوت إخوانى ورئاسى عما يحدث، مما ينم عن وجود نوع من الرضا عما يحدث ورضا مسبق عما سيحدث من قتل وعنف تنفيذا لهذه الدعوات، فى حين أننا نسمع ليل نهار بلاغات ضد صحفيين وكتاب وإعلاميين بتهم إهانة الرئيس وازدراء الأديان. ويتساءل عيسى: من تعرض للشيخ محمود عاشور عندما قال علنا فى القنوات الفضائية «إننى أحرض على جبهة الإنقاذ» وذكر أسماء قيادات الجبهة اسما اسما، مؤكدا أن هذا تحريض صريح على القتل والسكوت عنه هو رضا صريح عن هذا التحريض. ويؤكد عيسى أن الإخوان هم أول من أسسوا ما يعرف بالتنظيم الخاص الذى استخدم العنف والاغتيالات لتصفية معارضى الجماعة والذى كان يحتوى على قسم خاص بالتدريبات الخاصة وقسم آخر للمتفجرات والأسلحة وقسم للمخابرات وقسم العمليات الذى يقوم بتنفيذ الاغتيالات، كما أنهم أوائل من استخدموا العنف ضد خصومهم وكل الحركات العنيفة التى أنشئت بعد ذلك خرجت من رحم الجماعة، فاستخدام العنف ضد معارضيهم هو فكر جوهرى عقائدى عن الجماعة، وهذا ما حدث للنشطاء السياسيين الحاليين، فكل عمليات القتل الخاصة بالنشطاء كمحمد الجندى والحسينى أبوضيف هى اغتيالات سياسية مقصودة، وعلينا أن نتوخى الحذر من أن التهديد بالاغتيال أو إباحته سيجعل كل الأفراد يتجهون إلى التفكير فى أنه لا مفر من استخدام العنف. وفى نفس الإطار يقول مختار نوح، الإخوانى السابق والقيادى الحالى بحزب مصر القوية، إن الدولة لا تحترم القانون لذا فهى دفعت أفرادها إلى عدم احترام القانون فمصر ما قبل الثورة كانت دولة لا تحترم القانون ولكن بعد الثورة أصبحت دولة تتحدى القانون، لتظهر بها كل أعراض وأمراض عدم احترام الرأى الآخر وإهانته وصولا إلى قتله وتصفيته، فنسمع رجال الدين من كل الجهات يكفرون التيارات الأخرى ويحللون دماءها، فقد سمعت أحد المنتمين إلى حزب التجمع يقول «سنعلق الإخوان على المشانق»، وفى نفس السياق نسمع الإخوان يبررون تعذيب وسحل أحد المواطنين، لأنه من المعارضين، فلغة العنف المتبادلة تأتى حينما لا تحترم المؤسسات القانون، فما بالنا إذا تحدت الرئاسة القانون؟! ويؤكد نوح أن الإخوان بدأت بعملية اغتيال المعارضة بالفعل، من خلال عمليات التعذيب التى تمارسها ضد معارضيها ومن ينزل للمشاركة فى مظاهرات ضد مرسى والحكومة ومن خلال قتل النشطاء السياسيين، وأيضا باستخدام نائبهم العام الذى يصفُّون به خصومهم السياسيين، إلا أنه توقع أن يحدث فيما بين ثلاثة وستة أشهر عملية تصفية جسدية متبادلة إن لم يتم التحقيق بجدية فى قضايا التعذيب والقتل التى تمت بيد وزير الداخلية وبموافقة مرسى، وستكون البداية بالانتقام من مقتل الجندى وأصحابه والقتل سيكون عشوائيا وليس منظما. فالأمر مازال من الممكن السيطرة عليه إذا انتبه مرسى إلى ذلك الأمر، وإذا ترك هشام قنديل إرضاع الأطفال واهتم بحماية النفس وتطبيق القوانين، وعما إذا كانت الإخوان ستلجأ إلى السلفيين والجماعات الجهادية والتكفيرية فى عمليات تصفية المعارضة يوضح نوح أن ذلك ليس واردا «فالإخوان فى نظر السلفية الجهادية كفار، وفى نظر الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية غير قادرين على تنمية الدولة، وفى نظر حزب النور استغلاليون». ويرى نوح أن الخوف الآن ليس من الإخوان لأنهم بدأوا بالفعل ولديهم طرق متنوعة للتصفية، والخوف الآن من الشعب الذى تسد أمامه كل القنوات، ليصبح أمامه مبررات عدة لاستخدام العنف، موضحا أن ما يقوله الآن هو ما كان يقوله الإخوان فى عصر مبارك عندما كانوا يدعونه لطرح قنوات للحوار، حتى لا تمتد جذور الإرهاب، فقد تقدمت عام 1987 نيابة عن الإخوان فى مجلس الشعب باستجواب عن قانون الطوارئ وقلت فيه إن الشعب ينتظر الثأر الاجتماعى، وتهكم زكى بدر حينها، وقبلنى الهضيبى وأنا أهدى الإخوان نص هذا الاستجواب، ليعرفوا جيدا أن القادم هو ثأر من المجتمع. وأضاف نوح: «الإخوان ومرسى سيصفّون رءوس المعارضة بما يملكون من أدوات وليس بالاغتيال والقتل المباشر ولكن إذا قامت ثورة ثانية ضدهم مباشرة فهى الحالة الوحيدة التى سيلجأ فيها الإخوان إلى تصفية رءوس المعارضة بالقتل». أما ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، فيرى أن الاغتيال السياسى أمر موجود منذ عهود، ويحدث عادة فى مناخ به خلافات واسعة ووجود طرف من الأطراف المختلفة يرى فى الخصوم أعداء ويرى أن العمل السياسى لا يأتى بالنتيجة التى ينشدها وأنه لا يوجد حل وسط، لذا فإن الحل الوحيد أمامهم هو التخلص من الخصم، كما أن الاغتيال السياسى دائما ما تقوم به جماعات صغيرة، ويؤكد رشوان أن مناخ الثورات عموما مناخ به دماء بأنماط مختلفة منه ما هو اغتيالات سياسية ومنه ما هو قتل وحروب، كما أوضح أن الاغتيال السياسى وأى عنف سياسى يختلف عن العنف الجنائى فى كونه وراءه أفكار تبرر أن القتل هو الحل. ويشير رشوان إلى أن كل هذا ينطبق على مصر التى تمر بثورة وهناك اختلافات واسعة بين الأطراف السياسية فيها وعدم اتفاقهم من الأساس على قواعد اللعبة السياسية، كما أن هناك آراء بمصر تبيح قتل الخصوم السياسيين، وعلى الرغم من أن الجماعات الإسلامية بعضها قدم مراجعات عن أفكار العنف التى كانوا يتبنونها إلا أنه مازال هناك من يتبناها. ويقول رشوان إن الإخوان هم من سيدفعون ثمن العنف والقتل فهم أبرز من على المسرح الآن وهم من سيتم اتهامهم بأى عنف سيقع، لافتا إلى أن أى حالة اغتيال سيتعرض لها أى معارض مثل ما حدث فى تونس عندما تم اغتيال المعارض التونسى شكرى بلعيد، واتهم الجميع حزب النهضة هناك بارتكاب الجريمة وخرج الرئيس التونسى راشد الغنوشى ينفى ذلك.