رغم تباين ردود أفعال النخبة المصرية حول زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد لمصر فى إطار مؤتمر القمة الإسلامية والتى أظهرت البون الشاسع بين حزبين لا وسط بينهما، الأول مهلل ومرحب ومبشر بالتقارب المصرى الإيرانى ويبدو هذا الحزب فى معظم اعضائه من المستفيدين من التقارب مع إيران الشيعية وللأسف فإن فئة من الكتاب ينزلقون للترويج لهذا التقارب من زاوية ان المصالح تتصالح، والبعض القليل جداً روج للتقارب من زاوية سياسية ذات علاقة بمواجهة ايران للعنف الأمريكى والعدو الاسرائيلى، وأن ايران الوحيدة القادرة على الزود عن شرف الأمة العربية والعمل على تحرير القدس وهو ما لعب عليه أحمدى نجاد فى خطابه بمنزل القائم بالاعمال الايرانى، وقال سندخل القدس سوياً مصريين وإيرانيين، وهو أثار الحماس الوطنى لدى أعضاء هذا الخندق، ومنهم الكاتب الكبير فهمى هويدى الذى يبشر منذ سنوات طويلة بهذا التقارب ويدعو له وتشهد زياراته المتعددة لطهران على ذلك، حتى انه تحول من كاتب صحفى كبير الى عراب لتطبيع العلاقات بين القاهرةوطهرانا.. وفى نفس السياق أراد المتشيعون لهذا التقارب تبشيرنا بأن هناك طوفان من العملة الصعبة سيهبط أرض مصر إذا تم فتح المزارات السياحية لآل البيت ليقبل عليها الايرانيون ويدفعون مقابل هذا الحنين دم قلبهم ويا حبذا لو تم السماح لهم بتحويل عتبات آل البيت إلى «حسينيات» على الطرق الشيعية فى النجف أو طهران أو غيرها من أماكن الشيعة المقدسة.. وفى المقابل فقد هاجم السلفيون بشدة هذه التوجهات واتهموا الرئيس مرسى بأنه سوف «يشيع» وشن المحامى السلفى ممدوح اسماعيل هجوماً ضارياً وصل لحد استخدام ألفاظ سب وقذف مثل «حذائى أنظف من رأس المجرم الشيعى نجاد»، ثم وصل الشيخ حسين يعقوب لذروة سنام الهجوم فى خطبة الجمعة الماضية بقوله أن «نجاد الشيعى القذر دنس بقدمه أرض مصر السنية الطاهرة» وعزف بكلمات أكثر قسوة على نفس اللحن وحذر مرسى والإخوان من وضع ايديهم فى أيدى ايران حتى لو كان ذلك على حساب مصالح هنا أو هناك.. إذن فالحزب المؤيد مارس شططاً فى تأييده والحزب السلفى المعارض كان أكثر شططاً فى رفضه للتقارب المصرى الإيرانى، والحزبان انطلقا من زوايا دينية أو ثيوقراطية، بينما لم ينظر أحد للأمر من زوايا أخرى أكثر رحابة أو موضوعية أو حتى من باب المصالح السياسية للدولة المصرية وبين هذين الحزبين كان هناك طرف صوته أقل جلبة وهو جبهة الابداع المصرية التى أصدرت بياناً تشجب فيه زيارة المستبد أو الديكتاتور كما أسمته - أحمدى نجاد - لأنه يحبس المعارضين له، وقد أصدر قراراً بحبس المخرج الايرانى العالمى الكبير جعفر باهانى لمجرد انه معارض وارتدى علامة حزب معارض فى مهرجان مونتريال السينمائى الدولى وعاد من المهرجان ليقبض عليه فى المطار ويصدر قرار بحبسه فى منزله مدى الحياة لا يخرج للشارع ولا يمارس عملاً وهو أغرب قرار صدر فى تاريخ اضطهاد المعارضين ، وهذا بخلاف اعتقال 14 صحفياً ايرانياً وعشرات النشطاء السياسيين الذين يجهرون بنقدهم لنظام الملالى، عندما نعرف هذا ونقرأ كلاماً عن تقارب اخوانى ايرانى وهمسات حول الحرس الثورى وفرض نظام أمنى بخبراء ايرانيين مع انعدام الشفافية، لابد أن نشعر بالقلق ونسأل ما هى حدود هذا التقارب، وكيف سيكون وإلى أى مدى سنستورد نظماً قهرية واستبدادية أكثر من الموجودة حالياً فى ظل نظام حكم يقتل فيه المتظاهرون برصاص حى ويتم سحلهم.. بخلاف التحرش بالنساء والفتيات؟ هل نحتاج لاستيراد أنظمة قمع جديدة ؟؟ طبعاً الاجابة هناك خلف قصور الحكم.. لا أقصد خلف مكتب الإرشاد بالمقطم والذى قاموا بتعلية أسواره حتى يزداد غموض الحكم ويزداد احتقان المصريين وغضبهم المكتوم فى الصدور.!!