نعم تركوا الارض ورحلوا مضطرين لكنهم قبل الرحيل دفنوا أحقادهم وغلهم في رمال سيناء املا في إبادة نسلنا وتجديد أحزاننا مع كل طفل يموت مصابا بألغام تتفجر بين الحين والآخر، نعم لأنهم بلا قلوب أباحوا دماء أطفالنا ولم يبالوا بالارواح التي تزهق تباعا بسبب هذه الألغام المدفونة لم يفكروا في الاطفال الذين لا يعون شيئا وقد يكونون الاكثر إصابة بهذه الالغام لأنهم الاكثر عبثا. والغريب اننا مازلنا نحتفل في كل عام بتحرير سيناء وتطهير الارض التي دنسوها باقدامهم وبعد رحيلهم نكتشف وجود جرائمهم واثارهم الدموية والوحشية باقية. فمازالت وسط سيناء تعاني من وجود الألغام المضادة للافراد والمركبات ولا يعرف عنها اهالي الوسط شيئا وكثيرا ما يكون لها ضحايا سواء من المواطنين او الماشية او المركبات. ويؤكد شهود عيان ان اسرائيل قامت بزرع الالغام قبل انسحابها من سيناء رغم توقيعها معاهدة السلام مع الجانب المصري وهو ما يدل علي سوء نيتها للانتقام من ابناء سيناء حيث انها لم تسلم السلطات المصرية خريطة بالمناطق المزروعة بالالغام حتي الآن مما زاد من ضحاياها فهناك من لقي حتفه ومنهم من اصيب وتم بتر اجزاء من جسمه. ويؤكد سلام جمعه احد ضحايا الالغام بقرية المنبطح بوسط سيناء والذي فقد اطراف يديه نتيجة تعرضه لانفجار لغم عندما كان يلهو مع أقرانه بالقرب من جبل الحلال وهو صبي وعثر علي لغم علي شكل قطعة حديدية صغيرة وسرعان ما انفجر ليعيش بقية حياته بدون اطراف يديه. اما ابراهيم لافي الذي يبلغ من العمر 36 عاما ومن مدينة الشيخ زويد ففقد ساقه نتيجة انفجار لغم ارضي اثناء قيامه بزراعة ارض بقرية الخربة بمدينة بئر العبد وتم نقله الي مستشفي العريش وخرج منه ليعيش بقية العمر به عجز. ويقول لافي: ان الاصابة جعلتني غير قادر علي العمل او شراء جهاز تعويضي يساعدني علي التحرك وممارسة حياتي الطبيعية حيث لا يوجد لي مصدر رزق وأعول 15 فرداً ولم احصل علي اي تعويض يذكر سواء من المحافظة او من الجمعيات الاهلية. ويضيف صباح ندي من سكان قرية المنبطح: لقد أودي انفجار لغم مركبات بحياة اخي ونجله عندما انحرفت سيارته 3 امتار عن الطريق المؤدي الي قرية ام شيحان وانفجر اللغم في الحال. وتساءل ندي: مَنْ المسئول عن وجود هذه الالغام والتي يروح ضحيتها الكثير في الوقت الذي لا يحصل فيه الضحية علي اي تعويضات تذكر او حتي اجهزة تعويضية تساعدهم علي الحركة؟! ويؤكد سلامة مصطفي سلمان احد شيوخ قرية ام شيحان ان وسط سيناء بها عدة اماكن مزوعة بالالغام المضادة للافراد والمركبات وهناك كثير من المواطنين لا يعرفون عنها شيئا فبعد خروج اسرائيل من سيناء تركت هذه الالغام مزروعة حتي الآن حيث تسببت في سقوط مئات من الضحايا بخلاف السيارات والاغنام بالاضافة الي انها تقف حجر عثرة امام مشاريع التنمية ويوضح سعيد عتيق انه تم قام بحصرعدة اماكن مليئة بحقول الالغام وانتشارها في مساحات واسعة وهناك حقول ألغام غير معروفة او محددة حيث من الصعب حصر كل المواقع في ظل غياب الخرائط وعدم تسليمها للسلطات المصرية. وأشار سعيد عتيق الي وجود نوعين من الالغام بوسط سيناء هما المضاد للافراد والمركبات ينتشران باشكال واحجام مختلفة وتغطيهما طبقة خفيفة من الرمال كما انهما منتشران فوق سطح الارض في الوقت الذي لا توجد فيه اي علامات وارشادات تحذيرية في المناطق المزروعة بالالغام. تزداد حوادث انفجار الالغام مع بداية فصل الشتاء عندما تعصف الرياح الرمال التي تغطي هذه الالغام لتعريها لتصيب المواطنين بمجرد السير عليها او مجرد لمسها ولكن الخطورة تكمن عندما تفيض مياه الامطار وتتحول الي سيول تجرف الالغام معا الي المدن والقري المليئة بالسكان فتقع الكارثة اذا لم يتم تدارك الامر بسرعة. وأكد عتيق ان حقول الالغام تتسبب في الكثير من الحوادث وسقوط الكثير من الضحايا فمنهم من يلقي حتفه ومنهم من يصاب ببتر اجزاء من جسمه ولا يحصلون علي اي تعويضات مادية تذكر سوي مبلغ ضئيل من الشئون الاجتماعية. وأشار الي عدم وجود احصائية رسمية بعدد ضحايا ومصابي الالغام ولكن ما اعرفه وقمت بحصره عدد 910 معاقين واكثر من 250 مواطناً لقوا حتفهم بسبب زراعة الالغام التي يظل تأثيرها بعد انتهاء الحروب بعقود طويلة وهو شكل من اشكال الارهاب النفسي الذي تمارسه اسرائيل في الاراضي المصرية.