عُرف القرآن الكريم ببديع إعجازه، وشموله على كافّة صور الإعجاز، ومن هذه الصور التي يتمّ الخوض فيها هو الإعجاز البيانيّ في القرآن الكريم، وقد تناول الدكتور فاضل السامرائي جوانب من التأملات في سورة التغابن، واللمسات البيانية الموجودة فيها، تأتيكم تباعًا: بداية السورة بالمضارع من الفعل "سبّح" والذي كُرّر في مواطن عديدة بصيغة الماضي كسورة الصفّ وسورة الحشر وغيرها من السّور، وفيها يُذكر تباعًا القتال في السّور، وأمّا بصيغة المضارع كما في سورة الجمعة وفي افتتاح سورة التغابن، فلا يُذكر فيها القتال، قال تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. اللمسة البيانية في تكرار الآية نفسها على اختلاف الضمير في سورتي غافر والتغابن، قال تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا ۚ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ ۚ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، وقال في سورة غافر: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا}، حيث تمّ استخدام ضمير الشأن في {بِأَنَّهُ}، وذلك للأمر الجلل وتعظيمه في استغناء الله عن الكافرين، واستخدمت في سورة غافر {بِأَنَّهُمْ} كما في قواعد اللغة للدلالة عن الجمع. في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}، واللمسة البيانية هنا في عدم التخصيص في قول {أَوْلَادِكُمْ}، بل الشموليّة للجنسين الذكر والأنثى، واستخدام حرف الجر في الآية الكريمة {مِنْ}، وذلك للتبعيض -بعض من كل- وليس الشمول.