التدبر فىيمكن القول إنَّ هذه السورة الكريمة تحوي دعوة صريحة معلنة بفعل أمر صريح وهو الفعل "سبِّحْ"؛ أي إنَّ أوَّل مقاصد سورة الأعلى هو الأمر الإلهي بالتسبيح حيث قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}. ثمَّ تبيِّنُ الآيات التالية عظمة الله تعالى الخالق البارئ، الذي خلقَّ فحسن الخلق، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ}. فمن مقاصد سورة الأعلى أنَّ أظهرت عظمة الخالق ووضَّحتْ بعض آياته، ثمَّ يخاطب الله تعالى رسوله الكريم في الآيات التالية، ويبشره بالتيسير والفرج من الله ويدعوه إلى تبليغ رسالة الله تعالى وتذكير الناس، قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ * سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ}. ثمَّ يبين الله تعالى عاقبة الناس يوم القيامة، فمن اهتدى نجا ومن شقي وعصا سيصلى النار الكُبرى، كما يؤكد الله تعالى على أنَّ الآخرة خير من هذه الحياة الدنيا الزائلة، وهذا ما اجتمعت عليه الديانات السماوية السابقة، وهذا ما جاء به أنبياء الله جميعًا، قال تعالى: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ * قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ}.