لإظهار مقاصد سورة الغاشية لا بدَّ من إلقاء نظرة على آيات سورة الغاشية، فمقاصد السور تتضحُ بالشرح والتفسير، وإنَّما القصد والغاية هو ما وراء كلمات السورة إنْ خفيتْ وهو ما تجلِّيه السورة إنْ وضحت، وفيما يأتي مقاصد سورة الغاشية وفقًا لتسلسل آياتها: مقاصد سورة الغاشية من الآية 1 حتَّى 16: في هذه الآيات المباركات تتناول سورة الغاشية اليوم الآخر ومصير الناس وأحوالهم في هذا اليوم المهول، فالناس يومئذ قسمان، وجوه ذليلة متعبة من كثرة العمل الذي يشقيها ويتعبها في النار الحامية، فلا تأكل إلَّا من النار ولا تشرب إلَّا من النار، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ * لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ}. ووجوه ناعمة راضية في جنان الخلد ونعيم الله تعالى، هانئة راضية فرحة، لها من النعيم السرر والوسائد الفاخرة، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ * لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}. مقاصد سورة الغاشية من الآية 17 حتَّى 26: توجه الآيات الدلائل المرئية لوحدانية الله وقدرته العظيمة بطريقة الاستفهام، فتسأل هل نظر الكافرون والمشركون إلى الإبل كيف خلقت والسماء والجبال والأرض كيف وجدتْ دون خالق لها، ثمَّ يخاطب الله تعالى رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويأمره بتذكير الناس وتحذيرهم من العذاب الأليم، فمن كفر فعذاب الله بانتظاره، فكلُّ الناس مصيرهم ومرجعهم إلى الله تعالى، قال تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم}.