بقلم د. فالح الحجية: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لايُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لاتَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفلا يَنْظُرُونَ إِلَى الاِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الاَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) الامَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الاكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ( 26)) سورة الغاشية\ كاملة الحمد لله : هل حرف استفهام ولكنه هنا جاء للتعجب بحديث الغاشية والغاشية هي القيامة تغشى الناس باهوالها وشدائدها والمراد به هل جاءك يامحمد ( صلى الله عليه وسلم) خبر يوم القيامة واوله النفخ في البوق من قبل الملك اسرافيل حيث سينفخ فيه مرتين الاولى سيموت الناس والخلائق وتزلزل الارض وتندك الجبال في الارض لقوتها وشدتها فتصبح كثيبا مهيلا او هباءا منثورا والاخرى ستحيي الخلائق وتبعثهم من رقدتهم الطويلة فيخرجون من قبورهم فزعين واحيائهم وسوقهم الى يوم المحشر حيث تحشر الناس فيه ضحى اي في وضح النهار والخلق في هذا اليوم العظيم – يوم القيامة – نوعان في أرض المحشر : الأول هم أصحاب النار الثاني هم أصحاب الجنة ويظهر ذلك يبان ذلك في سحنات وجوههم وعلائمهم فيها. فالصنف الأول وجوههم ذليلة خاضعة حزينة كئيبة يظهر عليها انها كانت متعبة مرهقة نتيجة اجهادهم لها في الكفر والضلال فهي تسقى من عين شديدة الحرارة ماؤها يشوي الوجوه وطعامهم من ضريع وقيل الضريع نبات يسمى ( الشبرق) في حالة كونه اخضر اما اذا جف ويبس فيسمى ( الضريع) ذو أشواك شديدة كثيرة وهذا الطعام لا يفيد فهو لا يسد رمق الجائع ولا يسمن الجسد فهم يأكلونه وكأنهم لا يأكلون شيئا فيبقون جياعا يتضورون من الجوع والعطش . أما القسم الثاني فهم أصحاب الجنة فوجوههم يظهر عليها أسباب النعمة ناعمة نضرة ضاحكة مستبشرة في نعمة ونعيم سعيدة بهيجة راضية مرضية لعملها الذي عملته في الحياة الدنيا لانها منحت لاجله الثواب وامنت به من العقاب . في جنة عالية رفعة وانعاما خالية من اللغو والتاثيم فيها العيون النابعة والانهار الجارية لأرضها راوية وفيها سرر مرفوعة نظيفة واكواب موضوعة في مواضعها وحسب ارادتهم ونمارق مصفوفة وسائد موزعة بشكل انيق و زرابي مبثوثة وطنافس( كوشات) مخملية نظيفة رقيقة متفرقة في مجالسهم كثيرة . فهم في نعمة ونعيم ومقام كريم فهم فيها يحبرون . ألا ينظر الإنسان ويتفكر في هذه الابل وكانت أعز الحيوانات وأفضلها إلى العرب كيف خلقها وصورها بهذه الصورة التي هي فيها وإلى السماء كيف رفعها الله تعالى بلا اعمدة أو مساند تستند عليها وإلى الجبال المنتشرة في الأرض والكثير منها كان في مكة ( مهبط الوحي ) كيف نصبها الله تعالى أوتادا راسخة لا تميل ولا تميد وإلى الأرض كيف سطحت وأصبحت صالحة للزراعة والتنقل . ألا ينظر الانسان إلى كل هذه الأشياء فيتذكر عظمة الله تعالى في الخلق والإبداع . لذا طلب الله تعالى من نبيه الحبيب المصطفى محمد(صلى الله عليه ) وسلم أن يذكرهم بها رغم أنه ليس عليهم بمسيطر أي لايستطيع إكراههم على الايمان فالذي كفر منهم وتولى عن الوعظ والارشاد فسيعذبه الله تعالى يوم القيامة في جهنم وهو العذاب الأكبر ويذكرهم أن لهم معادا وحياة من بعد الموت سيرجعون فيه إلى الله تعالى فيحاسبهم بما كسبت أيديهم في حياتهم الدنيا فإما إلى الجنة وإما إلى النار . والله تعالى أعلم د .فالح الحجية الكيلاني العراق- ديالى - بلدروز