فى هذا الوقت العصيب الذى يمر به الوطن نرى أمام أعيننا كل الألعاب والألوان ويا ليتها الألعاب الشيقة التى تعلمناها والألوان المبهجة التى تعودناها والتى اشتقناها داخل السيرك المدهش الذى كان ينتج لنا أصدق أنواع الفنون، إذ إنه يعيد إنتاج تصرفاتنا ومساخرنا التى نداريها فى ثوب الحكمة والوقار الذى يستأجره الكثيرون منا مؤقتا لزوم الوجاهة الزائفة، كان السيرك يكشف أسوأ ما فينا ضد الحيوان والإنسان معا، وذاك السيرك القديم الحقيقي طبعا يبعد كل البعد عن السيرك السياسي العقيم والذى لا نرى فيه الآن سوى ألوان شاحبة ومزيجا مختلطاً ومشوهاً من الأفكار والتوجهات سواء التيارات التى تتواري وراء ثياب الدين تماما مثل المهرج الذى يتزين بالألوان المبهجة والملابس النظيفة وهو داخله كل المآسي وهذه التيارات التى اتضح للكافة أنها بأدائها البلياتشو هذا إنما تؤدى الى تزعزع الدين فى نفوس البعض ففى الوقت الذى تهاجم فيه من دون أدلة أصحاب الاتجاه الليبرالى أو الديمقراطى أنهم خارجون على الاخلاق نجد بعضاً من أولئك المستشيخين يأتون بما يتهمون غيرهم به بمنطق «اللى فيها تجيبه فيك».» ولم تتعلم هذه التيارات من دروس الماضى شيئاً وتكرر نفس سياساته فى البطش والتصفية والاستبداد فى القضاء على بعضها البعض، وكأنها لم تفطن إلى لعبة السلطات الحاكمة واستغلالها الاختلاف الفكرى فى القضاء على من تريد، للأسف الشديد تكررت اثناء وبعد 25 يناير بنفس الأساليب ونفس درجة المراهقة السياسية والتأخر الفكرى وها هو المرض ينتقل من أجيال قديمة إلى أجيال جديدة تتوارث نفس العبث ونعود ونحن كما نحن تُمارس علينا ألعاب التغييب للقوى الثورية عن أهداف الثورة الحقيقة فبقيت مؤسسات النظام القديم تمارس دورها فى السيطرة وتوجيه الأحداث لتنسينا كثيرا من أهم الأمور مثل الانهيار الاقتصادى والأمنى والأموال المهربة والشركات المباعة ومئات الأشخاص الهاربين بأموال الشعب وجرائم الفساد السياسى والفكرى والاجتماعى والاقتصادى والتعليمى وجعلتنا نتجه بكل ما بوسعنا ليصفى كل منا الآخر ويقصى كل منا الآخر ليدخلونا إلى سيركهم الجديد الذى تباح فيه كل الألعاب والصفقات، بداية من إلغاء عقولنا وتفكيرنا لنؤمن بكل ألوان الخداع والمتاجرة بحاجات البشر وعجزهم وضعفهم وفقرهم لنرى الأموال وهى تتدفق بشدة لتشترى الأصوات والضمائر بالمال والطعام والزيت والسكر ومع ذلك تزعم جماعة الاخوان بهذه الرشاوى الانتخابية أنها تحل مشاكل الفقراء وتساعدهم، ولكن الحقيقة الواضحة مهما حاولوا تغييبنا أنهم يستغلون الطبقات الاجتماعية المعدمة المنهكة التى تعانى ظروفا اقتصادية صعبة بسبب السياسات التى أسقطت العدالة الاجتماعية من حسابها منذ أكثر من 40 عاما، لنرى وبعد ثورة 25 أن القوى المستغلة تنتقل إلى مخطط فى غاية الذكاء يعلم جيدا كيف ومتى يستغل الضحية؟! وهذه الألاعيب الانتهازية مدعومة أيضا بما هو أكثر انتهازية و هو السيرك الإعلامى فى بعض الفضائيات التى يتم تشييدها كل يوم بمئات الملايين من الدولارات لتشترى الأقلام والعقول والأفكار والذمم لتخريب عقول شعب، ومما لا شك فيه نجاح بعض هذه القوى الاعلامية المأجورة لإجهاض الثورة من جانب وبث أفكار غريبة من جانب آخر واتجاهها إلى تصفية بعضها البعض والنتيجة تحول شاشات الفضائيات والنت والفيس بوك لتشويه التواصل بين القوى المتنافسة حتى انقطعت كل السبل للتوافق والتجاذب وها نحن الآن نشعر بأننا فى طريق مسدود لا سبيل لنا فيه للوصول، فماذا نفعل ؟! سؤال يردده الشارع المصرى؟ ولكننى أكاد أن أجزم أننا كمصريين لن نعود إلى الخلف أبدا بل وجوهنا إلى إمام ونحن قادرون بحكم الوعى والخبرات التاريخية المتراكمة تحت جلودنا أن نضع على الكرسى من يستحق وقادرون أيضا على أن ننحى من لا يستحق حكم بلد بقيمة مصر و دولة بحجمها فهى بدون مجاملة من أرست للعالمين معنى الدولة وكيف تتقدم وكيف تبنى الحضارة التى لن يغلبها أى تاجر دين أو مدع نضال وسياسة.