يبدو أنه يجب علينا أن نأخذ تصريحات قيادات التيار الإسلامي فى مصر عن إقامة دولة إسلامية على محمل الجد، ويجب أيضا أن ننتبه جيدا لما يدور فى شمال سيناء، حيث من المتوقع أن تسيطر الجماعات السلفية الجهادية المتشددة على رفح والعريش وتعلن من هناك إقامة إمارة إسلامية بمباركة الإخوان والتيار السلفى، ما يدفعنا إلى اثارة هذه المخاوف تظاهر 22 حركة إسلامية سلفية يوم الجمعة الماضى أمام السفارة الفرنسية، تحت عنوان رفع الحصار عن المسلمين فى مالى، ووقف الإجرام العالمي ضد المسلمين هناك، وحسب صياغة محمد الظواهري شقيق قائد تنظيم القاعدة: نحن لا نقبل أى عدوان على أى مسلم فى أى مكان في العالم». الخطير فى هذه التظاهرة أن التيار السلفي فى مصر وقف يدافع عن أعضاء تنظيم القاعدة فى شمال مالى، وعن الجماعات والحركات التى خرجت من عباءته وهى حركة أنصار الدين، وحركة الجهاد والتوحيد في غرب إفريقيا، و حركة أبناء الصحراء للعدالة الإسلامية، فهذه الجماعات السلفية التكفيرية المتطرفة قامت بمحاربة الحكومة المالية، وبدأت تزحف على المدن فى اتجاه العاصمة المالية، بهدف إقامة إمارة إسلامية، والأخبار التى تصلنا من مالى تشير إلى أن هذه الجماعات هدمت الأضرحة المقامة فى المدن التى احتلتها، وأفاد شهود عيان بأن أفراداً من جماعة أنصار الدين دمروا ضريح سيدي محمود (شمال مدينة تمبكتو) ثم ضريح سيدي المختار (شمال شرق المدينة)، وانتهوا بضريح ألفا مويا، وأعلنت الجماعة على لسان المتحدث باسمها سندا ولد بوعمامة: إنها ستدمر باقي الأضرحة بدون استثناء، قائلا إن «الله واحد لا شريك له، وكل هذا شرك». وقال مسئول في المجلس البلدي في تمبكتو إن عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مدعومين بآخرين من جماعة أنصار الدين الإسلامية المسلحة هدموا مقام سيدي محمود بن عمار، لقد احرقوا المقام، وقد أقر أمير كتيبة الملثمين، «بلعور» في مقابلة صحفية بارتكاب القاعدة أخطاء تتعلق بقتل بعض الأسرى وذبح الجنود. وذكرت التقارير أن الجماعات قامت بفرض الحجاب على النساء، وأنهم تزوجوا الفتيات الصغيرات أو الفتيات القادرات على النكاح ابتداء من عمر 9 سنوات، وذكر أنهم رجموا الزاني وقطعوا السارق، وهدموا المقابر الأثرية والملاهي، وجلدوا السكارى، وأجبروا الرجال على إطلاق اللحى، وأكدت التقارير أن هذه الجماعات تعيش على جرائم الابتزاز وخطف الرهائن الأجانب، وذكر أنهم جمعوا مليارات الدولارات من عمليات خطف للأجانب، وقيل إنها بعد إحكام سيطرتها على منطقة أزواد عاصمة شمال مالى المتاخمة للأراضي الجزائرية، أعلنت انفصالها واستغلت الفوضى التى تعم مالى بعد الانقلاب العسكري وقاموا بالزحف على المدن الرئيسية فى الشمال بهدف إعلان الإمارة الإسلامية، هذا مع العلم أن مالى من الدول الأعضاء فى منظمة الدول الإسلامية، وحوالى 90% من سكانها من المسلمين السنة الذين يتبعون مذهب الإمام مالك، وأن 5% من المسيحيين، وقد استغاث الرئيس المؤقت لمالى بالدول الإفريقية لإنقاذ بلاده من الجماعات المتطرفة، كما استغاث بفرنسا لمساعدة الجيش المالى فى التصدى لزحف الجماعات التكفيرية بقيادة تنظيم القاعدة، خاصة أن هذه الجماعات تحمل أسلحة متطورة جلبها أعضاؤها من ليبيا، وقد شنت بالفعل الطائرات الفرنسية هجوما على مواقع الجماعات الإسلامية العربية والمالية لإجهاض محاولاتهم السيطرة على المدن الكبيرة أو الانفصال بالمدن الشمالية. الغريب أن منطقة الأزواد الشمالية تذكرنا مع الفارق بشبه جزيرة سيناء وما يدور بها، حيث يتجمع هناك جماعات سلفية جهادية تكفيرية أعلنت عن عزمها إقامة إمارة إسلامية، والخطير أن هذه الجماعات تتكون من مصريين وفلسطينيين وعرب، تماما مثل نظيرتها فى شمال مالي، التى تجمع مجاهدين عرباً بجانب أبناء مالى. والسؤال الذى يفرض نفسه اليوم: لماذا تتضامن الحركات السلفية المصرية مع أعضاء تنظيم القاعدة والحركات السلفية الجهادية التكفيرية؟، لماذا صوروا المعارك فى مالى بأنها حرب صليبية ضد الإسلام والمسلمين مع أن الجيش الفرنسى يساند الجيش المالى الحكومى المسلم؟، هل الحركات السلفية مع انفصال المنطقة الشمالية عن مالى؟، هل هم مع إقامة إمارة إسلامية فى شمال مالى أساسها الخطاب الدينى السلفى الجهادى التكفيرى المتطرف؟. وهل هذه الوقفة تعد إشارة إلى مساندة التيار السلفى للجماعات الجهادية التكفيرية فى شمال سيناء؟، هل هم مع انفصال شمال سيناء وإقامة المتطرفين بها إمارة إسلامية تتوافق مع الإمارة الحمساوية فى غزة؟.