كل يوم جديد.. حادث قطار جديد.. وكأن نظام الحكم الجديد في مصر وقع عقدًا مع عزرائيل لتوريد الأرواح البشرية! فلم تكد مصر تفيق من حادث أسيوط والذي حصد فيه قطار الموت أرواح أكثر من 50 طفلاً حتي فجعنا بحادث قطار البدرشين. الفترة بين الحادثتين أقل من شهرين، فالحادث المفجع الأول وقع في 17 /11 /2012، شهدنا بعدها أيضا كوارث كبري أنقذتنا منها أيدي القدر الرحيمة، فبعد أقل من أسبوع واحد علي سقوط أطفال أسيوط، وأثناء قيام لجنة تقصي الحقائق بمعاينة مكان الحادث، كاد قطار آخر أن يدهس أكثر من مائة شخص من أعضاء اللجنة والمسئولين وعدد من الأهالي وقف للفرجة علي عمل اللجنة لولا أن الله سلم في آخر لحظة لوقعت حادثة أبشع من الأولي! وتوالت حوادث المزلقانات.. الواحد تلو الآخر.. حتي أصبح خبر مصرع المواطنين علي قضبان السكة الحديد أمراً معتاداً وخبراً مكرراً. وقبل مرور شهرين علي كارثة أسيوط.. شاءت الإرادة الإلهية أن تختبرنا بحادث لا يقل بشاعة عن الأول، وهو حادث القطار الحربي بالبدرشين.. والغريب في الأمر كما يردد أهالي المنطقة أن حوالي 100 متر فقط من السكة الحديد في البدرشين ذاتها شهدت أسوأ ثلاثة حوادث قطارات بشعة.. الأول حادث قطار الصعيد الشهير والذي اشتعل بركابه، وأدي لتفحم جثث المئات من الأبرياء، والثاني قطار الفيوم الذي وقع منذ أيام قليلة قبل حادث أسيوط، ثم جاءت حادثة القطار الأخيرة لتدشن لثلاثية الموت والدم والخراب!! والسؤال الآن.. قضية تكرار حوادث القطارات وألا يدعونا للتساؤل عن ضرورة البحث عن حلول لإيقاف نزيف الدم علي السكة الحديد. فمصر والتي تتنافس مع الهند في حوادث القطارات.. تعد الدولة الأولي التي تتكرر فيها هذه الحوادث.. بنفس السبب.. وبذات الصورة.. دون أن يشعر حكامنا بأي مشكلة في الأمر.. بل لا نبالغ إذا ما قلنا إن تصرف مسئولينا يكاد يتطابق قبل الثورة مع مثيله بعد الثورة.. مجرد إدانة وشجب واستنكار.. ثم البحث عن كبش فداء «يشيل الشيلة» سواء كان هذا الكبش وزيراً أو رئيس هيئة أو حتي خفير مزلقان بائساً يعمل بلا امكانيات أو أبسط قواعد المعاملة الآدمية وأبسطها توفير دورة مياه آدمية يقضي فيها حاجته.. ثم بعد ذلك نتحدث عن التعويضات والتي لا تسمن ولا تغني عن جوع.. يعني باختصار «موت وخراب ديار»، وقد طلب رئيس الهيئة من هشام قنديل مؤخراً تعيين 1850 عامل مزلقان جديدًا للحد من نزيف السكة الحديد لكن رئيس الوزراء، كما صرح رئيس الهيئة، رفض ذلك تماماً بحجة ارتفاع النفقات وعجز الموازنة. ولو كانت هيئة السكة الحديد قد تحملت الدية الشرعية لكل ضحية في الحوادث المتكررة لدفعت لكل فرد مليون جنيه. هنا فقط كانت الهيئة ستشعر بالكارثة الكبري وكان السيد هشام قنديل رئيس الوزراء سيشعر هو الآخر بعبء الخسارة الآدمية لكن قيام الهيئة بدفع 30 ألف جنيه أو حتي 50 ألفاً يجعلها تضحي بأرواحنا بأبخس الأثمان! لا يهمنا معرفة أسباب الحادث.. لأننا أبداً لن ننظر فيها، ولن نتلاشاها مستقبلا، لأن الكارثة ستتكرر كل يوم جديد.. طالما بقي في المسئولية وفي مقعد السلطة مسئولون لا يراعون الله في شعبهم ووطنهم.. لكل ذلك نقول إن حادث البدرشين أبداً.. أبداً لن يكون الأخير في سلسلة حوادث الإهمال القاتل.