وقعت كارثة قطار جديدة.. تناثرت فيها أشلاء 19 شهيدا ودماء 117 مصابا من جنود الأمن المركزي فوق قضبان البدرشين.. وقامت الدنيا وسوف تقعد حتما بعد أيام كما هي العادة.. حيث سيتم معاقبة عامل مزلقان أو تحويلة وسائق القطار إذا لزم الأمر وقد يلفت نظر رئيس هيئة السكة الحديد أو يتم اقالته ككبش فداء.. ثم تهدأ الأمور تماما وتنتهي إلي لا شيء وننسي ما حدث.. حتي تقع كارثة جديدة نجتر معها الأحزان القديمة والجديدة. كارثة البدرشين لم تكن أبدا مفاجئة.. فقد توقعنا المزيد من الكوارث عندما وقعت كارثة منفلوط التي سقط فيها 56 طفلا أزهريا.. واذكركم واذكر نفسي بأن سيناريو هذه الكارثة بكل تفاصيله ووقائعه هو نفس سيناريو كل الكوارث التي عايشناها علي مدي أكثر من 30 عاما دون أن نري جديدا.. فلا السكة الحديد هيكلت رغم التصريحات والوعود بعد كل كارثة ولا قضي علي الفساد والاهمال والتراخي في هذا القطاع رغم التهديد والوعيد المتتالي ولا رأينا تغييرا يذكر رغم التعهدات بذلك. الكارثة تقع فيطاح نادرا بالوزير أو رئيس الهيئة ويتحمل المسئولية دائما صغار العمال. نعم.. العمال الصغار مثل عامل المزلقان أو التحويلة أو السائق مدانون ولابد أن يحاسبوا ويحاكموا.. ولكن وللحق فإن هؤلاء العمال لم يكن ليقصروا أو يهملوا أو يتراخوا إلا لأن من فوقهم جميعا يتصفون بنفس صفات التقصير والاهمال والتراخي وأضف اليها اللامبالاة والافتقار إلي الرؤية المستقبلية السليمة. هكذا يجب أن تطرح القضية دون فرز أو تجنيب أو استثناء لأحد.. انها كوتة فساد متكاملة. ما ذنب 136 شابا سقطوا بين شهيد ومصاب في غمضة عين؟!.. من يتحمل دماءهم؟!.. أليسوا بشراً من حقهم أن ينعموا بحياتهم ويخدموا وطنهم ويبنوا لأنفسهم مستقبلا ويتنقلوا بوسائل مواصلات آدمية وآمنة؟! ألم يكن القطار المتهالك الذي استقلوه أولي بالأموال التي انفقت علي زيارة وزير النقل الجديد لمحطة مصر برمسيس؟!.. ألم يكن مرفق السكة الحديد أولي بهذا الاهتمام الذي رأيناه في الزيارة؟! بعد كل الكوارث التي وقعت والكوارث المنتظر وقوعها.. أقولها وبمنتهي الصراحة: لقد حان الوقت لاحداث تغيير جذري في السكة الحديد.. قيادة وتبعية ومنظومة عمل حتي لو اسندت الهيئة لشركة أجنبية متخصصة. لقد أصبحنا نخجل بحق من مستوي القطارات والمحطات والأرصفة وتدني الخدمة وهبوط اسلوب التعامل. قطاراتنا أيام الملكية "الفاسدة" كان يضرب بها المثل في النظافة والانضباط والأمان.. الآن أصبحت ترفع شعار "الراكب فيها مفقود. والنازل منها مولود".. فهل رأيتم يا سادة حجم الجريمة التي ارتكبت في حق السكة الحديد.. وفي حق شعب مصر؟! لا سامح الله كل من تسبب في ازهاق أرواح أولادنا.. عمدا أو إهمالا أو جهلا. ** آخر كلام: * ربما يكون مشروع د. أحمد زويل هائلا ورائعا وجميلا ومفيدا.. ولكن أن يشبهه د. زويل بالسد العالي.. فإنني أقول له: إلي هنا وفرمل يا دكتور.. هذه مبالغة مرفوضة.. شكلا وموضوعا.