يوم الثلاثاء الماضي.. كتبت في هذه الزاوية وذات المكان تعليقاً علي حادث تصادم قطارين في الفيوم وبعد تكرار حوادث القطارات.. انه لا يكفي أبداً التحقيق مع عمال لم يتسببوا ويخطئوا بمزاجهم ولكن لأن فوقهم متسيبين ومخطئين أكثر منهم. وقلت أيضا والحسرة تتملكني ان المنظومة كلها فاسدة.. وطالبت بمساءلة رئيس الوزراء في أخطاء مرءوسيه وبإقالة وزير النقل ورئيس هيئة السكة الحديد ونوابه جميعا إذا كنا فعلاً بلداً محترما أو يحترم آدمية الإنسان.. كما طالبت أخيراً بإعادة تأهيل المنظومة من الألف إلي الياء خاصة ان أسباب فسادها معروفة للكافة. أمس.. وقعت كارثة جديدة أؤ مجزرة جديدة عندما أطاح قطار بسيارة مدرسية في منفلوط ليخطف أرواح 50 تلميذاً في غمضة عين.. !!! هؤلاء لم يسقطوا نتيجة حادث عابر غير مقصود.. بل سقطوا بسبب الفساد والإهمال في المنظومة الحكومية عامة والسكة الحديد خاصة. لذا.. لا يكفي أبداً أن يستقيل وزير النقل لمسئوليته السياسية فقد كان المفروض أن يستقيل من زمان. ولا يكفي أبداً إقالة رئيس هيئة السكة الحديد وإحالته للتحقيق فقد كان المفروض إقالته ومحاكمته من زمان. ولا يكفي أبدا "الكام ملطوش" التي سيتم صرفها لأسر الشهداء فهذا إجراء قانوني مع ان كنوز الدنيا لا تساوي قطرة دم واحدة أريقت من الضحايا. ولا يكفي أبدا التحقيق مع عمال المزلقان والسيمافور والتحويلة أو سائق القطار.. مرفوض تماما سياسة "كبش الفداء" رغم جرم الجميع. الذي يكفيني ويشفي غليلي أنا وغيري فعلاً أن يستقيل رئيس الوزراء نفسه لأنه المسئول الأعلي سياسياً عن مرءوسيه وحتي نشعر بأن هناك إجراء جديدا وسليما تجاه مثل هذه الكوارث. يا سادة.. ان الفساد يعشش في زوايا وحنايا الحكومة بكل مفاصلها وصواميلها.. ولابد من القضاء عليه فوراً. من ماتوا هم أولادنا.. انهم "بني آدمين" وليسوا كلاباً ضالة ولابد من القصاص لهم ولكل من استشهدوا مثلهم ممن قتلهم بقصد أو إهمال أو لا مبالاة.. إذا كنا فعلا بلدا محترما ويحترم آدمية الإنسان ويريد أن يرتقي ويتقدم.. فلا رقي ولا تقدم في وجود هذا الفساد المدمر. اما أن تتم تهدئة الخواطر والنفوس باستقالة وزير وإقالة رئيس هيئة والتحقيق معه ومع بعض العمال وفقط ويظل الفساد محصناً.. فإن هذا هو "أم الفساد".. !! لو حدثت مثل هذه الكارثة في بلد آخر لقامت الدنيا ولم تقعد ولقدمت الحكومة كلها استقالتها ولربما ضرب الوزير نفسه بالنار كما يحدث في شرق آسيا.. لكن عندنا الوضع مختلف.. الكوارث تتكرر والمسئولون قابضون علي كراسيهم.. فعلا مفيش دم ولا نخوة.. !! هذه المجزرة لا يمكن أن تمر باستقالة أو اقالة أشخاص وتعيين غيرهم عاشوا وارتقوا في نفس المنظومة الفاسدة. لا حل سوي اجتثاث الفساد من جذوره ونغير ما بأنفسنا حتي يغير الله ما بنا. اللهم ارحم هؤلاء الشهداء وأسكنهم فسيح جناتك.. والهم أسرهم الصبر الجميل.