لقائى مع الفنان أمير عيد صاحب أغنية «يا الميدان» والذى أقنع النجمة عايدة الأيوبى مشاركته فى غنائها بعد غياب دام طويلاً، أصابنى بحالة من الارتباك، كان صادقاً وبسيطاً وبريئاً كطفل، ويحاول طول الوقت إخفاء نبرة صوته التى يملؤها حزن عميق. يتحامل علىألمه ويؤكد أن «الأمل موجود» وأنه يستطيع أن يتخطى لحظات إحباطه بعد تمزيق حلمه من أقرب الناس إليه، هو واحد من أخلص أصوات ثورة 25يناير، وابن من أبناء «ميدان التحرير» الذى عشقه، حتى إنه يرفعه فى هذا الحوار إلى حد «القداسة». بماذا تشعر الآن عندما تسمع أغنية «ياالميدان»؟ غنيت هذه الأغنية فى فترة أحداث شارع محمد محمود الأولى، كانت هذه المرة هى الأولى التى يعود فيها المتظاهرون إلى الميدان بعد «2 فبراير»، وكانت الفكرة المسيطرة على فى هذا الوقت أن الميدان ليس مجد مكان يتظاهر فيه الناس وإنما أصبح مكاناً مقدساً غير عادى مات فيه الكثير من المصريين الشرفاء من أجل الحرية التى كانت تنادى عليهم. وأكمل: إن ميدان التحرير ليس مجرد رمز كما يعتقد البعض مفهوم شاهد عيان على كل لحظة مرت بها الثورة، إنه ليس حكراً على أحد وغير قابل للإغلاق أو منع أحد من دخوله، وكما قال الشاع الكبير عبدالرحمن الأبنودى «مهما حاصرتم الميدان، عمره ما هيتحاصر». إجابتك توضح إحساسك تجاه الميدان، لكن ما هو شعورك حين تسمع الأغنية؟ ميدان التحرير ليس مجرد مكان عادى، بل كان سبباً فى تغيير مسار مصر، وهو المكان الذى تقول عنه الأغنية «الميدان بيقول الحق، بيقول للظالم دايماً لأ»، مبارك قال مفيش ميدان ونزلنا، والمجلس العسكرى قال مفيش ميدان ونزلنا، والإخوان يقولون مفيش ميدان ونزلنا، وسوف ننزل.. ما أريد أن اقوله إن شعورى عندما أسمع أغنية «يا الميدان» لم يتغير لأن الميدان لم ولن يتغير وسيبقى دائماً بكامل قوته وقدرته على التغيير والسبب أنه شاهد على الدماء المصرية التى سالت على أرضه. كيف أقنعت عايدة الأيوبى بمشاركتك فى غناء هذه الأغنية بعد أن كانت ممتنعة عن الغناء منذ سنوات طويلة؟ لقد جهزنا الأغنية وقمنا بغنائها فى فرقتنا، فرقة «كاريوكى» ثم أرسلناها إليها عن طريق وسيط بيننا وكانت المفاجأة أنها وافقت وأبدت استعدادها الكامل لغنائها معى. ألا ترى أن شكل الميدان اختلف بعض الشىء؟ الميدان سيبقى دائماً، يلبى دعوة المصريين ويشهد على مطالبهم ولكن قد تحدث بعض الاستثناءات التى قد تعطى البعض إحساساً بهذا الاختلاف، فهناك طريقتان تستطيع أن تنظر من خلالهما إلى الميدان، الأولى نظرة على «الفاضى والمليان» والثانية وقت الحدث، وأنا مؤمن أنه إذا حدث أى تغيير فى الفترة القادمة سيكون من خلال الميدان أيضاً وليس من خلال أشخاص. هل ترى ملامح تغيير قدم؟ أجاب مغنياً: «هديت السور نورت النور، لميت حواليك شعب مكسور، اتولدنا هناك من جديد واتولد الحلم العنيد». وأكمل: وهذا معناه أنه كان هناك سور وتم هدمه «خلاص» وإن حلم هذا الجيل حلم عنيد جداً، عنيد إلى درجة قد لا يتصورها عقل. ما أكثر الأشياء التى تحزنك الآن؟ اتهام أكثر الناس إيماناً بالثورة ومساندة لها بأنهم خونة فإذا نظرت إلى كل رموز الثورة الآن ستجدهم متهمين: إما أنهم خونة أو عملاء أو فلول أو كفرة وهذا أمر غريب جداً، بالإضافة إلى أننى أشعر بحزن شديد بسبب أن حق الشهداء والمصابين لم يعد رغم كل ما سمعناه من وعود. كيف ترى مصر بعد مرور سنتين على ثورتها؟ أراها قامت بثورة عظيمة ولكن هذه الثورة سلكت مساراً مختلفاً وعلينا فى الفترة القادمة التركيز على تصحيح هذا المسار. ما أكثر الأشياء التى تراها فى حاجة إلى تصحيح؟ العدل، فنحن فى مرحلة غياب كامل للعدل والمنطق والقانون كما أن حالة الانقسام المرعبة التى وصلنا إليها أمر لا يستهان بها، وأعتقد أننا وصلنا إلى شارع سد وآن الأوان لكى ينتصر أحدنا. هل ستغنى لذكرى 25 يناير القادمة؟ لا، لكنى سأرسل رسالة إلى كل جيل ىوسأقول لهم «اثبت مكانك واوعى تنزل عن إرادتك». لمن تقول كلمات أغنيتك «ياترى فاكر ولا ناسى الكلام والوعود، ياترى لسه بتحلم حلمنا ولا راح الحلم ويا اللى راح»؟ فى الحقيقة أريد أن أعلن ولأول مرة أننى كتبت وغنيت هذه الأغنية من أجل والدى الذى تركنا بعد انفصاله عن أمى وكانت لى ذكريات جميلة معه أريد أن أذكره بها. وهل تذكر والدك هذه الذكريات الجميلة؟ سكت طويلاً كأنه يقرر إذا كان سيجيب عن هذا السؤال أم لا ثم قال: لا أعرف، أعتقد أنه لم يسمع الأغنية فى الأساس. هل نبهته لها؟ لا، لم أفعل. بما أنه لم يسمع كلمات أغنيتك الجميلة، إلى من تريد إرسالها اليوم؟ إلى كل من كانت كتفهم ملتصقة بكتفى فى الميدان ثم باعونى، لقد باعوا كل شىء.. مؤلم أن يأتى هذا من المقربين إليك. ألا تريد إرسالها إلى الرئيس، باعتبار أن الكثيرين يرون أنهم ساندوه ثم تخلى عن وعوده لهم؟ ما هوه الرئيس كان كتفه بكتفى. هل أنت نادم على تلك اللحظات التى التصق فيها كتفك بكتف الرئيس؟ بالعكس، فإذا أعيدت انتخابات الرئاسة مرة أخرى سأتمنى نجاح «مرسى» أيضاً لأن نجاح «شفيق» كان سيصبح النكسة الحقيقة للثورة، أما الوضع الحالى فهو مجرد انحراف عن الطريق الصحيح. هل تريد أن توجه رسالة إلى الرئيس؟ نعم، أريد أن أقول له: لو الانتخابات أعيدت مرة أخرى، أتمنى نجاحك أيضاً، فليس من المفترض أن أقوم أنا بتغيير موقفى ولكن عليك أنت تغيير موقفك والكف عن تخوينى وأن تصبح رئيساً لكل المصريين كما وعدت وأن تسأل نفسك سؤالين: هل من المعقول أن يصبح كل رموز الثورة خونة وكفرة؟، ولماذا انقلب عليك كل من ساندوك بقوة؟ وأكمل: أرجو من الرئيس «مرسى» أن يفى بوعوده وينفذها ويكف عن تقسيم الشعب المصرى إلى مجموعات. ماذا تقول لجيل الثورة؟ وفر دموعك ليوم الفرح..لما نجيب حق اللى راح وانجرح. هل هناك أيام فرح قادمة؟ أكيد.