نشرت صحيفة (تليجراف) البريطانية اليوم مقالا تحليليا عن الشرق الأوسط، ودول الربيع العربي أو بشكل أصدق ما أسمته الشتاء العربي. وبدأت الصحيفة تحليلها، قائلة: إذا كان 2011 هو عام الربيع العربي، فإن التشبيه الأكثر شعبية لعام 2012 هو الشتاء العربي. فبعد كل تلك الآمال من الحرية والديمقراطية، لم يعد يتبقي منها الكثير وذهبت هباءً. ورأت الصحيفة أن الربيع العربي تحول إلى مجموعة من الأمراض المزمنة، سواء مازالت تنزف من جميع جوانبها كما هو الحال في سوريا، أو أنها تُظهر فقط في بعض الأحيان، خدوشًا عميقة كما هو الحال في ليبيا. حتى البلدان التي أطاحت بالطغاة دون اللجوء إلى حرب أهلية، مثل تونس ومصر، فقدت ممارسة ديمقراطيتها الاجتماعية نتيجة الانقسامات التي لا تزال بحاجة إلى الالتئام. ومع ذلك، وكما أن كوب 2011 لم يكن ممتلئًا على آخره، فإن عام 2012 لم يكن فارغا تماما، ففي كل دول الربيع العربي باستثناء سوريا، لم تكن الأمور سيئة للغاية فالناخبون في مصر لا يزالون يذهبون إلى صناديق الاقتراع، الليبيون لديهم برلمان منتخب وحكومة، والأراضي اليمنية تمت استعادتها من تنظيم القاعدة للمرة الأولى منذ سنوات. مصر وقالت الصحيفة: "إن عام 2012 في مصر بدأ كما انتهى في مراكز الاقتراع، فبينما يعطي الانطباع في حالة من الاضطرابات المستمرة، ولكن تم تجنب إراقة الدماء إلى حد كبير التي رافقت وتلت الإطاحة بالرئيس السابق "حسني مبارك". وسيطرت جماعة الإخوان المسلمين على أول برلمان بعد "مبارك"، وتلتها الجماعة السلفية الأكثر تطرفا، تم تقليص تواجد الليبراليين والأحزاب العلمانية، ولكن جاءت ضربة واضحة من قبل بقايا النظام السابق، وتم حل هذا البرلمان بحكم قضائي، ولكن تولي المجلس العسكري إدراة البلاد في المرحلة الانتقالية لم يمنع صعود الإسلاميين. وفاز الدكتور "محمد مرسي"، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين، في الانتخابات الرئاسية واستعاد إدارة البلاد من الجيش بعد إقالة قادته. ولكن عندما أصر على وضع نفسه خارج الإطار القانوني في نوفمبر لفرض دستور جديد، يكون قد بالغ في قدرته. وخرجت المظاهرات الكبرى ثانية وذكرتنا بأيام ثورة يناير2011، وبعد ذلك شهدت مصر عملية الاستفتاء على الدستور الذي على ما يبدو يُظهر فقط كيف تنقسم مصر بالتساوي وإلى أي نوع من البلاد ستكون "مسلمة فقط أو إسلامية". سوريا وفى النصف الأول من عام 2012 كان هناك تساؤل حول ما إذا كان ما يحدث في سوريا هو فعلا حرب أهلية. ولكن الوضع الآن أصبح واضحا جدا. ووفقا لمجموعات الرصد في الخارج، أكثر من 40 ألف شخص قد قتلوا حتى الآن في الانتفاضة ضد حكم الرئيس الطاغية "بشار الأسد". واحتدمت المعارك من حمص إلى حماة، والآن في دمشق وحلب، وبعد التوغل في أغسطس وصلت إلى 2 من معاقل النظام الرئيسية. ويبدو أن تقدم المتمردين بطيء ولكنه مؤكد، فالجيش السوري الحر، وحلفاء المقاومة الإسلامية، يسيطرون على معظم محافظات إدلب وحلب، وأراضي في أماكن أخرى، بما في ذلك في ضواحي دمشق. وشهدت سوريا في 2012 العديد من الممجازر والاعمال الوحشية كمجزرة "باب عمرو" حيث حوصر المدنيون من النساء والأطفال وقتلوا على يد مدفعية النظام؛ والصحفيون أيضا، وكان مقتل "ماري كولفين" من صحيفة "صنداي تايمز" الضحية الأكثر شهرة. ومع مرور العام، كانت هناك تقارير أكثر وأكثر عن الأعمال الوحشية، فكانت هناك انتهاكات للمتمردين وإعدام السجناء، يبقى السؤال هو إلى متى يمكن أن يستمر الأسد. وعلى عكس العام الماضي، رحيله يبدو الآن مؤكدا وليس احتمالا ولكن المسألة مسألة وقت لا أكثر. ليبيا قبل عام كان الحديث عن الميليشيات، وعما إذا كانت سلطتهم ستتفوق على سلطة الحكومة مما سيغرق ليبيا في حرب أهلية جديدة، ولكن لم يحدث ذلك ولكن الميليشيات أيضا لم تختفِ. ولوحظ هذا بشكل مأساوي عندما قتل في 11 سبتمبر السفير الأمريكي "كريس ستيفنز"، الذي توفي في القنصلية في بنغازي جنبا إلى جنب مع مسئول آخر في السفارة واثنين من حراس الأمن. وتلى ذلك في الولاياتالمتحدة نزاعا حول وصف الأحداث وذهبت الشكوك حول أنها كانت من عمل الإرهابيين مع احتمال وجود صلات بتنظيم القاعدة وتبين بعد ذلك أن أعضاء الميليشيات الإسلامية المعروفة هي المسئولة عن تلك الحادث. اليمن نجح "عبد ربه منصور هادي" نائب الرئيس السابق "علي عبد الله صالح"، في حسم المواجهة الرئاسية وأصبح رئيسا للبلاد، بناء على طلب الدول الخارجية المهتمة باليمن كالسعودية وبقية دول الخليج والولاياتالمتحدة، والاتحاد الأوروبي. ولكن هذه البداية غير الواعدة قدمت شيئا مثيرا للدهشة إلى حد ما: قام "هادي" بشكل سلس وسريع لإزالة أو تهميش أعضاء أسرة الرئيس السابق ذات التواجد الكبير في الجيش. الأهم من ذلك، بالنسبة للغرب على الأقل، أن "هادي" حول خطاب صالح في التعاون في مكافحة تنظيم القاعدة إلى واقع ملموس، وبدأ في المعركة ضد المسلحين الذين احتلوا سلسلة من البلدات في جميع أنحاء جنوب البلاد ونجح في استعادتها. والأسئلة الآن لا تزال تثار حول تدخل أمريكا واشتراكها في توجيه هجمات صاروخية على قواعد تنظيم القاعدة، وسط سقوط ضحايا من المدنيين، ولكن للمرة الأولى في السنوات الأخيرة يكون الأمر أكثر هدوءًا في نهاية العام عما كانت عليه في البداية. إيران/ إسرائيل على الرغم من أنها منفصلة عن الدول العربية ولكنها قريبة جدا، فإيران لا تزال إما ضحية بريئة للإمبريالية الغربية في الشرق الأوسط وإما أنها اليد السوداء وراء الأعمال القاتلة. فقد أعربت عن تأييدها للأسد في سوريا بشكل متردد، وقدمت الدعم لقواته واعترف جنرالتها مؤخرا بذلك. وأرسلت صواريخ لغزة - والتي كان بعضها يستخدم في اندلاع حرب قصيرة بين إسرائيل وقطاع غزة في نوفمبر، والتي راح ضحيتها أكثر من 150 شخصا قتلوا في هجمات انتقامية إسرائيلية. فضلا عن استمرارها في تخصيب اليورانيوم. ووفقا للغرب، العقوبات الدولية على إيران أضرت باقتصادها.