البابا تواضروس يدشن كنيستي "الملكة" و"أم الخلاص" بدير السيدة العذراء بجبل درنكة    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    البورصة المصرية تربح 23.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    مباحثات مصرية - سعودية لتعزيز التعاون في مجالات أسواق المال    رئيس الوزراء يستعرض جهود تجهيز الشركات الحكومية للطرح في البورصة    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    برلماني: استراتيجية النهوض بصناعة الحديد والصلب خطوة حاسمة لتعزيز الاقتصاد المصري بتوجيهات السيسي    وزير جيش الاحتلال: إسرائيل ستضاعف هجماتها إذا لم تفرج حماس عن المحتجزين    جيش السودان: مسيّرات الدعم السريع قصفت منشآت مدنية في الأبيض    3 نقاط خلافية تعرقل مفاوضات القاهرة.. وتحذيرات من عملية عسكرية داخل غزة    الدفاع المدني في غزة: أعداد الشهداء في ازدياد رغم إعلان إسرائيل تقليص هجماتها    بعد تسليم فضل شاكر نفسه.. تفاصيل تُهَم تلاحق مطرب الأغاني الرومانسية    لجنة كسر حصار غزة تدعو الاحتلال للإفراج عن المشاركين بأسطول الصمود    رئيس الوزراء اليوناني: مستعدون لدعم الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في غزة    أشرف بن شرقي يتواجد في قائمة منتخب المغرب المحليين    بيراميدز يستضيف الجيش الرواندي في إياب تمهيدي دوري الأبطال على استاد الدفاع الجوي    مش عارفين يعملوا ايه مع فيريرا | شوبير يعلق على تراجع نتائج الزمالك    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    العدد يتقلص إلى 15 مرشحا.. تسجيل أول حالة انسحاب من انتخابات الأهلي    أفشة: الدوري صعب جدًا هذا الموسم وجاهز لكأس العرب    الداخلية: ضبط عصابة دولية لتصنيع مخدر الآيس ب66 مليون جنيه    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    محافظ المنوفية يلتقى أهالي قرية دلهمو للاستماع إلى مطالبهم والعمل على حلها دعماً لهم    على طريقة «أبوالعربي».. هاني رمزي يتسوق مع نجله قبل الزفاف بطريقة كوميدية    في ذكرى نصر أكتوبر.. افتتاح الدورة الأولى لمعرض الزمالك للكتاب غدا    انطلاق 17 ورشة فنية في مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    عمرو سعد في ألمانيا استعدادا لفيلم جديد    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    «حزن وإحباط وتغير في الشهية».. نصائح مهمة لتجنب اكتئاب فصل الخريف    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    طفل يقود سيارة برعونة في الجيزة.. والأمن يضبط الواقعة ووالده المقاول    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    ماجد الكدواني يحتفل بعرض «فيها إيه يعني» في السعودية    نجوم المشروع الوطني للقراءة يضيئون معرض دمنهور الثامن للكتاب    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    تداول 11 ألف طن و655 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام بيرنتفورد.. غياب مرموش    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    نائب وزير الصحة يشيد بخدمات «جراحات اليوم الواحد» وموقع مستشفى دمياط التخصصي    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    سعر الريال القطرى اليوم الأحد فى منتصف التعاملات    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    في 5 أماكن.. تعرف على أماكن الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب بسوهاج    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مريم وماريان وأنتِ 2
نشر في الوفد يوم 24 - 12 - 2020

كنت بحاجة إلى الحديث إليك مواجها عينيك متشبثاً عزيزتى كتائه يشد من إزار أمه.بعد أن زادت حيرته بلقاء ماريان هل كنت ستشعرين بتلك الوخزة عزيزتى ؟!.. لمَ أقول لك عزيزتى ولم أقل حبيبتى؟ أنت أيتها الغائبة الحاضرة؟!
الحب.. خلافنا الدائم حول التسمية والهوية والمصطلح، لكنى كنت على يقين ان ثمة دوائر عديدة ربما تكونى قد شغلتى بها عنى، وربما أن وجعى لن تستشعره غير زينب، العمل الطيب الذى فعلته فى دنياى، تلخص فى زينب، ربما لا تزال هناك تجاور الحسين عقب غيابها عن العالم فتألف به ويألف بها. منسحبة من كل الدنيا إلى دنيا متفردة، دنيا أهل الحب والوجد...هى الوحيدة أصدقنا جميعا عزيزتى، ربما تقربت من امير العابد فى الفترة الأخيرة كونه يحمل بعضا منها، من زينب الغالية. زينب المعذبة التى ارتحلت عن عالمى كأنما وهبت حياتها لآل البيت عليهم السلام قربانا كى يحوطونى بالعناية.
كنت مستشعرا بأننى ذلك الطفل الذى تحدث عنه مصطفى صادق الرافعى فى قصته العبقرية «الصغيران» لكنى كنت بلا أنيس وكنت قد استبدلت أخته التى ترأف به برؤية الأستاذ الرافعى بالخل الوفى «حسن» وكنت أنت هناك كعادتك فى مسارات الغياب والحضور، بينها تخططين لمغنم جديد. بين هؤلاء الذى يتاجرون بدم الغلابة من هذا الوطن. الغلابة والتاريخ والحزب العريق. فصار وقت اللقاء عزيزتى، كأنما هو محاولة لكل منا للتطهر، أتطهر بعينك وتتطهرين بما اسميته انت وجدا، ما إن نلتقى حتى تتنفس عينك بروية، وتعاود اليك روح الطفلة. زينب الطاهرة تجاور مقام الحسين وماريان خرجت من البحر لتقصف ذهنى بحضورها الفجائى وأنت لا أعلم مستقر كغير ذلك الدبيب الذى يسرى فى الحشا. يسألنى عنك دون تواجد لإجابة واضحة.. أنت يا بلقيس.
عزيزتى..
حسن سافر، بت وحيدا، لم يعد هناك من سيبتسم، أو يستر سوأتى، ولا أملك قدرا من الشجاعة أن أزور «خديجة» أمه، ربما سأبكى بأول لقائى بها، وربما اهرب من مواجهتها، وربما أكون متصفا بالخسة لأنى أنتصر لراحتى عن راحتها، ولم يكن البحر جوادا معى اليوم بل ألقى إلى ب«ميرى» وكارولين القعيدة التى تنتظرنى.
لذا سأذهب إليها بغير حسن، سأذهب بلا تصايح أو ضحكات هستيرية كالتى يجلجل بها وقت صولته كطفل. أتدرين الآن لمَ ناديتك عزيزتى.
عزيزتى..
أتدرين ان هذا الخل به من صفات الاولياء، ليس قارئا عن التصوف مثلك لكنه له قلب أبيض، أتدرين أن غربته هذه هى نداء من صاحب البيت الحرام له، كان يقول لى أن أمنيته تتلخص فى الذهاب فتقر عينه برؤية الكعبة، وكنت أخبره بان يتقدم للعمرة، فكان يقول لى «اننتهى الأول من ديون الزواج يا عم هاشم».
اليوم عزيزتى «سمح له صاحب الخيمة الزرقا وصاحب البيت والكعبة» أن يأتى إليه، لا
ليؤدى سنة العمرة، ولكن ليؤدى أيضا فريضة الحج، وعشرات السنن والعمرات. أتدرين ما الفارق بيننا وبين حسن، أن حسن طبق مقولة الولى الصالح الذى يستقر ضريحه بقرية فقيرة ببلدى «سيدى عبد الرحيم النشابى» ونق قلبك من ذى الخسر.. تتصل».
حسن سافر عزيزتى فبت وحيدا.. وأنت هناك فى دائرة تتصل بدائرة وتتقاطع مع دائرة.
وفدت ميرى.. عائدة دون الصغير.. وسط اندهاش كل رواد المقهى وتبرم الرجل صاحب الصوت المزعج والبدانة وتأمل الدرويش بصمت، طلبت ان نسير إلى البحر
قالت للجمع الذى توسطه بالمقهى: «أستأذنكم هاشم..هو مغرم بالبحر.. وسأصحبه إلى البحر»
لا تزال تعرف شغفى بالبحر والنظر اليه صامتا، ثمة رائحة نافذة لعطر انثوى صارخ، ألحظ التفات المارة إلى الجسد الذى يخرج كل الطاقات المكبوتة والدفينة ممن نمر عليهم، لم يعد بداخلى ذلك الفضول القديم لأن أعرف، باتت هناك أكوام مكدسة من الحزن والهزيمة، ربما كنت أتوق إليك أنت عزيزتى.. أنت، فى مدينتك ودائرك، منحة تفرغ بسيطة من أصدقائك لنرقب حال ميرى محاولين معا فهم سبب التغيير والتغير، لكن دون مقدمات، افتتحت ميرى الحدوتة، حدوتة القتل، قتل مريم.. لتحل ميرى.
-تزوجت كشأن أى مسيحية، أقنعت أبى ان نبيع التاكسى الذى نملكه وقطعة الأرض ونتقدم للهجرة، زوجى أقنعنى بهذا، الهجرة إلى بلاد الكانغرو، كارولين وأنا وابى، وقررت أن أعمل فترة انتظار التأشيرة وإنهاء الأوراق، عملت بنصيحتك يا هاشم.. طرقت باب القاهرة، كنت أجرى وراء أى إعلان بالصحف حول طلب مذيعة أو مقدمة نشرة. البداية كانت من هنا، بداية الخطيئة الأولى فى التنازل عن الثوب المحتشم، ثم توالت تنازلات عدة، لم أجرؤ على أن يظل تمثال السيدة العذراء بغرفتى، فى لحظات تخدير الضمير، لا نحب ان نرى المقدسات الطاهرة أمامنا، نحاول اخفائه كى لا تذكرنا بوخزة الضمير والوجع، لكن الأغرب يا هاشم أن زوجى كان مستمتعا بالتغيير الجديد، كان ينعم بتلك الانوثة، ويبدو أن إثارة الرجال كانت ترضى نقصا بداخله، ومن إعلان لإعلان مع تأخر إجراء الأوراق، كانت الوجهة مطلوب مذيعة بينما الحقيقة أنهم يطلبون جسدا يتأملونه، ألتقيت ذات مرة بمنتج، أقنعنى أنى املك مهارة التمثيل، وطلب منى أن ازوره بالمقر، المقر كان شقة، وكانت التجربة الحقيقية الأولى لتأمل جسد رجل عارى هى تلك، مثلت لكنى مثلت أمرا واقعيا، حتى انجو منه، كان الرجل سريع التأثر بمؤثراتى
الصوتية فقذف ماءه على عجل واستدرت منصرفة هاربة، لكنى لم أبصق على نفسى هذه المرة. وعاقبت نفسى بأن ازيل صليب القديسة دميانة من رقبتى.
- ألا زلت تزور الحسين يا هاشم؟ هل تذكر حين كنت تحكى لى تجربة الحسين فى كربلاء، فى استراليا شاهدت الشيعة المسلمين يعلقون له صورة ولابيه اسمه «على» على ما أذكر.. أتدرى أن لوحة والد الحسين تشبه لوحة يسوع المخلص؟
كنت بحاجة لأن اخرج من حكايتها، شعرت بأن الألم يفتك بمعدتى، وقد بان على التعب، وضغطت على اسنانى تهربا من أن يظهر ألمى.
لكنها واصلت حديثها : «أتدرى يا هاشم ؟...حين علمت من حسن ببعض المشاكل التى تمر بها، ضحكت وسكرت فى نفس الليلة شربت كثيرا لأنك لم تتغير، لأنك دائما تدخل معارك خاسرة، معركتك للبؤساء استنزفت ما تبقى فيك من طاقة، تخيل أن قلم رصاص يجابه صولجان قيصر بحواريه...ماذا تنتظر من رفاقك يا عزيزى؟!.. أصحاب الصولجان دائما لهم الحضور والسطوة،.. المعادلة.. لقد استفقت عليها سريعا، أنت لم تفق عليها بعد..أنت يا هاشم لازلت كما وصفتك السيدة التى كنت تحتار فى أمرها يوما «عايش فى عالم سمسم».
أعلمت يا هاشم أن حسن سيسافر غدا، سيتركك فى هذا العالم وحيدا، مثلى انا أيضا شاعرة بالوحدة، لكنى استبنت المعادلة سريعا.
أتعلم الوحيدة الطاهرة فى هذا العالم هى زينب.. لأنها اختارت كما يختار الراهبات عندنا فى المسيحية، اختارت ان تجاور الصالحين والقديسين، هى الوحيدة التى تمنحك حانوت البركة. وهى الوحيدة التى أحبتك وهى الوحيدة التى أحببتها أنت وأحببت طهرها.
أصغى هاشم للبحر، متأملا حراك موجه غير ملتفت لضجيج البؤساء من أبناء الريف والدلتا، وماريان تجاوره، استشعر أنه يريد أن يرقب الموج بتدافعه تارة وهدوئه تارة أخرى ولا يعلم لما كانت صورتك انت على صفحة الموج تتبدى فيزيد حراك الموج من صخبها ووضوحها، بدوت أنت عزيزتى.. انت ولقائى الأخير بك لحظة أن التقت عينانا بالمتنزه الأخضر، أشرت عليك بأنى ابغى مكانا غير مغلق وأنت تخيرتى تلك الحديقة البعيدة عن الصخب، وسبقتك هناك، كانت الخضرة رغم الليل كاسية المكان أطفال صغار تحوم حول نافورة المياه بوسط الحديقة، للفقراء بهجة بطعم مختلف، لا يعبأ الكبار والصغار ان يبللوا ثيابهم ويلتقطون الصور عبر هواتفهم وكأنهم أمام معلم تاريخى أشبه ببرج إيفل، لكنهم برضا نفس يلتقطون الصور وانتظرتك بجلستى المعتادة وبيدى سيجارة كلما انتهت أشعلت غيرها، كنت واضعا قدما على قدم ؛متأملا هؤلاء الذين ظلمونى معهم حين تخيلت لفترة أنى منوط بى مهمة الدفاع عن حقوقهم، لا أنكر أنى كفرت بهذا الدور مرارا، كنت أنت من يدعمنى، انتظرتك ناظرا شاخصا بصرى لهم ولطفولتهم ومتذكرا لحظة خروجى من محنتى المؤلمة، كنت أول من استقبلنى، لم تخجلى فى عناقى، وطلبتى من سائقك الخاص أن يرتحل هو وأنه لا يمكن ان تتركينى أعود لمدينتى وقد مزقوا كل أوراق هويتى، وفى اليوم الثانى، جئتِ إلى مدينتى البسيطة، صافحتى فاطمة بحرارة ولم تخبريها عن وجهتنا،، كانت عينك وحدها هى من تمنحنى ذلك الدفء، أخبرتنى أنك ضيفتى وأنك ترغبين بقهوة، فخرجنا نبحث عن مكان به مقهى يجمع هذا الجمال السماوى الأنيق امكست انت بيدى، وقررت ان تشدينى كطفل، أنت.. غير مبالية بمشهدك، تأملت فى نفسى، وانت لم تبالين بأى منهم وأمسكت يدى قال لك الضابط، حضرتك المدام فرددتِ أنت: «لا.. أنا أمه، وأحياناً كثيرة أكون نفسه»
د. رامى المنشاوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.