البابا في احتفالية "نيقية.. إيمان حي": العروض كشفت جمال التاريخ ودورنا في حفظ الوديعة التي سلّمها القديسون عبر العصور    بدء التصويت بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في نيوزيلندا    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    الداخلية السورية تعلن عودة محررين من الاختطاف إلى السويداء (صور)    سلام أم استسلام.. تفاصيل الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.. رفع العقوبات عن روسيا.. عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.. إجراء انتخابات أوكرانية.. وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة موسكو    زيلينسكي يؤكد دعم أوكرانيا لمبادرة السلام الأمريكية    خطة السلام الأمريكية تهدد زيلينسكي بموجة إذلال سياسي    الكويت تدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وتدعو لتحرك دولى عاجل    حكام مباريات السبت في افتتاح الجولة الرابعة عشرة بالدوري المصري    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهم بقتل طالب جامعي طعنًا في حدائق القبة    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    ثلاجة آيس كريم السبب، السيطرة على حريق داخل مطعم ديليزيا جيلاتو بمول ذا يارد بالتجمع    بعد علاقة دامت 10 سنوات، إعلان موعد زواج النجمين شين مين آه وكيم وو    وزير السياحة يتابع الاستعدادات النهائية لتشغيل منظومة التأشيرة بالمطارات    دعما للمنتخبات الوطنية.. وزير الرياضة يلتقي هاني أبو ريدة في مقر اتحاد الكرة    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    ستاد المحور: الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    أمين عام مجلس التعاون الخليجي يستنكر التصعيد الإسرائيلي في سوريا    مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع بدعم نتائج إنفيديا    مصرع 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    مصرع شخص وضبط 2 آخرين في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بقنا    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    أشرف زكى يشيد بحفاوة استقبال سفير مصر فى عمان خلال مشاركته بمهرجان الخليج    نقابة المهن التمثيلية تحذر من انتحال اسم مسلسل كلهم بيحبوا مودى    شريهان أبو الحسن تفوز بجائزة أفضل مذيعة منوعات عن برنامج ست ستات على قناة DMC    محمد منصور ل"معكم": اشتغلت جارسون في مطعم بدولار أو اتنين عشان أسدد ديوني    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    تعفن الدماغ.. دراسة تكشف علاقة مشاهدة الريلز باضطراب التركيز والذاكرة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    حملة مفاجئة تطيح بمخالفات غذائية وتعلن ضبط الأسواق بالقليوبية    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الوفد.. الناسك

تسعفه الذاكرة الآن بمشاهدة نص الرسالة من شريف جامع.. «مريم» عادت من غربتها وتحتاج إليك تمر بفترة عصيبة وألمها النفسى يلتهم ما تبقى منها. كانت الرسالة مُسكرة، أخذته من عالم الخليج والدوام والترحال؛ ليعبر إلى الوطن ومريم التى عادت من القارة البعيدة دون أن يعلم سبب عودتها، كان بحاجة ماسة أن يتحدث مع شريف الصديق ليتعرف على ملامح المشهد الذى يأسره. وقد أبان الهاتف عن صوت مؤلم لشريف الذى أوضح بإيجاز أن مريم قد عادت لتستقر بمنزل والدها القديم. عادت بصحبة فتاتين أما زوجها فقد بذل كل الجهد معها لكنه لم يستطع أن يقدم لها شيئاً. كان طلبها أن تأتى إلى الحارة وتقيم بمنزل والدها بصحبة فتاتيها, طلبت أيضاً أن تزور شقيقتك، وقد اهتمت سكينة الشقيقة الكبرى بالفتاتين، كل ما أستطيع قوله لك إنها بحاجة إليك، هى لا تبكى، هى تظل طوال الوقت صامتة، تذهب لزيارة ضريح سيدى ياقوت العرش وتعود لتجلس مع سكينة دون أن تتكلم ثم تذهب إلى بيت أبيها لتنام فى غرفته، إلا أمس طلبت من سكينة أن تدخل غرفتك لتنام بها.. . الأمر يستدعى أن تأتى لأن حالتها تسوء «ما طلبته مؤخراً أن تبيت فى غرفتك. أنهى المكالمة مع الصديق الذى أوجز الأمر، راح عقله يسترد ملامح الذكرى القديمة، يشعر بأنها فى أمسّ الحاجة له الآن، متذكراً وصية فاطمة له «مريم فى عينك إنتم متربين مع بعض يا هاشم».. مريم الطفلة التى كانت تتراقص طرباً مثلما تزهو الفراشات. مريم الآن بحاجة لى، مريم ورحلة الغياب لعشر سنوات مع الزوج الذى وفر لها الاستقرار فى بلد يحترم الإنسان، هى التى ارتأى أن ترحل لتتزوج بعيداً عن دوامات غيابه، مكتفياً هو بتوضيح مشاهد حلمه المبتورة وأنه لم يستطع أن يكفلها كونه ما زال يستشعر
اغترابه، يسكن مواجعه القديمة بقيمة الإيثار إذ يقول لنفسه «أفضل لها إن تزوجت من رجل عملى يوفر لها حياة طيبة ورحيلها إلى القارة البعيدة معه كفيل بأن ينسيها هاشم والذكرى»، هو أقنع نفسه بهذا ومرت عشر سنوات وما زال باحثاً عن حلمه غير المكتمل، لم يسع للزواج كانت فلسفته تتلخص فى جملة بسيطة أوجزها أبوالعلاء من قبل «هذا ما جناه أبى على وما جنيت على أحد».. كان يكتفى بفعل المشاهدة، ثم أقنع نفسه مؤخراً بأن يبحث عن عقد عمل بالخليح لم يكن يتصور أن تلاصق مريم كل الأماكن بحارة سيدى ياقوت، قرر هو الآخر أن يرتحل لعله بالابتعاد وتغيير المكان ينسى مريم أو يطمس ذكراها. الآن تعود مريم، تعود بروح موجوعة وتنتظر منه أن يطببها ويعود للوطن، كعادة أى إجراء للهدم لم يأخذ الأمر سوى بضعة أيام كان قد أحضر جواز السفر من الكفيل، متحججاً بحاجة أسرته الماسة له متنازلاً عن كافة حقوقه المالية لأنه من أقدم على فسخ العقد، ومتحملاً تكاليف العودة. وكنت يا مريم أمامى، لم يكن فى الوسع أن أبدى ألمى من اللوعة بك والشوق لرؤيتك وجدتنى أعانقك أمام سكينة التى خجلت من التواجد فتحججت بالذهاب بعيداً لتنظيم أغراض حقيبتى، لأول مرة تسترين شعرك عن عينى حيث إننى الرجل الغريب الآن، وجدتنى أدفن وجهى بصدرك وأنت تبكين فى صمت.. تبكين بلا صوت..
تنسال دموعك ويدك تجاورك، بدوتِ حبيبيتى كوجه أمنا العذراء مريم لكنه بملامح شاحبة ذابلة، أتشبث بك أستمد منك فعل المقاومة وأمدك بفعل الحياة. وأنت تبكين
مريم.. .. تبكين بلا صوت أو ترنيمة للحزن. حملت الفتاتان كل ملامحك، أجلستك بجوارى والفتاتان إلى جوارى، الكبرى تشبهك، تشبه ملامحك الأولى يبدو عليها الخجل مثلما كان يبدو عليك فى الصغر فتتورد وجنتاها كثمر التفاح، ساكنة إلى جوارى يا مريم، يدك إلى جوارى مستقرة شبه مغيبة عن العالم، أتحدث إليك وأنت تنظرين إلى وتصمتين ويستمر ترتيل عينك للبكاء كأنه لغة خاصة تبثينها للجميع قالت سكينة: لم تتحدث بأى كلام منذ جاءت، تستمر فى شرودها وتواصل البكاء فى صمت. ما الذى ألم بك مريم؟.. .. لمَ بدوت على هذه الهيئة. وجدتنى أشدك من يدك أذهب بك إلى ضريح سيدى ياقوت، أذكرك بأمنيتك الصغيرة وأنت تشعلين شمعة وتضعينها على شباكه، تقولين أود أن أراك مثلما تشتهى، كنت أسألك وماذا تشتهين لأجلى، فتردين أريدك سعيداً يا هاشم.. . وكنت تداعبيننى «يا عاقد الحاجبين».. ثم تبتسمين أيها الملاك الحالم، رحل والدك ولم يتبق لك فى عالم الحارة سوى بيته بعد أن رحل الشقيق الأكبر للقاهرة وتلاه الأصغر.
ويبقى السؤال عزيزى المحرر.. هل يمكن أن أعود إلى مريم زوجاً مع اقتطاع العشر سنوات من العمر، أعود إليها راعياً لفتاتين لم يحملا منى سوى حبى القديم لمريم؟
عزيزى صاحب الرسالة.. عزيزى هاشم
الانتصار دوماً يكون للحب، الحب ذلك الملغز المعجز القادر على تبديل كل شىء وإحياء الروح بإذن الله، الحب وحده هو القدرة على الصفح والتلاقى والعلاج، طاقة غريبة ربما تبعثها داخل روح مريم، لكن عليك أن تعى أن لكل نفس بشرية طاقتها، استشفيت من سطور رسالتك أن مريم عائدة منكسرة، تركت القارة البعيدة وكل شىء وأتت بفتاتين، السؤال الذى سيوجه لك الآن هل لديك القدرة على تحمل هذه التركة الروحية والمسئولية؟.. . الأمر بحاجة إلى مصارحة مع ذاتك أولاً فمريم ليست هى مريم ذى قبل، أضحت محملة بالعديد من الآلام وتنظر طبيباً يضمد جراحها فهل تستطيع أن تفعل ذلك؟ وهل طاقتك البشرية فى وسعها فعل ذلك؟
إننى يا عزيزى انتصر للحب، وحده القادر على فعل التبديل والتحول، ووحده القادر على إحياء الموتى بإذن الله، مريم عائدة لم تنتظر شيئاً سوى أن طلبت من أختك أن تنام بغرفتك.. عليك أن تواجه ذاتك لتعرف، هل لديك القدرة على رى هذه الروح، فتنبت فيها الحياة مرة أخرى؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.