أصدرت الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، تقريرًا استعرضت من خلاله الدور المصري النشط في إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وأهم ملامح الإطارين الدستوري والتشريعي لحماية حقوق الإنسان على المستوى الوطني، وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر كل عام. وصرح الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين، الأمين العام للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية السفير، بأن التقرير يرصد ما قدمته الدولة المصرية لدعم المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وكذلك جهودها المضطردة لكفالة وتعزيز هذه الحقوق بمفهومها الشامل، خاصةً في ظل التحديات التي فرضتها تداعيات جائحة كورونا على جميع دول العالم. وأكد إيهاب جمال الدين، أن جهود الدولة المصرية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان تتم في في إطار تخطيط استراتيجي يعبر عن إرادة وطنية جادة، والتزام صادق بتعهدات مصر الدولية، ورؤية مستقبلية شاملة. وتناول التقرير مساهمات مصر على مدار عقود طويلة في الجهود المبذولة لتطوير القانون الدولى لحقوق الإنسان، وذلك من خلال مشاركتها في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، والمشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وأشار التقرير إلى أن مصر انضمت لثمان اتفاقيات دولية أساسية لحقوق الإنسان، كما شاركت في جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذى شغلت عضويته عدة مرات، بجانب انتخاب العديد من الخبراء المصريين في عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان. أما على المستوى الإقليمي، فإنضمت مصر إلى عدد من الاتفاقيات فى إطار المنظومتين العربية والإفريقية لحقوق الإنسان. وأكدت الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في تقريرها أن "مصر تحرص على تنفيذ التزاماتها الدولية والإقليمية فى مجال حقوق الإنسان على خلفية التطور الملحوظ للنظامين الدولي والإقليمي لحماية حقوق الإنسان والتوسع الكبير لنطاقهما وإنشاء آليات رصد ومتابعة متعددة". وأضاف التقرير: "كما تحرص مصر على تطوير مستوى تعاونها مع الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وذلك من خلال: تقديم التقارير الوطنية الدورية في التوقيتات المحددة لها، ورصد ومتابعة وتقييم تنفيذ ما يصدر عنها من توصيات وذلك على نحو منتظم، والتفاعل مع شبكة الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والرد على كافة المراسلات الواردة إليها من تلك الآليات". وأوضح التقرير أن مصر تقوم بدور نشط وفعال في إطار العمل الدولي المشترك في مجال حقوق الإنسان، حيث تلعب دوراً حيوياً لبناء جسور وتعزيز التنسيق بين مختلف المجموعات الإقليمية داخل الأممالمتحدة من خلال العمل بصورة بناءة مع جميع الأطراف على أساس من الحوار والتعاون. وتابع: كما أنها تنسق مع الدول العربية والأفريقية والإسلامية ودول حركة عدم الإنحياز فى تناول القضايا ذات إهتمام الدول النامية على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان، بما فى ذلك العنصرية وكراهية الأجانب، والتحديات التي تواجه إعمال الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، والحق فى التنمية. واستعرض التقرير ملامح الإطار الدستوري لحماية حقوق الإنسان بمصر، مؤكدًا أن الدستور المصري حقق نقلة نوعية كبيرة على مستوى كفالة الحقوق والحريات الأساسية باشتماله على كافة مبادئ حقوق الإنسان وتأكيده على أن النظام السياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة والعدالة والمساواة، بجانب نصه على أن "التمييز جريمة يعاقب عليها القانون" وأن "الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً، ولا يجوز لأى قانون تقييدها بما يمس أصلها وجوهرها". وأكد التقرير أن الدستور المصري اتخذ منحى أكثر تقدماً في مجال ضمان الوفاء بالالتزامات الدولية لمصر فى مجال حقوق الإنسان، حيث قرر لأول مرة وضعاً خاصاً للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وذلك بنصه على أن "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها. ولفت التقرير إلى أن البنية التشريعية الوطنية تزخر بالعديد من الضمانات اللازمة لتعزيز واحترام حقوق الإنسان، مؤكدًا أن مصر قطعت شوطاً في سبيل تعزيز الاتساق بين القوانين الوطنية من جانب، والمبادئ والضمانات الواردة في الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة إليها مصر من جانب آخر. كما أشار التقرير إلى أنه يتم بذل جهود مستمرة للبناء على هذا الزخم التشريعى، سواء من خلال إدخال تعديلات على بعض التشريعات القائمة أو استحداث تشريعات جديدة. من جهة ثانية، أكد التقرير أن مصر تمتلك بنية مؤسسية متكاملة لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان فى نهاية عام 2018 شكل إضافة هامة فى هذا الشأن ودليلًا على الإرادة السياسية الأكيدة لتفعيل الإطارين الدستورى والتشريعى لحماية الحقوق والحريات العامة ولتعزيز تنفيذ الالتزامات الدولية والإقليمية لمصر فى هذا المجال. وعلى صعيد التخطيط الاستراتيجي، أشار تقرير الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان إلى أنه يتم حالياً إعداد أول استراتيجية وطنية متكاملة لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن المبادرة بإعداد هذه الاستراتيجية تمثل ترجمة لقناعة وطنية بضرورة اعتماد مقاربة شاملة وجدية لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ولفت التقرير إلى أن استراتيجية التنمية المستدامة :رؤية مصر 2030 ترتكز على إعمال الحقوق الأساسية للإنسان باعتباره محور العملية التنموية، وتسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة من خلال بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة والتوزيع العادل لفوائد التنمية وتحقيق أعلى درجات الاندماج المجتمعى لكافة الفئات وتعزيز مبادئ الحوكمة. وتأكيدًا لكفاءة الدولة المصرية في التعامل مع ملف حقوق الإنسان، استعرض التقرير جهود الحكومة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في ظل جائحة كورونا التي فرضت تحديات إستثنائية على العالم بأسره وكان لها تداعيات مباشرة على التمتع بحقوق الإنسان الأساسية. وأكد التقرير أن الدولة اتخذت حزمة واسعة من الإجراءات للتعامل مع تلك التداعيات والحد منها، ومن ذلك قيامها بتخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة الأزمة، وتكثيف الجهود لحماية الحق في الصحة، من خلال التوسع فى حملات التوعية، واتخاذ الإجراءات الصحية الوقائية، ومنها تعليق الدراسة وحركة الطيران. وغلق أماكن التجمعات العامة وفرض الحظر الجزئي، بجانب تنفيذها عدة إجراءات للتعامل مع الأزمة مثل تخصيص نحو 12 مستشفى مجهز للعزل موزعة على كافة محافظات الجمهورية، وتجهيز 27 مستشفى جامعي للعزل، فضلاً عن تخصيص مستشفيات الحميات والصدر لفحص وتحويل الحالات المشتبه بها، وتجهيز المدن الجامعية كمناطق طبية لعزل الحالات البسيطة. وذكر التقرير أنه تم إتخاذ مجموعة من المبادرات لدعم الصحة الرقمية فى مواجهة الجائحة، منها اطلاق تطبيق "صحة مصر"، الذي تضمن إرشادات توعوية وخدمة تفاعلية للإبلاغ عن الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس، واستحداث منصات الكترونية متنوعة لخدمات الحجز والكشف وتسليم الأدولية بالمنازل وتقديم الاستشارات والإرشادات الطبية والصحية عن بعد، بجانب دعم الأطباء وجميع العاملين في القطاع الطبي. ونوه التقرير إلى أن الدولة المصرية أتاحت جميع الخدمات الصحية والطبية للاجئين على قدم المساواة مع المواطنين ضمن الجهود الوطنية لمواجهة الوباء. أما فى مجال الحماية الاجتماعية، فاهتمت الحكومة بتوجيه الدعم للفئات الأكثر فقراً والعمالة غير المنتظمة للحد من تداعيات الجائحة عليها، كما قامت برفع قيمة موازنة برامج التحويلات النقدية من 18.5 بليون جنيه إلى 19.3 بليون جنيه، فضلًا عن إضافتها 100 ألف أسرة جديدة من المتضررين من الجائحة لبرنامج "تكافل وكرامة". وقال التقرير إن الحكومة منحت، بناءً على تكليف من رئيس الجمهورية، إعانة للعمالة غير المنتظمة بقيمة 500 جنية شهرياً استفاد منها 1.5 مليون عامل، علمًا بأن تكليفًا رئاسيًا صدر بإنشاء صندوق لدعم العمالة غير المنتظمة ضد المخاطر المختلفة. وضمانًا للحق في التعليم خلال الجائحة، اتخذت وزارة التربية والتعليم عدة إجراءات للتعامل مع الأزمة، كتطبيق أنماط التعليم عن بعد، وإتاحة الدخول الالكتروني على منصات التعليم لطلاب المرحلة الثانوية، وتوفير أنشطة التعلم عن بعد لطلاب التعليم الفني من خلال القنوات التعليمية وقناة التعليم الفني على اليوتيوب، فضلًا عن إتاحة موقع الكتروني للتواصل بين طلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية والمعلمين خلال فترة تعليق الدراسة.