الحجار ..والحلو.. ونادية.. ومدحت: متألقون كالعادة.. ومتى يفكر هانى شاكر فى إحياء أغانيه القديمة؟ وجود دار الأوبرا فى حياة المصريين من عشاق الفن الرفيع أصبح شيئا أسآسيا، على مدار العام هى مصدر المتعة والبهجة لهم، فى ظل انتشار موجات من الفن الهابط خاصة الموسيقى والغناء، فهى حريصة على تقديم ألوان مختلفة من الفن الجاد، الموسيقى العربية من خلال فرقها المختلفة، والغربية كلاسيك عن طريق الأوركسترا السيمفونى أو اوركسترا أوبرا القاهرة، وكذلك الباليه والغناء الأوبرالى، وغيرها من الفنون. خلال العشر الأوائل من شهر نوفمبر كانت حريصة على تقديم مهرجان الموسيقى العربية فى وقته المعتاد منذ 29 عاما، حتى لو هناك أزمات مثل الكورونا، رغم توقف الأنشطة الفنية فى العالم كله خلال تلك الفترة، وأتصور أن وزارة الثقافة بصفة عامة واجهت الأمر بشكل جيد بدليل التفكير فى إقامة المهرجان فى مكان مفتوح «مسرح النافورة» وسارت الأمور بشكل جيد رغم رخات المطر التى حدثت فى الليلة السابعة وأقيم الحفل دون مشكلات. والجميل أن المهرجان ضم اسماء كبيرة فى عالم الطرب استحقت المشاركة وهناك اسماء أخرى لم تكن إدارة المهرجان موفقة فى اختيارها. لكن بنسبة تقترب من 70% نجح المهرجان فى الخروج بالدورة لبر الأمان. نعم هناك ناس خرجت وطالبت بمشاركة اسماء معينة أو دول لم تكن مشاركة وهذا طبيعى وهذا حقهم فى الانتقاد، لكن المهرجان يتعامل مع أصوات موجودة على أرض الواقع، ولها إنتاج ولها قاعدة جماهيرية أو قاعدة فنية تنطلق منها. وهنا لابد من الاشارة إلى أن هناك أسماء اعتذرت وهناك أسماء نسيت وهناك أسماء كان وجودها ضروريا ولم تتواجد. وساحة الغناء والموسيقى بالتأكيد فيها الكثير من الأسماء التى تستحق المشاركة لكن ما قدم هو المتاح فى ذلك الوقت. لكن تبقى الأوبرا مهما حدث هى حائط صد ضد موجات الغناء الهابط التى تطل علينا من كل الاتجاهات؛ فضائيات وحفلات وبرامج. وهنا لابد أن نشير فى المقدمة إلى أن وجود الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى حصلت على حق نقل المهرجان على الهواء مباشرة، كان نقطة مضيئة هذا العام، النقل كان فى غاية الروعة، وساهم فى وصول المهرجان لكل بيت مصرى، ونرجو المزيد مستقبلا وأتمنى يتم نقل حفلات الأوركسترا الذى تقام السبت من كل أسبوع على الهواء أيضاً كنوع من تثقيف الشباب فى ظل جائحة الغناء الهابط الذى يطلق عليه المهرجانات. وهنا لابد أن ننوه إلى أن الموسيقى والغناء والفن بصفة عامة قوة مصر الحقيقية وهو الأمر الذى تثبته مؤسسات الدولة المصرية كل يوم، وهنا بالطبع أتحدث عن الفن الجاد. همام إبراهيم صوت عراقى يدق ناقوس الخطر شهد المهرجان هذا العام أصواتا كبيرة وأخرى شابة واسماء عادت من جديد بعد غياب. من بين هؤلاء المشاركين همام إبراهيم مطرب عراقى ما زال فى بداية المشوار، لكن اداءه الغنائى واختياراته من الاغانى والقصائد التى قدمها على خشبة تؤكد أنه فى القريب العاجل سيكون من كبار نجوم الطرب فى عالمنا العربى لأن المطرب ليس صوتا فقط لكن ثقافة تؤهله لاختيار ما يصلح لصوته ولجمهوره، وهمام من نوعية الأصوات التى تغنى أعمالا جادة، اختار قصيدتين لكاظم الساهر «حافية القدمين وزيدينى عشقًا» كلمات الشاعر الكبير نزار قبانى، كما غنى «موعود» لعبدالحليم حافظ وعملا آخر لناظم الغزالى. تركيبة الأعمال التى قدمها تؤكد أنه لا يستسهل الاختيار كما نرى مع الأصوات الشابة الرجالى التى تهتم بالشائع فى الغناء. همام مطرب متمكن من أدواته جيدًا يعى معنى كلمة غناء.. ثقة وثبات على المسرح تعامل عقلانى مع المحيطين سواء على خشبة المسرح أو مع الجمهور. ما يحزننى أن فى مصر هناك أصوات رجالى كثيرة عندها موهبة كبيرة لكن سوء اختيار ما تقدمه جعلها محلك سر بل الأخطر من هذا أن الجمهور بدأ يفقد الثقة فيها.. صوت همام إبراهيم جرس إنذار يؤكد أن الأصوات الشابة الرجالى عندنا محتاجة وقفة. وهنا لابد أن نشير إلى أن اختيار الأصوات الجديدة لابد أن توضع له معايير جديدة إلى جانب الصوت منها ثقافة المطرب وتذوقه للشعر والموسيقى. مصر تمتلك ثروة من الأصوات لكنها تحتاج إلى من يحسن الاختيار. ونضع تحت من يحسن الاختيار خطوطا كثيرة. ريهام عبدالحكيم.. صوت من أرض مصر وقبل أن نترك منطقة الأصوات الشابة لابد أن نتوقف عند صوت ريهام عبدالحكيم هذا الصوت المعجون مصرية، هو صوت تشعر أنه من طين مصر، صوت يعبر عن الفتاة والموهبة المصرية، واختيارى لريهام للكلام عنها لانها من الأصوات التى تشعر انها تعمل على نفسها، ما ينقص ريهام فقط هو ملحن يعى قيمة هذا الصوت ويقدم لها ما يليق بها، وليس الرائج على الساحة، عليها أن تختار قصائد جديدة وتغنيها أو كلمات باللهجة المصرية لكنها مكتوبة بعناية لها ولا تهاب الجمهور، وأتصور أن هناك مجموعة كبيرة من الملحنين يقدرون صوت ريهام منهم الموسيقار الكبير محمد على سليمان، واخترت هذا الموسيقار تحيدا لأنه عندما يلحن كلمة فهو يختارها بعناية وماضيه مع انغام وعماد عبدالحليم وآخرين يؤكد هذا. ريهام كانت من مكاسب المهرجان هذا العام وابرز صوت مصرى من النساء شارك فى هذه الدورة. صوت ريهام عبدالحكيم يستحق دعم الدولة كلها. وهنا أعنى أن الدعم لا يتوقف عند الغناء على مسارح الاوبرا فقط.. بل دعم من كل الوجوه خاصة الإعلام، ريهام مطربة تمتلك كل المواصفات: أداء ووعى وثقافة وقبول. صابر الرباعى «شارل ازنافور العرب» المشاركة العربية هذا العام كانت جيدة جدا بالمقارنة بما يحدث حولنا من تداعيات الموجة الثانية لكورونا. أبرز المشاركين كان نجم الختام صابر الرباعى (شارل ازنافور العرب)، هذا الفنان المتمكن جدًا من أدواته وكل عام يثبت أنه مختلف عن كل المتواجدين اختيار الكلمة واللحن وفق مقاييس تعكس ثقافة كبيرة على كل المستويات، فهو يغنى بالعربية كما يغنى بالفرنسية وأتوقف أمام الفرنسية لانها تؤكد أنه لا يسمع عربى فقط لكنه مستغرق أيضاً فى سمع نجوم الأغنية الغربية الكبار ومنهم شارل ازنافور الذى يشبهه كثيرًا فى ادائه وحركته على المسرح. صابر الرباعى صوت متوهج ودائمًا عنده الجديد. هو يعمل على نفسه كثيرًا وهو السبب الرئيسى فيما وصل إليه. هنا لابد أن نشير إلى مشاركة وائل جسار وهو أيضاً فنان كبير بصوته واختياراته، وائل أتابعه منذ بدايته عندما كان يغنى أعمال الكبار وكنت أتوقع هذا النبوغ الذى وصل إليه، وهنا لابد من الاشادة بقائد فرقته المايسترو عادل عايش الذى كان فى حالة توهج مع الفرقة الموسيقية. من ضيوف مصر فى هذا المهرجان أيضاً عازف الكمان جهاد عقل وبصراحة وجوده فى المهرجان أصبح يصاحبه علامات استفهام لأن اداءه على المسرح غير متناغم مع فكرة المهرجان، لأن دائمًا المهرجان يحتاج إلى عازف بارع وموهوب وليس فنان يعتمد على الشو.. ربما يكون ما يقدمه يناسب أماكن أخرى غير المهرجان. النجوم المصريون شارك هذا العام عدد من النجوم المصريين فى المهرجان حسب تريب الحفلات نادية مصطفى وأحمد إبراهيم فى الافتتاح وهما من الأصوات المهمة ومشاركتهما فى ليلة تكريم محمد سلطان وحلمى بكر وجمال سلامة فى الافتتاح كان له مردود طيب. الليلة الثانية شارك فريق كايرو ستيبس، بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة قيادة ناير ناجى الذى قدم مؤلفات باسم درويش وهى ليست غريبة على دار الأوبرا، وهذا الحفل يفتح الباب أمام مشاركة المؤلفين المصريين لتقديم أفكارهم، وإن كنت أتمنى أن يقدم باسم والاوركسترا مؤلفات كبار الفنانين برؤية خاصة لهم. وفى نفس الليلة كان الفاصل الثانى مع فيلسوف الغناء على الحجار الذى قدم مجموعة من أهم أعماله والتى تعكس مشواره الكبير مع الموسيقار الكبير ياسر عبدالرحمن والفنان الكبير أحمد الحجار وكانت المفاجأة التى قدمها عملا جديدا كلمات محمد العسيرى ولحن خالد داغر كما قدم رائعته مع ميشيل المصرى يا عم آدم. شارك أيضاً المطرب الكبير هانى شاكر الذى قدم مجموعة من أشهر أعماله وان كان الجمهور مازال يريد من هانى إعادة أعماله القديمة مثل: حكاية كل عاشق وكتبتلى السنين وكده برضو يا قمر وياريتك معايا وخايف عليه وعومنى فى بحر عنيك ويا عشرة هونى وأصاحب مين، تلك الأعمال المحفورة فى وجدان جمهوره، وعليه أن يعيد تقديمها لشباب هذا الجيل. كما شارك مدحت صالح وأهم ما يميز مدحت هو حرصه كل عام على الغوص فى تراثنا وتقديمه لجمهور المهرجان وهذا يحسب له، لأن هناك أصواتا أخرى تكرر ما تقدمه بشكل غريب، وكأن مشوارها متوقف عند عدد معين من الأغانى. فى مسارح أخرى غنى محمد الحلو وأتصور أن المسرح الرئيسى للمهرجان سواء كان الكبير أو النافورة افتقد هذا الصوت كما افتقد صوت نادية مصطفى أيضاً فى فاصل خاص بها. هناك أصوات مصرية شاركت ولابد أن يعيد المهرجان النظر فيها لأنها لم تعد مؤهله للغناء فى المهرجان بحكم حاجات كثيرة منها الأداء والاختيارات. أيضاً لابد أن تضع إدارة المهرجان حدا لسيل الأغانى الخاصة التى يقدمها المطربون المشاركون خاصة أن هناك أغانى لا تصلح لفكرة المهرجان. وإذا كان هناك عمل جديد للمطرب يرغب فى ادائه لابد أن يكون به مقومات خاصة تصلح للمهرجان، وان كانت الفكرة الرئيسية للحدث لا تستوعب أى عمل جديد. افتقدنا هذا العام أيضاً أعمال اسماء كثيرة من اعلام الغناء والتراث المصرى، نريد فواصل لاسمهان وليلى مراد وعبدالمطلب، نريد مزيدا من ألحان عبدالوهاب، ورياض السنباطى وسيد درويش والقصبجى ومحمود الشريف، وأحمد صدقى. أيضاً نريد الاهتمام بالقوالب القديمة للقصيدة خاصة من فرق الموسيقى العربية التابعة للأوبرا. بوستر وشعار المهرجان هناك اسمان يحملان على عاتقهما منذ 29 عاما عمل شعار وبوسترات الدعاية الخاصة بالمهرجان وهما إيهاب عبدالعزيز ومصطفى عبدالمنعم، هما الجنود المجهولة فى هذا المهرجان عملا مع الراحلة الكبيرة الدكتورة رتيبة الحفنى مؤسسة المهرجان بإخلاص شديد كما عملا مع جيهان مرسى مدير المهرجان فى دوراته الأخيرة بنفس الهمة، والثنائى يستحق التكريم.